الياس بجاني/نص رسالة سيدنا الراعي الميلادية/اسمعوا كلامهم ولا تفعلوا افعالهم

764

نص رسالة سيدنا الراعي الميلادية/اسمعوا كلامهم ولا تفعلوا افعالهم
ا
لياس بجاني/24 كانون الأول/14
من يتابع التطورات على جبهة الراعي- بكركي يلاحظ أن سيدنا مضطرب ويمر في مرحلة صعبة جداً ومهما حاول تغطية القبوات بالسموات فلن ينجح لأن من يصارع الحق يصرعه وبالتالي ما عليه إلا التواضع والعودة إلى روحية نذوات العفة والطاعة والفقر والشهادة للحق للخروج من الضيقة القاتلة التي وضع نفسه فيها، كما عليه أن يعمل بشعاره المحبة والشركة بالتكامل لا أن يترك المحبة ويبقي على الشركة. أما الحملة التي تتناول الارتكابات التي تمارس في بكركي عقارياً وادارياً فهي بإذن الله وبركات امنا العذراء سوف تزداد يوماً بعد يوم وهذا أمر طبيعي عند الموارنة لأنهم شعب حر ولا يرضى الغلط ولا الشواذ وإن صبر في البداية وتغاضى عن امور معينة كرمى للموقع وعملاً بمقولة “لا يجب نشر الغسيل في الخارج”. فهل من يتواضع يتعظ ويعود إلى الطريق القويم!

الراعي في رسالة الميلاد: للصلاة على نية انتخاب رئيس وإلتزام السياسيين بالمبادئ الوطنية والاستقرار في لبنان والمنطقة
الأربعاء 24 كانون الأول 2014 الساعة 10:12

وطنية – وجه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، رسالة الميلاد 2014، من كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، الى اللبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا، تحت عنوان: “مجد الرب أشرق حولهم”، في حضور مطارنة الطائفة والرؤساء العامين والرئيسات العامات لمختلف الطوائف الكاثوليكية ولفيف من الرهبان والراهبات. وفي ما يلي نص الرسالة:

“مجد الرب أشرق حولهم “(لو2: 9)
نور من السماء
1. في هجعات الليل، عندما ولد يسوع في مذود، في بيت لحم، “أشرق مجد الرب” حول رعاة كانوا يحرسون قطعانهم، في محلة حقل الرعاة المعروفة اليوم “بيت ساحور”، جارة بيت لحم، ظهر لهم الملاك وقال: “لا تخافوا! فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون للشعب كله: اليوم، في مدينة داود، ولد لكم مخلص، هو المسيح الرب” (راجع لو2: 6-11). هو النور جاء إلى العالم الغارق في الظلام، فأناره، ودعاه ليعيش في نور الحقيقة والمحبة والعدالة والحرية، في نور السلام. أسرع الرعاة إلى بيت لحم، فشاهدوا النور المتجسد، الطفل المضجع في المذود، محاطا بيوسف ومريم. ثم رجعوا فرحين وممجدين الله على كل ما سمعوا ورأوا (راجع لو2: 16-20).

2. في بداية هذه الرسالة الميلادية وفي حضور السادة المطارنة والرؤساء العامين والرئيسات العامات والرهبان والراهبات والكهنة وسواهم، يسعدني أن أعرب باسم الأسرة البطريركية عن أخلص التهاني والتمنيات لكم، أيها الحاضرون، ولكل أبناء وبنات كنيستنا وسائر الكنائس في لبنان والنطاق البطريركي وفي بلدان الإنتشار؛ ونقدم التهاني أيضا لكل أصحاب الإرادات الطيبة فنحييهم جميعا التحية الميلادية مع كل ما تحمل من خير ونعم ونور: ولد المسيح، هللويا!

3. ما أجمل أن ننشد في هذه الأيام، نشيد الكنيسة الصباحي للقديس أفرام السرياني:
أشرق النور على الأبرار، يسوع ربنا المسيح، فجاء وأنقذنا من الظلمة، والفرح على مستقيمي القلوب، أشرق لنا من حشا أبيه، وبنوره الوهاج أنارنا.

سنردد هذا النشيد، وفي أيدينا الشموع المضاءة، أثناء الإحتفال برتبة سجدة عيد الميلاد، في الكاتدرائيات والكنائس الرعائية وكنائس الأديار والمؤسسات. وقد أعدت لجنتنا البطريركية للشؤون الطقسية هذه الرتبة، وعممتها، ووزعتها. نأمل أن يستعملها الجميع في قداس نصف الليل وقداس الصباح، إحتفاء بالمسيح نور العالم. وقد أتى لكي “لا يمشي في الظلام كل من يتبعه، بل يكون له النور الذي يقود إلى الحياة” (يو8: 12).

نور يبدد الظلمات
4. النور الحقيقي الذي ينير العقول بالحقيقة، والإرادات بالخير، والقلوب بالحب، والضمائر بصوت الله في أعماق النفس، هو يسوع المسيح الذي ينير كل إنسان آت إلى العالم، بنور الكلمة والحياة (راجع يو 1: 1و4و9). فما من خوف مهما اشتدت الظلمات في العالم، وما أكثرها: ظلمة الخطيئة والشر والكذب؛ ظلمة الحقد والبغض والنزاع؛ ظلمة الحرب والعنف والإرهاب؛ ظلمة الإستبداد والإستكبار والظلم؛ ظلمة السرقة والرشوة والإحتيال؛ ظلمة الخطف والتعذيب؛ ظلمة الألم والمرض؛ ظلمة الفقر والتهجير.

وكأن هذه الظلمات لا تكفي، فأضيفت عليها عندنا ظلمة التبعية وعدم الولاء للوطن المؤديين إلى انتهاك الدستور والميثاق الوطني والصيغة اللبنانية وعدم انتخاب رئيس للجمهورية منذ الخامس والعشرين من أذار الماضي، فيما أبواب القصر الجمهوري مقفلة منذ 25 أيار، من دون أي وخز ضمير؛ ظلمة التعيينات السياسية والمذهبية في الوظائف العامة من دون احترام قاعدة المناصفة؛ ظلمة الفساد الغذائي والبيئي؛ ظلمة الاستيلاء على الأملاك العامة والمشاعات والمال العام عن طريق الاحتيال والرشوة؛ ظلمة المصالح الخاصة التي تحجب الخير العام؛ ظلمة التطرف الديني والمذهبي الآخذ في تشويه وجه لبنان؛ ظلمة الحسابات السياسية المذهبية التي حالت دون التوافق على قانون عادل للانتخابات يؤمن صحة تمثيل المكونات اللبنانية ويضمن للمواطنين حقهم الدستوري في مساءلة ممثليهم في المجلس النيابي ومحاسبتهم؛ ظلمة العسكريين المخطوفين وآلام أهلهم؛ ظلمة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية الناتجة عن كارثة المليون ونصف مليون نازح سوري على أرض لبنان.

5. كل هذه الظلمات، مهما اشتدت، لا تستطيع إطفاء النور الإلهي. وقد جاء في إنجيل يوحنا، أن “النور يشرق في الظلمات، أما الظلمات فلم تغشاه” (يو1: 5). مهما اشتدت ظلمات هذا العالم، لا تستطيع أن تطفئ نور المسيح في العقل والإرادة والقلب. فنوره إيمان ورجاء ومحبة، ولا تستطيع شرور العالم انتزاعها والسيطرة عليها. لكم سمعنا من المسيحيين المضطهدين أو المعتدى عليهم، هنا وهناك وهنالك، يقولون: “هدموا بيوتنا، وسلبوا أموالنا، لكنهم لم يستطيعوا أن يهدموا أو يسلبوا إيماننا!”

جاء المسيح النور إلى العالم لكي يصير جميع الناس أبناء لله، مولودين من الله، أبناء نور الحقيقة والمحبة، وينعموا بالحياة مع الكلمة الذي صار بشرا وسكن بيننا، ويشاهدوا مجده، ويمتلئوا من النعمة والحق، كما جاء في مستهل إنجيل يوحنا (يو 1: 12- 14). وأراد المسيح النور أن يصبح كل إنسان نورا في بيئته ووظيفته ومكانته وحالته: “أنتم نور العالم، أنتم ملح الأرض” (متى 5: 13-14).

خروج لبنان من ظلماته
6. لكي يخرج لبنان من ظلماته، يحتاج أول ما يحتاج إلى رئيس للجمهورية يملأه نور المسيح، ويكون الرأس السليم الواعي الحكيم. يحتاج إلى رئيس معروف بتاريخه وممارساته، متجرد من ذاته ومن مصالحه الصغيرة، محب للبنان وشعبه وكيانه ومؤسساته، ويدل إليه ماضيه وحاضره. مثل هذا الرئيس يستطيع إعادة الأولوية للمصلحة الوطنية العليا، وتركيزها على أساس الميثاق وصيغته والدستور، وقيادة الحوار الوطني الشفاف والصريح الذي يفضي إلى سلام داخلي حقيقي، وإلى تحديد الأولويات للنهوض بلبنان. إن “المذكرة الوطنية” التي أصدرناها في 9 شباط 2014، ورحب بها معظم اللبنانيين، ترسم خريطة الطريق لإخراج لبنان من أزمته السياسية وتداعياتها الاقتصادية والأمنية والاجتماعية.

7. ويحتاج لبنان إلى رجال سياسة مؤهلين ثقافيا وإنسانيا وأخلاقيا، جديرين بممارسة فن السياسة القائم على خدمة الإنسان والخير العام، بحيث تتوفر للجميع شروط الحياة الكريمة والوافرة، الشخصية منها والجماعية؛ رجال سياسة يكون ولاؤهم أولا وآخرا للبنان، ويكونون مدركين قيمته كوطن مميز بخصوصيته من حيث الكيان والقيمة الحضارية والدور والرسالة في محيطه العربي؛ رجال سياسة يؤمنون بالديمقراطية السليمة ويمارسونها، وبحقوق الإنسان ويتفانون في تأمينها وحمايتها، ويغارون على سيادة لبنان وأمنه واستقراره، وكرامة مؤسساته وشعبه (راجع شرعة العمل السياسي، المادة 27 و29).

8. إننا ندعو الجميع، في أبرشياتنا ورهبانياتنا في الرعايا والأديار والمؤسسات، للصلاة على هذه النية: انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد؛ إلتزام رجال السياسة بالمبادئ الوطنية وباحترام الدستور والميثاق الوطني والصيغة المنظمة للعيش المشترك وللمشاركة المتناصفة والمتوازنة في الحكم والإدارة؛ الاستقرار في لبنان والسلام في سوريا والعراق والأراضي المقدسة، وفي سائر بلدان الشرق الأوسط.

الميلاد يوم جديد دائم في العالم
9. اليوم ولد لكم المخلص (لو 2: 9). إنه اليوم الجديد في تاريخ البشر، يوم ولد إنسانا على أرضنا الإله المولود من الآب من دون بداية. إنه نور من نور، إله حق من إله حق. هو يوم الخلاص الأبدي الذي وافانا. يوم إعلان السلام هدية من الله لجميع الناس، لكي ينعموا بالسعادة والفرح: “سلامي أعطيكم” (يو 14: 27). واليوم يطلب منا أن نحافظ على هذا السلام الآتي من الله، وأن نبنيه كأبناء لله في محيطنا، في العائلة والمجتمع، وفي الكنيسة والدولة: “طوبى لفاعلي السلام فإنهم أبناء الله يدعون” (متى 5: 9).

هو اليوم الذي صار فيه ابن الله إنسانا، لكي يصير بنو البشر أبناء الله. وقد ردد آباء الكنيسة: “تأنس الله، ليؤله الإنسان”. الإله انحدر إلى أرضنا، لكي يرتفع بنا إلى السماء. هو يوم السلام والمجد والرجاء: يوم السلام على الأرض بشخص الإله الذي صار بشرا؛ ويوم المجد في السماء بالإنسان الجديد يسوع المسيح، وبكل إنسان يتجدد به، على ما قال القديس إيريناوس: “مجد الله الإنسان الحي؛ ويوم الرجاء لجميع الناس لأنه جواب التوق إلى السعادة الذي وضعه الله في قلب كل إنسان، ليحميه من اليأس، ويزرع فيه السكينة. بهذا الرجاء تهتف الكنيسة مع أبنائها في كل يوم: “تعال، أيها الرب يسوع” (رؤ 22: 17 و20).

اليوم أتى ابن الله إلى أرضنا إنسانا، لكي يجعل كل شيء جديدا (رؤيا 21: 5). الكنيسة، منذ ألفي سنة، هي في حالة تجدد دائم بكلمة الإنجيل ونعمة الأسرار وفعل الروح القدس، وتعمل جاهدة على تجديد الإنسان والمجتمع، حتى تنطبع في الجميع صورة المسيح. ثلاثة أحداث أدخلت كنائسنا الشرقية في حركة تجدد شامل ودائم: سينودس الأساقفة الروماني من أجل لبنان وإرشاده الرسولي: “رجاء جديد للبنان” (أيار 1997) للبابا القديس يوحنا بولس الثاني، والمجمع البطريركي الماروني ونصوصه الثلاثة والعشرين (2003-2006)، وجمعية السينودس الخاصة بالشرق الأوسط، وإرشادها الرسولي: “الكنيسة في الشرق الأوسط، شركة وشهادة” (أيلول 2012) للبابا بندكتوس السادس عشر. واليوم يقود قداسة البابا فرنسيس حركة تجددية شاملة بروح رسالي يخرج الكنيسة إلى ضواحي الفقر والجهل والظلم واحتقار قدسية الحياة وكرامة الشخص البشري.

أيها الإخوة والأخوات الأحباء
9. إننا نصلي جميعا من أجل أن “يشرق حولنا مجد الرب” (لو2: 9)، في هذا العيد، كما أشرق في أجواء بيت لحم، ليلة ميلاد يسوع المسيح، فادي الإنسان ومخلص الجنس البشري. ولنقبل في داخلنا السلام الآتي من الله لكي نتمكن من أن نبنيه في كل عائلة ومجتمع ووطن، في لبنان وهذا المشرق وفي بلدان الانتشار. ولنمجد الله في إنساننا المتجدد بالمسيح وفي كل إنسان تتجدد فيه صورة الله بهية. ولنكن أقوياء بالرجاء فنصمد بوجه المحن والمصاعب ونخرج منها إلى ميناء عالم أفضل، ولنعلن بملء أفواهنا:
ولد المسيح! هللويا!