Karim Abdian Bani Saeed: Will Iran Collapse Like the Soviet Union/د. كريم عبديان بني سعيد/هل تنهار إيران على غرار الاتحاد السوفياتي

61

هل تنهار إيران على غرار الاتحاد السوفياتي؟
د. كريم عبديان بني سعيد/الشرق الأوسط/28 تشرين الثاني/17

شهدنا خلال شهر مضى حدثين مهمين يؤثران على الشؤون الداخلية في نظام الولي الفقيه بطهران، حيث انعكسا على الأجواء السياسية الإيرانية؛ فالأول كان المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني، الذي أدى إلى اختيار الرئيس شي جينبينغ لفترة خماسية أُخرى، من أجل استمرارية النهج التنموي الحالي، والتقدم إلى الأمام، خلال الخمس السنوات القادمة. أما الحدث الثاني فكان الذكرى المئوية للثورة البلشفية في روسيا، التي كانت خصماً لدوداً للنظام الرأسمالي طيلة سبعة عقود، وقد حولت النظام الإقطاعي الروسي إلى أكبر دولة صناعية تتحدى الدول الغربية، ثم انهارت فجأة عام 1991.
وتعقيباً على الحدث الأول، فقد استقبل رجال دولة الفقيه المحسوبون على تيار رفسنجاني ورضائي وغيرهم، بحفاوة بالغة المستجدات الصينية الجديدة، التي تقدم نموذجاً منشوداً بالنسبة لهم كنظام سياسي ديكتاتوري مغلق يضمن البقاء السياسي لفترة طويلة، وفي الوقت نفسه يفتح صفحات جديدة من النمو الاقتصادي تصل نسبته إلى ما بين 10 إلى 15 في المائة سنوياً.

وهذا هو النموذج الذي يبحث عنه نظام الولي الفقيه من وجهة نظر هؤلاء السياسيين، لذلك يرون أنه على إيران تطبيق النمط الصيني، واتخاذه نموذجاً يحتذى لتشديد القبضة الحديدية في أنحاء إيران، ولدفع عجلة النمو الاقتصادي المطلوب في الوقت نفسه. كما يعتقدون بأن النمط الصيني يسمح للنظام الإيراني بأن يستمر بثوابت قوية، وجذور عصية على الاستئصال، وضمانة سياسية، وفي الوقت نفسه سيكون هناك شيء من النمو الاقتصادي، يلبي جزءاً من مطالب الشعوب الإيرانية، حسب رؤية منظّري التيار البراغماتي في إيران.

أما حول الحدث الثاني، فيقول معظم المفكرين والسياسيين المحسوبين على نظام الولي الفقيه، وهم إما منشقون فكرياً أو سياسياً عن المجموعات الحاكمة في إيران في مختلف المراحل التالية، أو ما زالوا يعملون في داخل دولة الملالي، مثل عيسى كلانتري وزير الزراعة في عهد رفسنجاني، وصادق خرازي صاحب موقع «الدبلوماسية الإيرانية»، وعلي أكبر صالحي رئيس منظمة الطاقة النووية، وصادق زيباكلام، ومحمد نوري زاد، وغيرهم، بأنه «من الخطأ استنساخ نموذج (إصلاحات) اقتصادية و(انفتاح) سياسي، على نمط برنامج (البيروسترويكا والغلاسنوست) الروسي الذي وضعه (غورباتشوف) آخر زعيم للاتحاد السوفياتي في التسعينات من القرن المنصرم، والذي أدى إلى انهيار القطب الشرقي وغيابه لفترة معينة من المنافسة الكونية».

وتحذر هذه المجموعة من المثقفين الإيرانيين، من خلال الخطابات والمحاضرات التي شاركت فيها في الآونة الأخيرة في نقاط مختلفة من البلاد، من أن إدخال إصلاحات على غرار الاتحاد السوفياتي السابق، سوف يؤدي إلى انهيار تام لدولة الولي الفقيه بجميع مؤسساتها في الداخل، ومن يتبعها في خارج إيران، وخاصة في الشرق الأوسط. ولكن على الرغم من هذه الحملة الواسعة من التحذيرات، يجمع معظم هؤلاء على أن الأجواء السياسية الإيرانية في الوقت الراهن، تطابق تماماً المرحلة التاريخية التي مرّت بها روسيا، عشية الانهيار الكبير في عام 1991.

وبالمقارنة مع الاتحاد السوفياتي في أيامه الأخيرة في عهد غورباتشوف، نجد إيران تشبهه كثيراً في وضعها الحالي، حيث يقول المثقفون الإيرانيون إن النظام السوفياتي كان في ذروة قوته العسكرية، وسطوته الأمنية، وقنابله النووية، وثرواته الطبيعية والإنسانية، والخبرة السياسية، والحنكة الدبلوماسية، والكفاءات اللازمة؛ لكن سرعان ما تبخّر كل هذا الجبروت، وأصبح الاتحاد السوفياتي من الماضي في لحظة من لحظات التاريخ. وإيران اليوم تعيش التجربة نفسها، فعلى الرغم من أن الإعلام الإيراني يقول بأنها في ذروة قوتها السياسية والعسكرية؛ فإن مؤشرات قوية في داخل إيران تشير إلى فساد إداري متفشٍ في كل أنحاء جسد الدولة، وسقوط أخلاقي عارم يضرب جميع القيم الإنسانية والسماوية، حيث يعدّ عدد «بائعات الهوى» فقط في العاصمة طهران أكثر من مليون، يعرضن أجسادهن تحت وطأة الفقر.

وهذه المؤشرات لم تأت عبر تصريحات المعارضة أو الانفصاليين من أبناء القوميات المختلفة، أو من المحافظين الجدد في الولايات المتحدة، وإنما تأتي على لسان مثقفي نظام الولي الفقيه، وشخصيات فكرية وسياسية بارزة من داخل إيران. وقبل الحديث عن «غورباتشوف» إيران، كان يدور الكلام حول «بلقنة» المنطقة؛ حيث هناك قوميات مختلفة من عرب الأهواز والبلوش والكرد والآذريين والتركمان، وقد ضاقت بهم الأرض من سياسات التعسف الإيراني، وساد الاستياء في جميع نواحي الحياة، من القمع والبطش والتهميش الذي تمارسه الحكومة المركزية في طهران. إيران اليوم تعيش تحديات كبيرة في موضوع القوميات غير الفارسية، ودرجات الظلم تعدّت كل الحدود، وغاب التعايش السلمي تماماً، حيث فرض نظام الولي الفقيه قانون الغاب الذي يشير بوضوح إلى «من لديه مخالب قوية، هو الذي يحصد أكثر».

وفي مواجهة هذه السياسة العدوانية التي يتبناها نظام الولي الفقيه تجاه القوميات المختلفة، وكافة مكونات المجتمع الإيراني، لم يبق سبيل أمام أبناء هذه القوميات إلا التمسك بقوة شعوبها، وتفعيل روح التضامن والاتحاد من أجل التخلص من آيديولوجية العمائم. فالشعور القومي المتصاعد لدى الشعوب غير الفارسية، خلق حالة من الهلع بين جميع الأطياف السياسية الفارسية، سواء كانوا يساريين أم يمينيين، في داخل أو خارج إيران، أو ليبراليين، أو من أزلام المخابرات الإيرانية، فجميعهم وقفوا في صف واحد ضد تطلعات الشعوب المضطهدة في إيران.

وباتت التيارات السياسية الملكية والقومية والدينية واليسارية ذات التوجه الفارسي، تدافع عن نظام الولي الفقيه بحجة الوقوف في وجه التحركات الانفصالية. وهناك اتهامات جاهزة تطلق ضد حركات القوميات المناضلة من أجل حقوقها، مثل: «بائعي الوطن»، و«الانفصاليين»، و«الخونة»، وغيرها؛ لأنهم يطالبون بالمساواة والقضاء على التمييز العنصري ضد شعوبهم. هذه الحالة رسمت اصطفافاً جديداً في الخريطة السياسية الإيرانية، تظهر على شقين: الأول تقف فيه جميع الأطياف السياسية اليسارية والقومية والدينية مع النظام لمحاربة تطلعات الشعوب المضطهدة في إيران، والشق الثاني هو تجمع كافة نشطاء وحركات القوميات من العرب والكرد والآذريين والتركمان والبلوش واللور، مع بعض التنظيمات الإيرانية التي تعترف بحقوق القوميات، كمنظمة «مجاهدين خلق»، أو الجبهة الديمقراطية الإيرانية، حيث يمكن أن تتألف في صف واحد من أجل إسقاط دولة الفقيه، وبناء نظام سياسي تعددي يحترم حقوق القوميات والأقليات الدينية، وإرساء أُسس نظام فيدرالي يقضي على المركزية والاستئثار بالسلطة، وبناء دولة تمنح حقوق شعوبها، وتتعايش بسلام مع جيرانها.

وبعد تجربة الخميني الذي وثقت به الشعوب الإيرانية وأعطته الأمانة السياسية، ثم خانها، لا أحد من أبناء القوميات غير الفارسية اليوم يؤمن بتمحور حول شخصية سياسية لقيادة الثورة ضد نظام الولي الفقيه، وإنما جميع نشطاء القوميات يفضلون العمل والتنسيق الجماعي، من أجل الإطاحة بنظام الولي الفقيه.
وبعد تجربة طويلة من المواجهة مع نظام الولي الفقيه، أدرك جميع الإيرانيين، ولا سيما الفرس، أنه لا يمكن إسقاط الحكم الديكتاتوري في إيران؛ إلا من خلال توسيع رقعة المعارضة، ولَم شمل كافة المعارضين، ومن بينهم نشطاء القوميات المتعددة في جبهة واحدة، حيث تم أخيراً تأسيس «مجلس الديمقراطيين الإيرانيين» في مدينة كولونيا بألمانيا، الأسبوع الماضي. هذا المجلس يجمع كل من يطمح إلى الديمقراطية الحقيقية، والتخلص من نظام الولي الفقيه في إيران، حيث تم الإعلان عنه بعد مشاورات دامت عامين بين الجانبين، المعارضة الفارسية من جهة وأبناء القوميات المختلفة من جهة أخرى، حيث أدت الجهود إلى خلق هذا الحراك الشامل. ولدى «المجلس» خطوات متتالية سيعلن عنها في الوقت المناسب، وقد ترك الأبواب مفتوحة أمام أي جهة أو منظمة تؤمن بتغيير جذري في إيران، وإسقاط نظام ولاية الفقيه.

Will Iran Collapse Like the Soviet Union?
Karim Abdian Bani Saeed/Asharq Al Awsat/November 28/17
We witnessed over the past two months two important developments that will influence the internal affairs of the Wilayet al-Faqih regime in Tehran. The first was the convention of the 19th National Congress of the Communist Party of China, which led to the re-election of President Xi Jinping for a second five-year term. This will help ensure the continuity of the country’s current development approach over the next five years.The second development was the 100th anniversary of the Bolshevik Revolution in Russia, which was the rival of capitalism for seven decades. The revolution transformed Russia into the greatest industrial nation to challenge western countries until its sudden collapse in 1991. The Wilayet al-Faqih figures, from the Rafsanjani, Rezai and other movements, warmly greeted the developments in China, which to them presents the example of a closed political dictatorship that ensures political longevity. At the same time, it provides new opportunities for economic growth at a rate of 10 to 15 percent annually. According to those figures, this is the example that the Iranian regime is seeking and it should be applied according to the Chinese model for them to tighten their grip across the country and move economic growth forward.

They believe that the Chinese model allows the Iranian regime to continue along strong principles and roots that are hard to uproot, while also achieving economic growth that appeases the people. As for the Bolshevik Revolution anniversary, Wilayet al-Faqih intellectuals and politicians, who have actually defected mentally or politically from the ruling regime, warned against introducing reform similar to the ones adopted under the former Soviet Union. Such a step would lead to the total collapse of the Wilayet al-Faqih regime in all of its internal institutions, as well as all of its followers outside of Iran, especially in the Middle East. Despite this wave of warnings, most of these officials agree that the current political situation in Iran is exactly similar to the historic period that Russia experienced on the eve of the great collapse in 1991.

During the final days of the Soviet Union under Gorbachev, the regime was at the height of its security and political wealth. It had nuclear weapons and enjoyed natural and human resources, as well as diplomatic and political skills. This all soon evaporated and the Soviet Union became a memory of the past.

Iran today is passing through the same experience. Despite Iranian media claims that Tehran is at the peak of its political and military power, there are strong signs inside the country that indicate rampant administrative corruption throughout the state body. There is also major moral decline in society, where over a million prostitutes are working in the capital Tehran alone in what is a sign of how far one would go to fend off poverty.

These signs have not been disclosed by the opposition or separatist figures or the neo-cons of the United States, but by prominent Wilayet al-Faqih officials and major Iranian intellectual and political figures. Before addressing the Gorbachev of Iran, there has been recent talks about “Balkanizing” the region. The area is rich with different minorities, such as Ahwazi Arabs, Baluch people, Kurds, Azeris and Turkem, who have grown tired of oppressive Iranian policies. Given this harsh reality, these minorities have had no choice but to commit to the power of their people and activate their solidarity against the turbaned leaders. The rising nationalist sentiment among these non-Persian minorities has created panic among the Persian political class, from the left and right, from inside and outside the country, and from the liberals to members of the intelligence apparatus alike. They have all stood united against the aspirations of the oppressed people in Iran. These minorities have been labeled as traitors or separatists simply for demanding equality and ending discrimination against them.

This reality has drawn new political lines in Iran. The first brings together all leftist, nationalist and religious factions that support the regime in fighting the oppressed minorities. The second brings together all activists and nationalist movements from the above mentioned minorities, as well as Iranian organizations that recognize the rights of these peoples.

This second trend can unite to topple the Wilayet al-Faqih regime and build a diverse political system that respects nationalist and religious minority rights. It can establish a federal system that eliminates centralism and the monopolization of power, paving the way for a country that can coexist in peace with its neighbors. The non-Persian people have a difficulty in believing in a political figure who can lead a revolt against the Wilayet al-Faqih regime after their experience with Khomeini, whom they trusted before he betrayed them. All nationalist activists instead prefer collective work in order to topple the regime.

After a long experience in confronting the regime, all Iranians, especially the Persians, have realized that the dictatorship cannot be overthrown except through expanding and uniting the opposition. It should include activists from the various minorities all joined together in one front. The first step in this direction was the formation of the Council of Iranian Democrats in Cologne, Germany last week. This council brings together all who aspire for real democracy and getting rid of the Wilayet al-Faqih regime. It was a product of a series of consultations over two years between the Persian opposition and different minorities. The council is set to announce soon a number of future steps that may leave the door open for any side or organization that believes in introducing radical change in Iran and toppling the Wilayet al-Faqih regime.