اتيان صقر ـ أبو أرز: ظاهرة قضائية واعدة

358

ظاهرة قضائية واعدة.
اتيان صقر ـ أبو أرز/05 كانون الأول/2021

عندما اقترب القاضي فادي صوان من كشف الحقيقة في جريمة تفجير المرفأ، قامت المنظومة السياسية القيامة عليه ولم تقعد إلّا بعد أن تمكّنت من تنحيته واستبدالِه بالقاضي الحالي طارق البيطار.

وسرعان ما وصل هذا الأخير إلى الحقيقة نفسها التي وصل إليها سلفُه، وما ان بدأ يستدعي كبار المتورطين من رتبة وزير وما فوق حتى أعلنت هذه المنظومة- العصابة بزعامة “حزب الله” حرباً شعواء متعددة الجبهات، اعلامية، سياسية، أمنية، وقضائية هدفُها “قبع” هذا القاضي من موقعه.

اعلامياً؛  كل وسائل الإعلام التابعة “لحزب الله” وحلفائه شنّت حملة مركزة ضد البيطار مُتهمةً اياه بالتحيّز والاستنساب وتسييس التحقيق بهدف تبرير عملية قبعه.

سياسياً ؛طلبت من وزرائها تقديم استقالتهم من الحكومة اذا تمنّعت عن إقالة القاضي المذكور، ما ادّى إلى شلّها وتعطيلها في مهدها، وتحويلها إلى حكومة تصريف أعمال ليس اكثر.

امنياً؛  ارسلت عناصرها مدجّجين بالسلاح في” تظاهرة  احتجاجية “سلمية” أمام وزارة العدل، ما لبثت ان تحولت إلى غزوة عسكرية استهدفت محور الطيونة _عين الرمانة، غير ان السحر انقلب على الساحر ومُنيت هذه الغزوة بهزيمة نكراء.

قضائياً؛ أغرقت القضاء بوابل من الدفوع الشكلية لإقصاء البيطار بحجة الارتياب المشروع، فإنقلب السحر مرة جديدة على الساحر بفضل نخبةٍ من القضاة الشرفاء الذين قرروا، في وقفةٍ بطلة، رد كل هذه الدفوع وتثبيت القاضي المذكور في موقعه من جديد.

لن ينجح  “حزب الله” و معه منظومة الفساد في إنكار مسؤوليته عن كارثة المرفأ مهما حاول، لأن آخر غبي في العالم بات يُدرك ان هذا الحزب هو من استقدم  شحنة نيترات إلامونيوم الى بيروت، وهو من أمر بافراغها في المرفأ و تخزينها في العنبر رقم ١٢، و ذلك لاستخدامها في نشاطاته الأمنية و العسكرية و الإرهابية  مع شريكه بشار الأسد، وان جميع المشرفين على  شؤون المرفأ من وزراء و إداريّين وأمنيّين هم متورطون في هذه الكارثة بشكل مباشر او غير مباشر، لانهم تكتّموا على وجود هذه المواد المتفجرة من العام ٢٠١٤ الى ٤ آب ٢٠٢٠، او تلكّأوا في نقلها الى مكان آمن، إمّا من باب التواطؤ مع  “حزب الله” او خوفاً من سطوته او من باب مسايرته او استرضائه.

كل الشرفاء في لبنان، وما أكثرهم، يقفون اليوم صفاً واحداً الى جانب هذه النخبة القضائية الشجاعة في معركتها الطاحنة ضد هذه المنظومة – العصابة باعتبارها معركة وجودية بين الحق والباطل، وبين الخير والشر.

ان هذه الظاهرة القضائية المُشرقة تذكرنا بحركة” الأيادي البيضاء” الإيطالية التي استطاعت بزعامة القاضي  antonio de pietro انطونيو دي بياترو و بمبادرة فردية منه ان تقضي على وحش الفساد الذي كان ينهش في جسم الدولة الأيطالية، آملين ان تنهض في لبنان حركة مشابهة تنقَضّ سريعاً على وحش الفساد اللبناني وتقضي عليه قبل أن يستكمل عملية إفتراس الوطن والتهام لحمِه و العظام.

لبيك لبنان،
اتيان صقر ـ أبو أرز