هشام ملحم/السقوط المستمر

286

السقوط المستمر

هشام ملحم/النهار

18 كانون الأول 2014

تميزت 2014 ببروز “الدولة الاسلامية” (داعش) خطرا اقليميا وعالميا بعدما احكمت سيطرتها على اراض واسعة في سوريا والعراق، ومع زيادة نفوذ ايران بشكل مهيمن في سوريا والعراق ولبنان واليمن وتفاقم نزاعات هذه الدول، الى ليبيا. وحتى في مصر، وعلى رغم تأكيد النظام القديم سيطرته على السلطة المركزية بحلته الجديدة بعد هزيمة الاخوان المسلمين، واعتقال قياداتهم، فان الدولة المركزية لا تزال تجد نفسها امام تحد اسلامي يتمثل بقوى متطرفة تمنع جيش مصر من السيطرة الكاملة على شبه جزيرة سيناء وتهدد بقية مصر. صحيح ان العراق تفادى خطر التفكك والتقسيم الرسمي، الا ان مستقبله دولة موحدة لا يزال مشكوكا فيه، كما لا يزال وضعه السياسي هشا للغاية ومعرضا لانهيارات جديدة. في لبنان، وبعدما زج “حزب الله” نفسه في اتون الحرب السورية، يواجه البلد الهش سياسيا في الاصل تحدي تفاقم المواجهات في 2015 بين تيارات اسلامية سنية متشددة مثل “جبهة النصرة” وغيرها و”حزب الله” الذي يحاول استدراج الدولة اللبنانية ومؤسساتها الضعيفة في المواجهة مع اعدائه في لبنان وسوريا.

كل هذه النزاعات السياسية والامنية تتفاقم على خلفية انهيارات اجتماعية واقتصادية مرعبة تتمثل بازمة لاجئين ومقتلعين سوريين وعراقيين تهدد منطقة المشرق بكاملها، جلبت معها تطهيرا مذهبيا ودينيا بشعا لا سابق له منذ حقبة الاستقلال. الكساد الاقتصادي في سوريا والى حد اقل في الدول الاخرى التي تستمر فيها الصراعات السياسية والفوضى الامنية ستكون له مضاعفات بعيدة المدى على مستقبل هذه المجتمعات والدول المرشحة لمزيد من التفكك. مختلف المؤشرات تبين ان سنة 2015 مرشحة لمواجهات أوسع واشرس سوف تضطلع فيها التيارات الاسلامية الناشطة خارج اطار الدولة بالدور الابرز في مواجهة دول ذات بنى سياسية واقتصادية ضعيفة لم تكن لتبقى على قيد الحياة بشكلها الراهن في وجه التيارات المتشددة لولا الدعم الخارجي الذي يقدمه ائتلاف دولي واقليمي اقل ما يقال فيه انه غريب لانه يضم الولايات المتحدة ودولا عربية وايران. في 2015 لا يبدو ان ايا من اللاعبين الرئيسيين الناشطين على هذا المسرح الدموي في المشرق العربي أكانت ايران ام دول الخليج العربية، ام الحركات التي تدعي انها اسلامية والولايات المتحدة، سيحقق انتصارا حاسما في هذه المواجهات التي يحاول بعض قادتها صياغتها على انها مواجهات “وجودية” وخصوصا بعد محو الحدود الفاصلة بين اللغة السياسية واللغة الدينية. سوف تنحسر الهوية العربية لشرق المتوسط في 2015 في مقابل نمو النفوذ الايراني وحتى التركي، على خلفية السقوط العربي المستمر.