فيديو ونص عظة المطران الياس عودة في قداس راس السنة الجديدة/2022

232

فيديو ونص عظة المطران الياس عودة في قداس راس السنة الجديدة/2022

اضغط هنا لمشاهدة فيديو عظة المطران الياس عودة في قداس السنى الجديدة/2022

المطران عودة: من يدّعي العفّة لكنّه يغطّي الفاسدين فاسد ومذنب مثلهم
شدد متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة في عظة رأس السنة على أنّ “من لا يحاسب المسيئين إلى الدولة وسيادتها وهيبتها شريك في الإساءة إلى الدولة، ومن يعيق قيامة الدولة أو يصادر قراراها أو يورّطها في نزاعات هي بغني عنّها، لا يعمل من أجل مصلحتها”.
وأشار إلى أنّ “المطلوب رجال دولة يتحلّون بالشجاعة والإقدام”. واضاف عودة: “من يدّعي العفّة لكنّه يغطّي الفاسدين هو فاسد ومذنب مثلهم، ومن يغضّ الطرف عن سلاح خارج الشرعية مجرم بحق الوطن”.

نص عظة قداس رأس السنة/المطران الياس عودة
نقلاً موقع مطرانية بيروت للروم الأرثوذكس/01 كانون الثاني/2022

صبــاح السبت 1 كــانــون الــثــانــي 2022 وبــمــنــاســبــة ذكــرى خــتــانــة ربــنــا يـســوع الــمـسـيـح بــالــجــسـد وتــذكـــار أبــيــنــا الـجــلـــيــل فــي الـــقــديــسـيـن بــاســيــلـيــوس الــكــبــيــر ورأس الـسـنـة تــرأس سـيــادة مـتــروبـولـــيـت بــيــروت وتــوابــعـهـا الــمـطــران الــيـاس عــوده خــدمـة الــقــداس الإلـهـي فـي كــاتــدرائـيـة الــقــديـس جــاورجـيــوس فـي سـاحـة الــنـجـمـة. بـعـد قــراءة الإنـجـيـل الــمـقــدس ألــقـى سـيـادتـه الـعـظة الـتالية:
«بـــاســـمِ الآبِ والإبـــنِ والـــرُّوحِ الــقُـــدُس، آمــيـــن.
أَحِــبَّـــائـــي، فــيــمــا يُــعَــيِّـــدُ الــعـــالَـــمُ الــيَـــومَ لانــطِـــلاقِ عـــامٍ أَرضِـــيٍّ جَـــديـــد، تُــعَــيِّـــدُ الــكَــنــيــسَـــةُ الــمُــقَـــدَّسَـــةُ لِــخِــتـــانَـــةِ ربِّــنــا يــســوع الــمَــســيـــحِ بـــالــجــســـد، ولِــلــقِـــدِّيـــسِ بـــاســيــلــيـــوسَ الــكَــبــيـــرِ رَئــيــسِ أَســـاقِــفَـــةِ قَــيــصَـــرِيَّـــة كَــبَّـــادوكِــيـــا.
الــسَّــنَـــةُ الــجَـــديـــدَةُ كَــنَــــسِــيًّـــا تَــــــبـــدَأُ فـــــــي الأَوَّلِ مِــــــــنْ شَــهـــرِ أَيــلـــول، مُــعــلِــنَـــةً إِنــطِـــلاقَ دَورَةٍ لــيــتـــورجِــيَّـــةٍ جَـــديـــدَة. مَـــعَ ذَلِـــكَ، تُــصَــلِّـــي الــكَــنــيــسَـــةُ الــيَـــومَ مِـــنْ أَجـــلِ الــــعـــالَـــم، كَـي يَــكـــونَ عـــــامُـــهُ الــجَـــديـــدُ عَـــامًـــا مَــمــلـــوءًا خَــيـــرًا وبَـــرَكَـــةً، بَــعــيـــدًا عَـــنِ الــتَّــعَــلُّـــقِ بِـــالـــدُّنــيَـــوِيَّـــاتِ، ومُـــوصِـــلًا إلـــى اللهِ والــسَّــمـــاوِيَّـــات.
أحــبــائــي، ســنـــةٌ أخــرى انــطــوتْ، وبــلــدُنــا رازحٌ تــحــتَ نــيــرِ الــشــقــاءِ والألـمِ والـمـوت، لا فــرحَ فــيـه ولا حـيــاة، إنــســانُــه مــقــهــورٌ وحــزيــنٌ، حـــائــرٌ بــمــصــيـــرِه، يــســألُ إلــى مــتــى الــصــبــرُ والأعــوامُ تــمــرُّ، والــعــمـــرُ يــمــرُّ، والأحــلامُ تــنــقــضــي لأنّ الأمــلَ يــتــضــاءلُ يـــومــاً بــعـــدَ يــوم، والإيــمــانُ بــقــيــامــةِ هـــذا الـبــلــدِ يــكـــادُ يَــهْــجُــرُ نــفــوسَ أبــنــائــه مـن شــدّةِ مـــا عـــانــوا ومـــا زالــوا يُــعــانــون. لـكـنّ الإلـهَ الــذي عــيّــدْنـا لـمــيـلادِه بـالــجــســدِ مــنــذ أســبــوعٍ هــو رجـاؤنـا الــوحــيــد، هــو الـــذي افــتـــدانــا بـــدمِــهِ الــكــريــمِ وقَــهــرَ الــخــطــيــئــةَ والــشــرَّ والــمــوت، بــاذلاً نــفــسَــه مــن أجـلِ أن نَــربحَ نـفــوسَــنـا ونَــرْكُــنَ إلـــى مــحــبّــتِــه ورحــمــتِــه.
نــقـــرأُ فـــي ســفـــرِ الـــرُّؤيـــا: «وسَــمِــعـــتُ صَـــوتًـــا عَــظــيــمًـــا مِـــنَ الــسَّــمـــاءِ قـــائِـــلًا: هُـــوَذا مَــســكَـــنُ اللهِ مَـــعَ الــنَّـــاس، وهُـــوَ سَــيَــســكُـــنُ مَــعَــهُـــم، وهُـــمْ يَــكـــونـــونَ لَـــهُ شَــعــبًـــا، واللهُ نَــفــسُـــهُ يَــكـــونُ مَــعَــهُـــم إِلَــهًـــا لَــهُـــم. وسَــيَــمْــسَـــحُ اللهُ كُـــلَّ دَمــعَـــةٍ مِـــنْ عُــيـــونِــهِـــم، والــمَـــوتُ لا يَــكـــونُ فــيــمـــا بَــعـــد، ولا يَــكـــونُ حُـــزْنٌ ولا صُـــراخٌ ولا وَجَـــعٌ فــيــمـــا بَــعـــد، لأَنَّ الأُمـــورَ الأولـــى قَـــدْ مَــضَـــتْ. وقـــالَ الــجـــالِـــسُ عــلـــى الــعَـــرش: هـــا أَنـــا أَصــنَـــعُ كُـــلَّ شَـــيءٍ جَـــديـــدًا! وقـــالَ لـــي: أُكــتُـــبْ فَـــإِنَّ هَـــذِهِ الأَقـــوالَ صـــادِقَـــةٌ وأَمــيــنَـــة… أَنـــا هُـــوَ الأَلِـــفُ والــيـــاء، الــبِـــدايَـــةُ والــنِّــهـــايَـــة. أَنـــا أُعــطـــي الــعَــطــشـــانَ مِـــنْ يَــنــبـــوعِ مـــاءِ الــحَــيـــاةِ مَــجَّـــانًـــا. مَـــنْ يَــغــلِـــبْ يَـــرِثْ كُـــلَّ شَـــيءٍ، وأَكـــونُ لَـــهُ إِلَــهًـــا، وهُـــوَ يَــكـــونُ لِـــيَ ابْــنًـــا. أَمَّـــا الــخـــائِــفـــونَ وغَــيْـــرُ الــمُـــؤمِــنــيـــنَ والـــرَّجِــســـونَ والــقـــاتِــلـــونَ والـــزُّنـــاةُ والــسَّــحَـــرَةُ وعَــبَـــدَةُ الأَوثـــانِ وجَــمــيـــعُ الــكَـــذَبَـــة، فَــنَــصــيــبُــهُـــم فـــي الــبُــحَــيـــرَةِ الــمُــتَّــقِـــدَةِ بِــنـــارٍ وكِــبـــريـــت، الَّـــذي هُـــوَ الــمَـــوتُ الــثَّـــانـــي» (رؤ 21: 3-8).
الــيـــومَ بَــدءُ ســنــةٍ جــديــدة، بَــدءُ زمــنٍ نــرجــو أن يــكــونَ مـخــتــلــفــاً عــمّــا سَــبَــقَــه، جــديــداً. لــكــنّ الــجِـــدَّةَ لا تــكــونُ إلاّ بِــتَــخَــلّــيــنــا عــن كــلِّ مــا اقــتــرفــنــاه مــن شــرورٍ وخــطــايــا، والإتــحــادِ بِــمَــنْ هــو «الألــفُ والــيــاء، الــبــدايــةُ والــنــهــايــة»، الــذي يــصــنــعُ كــلَّ شــيءٍ جــديــداً. إنَّ الــتَّــجـــديـــدَ الَّـــذي عــلـــى الإنــســـانِ أَنْ يَــســعـــى إِلَــيـــهِ يَــجِـــبُ أَنْ يَــكـــونَ تَــجـــديـــدًا مُــبـــارَكًـــا مِـــنَ الـــرَّبّ، مَــلــيــئًـــا بِـــالأَفــكـــارِ الــحَــسَــنَـــةِ الَّــتـــي تُــتَـــرجَـــمُ أَفــعـــالًا وأَقـــوالًا تَــصُـــبُّ فـــي مَــصــلَــحَـــةِ كُـــلِّ الــنَّـــاس، لا فـــي مَــصــلَــحَـــةِ الأنـــا وحـــدَهــا. هَــــذا مـــا فَــعَــلَـــهُ الـــرَّبُّ بِــتَــجَــسُّـــدِهِ، إِذْ تَــسَـــرْبَـــلَ بَــشَـــرِيَّــتَــنـــا مِـــنْ أَجـــلِ خَــلاصِــهـــا، وزَرعَ الــفَـــرَحَ مَــكـــانَ الـــدُّمـــوع، والــحَــيـــاةَ بَـــدَلَ الــمَـــوت، والــصِّــحَّـــةَ مَــكـــانَ الأَلَـــمِ والــمَـــرَض. أَرادَ الـــرَّبُّ أَنْ يُــظــهِـــرَ لِــلــبَــشَـــرِ مَــحَــبَّــتَـــهُ الــعَــظــيــمَـــةَ، فَــتَــجَــسَّـــدَ وتَــحَــمَّـــلَ مَــفـــاعــيـــلَ الــجَــسَـــدِ إِذ تَــنـــازَلَ لِــيَــحــتَــمِـــلَ الــخِــتـــانَـــةَ، ثـــم اقــتــبــلَ الــمــعــمــوديــةَ، ثُـــمَّ تـــألَّـــمَ ومـــاتَ وقـــامَ، لَــكِـــنَّ الإِنــســـانَ لَـــمْ يُــحــسِــنْ الــتَــصَـــرُّفَ تُــجـــاهَ الــخـــالِـــقِ، وبَـــدَلَ الــشُّــكـــران، لَــحِـــقَ بِـــالأَوثـــانِ ومــا زال. أَوثـــانُ زَمـــانِــنـــا هِـــيَ الــمـــالُ والــسُّــلــطَـــةُ والــشَّــهـــوَةُ والـــزُّعَــمـــاءُ والــمُــمــتَــلَــكـــات. كُـــلُّ هَـــذِهِ سَــعـــى إِنــســـانُ الــيَـــومِ وَراءَهـــا، عــلـــى حِــســـابِ أَخــيـــهِ الإِنــســـانِ وراحَــتِـــهِ وحَــتَّـــى حَــيـــاتِـــه. ســرقَــه. حَــسَــدَه. نــافــسَــه. قــاتــلَــه وقــتــلَــه لـيـعـيـشَ هـو. احــتَــكَــرَ الــضــروريــاتِ لــيــســلــبَــه مــالَــه فــكــان أنْ ســلــبَــه حــيــاتَــه أحــيــانــاً. أَحـــرَقَ الــغـــابـــاتِ مِـــنْ أَجـــلِ بَــيـــعِ الـــدِّفءِ لأَخــيـــهِ الإِنــســـان، فَــجَــعَــلَـــهُ يَــخــسَـــرُ الـــرِّئَـــةَ الــطَــبــيــعِــيَّـــة، وقَـــدْ شـــاهَـــدْنـــا كَــمِّــيَّـــاتِ الأَشــجـــارِ الَّــتـــي أُعـــدِمَـــتْ فـــي بَــلَـــدِنـــا الــعـــامَ الــمُــنــصَـــرِم، دونَ أَنْ يَــتَــحَـــرَّك مَــســـؤولٌ لــمــعــاقــبــةِ الــمــفــتــعــلــيــن ولإعـــادَةِ الــتَّــشــجــيـــر. بَـــدَلَ الــعَــمَـــلِ مِـــنْ أَجـــلِ مُــســتَــقْــبَـــلٍ أَفــضَـــل، مُـــؤمِــنــيـــنَ بِـــأَنَّ الـــرَّبَّ لا يَــتـــرُكُ خَــلــيــقَــتَـــه، إِنــتَــظَـــرَ الــنَّـــاسُ بِــشَــغَـــفٍ إِطـــلالَـــةَ الــمُــنَــجِّــمــيـــنَ عــلـــى الــشَّـــاشـــاتِ حَــتَّـــى يَـــرتَـــووا مِـــنْ تــضــلــيــلِــهــم، مُــبــتَــعِـــديـــنَ عَـــنِ الـــرَّبِّ الَّـــذي وَعَـــدَ شَــعــبَـــهُ قـــائِـــلًا: «إِنَّ هَـــذِهِ الأَقـــوالَ (أي أقــوالُ الــربّ) صـــادِقَـــةٌ وأَمــيــنَـــة». يَــعــيـــشُ إِنــســـانُ الــيَـــومِ خَـــوفًـــا، لا بَـــلْ رُعْــبًـــا مِـــنَ الــمُــســتَــقــبَـــلِ الــغـــامِـــض، خُــصـــوصًـــا فـــي بَــلَـــدِنـــا الَّـــذي لَـــمْ تَــعُـــدْ فــيـــهِ أَيُّ ضَــمـــانَـــةٍ بِــمُــســتَــقــبَـــلٍ واعِـــدٍ، إِلَّا أَنَّ هَـــذا الـــرُّعـــبَ يَـــدُلُّ عــلـــى قِــلَّـــةِ إيــمـــانٍ بـــاللهِ الَّـــذي سَــيَــجــعَـــلُ كُـــلَّ شَـــيءٍ جَـــديـــدًا، حَــتَّـــى ولَـــو طـــالَـــتْ فَــتـــرَةُ الإِنــتِــظـــارِ. «الــمَـــوتُ الــثَّـــانـــي» الَّـــذي سَــمِــعــنـــا عَــنـــهُ فـــي سِــفـــرِ الـــرُّؤيـــا رَهـــنٌ بِــطَـــريــقَـــةِ عَــيــشِــنـــا وبِــمَـــوقِــفِــنـــا تُــجـــاهَ الـــرَّبِّ ومَــحَــبَّــتِـــهِ ورَحــمَــتِـــه. هَـــلْ سَــيَــبــقـــى الــشَّــعـــبُ مِـــنَ «الــخـــائِــفــيـــنَ» و«غَــيْـــرِ الــمُـــؤمِــنــيـــنَ»؟ هَـــلْ سَــيَــتَــحَــوَّلُ إلــى جَــمـــاعَـــةِ « رَجِــســيـــنَ» و« قـــاتِــلــيـــنَ» و« زُنـــاة»؟ هَـــلْ سَــيَــبــقـــى مِـــنْ أَتــبـــاعِ « الــسَّــحَـــرَة»، أو مِـــنْ « عَــبَـــدَةِ الأَوثـــانِ» ويُــصَـــدِّقُ «الــكَـــذَبَـــةَ» الَّـــذيـــنَ يَــعِـــدونَ ولا يَــصْـــدُقـــون؟ الــسَّــنَـــةُ الــمُــنــصَـــرِمَـــةُ كـــانَـــتْ مَــلــيــئَـــةً بِـــالــمَـــوتِ الــمُــتَــظَــهِّـــرِ بـتـفـجـيـرِ الـمـرفـأ وقـتلِ وتـشـريـدِ الآلاف، وبـانـهـيـارِ الإقـتـصـادِ وفُــقـــدانِ الــغِـــذاءِ والـــدَّواء، وبِــتَــبَــخُّـــرِ أَمـــوالِ الــنَّـــاسِ مِـــنَ الــمَــصـــارِف، وبِــتَــراجُــعِ الــقِــطــاعِ الــتَّـــربَـــوِيّ والــصــحــيّ، وقَـــدْ عـــانـــى الــمُـــواطِـــنُ كُـــلَّ هَـــذا، ولا يَـــزال، لَــكِـــنْ إِلـــى مَــتـــى؟ هَـــلْ سَــيَــخــتـــارُ الــشَّــعـــبُ عَــيـــشَ الــمَـــوتِ الــثَّـــانـــي هَـــذا الــعـــام؟ هَـــلْ سَــيَــبــقـــى مُــخَـــدَّرًا، مَــغــســـولَ الـــدِّمـــاغِ، بِــسَــبَـــبِ وُعـــودٍ وخُــطـــابـــاتٍ واهِــيَـــةٍ تَــعـــودُ إلـــى الــسَّـــاحَـــةِ كُـــلَّ أربَـــعِ ســنـــواتٍ لِــتُــعــيـــدَ نَــفــسَــهـــا؟ الآنَ، وقَـــدْ حُـــدِّدَت مَـــواعــيـــدُ الإِنــتِــخـــابـــاتِ رَســمِــيًّـــا، عــلـــى كُـــلِّ إِنــســـانٍ فـــي هـــذا الــبَــلَـــدِ الــحَــبــيـــب، أَنْ يـعـي مـسـؤولـيـتَـه ويُــمـــارِسَ حَــقَّـــهُ الـــدِّيــمــقـــراطِـــيَّ، بــل واجــبَــه الــوطــنــي، ويــخــتـــارَ مَــنْ يــرى فــيــهــم الأمــلَ بــالــتــغــيــيــرِ وإرادةِ الــعــمــلِ لــلإنــقــاذ. عــلــى الــشــعــبِ أن يــخــتــارَ مَــن يـُـقــدِّمُ بــرنــامــجَ عــمــلٍ واضــحٍ ويــتــعــهَّــدُ بـتــطــبــيــقِــه بــأمــانــةٍ وإخــلاصٍ لــلــوطــنِ والــمــواطــن، بــعــيــداً مــن الــمــصــلــحــةِ الــشــخــصــيــةِ أو الــحــزبــيــةِ، ومــن الــزبــائــنـيــةِ والارتــبــاطــاتِ الــخــارجــيــة. هَـــذا الــعــمــلُ سَــتَــعـــودُ نَــتـــائِــجُـــهُ عــلـــى الــشَّــعـــبِ كُـــلِّــه، وسَــيُــحَـــدِّدُ مَــصــيـــرَ الـــزمــنِ الآتـــي إِنْ كـــانَ لِــلــخَــيـــرِ أَو لِــلــمَـــوت، عــلـى أَمَـــلِ أَلَّا يَــكـــونَ أَحَـــدٌ مِـــنَ الــشَّــعـــبِ مُــســـاهِــمًـــا فـي جَــلــبِ هــذا الــمَــوتِ عــلَــيـهِ وعــلـى أَبــنـاءِ بَــلَــدِهِ مَــعَــه.
يـــا أَحِــبَّـــة، عــلــى الإِنــســـانِ أَلَّا يَــقـــولَ إِنَّـــهُ، بِــمُــفـــرَدِهِ، لا يَــســتَــطــيـــعُ أَنْ يُــغَــيِّـــرَ شَــيــئًـــا. أَبـــرَزُ مِــثـــالٍ عــلـــى ذَلِـــكَ هُـــوَ الــقِـــدِّيـــسُ بـــاســيــلــيـــوسُ الــكَــبــيـــرُ الَّـــذي نُــعَــيِّـــدُ لَـــهُ الــيَـــوم. لَــقَـــدْ قـــامَ هَـــذا الــقِـــدِّيـــسُ، وَحـــدَهُ، بِــبِــنـــاءِ «الــمَـــديــنَـــةِ الــبـــاســيــلــيّـــة»، الَّــتـــي ضــمَّــتْ الــمُــســتَــشــفــيـــاتِ وأَمـــاكِـــنَ إيـــواءِ الــغُـــرَبـــاءِ، والــمَـــدارِسَ، وغَــيـــرَ ذَلِـــكَ مِــمَّـــا كـــانَ الــشَّــعـــبُ يَــحــتـــاجُـــهُ. كُـــلُّ إِنــســـانٍ مَـــدعُـــوٌّ لِــلــعَــمَـــلِ مِـــنْ أَجـــلِ الــجَــمـــاعَـــةِ كَــكُـــلّ، وهَـــذا مـــا تُــمَــثِّــلُـــهُ الــكَــنــيــسَـــةُ الــجـــامِــعَـــةُ، وهِـــيَ لَــيــسَـــتْ مَــجــمــوعَـــةَ أَفـــرادٍ أَنـــانِــيِّــيـــنَ يَــعــمَـــلُ كُـــلٌّ مِــنــهُـــم لِــمَــصــلَــحَــتِـــهِ الــشَّــخــصِــيَّـــة، بَـــل هِـــيَ مَــجــمـــوعَـــةُ أَشــخـــاصٍ، أَصــغَـــوا إلـــى كَــلِــمَـــةِ الـــرَّبّ، ويَــعــمَــلـــونَ مَــعًـــا مِـــنْ أَجـــلِ نــشــرِهــا والــعَــمَـــلِ بِــهَـــدْيِــهـــا، مِـــنْ أجــلِ الــمَــنــفَــعَـــة الــعـــامــة. لَــقَـــدْ سَــمِــعــنـــا فـــي قِـــراءَةِ إِنــجــيـــلِ الــيَـــوم أَنَّ الــمُــعَــلِّــمــيـــنَ، الَّـــذيـــنَ كـــانـــوا مِـــنَ الــحُــكَــمـــاءِ والــفُــهَــمـــاء، أَصــغَـــوا إلـــى الــكَــلِــمَـــةِ الإِلَــهِــيَّـــةِ الــخـــارِجَـــةِ مِـــنْ فَـــمِ الــــرَّبِّ يَــســـوع، ابـــنِ الــثـــانِــيَـــةَ عَــشْـــرَةَ مِـــنَ الــعُــمـــر، مُــعَــــلِّـــمـاً الــبَــشَـــرَ كَــيـــفَ يَــتَـــواضَــعـــونَ ويُــصــغـــونَ بِــتَـــأَنٍّ لِــمَـــنْ يَـــأتــيــهـــم بِــكَــلِــمَـــةِ الله.
فـــي هــذا الــيــومِ الــمــبــارَكِ نــرفــعُ الــدعــاءَ إلــى ربِّ الــســمــاءِ والأرضِ كــي يــنــيــرَ عــقــولَ مَــن يَــتَـــولّــونَ شـؤونَ هـذا الـبـلـدِ، ويطـهِّــرَ قــلــوبَــهـــم ونــيّــاتِــهــم لــيــعـمــلـــوا عــلــى تــضــمــيــدِ جـــراحِــه وشــفــائِـــه مِـــن مــحــنــتِــه. لــقــد أصــبـــحَ لــبــنــانُ فــي عِــدادِ الــدولِ الــفــاشــلــةِ بــســبــبِ ســوءِ إدارةِ الــدولـــة، والــفــســادِ الــمــســتــشــري فــي الــقــطــاعِ الــعــام. أصــبــحَ لــبــنــانُ أرضــاً ســائــبــةً، دولــةً بـــلا حــدودٍ لأنّ حـــدودَهــا غــيــرُ مــضــبــوطــةٍ عـــن قــصــدٍ أو عــن غــيـــرِ قــصــد، أصــبــحَ مَـوئــلاً لـلــمُـهَـرِّبــيــن والـفـاسِـديــن، وســـاحــةً لــلــعــصــابــاتِ ومَــكَــبًّــا لــلــنــفــايــاتِ وبــلــدَ الــمــتــســـوّلــيــن. الــتــشــبّــثُ بــالــرأي تـــارةً وبــالــحــقــيــبــةِ طـــوراً عــطّــلا الــبــلـــد. زَرْعُ الــمـحـاسـيــبِ في الإدارةِ شـــلَّ عــمــلَ الإدارة. الــتــغــاضــي عــن الــفــاســديـــن وعــدمُ مــحــاســبــةِ كــلِّ مَـــن يُــســيءُ إلـــى الــدولــةِ أغــرقــا الــبــلـــدَ فــي الــديــونِ والــمــشــاكــل. مـســايرةُ بـعـضِ الأطرافِ عـلـى حـسـابِ الـسـيـادةِ، وســيــاســـةُ الــمــقــاطــعــةِ الــتــي مارسَهـا أكـثــرُ مـن طـرفٍ، والإســتــقــواءُ بــالــســلاحِ، عـطّــلــتْ الـدولـةَ ومـؤسـسـاتِـهـا. الــتــصــعــيــدُ الــســيــاســي والــســجــالاتُ والإتــهــامــاتُ الـمُـتــبــادَلَــة والــعـصــبــيــاتُ الــمــذهــبــيــةُ زادتْ الــتــوتُّــرَ وعــمّـقـــتْ الــشــرخَ بــيــن الــفــئــاتِ الــحــاكــمــةِ حــتــى أصــبــحَ الــبــلــدُ كــلُّــه مــعــطَّــلاً ومــشــلــولَ الأعـمــال، والــخــاســرُ الأكــبــرُ هــو الــمــواطــنُ الــذي لــم يــعُــدْ قــادراً عــلــى إطــعــامِ أولادِه وتــعــلــيــمِــهـــم. حــتــى الــفــئــاتُ الــمــيــســورةُ أصــبــحــتْ فــي الــعَـــوَزِ بــســبــبِ حَــجْـــزِ أمــوالِــهــا فــي الــمــصــارف. والــمـــؤســفُ أنّ الــمــســؤولــيــن، عــوضَ مــعــالــجــةِ الــوضــعِ وبَــذْلِ جــهــودٍ لا مــحــدودةٍ مــن أجــلِ إنــقــاذِ الــبــلــد، هــم أنــفــسُــهــم يـَـشــكــون مــن ســوءِ الــوضــعِ. لــكــنّ تـــوصــيــفَ الــحــالــةِ لا يُــجــدي لأنّ الــجــمــيــعَ واعــون خــطــورتَــه. المواطنُ يريدُ أجوبَةً، ينتظِرُ حُلولاً. الــمــطــلــوبُ مــعــالــجــةٌ حــقــيــقــيــةٌ. الــمــطــلــوبُ قـــرارٌ واضــحٌ وعــمــلٌ دؤوبٌ. الـمـطـلـوبُ رجالُ دولـةٍ يـتـحـلّـون بـالـشـجـاعـةِ والإقـدامِ. عــلــى كــلِّ مــســـؤولٍ أن يــقــومَ بــواجــبِــه عــلــى أتــمِّ وجــهٍ، وأن يــحــتــرمَ دســتــورَ الــبــلــدِ وقــوانــيــنَــه، وأنْ يــعــمــلَ بــنـــزاهــةٍ وإخــلاصٍ وتــجــرُّد، واضــعـــاً مــصــلــحــةَ الــوطــنِ فــوق كــلِّ مــصــلــحــة. نــحــن فـي دولــةٍ الــجــمــيــعُ فــيــهــا يــخــالــفُ الــقــانــون. أجــهــزتُــهــا تـخـالــفُ الـقــانـون، والـمـســؤولـون لا يــطــبّــقــون الــقــانــون، والــعــصــابــاتُ فــيــهــا لا تَــهــابُ الــقــانــون. ألــيــسَ واجــبــاً عــلــى الــمــســؤولــيــن أن يــفــرضــوا هــيــبــةَ الــدولــةِ ويــعــتــمــدوا الــمــحــاســبــةَ والــعــقــاب؟ وأن يُــحــاســبــوا أنــفــسَــهــم أولاً ويُــقــوِّمـوا اعــوجــاجَـهــا؟ مَــنْ يــدّعــي الــعــفّــةَ لــكــنّــه يُــغــطّــي الــفــاســديــن ولا يَــفــضــحُ أعــمــالَــهــم هــو فــاســدٌ ومُــذنــبٌ مــثــلَــهــم. مَــنْ يــغـــضُّ الــطــرفَ عــن ســلاحٍ خــارجِ الــشــرعــيــةِ مــجــرمٌ بــحــقِ الــوطــن. مَـــنْ لا يُــحــاسِــبُ الــمــســيــئــيــن إلــى الـــدولــةِ وســيــادتِــهــا وهــيــبــتِــهــا شــريــكٌ فــي الإســاءةِ إلــى الــدولــة. مَــنْ يُـعــيــقُ قــيــامَ الـدولــةِ أو يُــصـادرُ قـــرارَهـا أو يُــورِّطُـهــا فــي نِـزاعـاتٍ هـي بِــغــنـىً عـنـهـا لا يَـعــمــلُ مِــن أجــلِ مــصــلــحــتِــهــا. أمــا مــجــلــسُ الــنــواب، الـــذي هــو مــجــلــسُ مُــمَــثّـِـلــي الــشــعــب، فــعــلــيــه الــعــودةُ إلــى دورِه الــطــبــيــعــي فــي الــمــراقــبــةِ والــمــحــاســبــةِ والــتــشــريــعِ الــشــفّــافِ غــيــرِ الــمــرتــبــطِ بــالــمــصــالــح.
يـــا أَحِــبَّـــة، نُــصَــلِّـــي أَنْ يَــكـــونَ هـــذا الــعـــامُ الــمُــقــبِـــلُ عَــلَــيــنـــا، عـــامَ الــخَـــلاصِ لِــلُــبــنـــانَ والــلُّــبــنـــانِــيِّــيـــن. عـــامًـــا يَــجِـــدُ فــيـــهِ الــمَـــريـــضُ دَواءَهُ بِــسِــعـــرٍ مَــعــقـــول، والــجـــائِـــعُ طَــعـــامَـــهُ مِـــنْ دونِ أَنْ يَــحــتـــاجَ إلـــى تَـــوَسُّــلِـــهِ مِـــنْ أَحَـــد. عـــامًـــا يَــجِـــدُ فــيـــهِ الــطِّــفـــلُ حَــلــيــبَـــهُ، والــمَـــرأَةُ حُــقـــوقَــهـــا وإِنــصـــافَــهـــا فـــي الــقـــانـــونِ، وكِــبـــارُ الــسِّـــنِّ كَـــرامَــتَــهُـــم مُــصـــانَـــة. نُــصَــلِّـــي أَنْ تَــجِـــدَ الـــعَـــدالَـــةُ طَـــريــقَــهـــا إلـــى الــتَّــحــقــيـــقِ فـــي مــأســاةِ الــعـــاصِــمَـــة، مِـــن دونِ تــدخُّـــلٍ فــي عــمــلِ الــمُــحــقّــق أو تــعــطــيــل، حَــتَّـــى تَـــرتـــاحَ قُــلـــوبُ ذَوي الــضَّــحـــايـــا، وتُــكَــفــكَـــفَ دُمـــوعُ كُـــلِّ مَـــنْ أصــابَــه الــضــرر. نَــســـأَلُ الـــرَّبَّ أَنْ يُــغـــدِقَ الـــرَّحــمَـــةَ عــلـــى قُــلـــوبِ الــمَــســـؤولــيـــن، حَــتَّـــى يَـــرأَفـــوا بِـــالــشَّــعـــبِ، ويَــعــمَــلـــوا مِـــنْ أَجـــلِ خَـــلاصِ الــمُـــواطِــنــيـــنَ لا مِـــنْ أَجـــلِ الإِجــهـــازِ عــلــى مَـــنْ تَــبَــقَّـــى مِــنْــهُـــم فـــي أَرضِ الـــوَطَـــن. دُعـــاؤُنـــا أَنْ يَــســكُـــبَ اللهُ الـــوَعـــيَ فـــي عُــقـــولِ أَبــنـــاءِ لــبــنــان حَــتَّـــى يَــعـــرِفـــوا أَنَّ خـــلاصَ أَرضِــهِـــم بـيـدهـم، عَــبـــرَ تَــخَــلِّــيــهِـــم عَـــن عِــبـــادَةِ وَثَـــنِ الـــزَّعــيـــمِ ومـــالِـــهِ ومُــســـاعَـــداتِـــهِ الــمَـــوســمِــيَّـــة.
أَلا بـــارَكَ اللهُ هَـــذا الــعـــامَ الــجـــديـــدَ، ومَــنَــحَــكُـــم سُـــؤْلَ قُــلـــوبِــكُـــم، وشِــفـــاءَ مَـــرضـــاكُـــم، وراحَـــةَ نُــفـــوسِ مَـــوتـــاكُـــم، وخَـــلاصَ نُــفـــوسِــكُـــم، آمــيـــن».