نص عظتي البطريرك الراعي والمطران عودة لليوم الأحد 07 آذار/2022/الراعي في أحد الابرص: نشجب ما يحصل في أوكرانيا ونؤكد على مفهوم الحياد، لاسيما ببعده الإنساني/عودة: البشر يتأثرون برأي الزعماء وأولياء النعمة وينجرون إلى الأحقاد والصراعات والأنانيات، وينسون أنهم بذلك يستعبدون أنفسهم للمخلوق عوض الخالق

78

Rahi condemns war on Ukraine, says ‘neutrality we defend does not contradict with the right of peoples to self-determination’
NNA/Sunday, 6 March, 2022
Maronite Patriarch Bechara Rahi stressed that “war and weapons only generate destruction, killing innocent victims, displacing a safe people, creating wounded and disabled people, destroying achievements, impoverishing citizens, sowing terror in the hearts of children, widening the area of hunger, and destroying the harvest of life.””With what authority do warlords who command it from their thrones while they are safe from its scourge?”, Patriarch Rahi asked. Rahi, whose fresh words In a sermon on Sunday in Bkerke, Al-Ra’i indicated that “we pray that the war stops, as a mercy to the innocent, an end to destruction, killing and displacement, and a cooling of anger and hatred, and for the two sides to sit down to resolve the conflict between them peacefully.”The Patriarch denounced what is happening in Ukraine, stressing that “the concept of neutrality, especially in the human dimension that we are defending, is not devoid of heart, feeling and conscience, and does not conflict with human rights or the right of peoples to self-determination, and does not contradict international laws.”Commenting on the issue of the parliamentary elections, he called for holding the parliamentary elections on time, so that people have their say and speak the word of truth and good choice, and so that the people do not miss the opportunity for change, adding that the political class should not not circumvent this constitutional right under any pretext.

المطران الياس عودة: البشر يتأثرون برأي الزعماء وأولياء النعمة وينجرون إلى الأحقاد والصراعات والأنانيات، وينسون أنهم بذلك يستعبدون أنفسهم للمخلوق عوض الخالق

البطريرك الراعي في أحد الابرص: نشجب ما يحصل في أوكرانيا ونؤكد على مفهوم الحياد، لاسيما ببعده الإنساني
لا نستطيع أن نبقى في اللادولة ومقبلون على حسم خيارات كبيرة في العهد الرئاسي الجديد
وطنية/06 آذار/2022
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، تخلله اطلاق حملة المشاركة السنوية لرابطة كاريتاس لبنان، عاونه فيه لفيف من المطارنة والكهنة ومشاركة ممثلين عن رؤساء الطوائف الكاثوليكية، في حضور حشد من الفاعليات السياسية والعسكرية والنقابية والدينية والمؤمنين، إضافة الى عائلة كاريتاس ورابطة آل الخويري في لبنان. بعد الانجيل المقدس، القى الراعي عظة بعنوان: “إذا شئت، فأنت قادر أن تطهرني” (مر1: 40)، قال فيها: “آمن ذاك الأبرص، العائش على هامش الجماعة وخارجها بحسب شريعة موسى، بأن يسوع قادر أن يطهره من برصه. فقصده متحديا الشريعة، ومدركا أنه يأتي إلى سيد الشريعة الذي رحمته أكبر من حرفها. فجثا أمامه والتمس بإيمان وتواضع: إذا شئت، فأنت قادر أن تطهرني ( مر1: 40). فما كان من يسوع إلا إستجابة طلبه، وقال: لقد شئت، فاطهر (مر 1: 41). فزال للحال برصه. إن شفاء الأبرص من برصه الجسدي، دليل على أن الرب يشفي أيضا وبخاصة من برص النفس والقلب والعقل والإرادة الذي هو الخطيئة. فكما يتآكل البرص جسد المصاب حتى وفاته، هكذا الخطيئة تتآكل القيم الروحية والأخلاقية والإنسانية وتشوه النفس والقلب، فيفقد الإنسان صورة الله فيه. زمن الصوم الكبير هو زمن الشفاء من كل أنواع البرص الروحي والأخلاقي والسياسي، بقوة الصلاة والتوبة وأعمال المحبة والصوم، وفقا للتدابير الراعوية التي نقلناها في رسالتنا بمناسبة الصوم لهذا العام. فلنبدأ مسيرة الصوم هذه ملتمسين من المسيح الرب نعمة الشفاء الروحي والتجدد. في ما نحتفل معا بهذه الليتورجيا الإلهية، أحييكم جميعا ولا سيما رابطة كاريتاس لبنان، بشخص المشرف علىيها باسم مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان سيادة أخينا المطران ميشال عون، ورئيسها عزيزنا الأب ميشال عبود الكرملي، ومجلسها، والقيمين على إدارتها المركزية وأقاليمها ومراكزها، وشبيبتها المتطوعة، وكل العاملين فيها، لمناسبة افتتاح حملتها السنوية، وهي بعنوان معكن بتبقى الحياة، بدعمكن-يستمر-لبنان. ونحيي أيضا جامعة آل الخويري الحاضرة معنا، رئيسها السيد شربل الخويري، ومؤرخ تاريخها الأديب أنطوان الخويري والعمدة والأعضاء، وكل الذين اتوا من مختلف المناطق اللبنانية بمناسبة الإحتفال بمئويتها الأولى. إننا نثني على ما تقوم به هذه الجامعة من نشاطات تشد أواصر أبنائها وتواصل كتابة تاريخها بصفحاته المجيدة، وبوجوهها المميزة، الكنسية والمدنية والثقافية. 5. إننا نرفع صلاة الشكر لله على ما حققت رابطة كاريتاس-لبنان، جهاز الكنيسة الراعوي الإجتماعي، في خدمة المحبة الإجتماعية على مختلف المجالات. فقد حققت خلال السنة الماضية أكثر من 89 مشروعا بقيمة تفوق ال 20 مليون دولارا، على مساحة الأرض اللبنانية. فتوزعت برامجها كالتالي:
– خدمات إجتماعية لأطفال ومسنين ولاجئين ونازحين وأجانب، من مختلف الحاجات.
– حصص غذائية لعشرات الألوف مع مساعدات مالية للأكثر عوزا.
– تأمين المأوى والمساعدات المالية الطارئة والدعم النفسي والإجتماعي لمتضرري انفجار مرفأ بيروت.
– الخدمات الصحية في مراكز كاريتاس العشرة، وعياداتها النقالة التسع التي تؤمن الإستشارات الطبية الأساسية والأدوية للأمراض المزمنة، بالإضافة إلى المساعدات الإستشفائية.
– إهتمامات خاصة بالأجانب، صحيا واجتماعيا وسكنا وقانونا.
– القطاع التربوي في مراكز التعليم المتخصص لذوي الإحتياجات الخاصة، والصعوبات التعليمية.
– التنمية المستدامة وتأمين فرص العمل من خلال التعاونيات الزراعية ومراكز التصنيع الغذائي، والمشاريع الريفية.
– تأمين مساكن لعائلات محتاجة.
– مطاعم تقدم الغذاء اليومي لمن يطلبونه.
– مهنيات توفر التعليم والتدريب للذين يرغبون”.
وتابع: “إننا نقدم هذه الذبيحة الإلهية على نية كاريتاس لبنان، والمسؤولين عنها والعاملين فيها والمتطوعين والشبيبة، والمحسنين من حكومات ومؤسسات دولية وهيئات أهلية وأفراد من الداخل والخارج، سائلين الله أن يفيض عطاياه عليهم لكي يستمروا شهودا لمحبته، ويجسدوها في محبة المحتاجين من اخوتنا واخواتنا. إن الكنيسة تنادي باستمرار: لا للحرب! لا للحرب! نعم للسلام! لا للحلول بالسلاح! بل بالتفاوض والطرق الدبلوماسية والسياسية. فالحرب والسلاح لا يولدان سوى الدمار وقتل الضحايا البريئة، وتهجير شعب آمن، وافتعال جرحى ومعوقين، وهدم الإنجازات، وإفقار المواطنين، وزرع الرعب في قلوب الأطفال، وإتساع رقعة الجوع، وإتلاف جنى العمر. ونتساءل بأي سلطان يفعل ذلك أمراء الحروب الذين يأمرون بها من عروشهم وهم في مأمن عن ويلاتها؟ يعتبر آباء المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني أن “وحشية الأسلحة العلمية من كل نوع المستخدمة في الحروب، تستدرج المتحاربين إلى همجية أدهى مما مضى. فإزاء هذا الوضع المحزن الذي انحدرت إليه الإنسانية تذكر الكنيسة بالقيم الثابتة للحقوق البشرية والمبادئ الدولية التي يعلنها الضمير الإنساني نفسه. إن الأفعال التي تقصد مخالفة هذه الحقوق والمبادئ، والأوامر التي تفرض هذه الأفعال، هي جرائم (الكنيسة في عالم اليوم، 79). لذا تؤلمنا الحرب الدائرة على أرض دولة أوكرانيا المستقلة. ونصلي لكي تتوقف الحرب رحمة بالأبرياء ولوضع حد للدمار والقتل والتشريد، وتبريدا للغضب والبغض. ولكي يجلس الطرفان لحل النزاع بينهما سلميا. وإذ نشجب ما يحصل في أوكرانيا نؤكد مفهوم الحياد، لاسيما ببعده الإنساني. فالحياد الذي ننادي به ليس منزوع القلب والشعور والوجدان، وليس ضد حقوق الإنسان والشعوب في تقرير مصيرها، وليس ضد القوانين الدولية. فالتعاطف والتضامن والوساطة من دون التورط سياسيا وعسكريا هي من صلب قيم الحياد الإيجابي والناشط. وها هي جميع الدول المحايدة في العالم قد سارعت واتخذت موقفا مؤيدا لاستقلال دولة أوكرانيا وحرية شعبها. وفيما عززنا علاقاتنا مع دولة روسيا، سبق لنا أن شجبنا كل الحروب التي شنت على شعوب الشرق الأوسط وخرقت الحدود الدولية وتعاطفنا مع جميع الشعوب المتألمة والمضطهدة في المنطقة والعالم بغض النظر عن انتماءاتها السياسية وأنظمة دولها”.
وقال: “نجهد مع ذوي الإرادة الحسنة من أجل حصول الانتخابات النيابية عندنا في موعدها لتعود الكلمة إلى الشعب. وحسبنا أن ينطق الشعب بكلمة الحق في حسن الاختيار، وفي تجديد الطاقم السياسي، فلا يضيع فرصة التغيير. فهذا زمن إنقاذ لبنان لا زمن الحسابات الصغيرة. لا يجوز، تحت أي ذريعة، الالتفاف على هذا الاستحقاق الدستوري الملازم للنظام الديمقراطي. وحري بالذين يجتهدون في اختلاق ذرائع لتأجيل الانتخابات، أن يوجهوا نشاطهم نحو توفير أفضل الظروف الممكنة لإجرائها. ونتمنى أن يتقدم إلى الانتخابات النيابية من يستحق تمثيل المواطنين، ومن يتمتع بشخصية وازنة، وفكر إصلاحي وسمعة عطرة، ومواقف وطنية. فكل البرامج التقنية تبقى ثانوية أمام البرنامج الوطني”. أضاف: “الشعب يريد نوابا شجعانا، محصنين بالأخلاق، واثقين من أنفسهم، مستقلين في قراراتهم، حازمين في رفض ما يجب أن يرفضوا، وحاسمين في قبول ما يجب أن يقبلوا به. الشعب يريد نوابا يدركون التشريع والمحاسبة، قديرين على تحمل المسؤولية ومواجهة الانحراف بكل أشكاله. فبقدر ما يواجه النواب في البرلمان يوفرون على الشعب الاحتكام إلى الشارع. ليست النيابة، هذه المرة، جاها وهواية ومتعة سياسية، بل خدمة ونضال ومواجهة ديمقراطية لأننا مقبلون على حسم خيارات كبيرة في الأشهر المقبلة، وفي العهد الرئاسي الجديد. فلبنان لا يستطيع أن يبقى في اللادولة والفوضى والانهيار والضياع. لبنان أمة وجدت لتبقى، ولتبقى حرة ونموذجا وصاحبة رسالة في محيطها وعلى ضفة البحر الأبيض المتوسط”. وختم الراعي: “إننا، ونحن في بداية مسيرة زمن الصوم المقدس، نسأل الله أن يقود خطانا إلى تجديد حياتنا بالتوبة وسماع كلام الله والصلاة، وإلى عيش المحبة تجاه إخوتنا وأخواتنا والعائلات المحتاجة في هذه الظروف الصعبة والخانقة. وبهذا يتمجد اسمه القدوس، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.

المطران الياس عودة: البشر يتأثرون برأي الزعماء وأولياء النعمة وينجرون إلى الأحقاد والصراعات والأنانيات، وينسون أنهم بذلك يستعبدون أنفسهم للمخلوق عوض الخالق
وطنية/الاحد 06 آذار 2022
ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس.
بعد الإنجيل، ألقى عظة قال فيها: “ها نحن نقف عند عتبة الصوم الأربعيني الكبير المقدس، وينفتح أمامنا “ميدان الفضائل”، الذي دعانا المرنم في صلاة السحر إلى دخوله “متمنطقين بجهاد الصوم الحسن”. في الوقت نفسه، نتذكر في قراءة سنكسار اليوم طرد آدم من الفردوس، كما نتعلم من الإنجيل طريقة الصوم الحقيقي. فلكي ينطلق المرء في أي عمل صالح ومبارك، يحتاج إلى عزم ثابت شجاع. الصوم هو سلاح رهيب بين يدي المسيحي المجاهد. إنه السكينة “الباترة من القلب كل رذيلة”، كما سمعنا في تراتيل اليوم. بالصوم يحظى الذهن بالعافية والحرية، وينقلب نظام السقوط الذي ساد بعد المعصية. فقبل السقوط، كانت الشركة مع نعمة الروح القدس غذاء النفس ومتعتها، فيما استمتع الجسد بملذات النفس لارتباطه الطبيعي بها. بعد السقوط، عندما فقدت النفس شركتها مع الروح القدس، تحولت نحو الجسد، وحاولت أن تجد فيه ما فقدته. هكذا، خضعت لسلطان اللذات الجسدانية، وبدأت تمتص الجسد بالمعنى الحرفي للكلمة، وتقوده من دون إرادته إلى الفساد والشقاء”. أضاف: “إذا، نحن نحاول بالصوم أن نطلق حرية النفس، وأن نعتقها من روابط الجسد. نحاول أن نخضع حركات الجسد لسلطان العقل. وإذ يحرم الصوم الجسد ما تعوده هذا الأخير من المتع واللذات، يمنح النفس قوة لتلتفت إلى الله في الصلاة براحة وصفاء، دون تشتت. كذلك الصلاة والتأمل يعطيان الصوم قيمة روحية. في صحراء الحرمان، تعد مائدة الروح. طبعا، الصوم الحقيقي لا يقتصر على تجنب بعض المآكل ببساطة، كما أنه ليس مجرد عمل خارجي، بل هو أعمق من ذلك. يجب أن يترافق الصوم عن الطعام مع صوم الحواس، إضافة إلى صوم النفس الداخلي عن التخيلات والرغبات والأفكار السيئة المفعمة بالأهواء، والإنقطاع عن أعمال الظلمة التي حدثنا عنها بولس الرسول في رسالة اليوم”.
وتابع: “من قراءة إنجيل اليوم، نتبين ما للصوم الحقيقي من شروط وميزات أساسية. فقبل أن يتحدث المسيح عن طريقة الصوم الحقيقي، وضع الأساس الذي يخولنا أن نبني عليه كل عمل صالح. إنه الغفران الواجب لزلات الآخرين، الذي هو شرط لغفران خطايانا نحن. قال الرب: “إن غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم أبوكم السماوي أيضا”. لذلك يطلب الشعب المؤمن الغفران ويهبه للآخرين في صلاة الغروب الخشوعية المسماة “صلاة الغفران”، التي تقام مساء اليوم الأحد، قبل بدء الصوم، بهدف التقدم من جهاد الصوم الحسن ونحن معتقون من رباط الظلم. فإذا امتنعنا عن بعض المآكل، وما زلنا نجرح ونؤذي بعضنا بعضا بالحقد وحفظ الإساءة والإدانة، يكون صومنا بلا قيمة. يصير في جوهره عملا شيطانيا، يحاول أن يميت ضميرنا بفكرة أننا مشاركون في الجهاد، وتاليا قد نجد نصيبا مع الأتقياء. علينا إذا أن نعبر بوابة الصوم الأربعيني المقدس بروح التوبة والتواضع. هاتان الفضيلتان اللتان تنموان بالصوم، لا تتواجدان مع أفكار حفظ الإساءة والكراهية والكبرياء. الصوم الحقيقي يرتبط بالتواضع والرأفة والغفران. هو الأرض الخصبة التي تعطي ثمر المحبة الغنية. وبما أنه يجب ألا نكون عبيدا لآراء الآخرين، بل أن نكون أحرارا من تأثيرات المحيط، يذكرنا المسيح مرارا بضرورة تطبيق أي وصية، كالصلاة والإحسان، في الخفية. نصنع الفضائل ونصوم بعيدا عن عيون الناس. قال الرب: “عندما تصومون لا تكونوا كالمرائين العابسين…”، فمثل هذا التصرف لا أجر له، لأن أولئك “استوفوا أجرهم. وأما أنت فمتى صمت، فادهن رأسك واغسل وجهك، لكي لا تظهر للناس صائما”. فإننا لا نحفظ وصايا الله لنتمجد من الناس، بل محبة بشخص المسيح، ولأن حفظها يوصلنا إلى الاتحاد به”. وقال: “إن التفسيرات التي تعطى للآية: “إدهن رأسك، واغسل وجهك”، مهمة جدا. فإلى جانب المعنى الظاهر، الذي هو تجنب الصائم أن يتباهى في إظهار ذاته، تحمل هذه الآية معنى آخر أعمق. فالوجه الذي يغسل هو القلب حينما يغتسل بدموع التوبة، فيما الرأس الذي يدهن هو الذهن حينما يجتذب، بالصلاة، نعمة الروح القدس ورحمة الله. هذه الأعمال الداخلية تحرق المراءاة والكبرياء من جذورها، وهي التي يراها الآب السماوي ويطمئن لها. الإنسان الذي يستهويه الجسد مقيد بلذاته. ومحبة الجسد تقود إلى محبة كل ما يهواه الجسد. لهذا، يسقط الإنسان من محبة اللذة إلى حب القنية وحب الفضة، مريدا أن يقتني خيرات كثيرة. وبما أن الأمور المادية كلها تفسد وتشيخ وتزول، يتسلط على هذا الإنسان القلق الدائم. فكنوزه الأرضية معرضة للسوس والصدأ واللصوص. لذلك، على من ينطلق في جهاد الصوم أن يتخلى عن حب الفضة “ويكنز كنوزا في السماء.” عليه أن يرغب في الخيرات السماوية أكثر مما يطلب الأمور المادية، وإلا أصبح صومه بلا معنى، أو بات دليلا واضحا على حب الذات، وقد يهدف مثل هذا الصوم إلى جمال الجسد أو صحته. فرغم أن أحدا لا ينكر أهمية هذين الأمرين، إلا أن صوما كهذا لن يقدم للإنسان ما هو جوهري أكثر، وما يدوم أكثر. المسيحي يصوم محبة بالجسد الذي يريده هيكلا للروح القدس، ورغبة في أن تغتني نفسه بكنوز السماء”. أضاف: “لذلك يا أحبة، على اللبنانيين أن يستغلوا فترة الصوم أولا للصلاة من أجل بلدهم الحبيب وإخوتهم المواطنين، وثانيا من أجل أن يعتادوا على ضبط النفس والحواس واللسان تجاه الآخر الذي يحمل رأيا مختلفا، مهما كان رأيه أو دينه أو انتماؤه. مشكلتنا، التي عبر عنها إنجيل اليوم، أن البشر يتأثرون برأي الزعماء وأولياء النعمة وينجرون إلى الأحقاد والصراعات والأنانيات، وينسون أنهم بذلك يستعبدون أنفسهم للمخلوق عوض الخالق. في كل بلدان العالم ثمة أحزاب، إلا أن فئات الشعب لا تتصارع بسبب الانتماء الحزبي ولا تتقاتل وتهدد بعضها بعضا، بل نجد أعضاء الأحزاب والمرشحين إلى الانتخابات يتناظرون بالعقل والمنطق، ويتنافسون على خدمة الشعب، والشعب يختار ما يناسبه، مستخدما المنطق والإرادة الحرة والتغييرية في صناديق الإقتراع. في العالم الزعماء يخشون الشعب لا العكس، فلماذا لا يستغل شعبنا القوة التغييرية، بدلا من قوة الجسد والتجريح أو السلاح؟ الوعي مطلوب من الشعب، والخروج من الهاوية التي أوصلنا إليها ذوو السلطة والمال لا يصير إلا باتحاد الشعب حول فكرة وحيدة، هي فكرة الحفاظ على هذا البلد، وطنا لكل أبنائه، وطنا تحكمه القوانين وتسود فيه العدالة والمساواة، فلا تتحكم فئة بأخرى، ولا تفرض جهة مفاهيمها على الآخرين، ولا تقدم فئة ارتباطاتها على المصلحة العامة، ولا تتعدى أي فئة على سيادة الدولة وتصادر قرارها أو تمنع عنها اتخاذ القرارات. من هنا ضرورة وجود رؤية سياسية اقتصادية واضحة، تنطلق من المصلحة العامة، وتطبق دون استنسابية أو انتقائية، ولا تربط مصير لبنان واللبنانيين بأي مصلحة خارجية أو صراعات لا مصلحة لنا فيها”.
وختم: “الصوم بكلام الرب إلى إشعياء النبي: “أليس هذا صوما أختاره: حل قيود الشر، فك عقد النير، وإطلاق المسحوقين أحرارا، وقطع كل نير. أليس أن تكسر للجائع خبزك، وأن تدخل المساكين التائهين إلى بيتك؟ إذا رأيت عريانا أن تكسوه، وأن لا تتغاضى عن لحمك” (58: 6 و7). الصوم يجب أن يكون مقرونا بمحبة القريب وأن يتضمن سعيا وراء البر الحقيقي (وراء القداسة). الإنسان هو الهدف الأول لكل عمل صالح، قبل الحجر وقبل أي فكرة مهما سمت. بارككم الرب، ورافقكم في مسيرتكم الجهادية نحو الفصح المجيد. دعاؤنا أن نشهد قيامة لبناننا بازغة في الربيع المقبل، ببركة قيامة مسيحنا ومخلصنا من الموت”.