الكولونيل شربل بركات:اللبنانيون والعقدة الاسرائيلية ….. نقول للقادة المسيحيين الذين يخجلون من أدوارهم أو قرارات أحزابهم وعلاقاتهم التاريخية باسرائيل بألا يخجلوا لأنهم إنما دُفعوا دفعا إلى ذلك من قبل عرفات ومنظمته ومن قبل المجتمع الدولي الذي لم يسندهم في دفاعهم عن بلدهم

691

اللبنانيون والعقدة الاسرائيلية ….. نقول للقادة المسيحيين الذين يخجلون من أدوارهم أو قرارات أحزابهم وعلاقاتهم التاريخية باسرائيل بألا يخجلوا لأنهم إنما دُفعوا دفعا إلى ذلك من قبل عرفات ومنظمته ومن قبل المجتمع الدولي الذي لم يسندهم في دفاعهم عن بلدهم.

الكولونيل شربل بركات/17 كانون الثاني/2022

المنطق الصحيح يجب أن يكون من قبل القادة المسيحيين بأننا تعاونا مع الاسرائيليين ليس فقط بدون خوف بل بكل فخر وسنتعاون مع اي كان في سبيل حماية لبنان ولن نخجل من خياراتنا لأننا لا نبتغي مصالح شخصية وغايتنا حماية بلدنا والمحافظة على سيادته واستقلاله لا استتباعه وجعله ساحة لحروب الآخرين. ونقطة على السطر…

*******

بعد قرابة الربع قرن على خروج اسرائيل من لبنان وكل ما قيل حول علاقة اللبنانيين بهذا الجار والاساطير التي حيكت حول هذه العلاقة من السرية المحببة من قبل البعض إلى التمادي بشرح التدخلات الاسرائيلية من قبل الجانبين إي الاسرائيلي واللبناني ومن عايش تلك الفترة والتي دامت قرابة الربع قرن ايضا اي منذ 1976 إلى 2000 والاتهامات المتبادلة من قبل الجميع والقاء اللوم على هذا الجانب أو ذاك لتحمل مسؤولية الفشل في بناء علاقات طبيعية بين دولتين جارتين تشابهت مشاكلهما أحيانا كثيرة ولعبت الزيادة في التوقعات لا بل التخيلات دورا في افشالها بالرغم من الجهود والدماء المشتركة التي دفعت في سبيل حماية مشروع السلام الطبيعي الذي كان يجب أن يسير بكل وضوح وبدون عقد لولا التوهم الزائد سلبا أو ايجابا الذي عاشه الطرفان ومحاولة بسط نوع من السرية على العلاقات التي كان يجب أن تكون واضحة وعلنية منذ البدء كونها علاقة طبيعية بين جارين لهما الكثير من الجوانب المشتركة وفي نفس الوقت المشاكل المتشابهة والتي تقرب أحيانا وتبعد أحيانا أخرى ولكنها تبقى طبيعية بين جارين يجب التفاهم على حلها ولا يمكن أن تواجه إلا بحسب قواعد التعامل بين الدول صاحبة السيادة الكاملة والقرار الحر.

من هنا وجب مقاربة الموضوع بشكل واضح وعلني خاصة بعد مرور الزمن على الأحداث وغياب الكثير من الشخصيات أصحاب القرار والذين عايشوا هذه الفترة ولم يكن لهم فرصة توضيح ما قاموا به من تصرفات وما أتخذوا من قرارات لا تزال نتائجها تؤثر على السياسة في كلا الدولتين.

ولكي نستطيع الكلام على هذا الموضوع يلزم توضيح بعض الأمور المتعلقة بكل فئة من الفئات والتي تتداخل مصالحها وتاريخها في مسار الأحداث التي جرت في هذه المنطقة. بنظرة سريعة على تاريخ البلدين الجارين نجد بأن علاقة القبائل الكنعانية التي سكنت سهول فلسطين أختلفت عن تلك التي سكنت سواحل لبنان والشعوب التي جاورتها من الجنوب أو من الشرق. فبينما اعتمدت سهول فلسطين على خير السماء وحده لعدم وجود الأنهار اختلف وضع سكان لبنان أو وادي النيل وحتى غوطة دمشق، وبينما شذبت قساوة الصحراء والقلة التي سادت البادية عقلية القبائل المتنقلة والمفتشة على الكلأ والماء والتي تقاتل في سبيله، كانت عزارة المياه المتدفقة من جبال لبنان مصدر خير وبركة بالنسبة لسكانه إن في السواحل أو سفوح الجبال والأودية الداخلية، فحتى البقاع يرويه نهران غزيران وتحميه سلسلة جبال تفصله عن أطراف البادية. ولكن البحبوحة التي عاشها من سكن لبنان ولو ترافقت مع مصادر الخير تلك إلا أنها تميزت بالمحدودية، ومن هنا ضرورة التنظيم والحماية ومنع التطاول، وبنفس الوقت ساهم الاستقرار ببناء حضارة تميزت بوسائل الاستمرار ودفعت للتفتيش على تبادل مع المحيط خاصة عندما استفرد سكان السواحل بوسيلة نقل آمنة هي البحر. من هنا اختلفت عقلية من سكن لبنان عن المحيط حتى القريب والمتشابه أحيانا في غوطة الشام أو سهول فلسطين. وعندما اسكن المصريون شعوب البحر أي قبائل الفلسطو ما بعد صحراء سينا لمنع القبائل المتنقلة من التوجه إلى مصر بدأ صراع من نوع آخر تميز بحروبهم مع القبائل العابرة (عرب أو عبر) الهاربة من استبداد المصريين والحالمة بالبلاد التي “يسقيها الرب” بدل النهر والتي يكثر فيها خير السماء من العسل واللبن. فكانت حروب تركزت فيها أوضاع جديدة سيطر خلالها حلف القبائل الإثني عشر على التلال الصالحة للمراعي تاركين للفلسطو الشواطيء الجنوبية.

ويمر التاريخ تاركا خلفه أحداث ووقائع تميزت بالصراع أو التعاون ومن ثم تدخل قوى جديدة عطلت الاستقرار ما أعاد الحاجة إلى التمسك بالقوة للدفاع عن الحق ولكن الهجمات الكبرى لم تترك لهذه الشعوب الضعيفة ميزة الاستمرار ما جعلها عرضة للزوال بينما بقيت مدن الساحل مستمرة بالرغم من تتالي المصائب والغزوات.

في ملخص سريع نجد هذه الغزوات الكبرى تاتي من الشمال الحثي في البدء ثم من الشرق أي ما بين النهرين أو الجنوب أي مصر ثم تتسع الدائرة لتدخل شعوب من بلاد الفرس وتسيطر حتى على أطراف أوروبا ما يستدعي وصول قوى جديدة من تلك البلاد للسيطرة على الكل يتبعها شعوب أخرى من الغرب الأبعد تمارس سيطرتها لمدة يستقر معها الوضع ولكن لتعود القبائل الآتية من الصحراء العربية هذه المرة فتسيطر على أواسط أسيا وشمال أفريقيا وحتى اسبانيا ما يثير قبائل وسط اسيا ويدفعها إلى الانفلاش من منغوليا إلى الصين وكوريا شرقا وحتى الدانوب غربا ومن روسيا شمالا وحتى بغداد وحلب جنوبا. خلال كل هذه التغييرات في المحيط يبقى لبنان بلد الكفاية والاستقرار حيث يعيش من يقنع ويتعلم كيف يستعمل الطبيعة ويستقوي بها ليؤمن قوته ويحمي مقتنياته، ومن هنا تتشكل عقلية خاصة تتفهم حقوق الآخر وتحمي مصالحها معه، وهكذا تتعايش شعوب وقبائل مختلفة المعتقدات والمنابع وتتجاور حيث تكتفي، ولكنها شديدة الحساسية على ما يخصها وطالما بقي الاحترام لحقوقها فإنها تتقبل اي تغيير في الأوضاع العامة.

في القرن السادس عشر ومع سيطرة العثمانيين على المنطقة يحكم المعنيون الدروز جبل لبنان محاولين تأمين ولاء المجموعات اللبنانية الأخرى وتنظيم شؤون الامارة تحت المظلة العثمانية، ولكن محاولة فخر الدين الثاني الكبير اعادة دور لبنان التجاري مع أوروبا يصطدم بطموح الولات من حوله الذين يثيرون السلطنة ضده ما يعيق استمرار بناء دولة قوية ومنظمة ولو في ظل الدولة العثمانية. وبالرغم من فشل التجربة المعنية يبقى عند اللبنانيين ذلك الحلم بدولة منظمة ومستقلة تعترف بحقوق وحرية مواطنيها وتسعى ليكون بلدهم منتجا ومنفتحا على العالم.

في فلسطين المجاورة كانت الحروب الصليبية بنت مملكة القدس التي سقطت عاصمتها بيد صلاح الدين بعد ثماني وثمانون سنة على انشائها، أما آخر مدنها الحصينة عكا فقد سقطت بعد مئتي سنة. وقد حاول ضاهر العمر في القرن الثامن عشر اعادة تنظيم عكا وبناء تجارة مع أوروبا حيث شجع زراعة القطن في سهولها خاصة بعد تدمير الأسطول الروسي للأسطول العثماني وعودة حرية النقل البحري مع المدن الأوروبية، ولكن الجزار الذي ورث ولاية عكا لم يهتم إلا بالسيطرة على العباد ما أفقر البلاد مجددا وأبطأ النهضة الزراعية فيها.

في بداية القرن العشرين جرت الحرب العالمية الأولى التي أطلقت مشروع حرية الشعوب واستقلالها فحاول اللبنانيون الذين حلموا بدولة ترعى شؤونهم وتحترم خصائصهم استعادة لبنان التاريخي، بينما حاولت المنظمة الصهونية، التي كانت ترعى بعض المشاريع الزراعية والاستيطانية في فلسطين، تأمين أجواء ملائمة لاستمرار عملها وتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين لبناء دولة تعترف لليهود بحقوقهم السياسية.

لكن الحركة الشيوعية التي سيطرت على روسيا والأزمة الاقتصادية في أوروبا سنة 1929 وذيولهما التي أدت إلى نشوء الحركات الفاشية وخاصة النازية في المانيا واعتبار هتلر بأن الراسمالية اليهودية تتحمل جزءً كبيرا من المسؤولية عن الازمات الاقتصادية، أثار موجة من محاربة اليهود والتي تطورت عند كل خريجي المدارس العسكرية التركية الذين كانوا لا يزالون يحلمون بعودة الحياة لمشروع السلطنة في حال نجاح هتلر باستعادة المانيا لدورها العالمي وزوال مفاعيل نتائج الحرب العالمية الأولى.

من هنا موجات العداء التي بدأت ضد الأنكليز وتحولت إلى محاربة اليهود في فلسطين وبالتالي بعد انتهاء الحرب وخسارة هتلر أصبح الغضب الشعبي في المجتمعات، التي حلمت باستعادة فترة الامتيازات العثمانية، غضبا على الحلفاء و”افرازاتهم” أي اليهود في فلسطين ودولة لبنان التي اعتبرت استجابة لمطالب المسيحيين، وانتشرت تسمية الاستعمار “البغيض” وشعارات محاربته تثير غضب الجماهير والاحقاد على اللبنانيين خاصة المسيحيين الذين اعتبروا “عملاء” هذا الاستعمار وعلى اليهود الذين “زرعهم” الاستعمار.

من هنا تلك القطبة المخفية التي كانت تجعل عند المسيحيين عطفا على اليهود ودولتهم، بالرغم من أن بعض المنظرين المسيحيين، خاصة القوميين الذين التزموا الخط النازي، اعتقدوا بأنهم يجب أن يبقوا في صفوف الخط المناهض لما سمي “بالاستعمار” وبالتالي محاربة “لبنان المسيحي” و”اسرائيل اليهودية”.

أما في الجانب اليهودي فإن اليهود الذين هربوا من أوروبا الشرقية أيام النازية كانوا قد عانوا من أنواع الاضطهاد وسكنوا في أحياء منعزلة ما جعلهم ينقمون على اوروبا المسيحية من جهة، وقد كانت نقمتهم التاريخية على الرومان الذين طردوا كل اليهود من فلسطين في القرن الثاني تحولت ايضا لنقمة ضد الكنيسة الكاثوليكية التي اتخذت من روما رمزا لها من جهة ثانية، بينما كان حكم المسلمين في الاندلس يعتبر رحيما بالنسبة لليهود تاريخيا حيث وجدوا مجالا أوسع للتعاون والعيش في ظل الشريعة المتشابهة نوعا ما وعانوا من الاضطهاد يوم استعاد الاسبان سيطرتهم على البلاد ما اضطر الكثيرين منهم للهجرة صوب المغرب.

من هنا ولو أن الانكليز ساعدوا في حماية اليهود في فلسطين وفرنسا ساهمت كثيرا في تجهيز دولة اسرائيل والولايات المتحدة لا تزال هي الضامن الأساسي لمصالح هذه الدولة فإن بعض المفكرين اليهود يعتبرون بأنه عليهم ابقاء مسافة كافية بين دولة اسرائيل ودول الغرب وعدم الاتكال إلا على النفس، ومن هنا ايضا التردد بالعلاقة مع المسيحيين اللبنانيين ومحاولة التقرب من الفئات المناهضة للبنان أحيانا، خاصة عند اليساريين منهم الذين لهم تأثيرهم في مجالات الاعلام والبحث والفكر الاستراتيجي.

ولكن ماذا عن بقية الفئات اللبنانية وعلاقاتها باسرائيل؟

في كل المقاربات الاعلامية للاسرائيليين عندما يناقشون الموضوع اللبناني يظهر دوما تلك النقمة على المسيحيين وهي مفهومة لأنه قد يكون كما يقال في المثل اللبناني “عقد المحبة العتب كبير” أو “على قد التوقع…” ولكن ما هو موقف الدروز من اسرائيل وفيها طائفة درزية كبيرة تشكل الداعم الأساسي للدولة من الناحية العسكرية وعند هؤلاء احترام وتقدير كبيرين لمواقف بيت جنبلاط خاصة وطيلة الحرب اللبنانية فلماذا لا يقارب موقف الدروز في لبنان من قبل الاسرائيليين في الاعلام مثلا؟ ونحن إذا ما أردنا التدقيق في أحداث الجبل سنة 1983 نرى بكل وضوح بأن مكتب للعلاقات بين السيد جنبلاط واسرائيل كان قائما بشكل علني وبدون خجل، وحتى وئام وهاب الذي يحمل لواء التطرف الدرزي اليوم كان يزور مرجعيون بشكل دائم ويعمل كمراسل في تلفزيون الشرق الآوسط بدون عقد نقص. ويقول البعض بأن الدفاع عن القرى الدرزية اثناء المعارك كان يتم من قبل جنود دروز اسرائيليون بثياب مدنية. ولا نريد من ذكر هذه الأمور الغمز من قناة دروز لبنان ولبنانيتهم ولكننا نريد افهام المسيحيين الخجولين من علاقاتهم باسرائيل ألا يخجلوا وأن يكونوا واضحين وبشكل علني. وبالنسبة للاسرائيليين ايضا أن يقاربوا المواضيع كما هي فالعتب على فشل العلاقات الحسنة بين الدولتين لا يجب أن يكون فقط على الجانب المسيحي إذا كان هناك من عتب.

أما بالنسبة للشيعة فإن البطولات التي يفاخرون بها تتمحور حول محاربة اسرائيل في فترة انسحابها من لبنان بعد عملية سلامة الجليل وقرارها بالانسحاب، ونحن نعرف بأن قرار محاربة اسرائيل ودفعها للخروج من لبنان أو تسريع خروجها كان يمكن أن يكون قرارا لبنانيا بامتياز لا بل جنوبيا، خاصة لأن أبناء المنطقة الجنوبية هم بأكثريتهم شيعة وحزب الله هو حزب شيعي مغلق، ولن نقول هنا بأن تدريب حزب الله على القتال كان بغض نظر اسرائيلي ولا بأن أكثر مسؤوليه ربما كانوا على علاقة بوجه أو بآخر بالمخابرات الاسرائيلية في مرحلة معينة، ولا بتصاريح السيد بيريس بعد استشهاد بشير في 1982 بشأن الخيارات الاسرائيلية مع “الجيران الأقرب” وهو مهندس العلاقات المسيحية الاسرائيلية في 1976 يوم كان وزيرا للدفاع، ولكن ماذا بعدما خرجت اسرائيل من لبنان ورسم الخط الأزرق وتنازلت عن كل شبر من الأرض التي كانت ضمن خرائط الجيش اللبناني، وبعد أن تكفّل حزب الله في المفاوضات مع حكومة باراك بعدم التعدي عبر الحدود كشرط لخروج الجيش الاسرائيلي، فلماذا لم يسلّم الحزب سلاحه للدولة ويلتزم بقراراتها، خاصة وإن اتفاق الطائف كان اشار إلى حل المليشيات؟ فهل كان من الصعب مثلا أن يصبح مقاتلوا الحزب فرقة خاصة مكلفة بحماية الحدود، طالما هناك رضى اسرائيلي عليه، تتبع للجيش اللبناني كما كان من المفترض أن يكون عناصر جيش لبنان الجنوبي مثلا؟ وعندها كانت انتهت مشاكل لبنان واسرائيل وعدنا إلى اتفاقية الهدنة التي ينفذها ابناء المنطقة بصراحة ووضوح وبدون لف ودوران وخطابات وعنجهيات، على أن تبقى الأمم المتحدة تقوم بدور المشرف على التفاصيل بانتظار التحاق الدول العربية بالقافلة؟

ولكن ما قاله ويقوله زعيم الحزب يفسر لا بل يجاوب على هذه الأسئلة لأن للحزب على ما يبدو دور اقليمي لا يتعلق بلبنان فهو يعمل على تنفيذ سياسة إيران في المنطقة بأرواح اللبنانيين وكأنهم أصبحوا مرتزقة فعليين، كما كان يلذ له أن يتهم جنود جيش لبنان الجنوبي، ولكن هؤلاء كانوا يخدمون في قراهم لحماية بيوتهم وأرزاقهم وعائلاتهم، لا كما يفعل عناصر هذا الحزب بالقتال في كل البلاد وحيثما شاء لهم الولي الفقيه أو أتباعه من قادة الحرس الثوري الذي قاد أحدهم (سليماني)، وبحسب كلام السيد، المعركة التي دمرت الجنوب وتسببت بمقتل الفي لبناني بدون علمه هو وبدون فائدة تذكر.

نقول للقادة المسيحيين الذين يخجلون من أدوارهم أو قرارات أحزابهم وعلاقاتهم التاريخية باسرائيل بألا يخجلوا لأنهم إنما دُفعوا دفعا إلى ذلك من قبل عرفات ومنظمته ومن قبل المجتمع الدولي الذي لم يسندهم في دفاعهم عن بلدهم، ويجب أن يفهم الجميع بأن التعاون مع إسرائيل لم يكن مشروطا لا من قبل اللبنانيين ولا من قبل الاسرائيليين ولكن تطور الأمور وبداية محادثات السلام مع مصر دفعت ربما وزير الدفاع الاسرائيلي يومها ارئيل شارون ورئيس الوزراء مناحيم بيغن لكي يحلموا بأن لبنان قد يكون الدولة الثانية التي تقيم علاقات مع اسرائيل ولم يكن حلمهم خاطئ أبدا. وكل من يقول بأن الرئيس بشير الجميل لم يكن يريد أن يوقع على سلام مع اسرائيل هو مخطئ ولا يعرف قراءة الأحداث ومقتل بشير هو نقطة الفصل في هذا الموضوع لأنه لو لم يكن راغبا في السلام لما قتل ونحن نقول بأن السلام مع اسرائيل هو طريق خلاص للبنان وبداية لمسيرة من التطور والازدهار. ولكن الرئيس الأسد يومها وبعدما سار الرئيس السادات بخيار السلم أراد هو، وبضغط من السوفيات ربما أو للاستمرار في ابتزاز العرب، أن يبقي النار مشتعلة فأنشأ “جبهة الصمود والتصدي” ولذا فهو لن يسمح ان استطاع أن يترك لبنان يخرق هذا الموضوع لأن الأردن كان سيسارع للألتحاق بقطار السلام، كما جرى فعلا، فيصبح بذلك وحيدا.

المنطق الصحيح يجب أن يكون من قبل القادة المسيحيين بأننا تعاونا مع الاسرائيليين ليس فقط بدون خوف بل بكل فخر وسنتعاون مع اي كان في سبيل حماية لبنان ولن نخجل من خياراتنا لأننا لا نبتغي مصالح شخصية وغايتنا حماية بلدنا والمحافظة على سيادته واستقلاله لا استتباعه وجعله ساحة لحروب الآخرين. ونقطة على السطر…

فهل يمكن أن يصل القادة اللبنانيون إلى مثل هذا القول وهل في المقابل سيصل الاعلام الاسرائيلي الى مستوى لائق من الكلام على التجربة اللبنانية الاسرائيلية فيحترم القادة وقراراتهم ويحترم الشهداء والأحياء من الجانبين الذين ضحوا بالكثير في سبيل بناء علاقات سلمية طبيعية بين الجيران يجب أن تكون مثالا يفتخر به لا نقطة خجل نحاول أن ندور حولها كلما وُجهنا بالكلام عنها؟..