فيديو القداس الإلهي الذي ترأسه البطريرك الراعي اليوم الأحد 07 تشرين الثاني/2021، في كنيسة صرح بكركي، مع نص عظته ونص عظة المطران عودة/الراعي: عين الرمانة ليست عنوانَ حرب وبعض القضاة يعطّلون التحقيق بتفجير المرفأ/عودة: لبنان ينازع على أيدي هواة وللمسؤولين أقول أحبّوا شعبكم

104

فيديو القداس الإلهي الذي ترأسه البطريرك الراعي اليوم الأحد 07 تشرين الثاني/20201، في كنيسة صرح بكركي، مع نص عظته ونص عظة المطران عودة

اضغط هنا لمشاهدة فيديو القداس الإلهي الذي ترأسة البطريرك الراعي اليوم الأحد 07 تشرين الثاني/2021، في كنسية الصرح البطريركي-بكركي

المطران عودة: لبنان ينازع على أيدي هواة… وللمسؤولين: أحبّوا شعبكم!
وكالة الأنباء الوطنية/07 تشرين الثاني/2021

الراعي:عين الرمانة ليست عنوانَ حرب وبعض القضاة يعطّلون التحقيق بتفجير المرفأ
الراعي لأهالي موقوفي عين الرمانة: نناضل معكم

وكالة الأنباء الوطنية/07 تشرين الثاني/2021
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي عاونه فيه المطرانان أنطوان عوكر وشكرالله نبيل الحاج، أمين سر البطريرك الاب هادي ضو، القيم البطريركي العام الأب جان مارون قويق، في حضور عدد كبير من أهالي موقوفي حوادث عين الرمانة يتقدمهم عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب بيار بو عاصي والمختار إيلي قيصر ووكلاء الدفاع، بالإضافة إلى عائلة الشهيدين صبحي ونديمة الفخري على رأسها باتريك الفخري ووكيل العائلة المحامي روبير جبور، وفاعليات ومؤمنين.
بعد الإنجيل، ألقى الراعي عظة بعنوان:”طوبى لك يا سمعان بن يونا فإنه لا لحم ولا دم أظهر لك ذلك، بل أبي الذي في السماوات” (متى 16: 17)”، وقال: “تبدأ اليوم السنة الطقسية. ونفتتحها بإنجيل الإيمان بالمسيح وهو إيمان الكنيسة. وعليه بناها المسيح الرب، كما على صخرة. فكما أعلن سمعان بطرس إيمانه في قيصرية فيليبس، مجيبا على سؤال يسوع عمن هو بالنسبة إليهم، وكان مميزا، قال له يسوع: “طوبى لك يا سمعان بن يونا فإنه لا لحم ولا دم أظهر لك ذلك، بل أبي الذي في السماوات. وأقول لك أيضا أنت الصخرة، وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها” (متى 16: 17).
نلتمس اليوم من الله نعمة الإيمان في بداية هذه السنة الليتورجية، لكي نعيشها على هدي أنوار هذه العطية الإلهية التي بدونها نخطئ الطريق”.
أضاف: “يسعدني أن أرحب بكم جميعا، وبخاصة بأهالي موقوفي أحداث عين الرمانة المؤسفة. وأوجه التحية لأولاد المرحومين صبحي ونديمة فخري اللذين قتلهما أمام دارتهما في بتدعي مجموعة من الأشرار في المنطقة، حاولوا سلب سيارات أولاد المغدورين صباح الخامس عشر من تشرين الثاني 2014. وما زالت القضية عالقة أمام القضاء، فيما بعض من أفراد المجموعة موقوفون، والأخرون فارون من وجه العدالة. عدد المتهمين 21 شخصا. نأمل أن تتمكن العدالة من إنهاء النظر في هذه الجريمة النكراء واتخاذ قرارها الجزائي الحاسم والنهائي. نقدم هذه الذبيحة الإلهية لراحة نفسي الزوجين صبحي ونديمة فخري، وعزاء أولادهما وعائلاتهم”. وتابع: “كما أن في السنة الشمسية، تدور الأرض حول الشمس في أربعة فصول، لتستمد منها النور والحرارة الضروريتين للحياة، كذلك في السنة الليتورجية، الكنيسة تدور حول المسيح شمسها، في فصول تسمى أزمنة، لتستمد منه نور الكلمة والإيمان، وحياة النعمة والتقديس، وقوة الشهادة للمحبة والحقيقة. يحدد قداسة البابا بندكتس السادس عشر الإيمان بأنه عطية من الله، نعمة منه، إلهام من الروح القدس الذي ينير عقل الإنسان، ويحرك قلبه نحو الله، فيرى الحقيقة ويقبلها في عقله مقتنعا بها، وفي قلبه محبا لها، ويخضع إرادته لها عاملا بموجبها. “أنت هو المسيح ابن الله الحي”. هذه هي الحقيقة التي ولدتها النعمة عند سمعان بطرس. آمن على ضوئها، بأن يسوع هو المسيح المنتظر الذي تكلم عنه الأنبياء، وأنه ابن الله الذي صار إنسانا ليكلمنا عن الله، ويكشف لنا وجهه. إن محيط قيصرية فيلبس أوحى صورا من المكان وضحت المعنى اللاهوتي في جواب سمعان-بطرس، وفي إعلان يسوع. فالمكان مؤلف من صخور شاهقة ينتهي معها جبل حرمون، ومن تحتها ينبع نهر الأردن. ويوجد في سفح يمينها بقايا أثرية من قصر قيصرية فيلبس، ومن جهة الشمال بالمقابل بقايا أثرية لهيكل الإله الوثني “بان” ومنه تسمى المحلة اليوم “بانياس”. إعلان بطرس “أنت المسيح ابن الله الحي” إقرار بأنه حي إلى الأبد ولا ينتهي بالموت مثل فيليبس قيصر، وأنه إله حي لا مثل “بان” الإله الحجر الذي اندثر. كذلك جواب يسوع لسمعان مستمدة صورته من المكان. فسمى سمعان “صخرة” لا تضمحل، وأسس الكنيسة كبيت على هذه الصخرة، وهي كنيسة أبدية خلافا لقصر فيليبس ولهيكل الإله الوثني الحجري والمندثرين. ونهر الأردن النابع هناك هو علامة أنهار الحياة الجارية من الحمل المذبوح، كما جاء في رؤيا يوحنا الرسول”.
وقال الراعي: “المؤمن الحقيقي، من أي دين كان، يرفع عقله وقلبه بالصلاة إلى الله ويستلهم نوره، لكي يحسن التصرف، وتكون أعماله تمجيدا لله. لو رفع المسؤولون في العالم والشعوب قلوبهم بالصلاة إلى الله لعملوا جاهدين من أجل تعزيز الأخوة وإحلال السلام. وإننا في المناسبة نهنئ رئيس وزراء العراق السيد مصطفى الكاظمي بنجاته من محاولة الإغتيال. ونرجو للعراق العزيز وشعبه الإستقرار والأمان. ولو كان معطلو الحكومة عندنا وبالتالي ممتهنو تعطيل المؤسسات الدستورية، والحياة الإقتصادية، وإفقار الشعب، مؤمنين حقا بالله، لخافوه خوفا مقدسا، وسارعوا إلى مرضاته عبر تأمين خير الشعب كله، وعبر تعزيز المؤسسات العامة وتنشيطها. لكننا نرى العكس تماما، وبخاصة عندما تبوء بالفشل جميع الوساطات الداخلية والخارجية، وتغلب كفة التعطيل وإفقار المواطنين”.
وأردف: “مع تعطيل الحكومة، يتعطل من ناحية أخرى نشاط القضاء المنزه والحيادي والجريء. وهذا يقلق للغاية. فإن بعض القضاة يعززون الشك بالقضاء من خلال مشاركتهم في تعطيل التحقيق في تفجير المرفأ أو تعليقه أو تجميده أو زرع الشك في عمل المحقق العدلي. فقبل أن يطلب القضاء من الشعب أن يثق به، حري بالقضاة أن يثقوا بعضهم بالبعض الآخر. جريمة أن يحول بعض القضاة القضاء مربعات حزبية وطائفية ومذهبية، لاسيما في قضيتي المرفأ وعين الرمانة. اننا نكل رسالة القضاء الى شفاعة القاضي الطوباوي Rosario angelo Livatino الذي قتلته مافيا صقليا بإيطاليا، وهو كان بشجاعة نادرة وبتجرد، صادر مبالغ كبيرة من الاموال والممتلكات، واعتقل كبار الشخصيات، ثم غفر لقاتليه قبل موته. وتم تطويبه في 9 أيار 2021، وهو خير شفيع ودليل لكل قاض.
أمام ما نرى من تجاوزات قانونية نتساءل: هل أصبح بعض القضاة غب الطلب لدى بعض المسؤولين والأحزاب والمذاهب؟ إن ما يجري على صعيد التحقيق في تفجير المرفأ مستغرب حقا: طعن وراء طعن ورد وراء رد، ونقض وراء نقض وتعليق وراء تعليق، وأرواح الشهداء تنتظر، وأهالي الشهداء ينتظرون، والعالم ينتظر. لماذا هذا الإستخفاف بدماء أكثر من 200 ضحية، وستة ألاف جريح، وبدمار نصف بيروت وضواحيها، وتشريد مئات العائلات؟”.
وأضاف: “ما نقول عن تحقيق المرفأ نقوله ايضا عن أحداث الطيونة ـ عين الرمانة. وإذ نجدد أسفنا العميق على سقوط الضحايا والجرحى، نؤكد أن عين الرمانة ليست عنوان حرب وتقاتل، بل عنوان تعايش مع محيطها على أساس من الشراكة والسلام والكرامة وحسنِ الجوار. منذ انتهاء الحرب اللبنانية، وأبناء عين الرمانة سعداء بحسنِ الجوار مع بيئتهم القريبة بعيدا عن الهيمنة والتوسعِ والسلاح، وبدت أحياؤهم ملتقى جميعِ الطوائف. لكنهم حافظوا ايضا على روح الصمود وشجاعة الدفاعِ عن النفس.
وإذ نترك للقضاء المستقل أن يأخذ مجراه في هذه الأحداث، ندعوه إلى أن يكون حياديا تجاه الجميع، ويراعي حقوق الموقوفين فيتوفر لهم حق الاجتماع بمحاميهم ولقاء أهاليهم، وندعوه للاسراع في التحقيق والإفراج عن كل من تثبت براءته. لا يجوز أن تحصل توقيفات وتمدد من دون مسوغ قانوني وقرينة، إنما فقط كرمى لهذا الطرف أو ذاك. لا يوجد في القضاء إكراميات بل توجد عدالة ولا نطلب سواها.
وتابع: “مرة أخرى نشدد على ضرورة حصول الانتخابات النيايبة في موعدها الدستوري ليعبر الشعب عن رأيه في مصير وطنه. ليست الانتخابات استحقاقا روتينيا، إنما هي موعد مع التغيير المنتظر من الشعب. إن حصولها حق وواجب في نظامنا الديمقراطي. وحرصنا على إجراء الانتخابات يواكبه حرص على أن تجري في إشراف الأمم المتحدة لضمان حق الترشيح، وأمن المرشحين، ونزاهة الانتخابات، وضبط الإنفاق المالي. وفي هذا السياق، يجدر بالمرشحين أن يكونوا شخصيات نخبوية ومؤهلة للعمل التشريعي والسياسي والوطني، إن الحياة السياسية في بلادنا تفتقد النخب الواعدة، وهذا نقص كبير في حياتنا الديمقراطية والوطنية”.
وختم الراعي: “الى الله نكل أمنياتنا وأمنيات جميع ذوي الإرادة الحسنة، راجين أن يتقبلها لمجد إسمه القدوس، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.

المطران عودة: لبنان ينازع على أيدي هواة… وللمسؤولين: أحبّوا شعبكم!
وكالة الأنباء الوطنية/07 تشرين الثاني/2021
ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، قداس الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس في بيروت.
بعد الإنجيل، ألقى عظة قال فيها: “في القراءة الإنجيلية لهذا اليوم مشهدان مستقلان، لكن مغزاهما واحد وهو أن الرب يسوع هو معطي الحياة. فيايرس، رئيس المجمع، الذي لم يعلن إيمانا صريحا بيسوع، طلب منه أن يذهب إلى بيته ليشفي ابنته الوحيدة. أما المرأة، فبإيمان عميق، أدركت أنها بلمس ثوبه تشفى، وحاولت الوصول إليه رغم الجموع”.
أضاف: “قد تكون الجموع زحمت المسيح، لكنها لم تأت إلى الشركة الحقيقية معه. تبعته بالجسد، لكن كلمته لم تغيرها. لبث الناس منغلقين على أحكامهم المسبقة، وعلى أهدافهم الضيقة. لم يكن الإيمان قد أشرق فيهم بعد، لذلك بدوا فاقدي النور، جامدين. إنهم الشعب السالك في الظلمة، ولم يستطيعوا أن يفتحوا أعين نفوسهم على النور العظيم الذي أتى لابسا جسدا، وحل فيما بينهم. أما المرأة النازفة الدم، فشعرت بإحساس مختلف، لأن يأسها من أطباء البشر قد فتح لها طرق الإيمان. لا شك أنها كانت خجلة من دنسها بحسب رؤية الشريعة اليهودية للمرأة النازفة، لكنها أدركت أن المسيح المار هو الطهارة، وفيه خلاصها. تمثل هذه المرأة صورة المؤمن الحقيقي الذي يعي خطيئته (دنسه) من جهة، ولا ييأس من إمكانية الخلاص، ويعرف من أين يأتي خلاصه من جهة أخرى. نفس المؤمن الحقيقي متواضعة وواثقة في آن. لو اكتفت هذه المرأة باليأس بعد تعذر شفائها لماتت. لكنها أدركت أن الألوهة بكليتها قد حلت في يسوع الناصري، في سر التجسد الإلهي، وأنه وحده الشافي ومنه وحده الحياة. يذكر الإنجيلي مرقس أن النازفة الدم قالت في داخلها، وهي تقترب من المسيح: إن مسست ولو ثيابه شفيت (مر 5: 28). لا يدل هذا الكلام على إيمان المرأة الكبير فقط، بل على المعرفة العميقة التي منحها إياها الإيمان أيضا. لقد أيقنت أن نعمة الله تعبر من الشخص إلى الجوامد، وأن ثياب المسيح تحمل قوته الشافية بسبب ملامستها جسده الكلي الطهر. لم ينطو هذا الإيمان على معتقدات وثنية أو أوهام خرافية. لم تر في الأشياء المادية قوى سحرية، بل ارتبط لديها الإيمان والمحبة بشخص المسيح، ووجدت في شخص الإله – الإنسان مصدر القوى الشفائية. بهذا الإيمان جاءت من ورائه ولمست هدب ثوبه، ففي الحال وقف نزف دمها. بلغ بها الإيمان بقدرة المسيح على شفائها أنها سرقت منه هذا الشفاء”.
وتابع: “حتى أحباء المسيح، القديسون، الذين تظلل النعمة الإلهية حياتهم، تصبح أشياؤهم مصدر شفاء. فالقديس نكتاريوس أسقف المدن الخمس، الذي نعيد له بعد يومين، عندما رقد بالرب في المستشفى، جاء من يغسل جسده، فنزع رداؤه الصوفي عنه وألقي بإهمال على السرير المجاور. كان في ذلك السرير إنسان مشلول الساقين، فما إن لمسه ثوب القديس حتى وقف وطفق يمشي راسما إشارة الصليب، ولم يفهم أحد ما حدث من شدة الدهشة. الأمر ليس سحرا، لكن محبة الله وقديسيه واسعة، وهي تظهر لنا بطرق كثيرة”.
وقال: “في حالات كتابية أخرى، يجري الحوار بين المسيح والمريض، أو مع أهل بيته، قبل الشفاء. أما في حالة النازفة الدم فلم يجر هذا الحوار. غير أننا نستطيع أن نفترض حدوث هذا الحوار بشكل سري، في موضع القلب المستنير بالإيمان. حوار الإيمان الداخلي هذا، الذي دفع بالمرأة إلى لمس ثوب المسيح، جعل المسيح يشعر بحضورها، ويقول: من لمسني؟. وإزاء حيرة التلاميذ الذين أعربوا عن استغرابهم كيف يسأل سؤالا كهذا فيما الجموع تحيط به وتزحمه، عاد المسيح وقال بإلحاح: قد لمسني واحد. لم يقل لمسني كثيرون، بل واحد. السبب، كما أوضح فيما بعد، هو أن شخصا اجتذب قوته إذ قال: لأني علمت أن قوة قد خرجت مني. لم يعن المسيح أنه شعر بانتقاص في قوته، لأن المسيح، كإله، لا يخضع لمفهوم الكمية، فهو ينبوع قوى لا تفرغ، ينبوع لا ينضب ولا ينقص ولا يزيد، لأنه ما من شيء فوق الله، والزيادة تتعلق بالمخلوقات العابرة. إذا، قصد المسيح أن قوته الضابطة كل الخليقة انتقلت إلى إنسان آخر. في الوقت نفسه، يريد بهذا القول أن يبين فعل النازفة الدم السري، وأن يكشف إيمانها، وأن يحضرها إلى الوسط ليقول لها: ثقي يا ابنة، إيمانك أبرأك”.
أضاف: “أظهر المسيح، وسط الجموع، أنه لم يشعر بحضور الناس الذين يزحمونه. هذا الموقف الغريب بالنسبة إلى الأحاسيس الجسدية يصفه المسيح نفسه في كلامه عن الدينونة الآتية. حينئذ، كثيرون من الذين باسمه صنعوا قوات كثيرة سيسمعون منه هذا الكلام: إني لم أعرفكم قط، إذهبوا عني يا فاعلي الإثم (مت 7: 23). سيقول إنه لم يعرف هؤلاء الذين كان يعمل بواسطتهم، وهذا الموقف يجب أن يستقطب تفكيرنا مليا. كثيرون من المسيحيين يرون الحياة المسيحية محصورة في حفظ بعض الشكليات، فيما يكتفي بعضهم الآخر بالإستعانة بها كسند نفسي في لحظات صعبة من حياتهم، لتخفيف معاناتهم. فريق ثالث يشارك في المحاضرات والطقوس والاحتفالات الدينية ويقرأ الكتب، ويتناقش في المسائل اللاهوتية. هذه كلها مظاهر مهمة من الحياة الروحية، وهي من عناصر الحياة المسيحية، لكنها لا تكفي لخلاصنا. هذه كلها قد تسهم في الضجة حول المسيح، كما هي حال الجموع في إنجيل اليوم، من دون أن نبني علاقة حقيقية مع شخصه. لعل المشكلة هي كيف ندخل معه في حوار داخلي مثل النازفة الدم، وكيف نتفوه بصلاة صادقة تجتذب قوة الله الشافية التي تزيل أمراضنا الروحية. الصلاة تنبع من الإيمان الذي هو بدوره انفصال عن عقلية هذا العالم، من أجل أن نصير متحدين بعقل الله الكلمة، أي المسيح. عقلية المسيحي هي الإيمان، وهذه العقلية الفائقة القدرة تمتع بها جميع القديسين. هذه هي الغلبة التي تغلب العالم: إيماننا (1يو 5: 4)، والذين يمتلكونها هم أحباء المسيح المعروفون منه”.
وتابع: “نعيد غدا عيدا جامعا لرؤساء الملائكة ميخائيل وجبرائيل وروفائيل وسائر القوات الملائكية. إسم ميخائيل يعني من مثل الله؟ وجبرائيل يعني جبروت الله، وروفائيل شفاء الله أو الله الشافي. وانطلاقا من هذه المعاني نسأل: من مثل الله، وأي جبروت أقوى من جبروته، ومن يشفي غيره؟ إنه المحبة الكاملة والتضحية التي لا حدود لها”.
وقال: “ما حصل في الآونة الأخيرة في بلدنا الحبيب لا يدل على أي نوع من أنواع المحبة، ولا عمن يصون هذه المحبة التي عرف بها لبنان، منذ نشأته، تجاه جميع أبناء العالم، القريبين منهم والبعيدين، يحترمهم ويحترمونه. فهل يعقل، في بلد المحبة، الذي وطئت أرضه قدما المسيح، إله المحبة والسلام، أن تعلق لافتات مسيئة للبشر، كائنا من كانوا؟! وأن يطلق للألسنة العنان؟ هل يعقل أن تحاك على أرضه سيناريوهات حاقدة لا يجني منها لبنان سوى الخراب والأزمات، الواحدة تلو الأخرى؟ هل يعقل لوطن غسان تويني وفؤاد بطرس وشارل مالك وفيليب تقلا وشارل حلو وجان عبيد، وغيرهم من رجالات المدرسة الديبلوماسية اللبنانية العريقة، أن يمسي وطنا معزولا عربيا ودوليا بسبب تصريحات وأفعال لا تعرف المحبة ولا تضع المصلحة الوطنية أولوية؟ إن الكلام مسؤولية، ومن واجب الإنسان، والمسؤول بخاصة، أن يزن كلامه احتراما لنفسه ولكرامته وكرامة وطنه. ألا تكفينا المشاكل والأزمات؟ هل نحن في حاجة إلى مزيد؟ لبناننا الحبيب ينازع على أيدي هواة، وقد يلفظ أنفاسه الأخيرة ولم نشهد أي معالجة جدية. المواطن بح حلقه من الأنين، لم يعد قادرا على إعالة نفسه وعائلته، حتى ربطة الخبز أصبحت سلاحا يفتك بجيب اللبناني”.
أضاف: “طالت فترة الإذلال، ولم يعد المواطن قادرا على التحمل، وعوض أن يتكاتف الوزراء ويتآزروا في عملهم من أجل وقف التدهور وبدء التقدم، نرى تعطيلا وشللا بسبب تباين المواقف، والخلافات والتناقضات والمصالح التي تفرقهم عوض أن يكونوا مجتمعين على فكرة العمل والإنقاذ، بحسب شعار حكومتهم. ماذا نجني من التعطيل إلا المزيد من الانهيار؟ وهل يميز الانهيار بين فئة وأخرى وطائفة وأخرى؟ ويحدثوننا عن العزة والكرامة وحرية التعبير. أي كرامة لبلد ضعيف، مفلس، منهار، معزول، محكوم إلا بسلطة القانون؟ أين حرية التعبير والأفواه تكم بالإكراه؟ في الأزمات، على مجلس الوزراء أن يكون في انعقاد دائم، أما عندنا فيتم تعطيله ووقف عمله بسبب صراعات مدمرة، عوض التضحية من أجل لبنان لكي يبقى. ما جدوى المراكز أمام مصير البلد؟ وما أهمية المقاعد الوزارية أمام وجع الناس؟ أحبوا شعبكم بقدر محبتكم لأنفسكم، وارأفوا به رأفة بأنفسكم”.
وختم عوده: “في النهاية، دعوتنا اليوم إلى أن نجعل كل كياننا يتكلم مع الرب بلغة الصلاة. فالقلب المصلي يكون متواضعا، والقلب المتخشع المتواضع لا يرذله الله على حسب قول النبي داود”.