أحمد الأسعد: تحالفات عجيبة؟ بل معركة خيارات

63

تحالفات عجيبة؟ بل معركة خيارات
أحمد الأسعد/22 كانون الأول/17

مع انطلاق التحضير للانتخابات النيابيّة المقبلة، وقبل أشهر قليلة مِن الموعد المحدد لها في أيار المقبل، لا تزال خريطة التحالفات غير محسومة، ولكن يُحكى الكثير عن تحالفات ضيقة أو موسعة بين أطراف كانت حتى الأمس القريب، ولا تزال في المبدأ، على خصام سياسي حاد، بل على اختلاف جذري في رؤيتها للبنان ولدوره ونظامه السياسي، ومِن ذلك الكلام عن تحالف يضم بين أطرافه تيار المستقبل وحزب الله!!
وأمام هذه الفرضية، لا يَسَعُنا سوى أن نحذّر من خطورة مثل هذا الإحتمال، ليس لأنه يقضي نهائياً على ما كان يُعرَف يوما بفريق 14 آذار، بل أنه ينسف كل صدقية للطروحات التي كان يحملها هذا الفريق وينادي بها، والتي دفع الدك لأجلها.
إن المشروع السياسي لأي حزب أو تنظيم سياسي، ينبغي أن يكون الأساس الاستراتيجي الذي يحدّد مواقفه السياسيّة الآنية والتكتيكية، وبالتالي فإن كل قرار سياسي ينسجم مع المشروع أو على الأقل لا يسيء إليه، هو قرار جائز، ولكن لا تجوز أي خطوة سياسية إذا كانت تتناقض مع الهدف الذي يسعى إليه الحزب. صحيح أن كل شيء ممكن في السياسة، كما يقال، ولكن فقط تحت سقف الصدقية، وضمن حدودها، إذ لا يجوز أن يناقض أي طرف سياسي كل ما نادى به وعمل له على مدى سنوات، ويتحالف مع الطرف الذي كان ولا يزال يسعى إلى العكس تماماً.
لا يمكن أن يقوم تحالف انتخابي بمعزل عن التحالف السياسي، فهما مترابطان، إذ أن التحالف الإنتخابي يينبغي أن يكون ترجمة للتحالف السياسي، ولا يمكن أن يقوم من دون حد أدنى من الانسجام السياسي بين الطرفين المتحالفين.
ليس منطقياً أنْ يتحالف فريقان سياسيّان على طرفي نقيض في مشروعهما ورؤيتهما للبلد. فمثل هذا التحالف كذبة فاقعة من شأنها أن تؤدّي إلى واقع مؤسف وحيد وهو تقوية حجّة المشروع الآخر، ومنحه المشروعية.
نرى في دول العالم الكثير من التحالفات الانتخابيّة بين فريقين مختلفين في السياسة ولكن لا يكونان متناقضين فيها، فمثلاً قد يتحالف حزب يساري مع حزب وسطي، ولكن من غير الممكن أن يتحالف مع اليمين المتطرّف.
إنّ أيّ انتخابات مقبلة يجب أن تكون معركة خيارات سياسيّة، وفرصة لتعزيز خيار الدولة والسيادة ومكافحة الفساد، لا أن تكون محطة إضافة على طريقة تضييع الفرص وتمييع الخيارات، وفقدان ما تبقّى من صدقية.