شارل الياس شرتوني: ميشال عون ونهاية الجمهورية الصورية

213

ميشال عون ونهاية الجمهورية الصورية
شارل الياس شرتوني/25 آذار/2022

هذا الرجل الذي بلغ ال ٨٧ من العمر مازال يفاجئنا بمفارقاته وكذبه وتشبثه واصراره على اختتام مسيرته السياسية بتركات نزاعية مفتوحة على الخارج والداخل، ودون أي إحساس بمآسي المرحلة الحاضرة وأولوياتها. الشك بقدراته العقلية مشروع خاصة وأن هفواته المسلكية تظهر تراجعات ذهنية بينة تنعطف على شخصية عظامية وانقطاعية، تنطوي على انفصامات عقلية بينة يظهرها الكذب المرضي، والهلوسة، والأنومية المسلكية التي تطبع أداءه.

هذه الملاحظات حول السيرة النفسية لهذا الرجل، لا تعنينا ألا بقدر انعكاساتها السلبية على الأوضاع العامة في البلاد، خاصة مع تنامي الانهيارات البنيوية على غير مستوى. ليس سرًا أن هذا العجوز القاصر قد أصبح أداة يتصرف بها، جبران باسيل، رجل الظل الرديء الذي يديره من خلف الستار، وحزب الله الذي يتوسله غطاء لسياسة وضع اليد على مؤسسات الجمهورية، ومدخلا لاستتباع المسيحيين، والخوض قدمًا في سياسة قضم البلاد.

إن الوفد الفضفاض والتصريح الذي أدلى به خلال زيارته الكرسي الرسولي في روما ينمان عن لامسؤولية مريعة عبر عنها عندما أحال حق المسيحيين في الأمن الى وصاية حزب الله، متناسيا واجباته الدستورية والحقوق الطبيعية والدستورية لأي مواطن، أيًا كانت انتماءاته، ضف الى ذلك انتحال صفة تمثيلية وادعاء الكلام باسم المسيحيين.

على وقع هذا التصريح الأرعن، يصدر القاضي فادي عقيقي مذكرة توقيف بحق رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، بحجة التحقيق بأحداث عين الرمانة وما نشأ عنها من توقيفات غير قانونية،ومناخات ارهابية تسائل السلم الأهلي، ترسخ النهج الاستنسابي الذي يعتمده القضاة غادة عون، غسان عويدات وعلي ابراهيم وسواهم من القضاة في مجال التعاطي مع الملفات المالية، الأمر الذي يصيب صدقية القضاء اللبناني بالصميم، ويحيلنا الى واقع تسييس العدالة واستخدامها في مجال تصفية الحسابات السياسية، وتزخيم استراتيجيات السيطرة في البلاد.

لا سبيل للخروج من هذه المناخات السيئة ما لم نخرج من السياق الانقلابي والاقفالات الاوليغارشية باتجاه استعادة ثقافة وحيادية وآليات دولة القانون، التي قوضتها تركة جمهورية الطائف الثقيلة بتناقضاتها، من خلال تحكيم دولي يضع حدا للسياسات الانقلابية، ويفسح المجال أمام مراجعات أساسية تطال الاداءات السياسية وأصول الحكم والثقافة السياسية السائدة القائمين على سياسات السيطرة، واستخدام العمل العام من أجل تنمية المصالح الريعية وواقع الزبانيات المستشرية. غريب أمر هذا العجوز، الذي كما سواه من أعضاء الاوليغارشيات التي حكمت البلاد في ال ٣٠ سنة الأخيرة، ينهي حياته على وقع تداعي ما تبقى من هذه الجمهورية الصورية، وانهيار ما تبقى من أوهام اللبنانيين وآمالهم.