التجمع اللبناني يحيّي الهبّة الإيرانية ضد الاستبداد

78

“التجمع اللبناني” يحيّي الهبّة الإيرانية ضد الاستبداد
النهار/03 كانون الثاني 2018

ناقش “التجمع اللبناني” التطورات السياسية في لبنان والمنطقة وتوقف أمام الهبّة الشعبية التي تعمّ إيران، وأصدر البيان الآتي:
أولاً: يحيّي “التجمع اللبناني” الهبّة الشعبية العارمة التي تجتاح المدن الإيرانية رفضًا للاستبداد والتهميش، ومن أجل الرغيف والحرية. لقد حملت هذه الهبّة العديد من الإشارات والمعاني التي ستترك آثارها على لبنان والمنطقة، أكان ذلك عاجلاً أم آجلاً.
لقد أعلن الإيرانيون – من كل الأعراق وعلى مساحة إيران- وعلى الرغم من الترهيب والقمع وممارسات النظام العنيفة وأخطار الرد الدموي للباسيدج، خروجهم من قمقم الاستبداد رافضين السياسات الجائرة التي جعلت أكثر من نصف سكان البلاد، أي نحو 40 مليون إيراني، على حافة فقر مدقع. كما أعلنوا رفضهم مغامرات النظام الإيراني التوسعية في الخارج، حيث ينهب الحرس الثوري ثروات العراق، لينفق جزءاً منها على ميليشياته التي أدَّت -بالاضافة إلى النهب وسياسة التسلح- إلى استنزاف ثروات البلاد، وتسببت بزعزعة أمن المنطقة كلّها، واستقرارها، فكانت الهتافات والشعارات المرفوعة تلتقي على الدعوة للانسحاب من سوريا ولبنان والعراق وغزة؛ والالتفات إلى مصالح أبناء إيران الذين يعانون الجوع والبطالة والتهميشين الاجتماعي والسياسي، فيما يراكم الحكام الفاسدون ثروات خيالية. وقد كشفت محاكمات الرئيس السابق أحمدي نجاد رأس جليد هذا الفساد.
لقد أعلنت الهبّة الشعبية الإيرانية، التي وحَّدت كل الإتنيات والقوميات والمذاهب، رفضاً كبيراً للنظام القائم، بجناحيه المحافظ و”الإصلاحي”، بحيث عبَّرت تظاهرات الشعب وهتافاته وما قامت به من حرق للأعلام والصور، عن التعطش للحرية ونفاد الصبر من ألاعيب النظام بجناحيه المذكورين، وتحميله مسؤولية شظف العيش والبطالة العمالية التي شملت أيضاً أوسع الفئات الشبابية ودمَّرت حياتهم، فيما يُحكم حبل التضخم والغلاء على الرقاب، فضلاً عن المعاناة الكبيرة الناجمة من تراجع الخدمات وتدنِّي المستويين التعليمي والثقافي. يقابل ذلك كله، تعشُّش الفساد ورسوخ القمع والاستبداد.
لقد فاجأ الشارع الإيراني السلطة التي انحدر خطابها من المهادنة إلى التهديد والوعيد واللجوء إلى التعسف بعد اتهام الناس بالعمالة للخارج، على عادة الخطاب الممانع الذي نراه في بلادنا. إنَّ ما يجري الآن، في كل مدن إيران وبلداتها، يتجاوز بكثير “الثورة الخضراء” التي اندلعت عام 2009 واقتصرت آنذاك على طهران، منحصرة بين جناحَي الحكم؛ الأمر الذي يؤشِّر إلى انعكاسات الهبَّة الشعبية الكبرى هذه، التي ستتجاوز الداخل لتطال بشكل كبير القوى المتدخلة في كلٍّ من العراق واليمن ولبنان، ولا سيَّما في سوريا. وهذا ما يفسر مسارعة روسيا إلى تبني خطاب النظام الإيراني ضد شعبه. لبنان، في هذه الحال، لن يكون بمنأى من تداعيات الحدث الهائل، وخصوصاً مع ميل طهران إلى جعل جنوبنا ساحةً لتجميع الميليشيات الطائفية العراقية تحت ذريعة تحرير القدس، كما رأينا في الاستعراضات الأخيرة على بوابة فاطمة.
ثانياً، إن اللبنانيين الذين يشجبون قمع الإيرانيين (مقتل نحو 25 وسقوط مئات الجرحى واعتقال نحو ألف شخص) يدعمون مطالب الشعوب الإيرانية بالعمل والخبز والحرية والعيش بكرامة، ويعرفون أن الحدث الايراني أيَّاً كانت النتائج التي سيسفر عنها آنياً، لا بد أن يترك انعكاسات عميقة لجهة استعادة الاستقرار في المنطقة وإطفاء حرائقها، بما سينعكس إيجاباً على بلدنا لبنان.
ثالثاً، إنَّ فساد المحاصصة وسلطتها في لبنان دفعا الشارع إلى رفع شعار “كلن يعني كلن”، من دون تمييز بين متحاصص وآخر؛ وإن الهبّة الشعبية في إيران، أيضًا، لم تميز بين أنواع المتسلطين، وكأنَّ المعركة واحدة في المنطقة كلها: محاربة الاستبداد الذي يتوسل بالخطاب الديني أو”المقاوم” من أجل التغطية على فساده المستشري ونزعته نحو الهيمنة على المنطقة.
رابعاً، إن ما نشهده من خلافات بين أطراف السلطة، إنما يعكس طبيعتها للاستحواذ على الحصة الكبرى في القرار السياسي، ممَّا يعطي المنتصر حصة كبرى من المغانم على حساب الآخرين. فمعركة الإنتخابات النيابية المقبلة قد انفتحت، وباتت أبواب الصراع مشرعةً أمام المتحاصصين، وما يدور اليوم من خلاف حول مرسوم دورة ضباط 1994، أو أي مرسوم آخر، إنما يعكس في حقيقة الأمر نزاعاً على الحصص في البرلمان المقبل، لأن ذلك هو سبيل الاستئثار بالمغانم. وهذا الأمر يدعونا إلى العمل من دون كلل على تجميع قوى الاعتراض الجدية لخوض الانتخابات ترشيحاً واقتراعاً في الدوائر كافة، وفي وجه كل أطراف سلطة المحاصصة والتفريط بالسيادة والاستقلال، من أجل إيصال ممثلين حقيقيين للشعب اللبناني إلى البرلمان.
خامساً، سنتابع في “التجمع اللبناني” المعركة المحورية من أجل صون الحريات التي نعم بها لبنان خلال فترة سابقة، وينبغي ألَّا يُكتفى بالقول: كم صحافياً بالسجن! لقد بلغ الترهيب حداً كبيراً والاستدعاءات طاولت المغرّدين ومنحى إهدار الحريات الإعلامية والعامة على مذبح الخطاب الممانع وحلفائه الجدد بداية استلحاق لبنان. لقد أخفق أهل النظام الطائفي في النظر إلى اللبنانيين باعتبارهم مواطنين، واستمروا في التعامل معهم كأنهم رعايا، وهذا ما أدَّى إلى تهديم المؤسسات وكرَّس الفشل في بناء الدولة المدنية الحديثة.
إننا نطالب السلطة بالتبصر في أحوال الناس الحقيقية، وخصوصاً الشباب الذين شكل احتفالهم وسط بيروت لدى استقبالهم السنة الجديدة، رسالة رفضٍ لسجون تسويات أهل المحاصصة، مع اقتناعنا بأن مواجهة التحديات التنموية والسياسية لا يكون من خلال مهرجانات موسمية، بل من خلال اعتماد الشفافية الكاملة وتطبيق آليات المساءلة والمحاسبة وتصميم برامج وطنية تستجيب التحديات التي يعيشها لبنان واللبنانيون. لذلك، نكرر دعوة كل المسؤولين كي يعوا جيداً أبعاد ما تشهده إيران، والكف عن الاستقواء على اللبنانيين وحقوقهم ومصالحهم بالخارج.