أحمد عدنان: السعودية ولبنان والحريري ووضع النقاط على الحروف

1944

السعودية ولبنان والحريري ووضع النقاط على الحروف

أحمد عدنان/موقع عين اليوم/09 تشرين الثاني/17

‏استقالة الرئيس سعد الحريري حدث دولي وإقليمي كما هي حدث لبناني، ومن المؤسف تعامل بعض اللبنانيين مع هذا الحدث باستخفاف. ‏تعامل الطبقة السياسية مع استقالة الرئيس سعد الحريري فيه إهانة للدستور والسنة، فهناك دستور هو المرجع وهناك استشارات نيابية ملزمة، والفراغ غير مسموح في المنصب السني الأول. ‏انسياق بعض الإعلام الصديق وبعض الحلفاء مع مزاعم الخصوم، بأن السعودية تختطف الرئيس سعد الحريري فيه إساءة للمملكة وللرئيس، وهذا أمر غير مقبول البتة، ‏وكان مؤسفا استقبال دار الفتوى لأعداء طائفتها كوئام وهاب وجبران باسيل.

‏لا الرئيس سعد الحريري دمية كالمالكي ولا السعودية دولة مستبدة كإيران ولا الملك سلمان طاغية كبشار. والرئيس الحريري وحده يقرر هل ومتى يتحدث وهل ومتى يعود وفق المصلحة والظرف الأمني، وكما يقولون “حتى تخدع العدو لا بد أن تخدع الصديق”، وهي مقولة توازي السياسة الأميركية الكلاسيكية “الغموض الخلاق”. ‏لا يوجد معتقل يزوره سفير فور أداء القسم، ويستقبله ملك، ويسافر لزيارة رؤساء الدول.

‏سعد الحريري ليس موظفا في الديوان الملكي أو وزارة الخارجية السعودية، هو ابن المملكة وحليفها، ولو كان فاسدا ما عانى من أزمة مالية.

سعد الحريري في يوم واحد صنع رئيسا للجمهوية، واسمه الكامل سعد الدين رفيق الحريري، وهذه رسالة إلى قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري بأن من قتلتموه لم يمت، والدليل أن بعض الزعماء بحاجة إلى ميليشيا ليكونوا أصحاب كلمة، أما سعد الحريري من دون سلاح هو صاحب قرار.

‏استقالة الرئيس سعد الحريري من السعودية – بدلا من لبنان – أسبابها : عامل المفاجأة والخطر الأمني. و‏من يصدق دعاية ٨ آذار عن المملكة والرئيس الحريري ليس من تيار المستقبل وليس سياديا وليس سنيا. ولا بديل عن سعد الحريري إلا سعد الحريري.

والطريف أن من قال “لماذا لم ينتظر الحريري حتى يستقيل وقت عودته للبنان” لم ينتظر عودة الحريري من زيارة باراك أوباما حين تم إسقاط حكومته الأولى.

‏تمرير الوقت ومحاولات التذاكي والالتفاف على الدستور لم تعد تنطلي على السعودية والرئيس الحريري والمجتمع الدولي.

‏الرئيس سعد الحريري هو زعيم السنة و14 آذار، والمرشح لرئاسة الحكومة المقبلة هو الحريري أو من يسميه، والراسبون في الانتخابات – أو غيرهم – لا دور لهم في التسمية.

‏حكومة الرئيس سعد الحريري المقبلة – أو من يسميه – خالية من الميليشيات والثلث المعطل، وإذا لم يعجب ذلك محور المقاومة و”الانتصارات” فليشكل حكومة من لونه فقط.

‏لو تشكلت حكومة جديدة من القمصان السود فستكون كحكومة فيشي في فرنسا وحكومة حماس في غزة.

‏حكومة كرامي الأولى سقطت بالدولايب والثانية سقطت بالتظاهرات، أما حكومة القمصان السود الجديدة ستسقط بالبصق السني واللبناني والعربي والدولي، وأتمنى أن لا يتورط أي سني في مثل هكذا حكومة أيا كان البيان الوزاري أو الوزراء.

‏السعودية هي درع السنة وسيف العرب – بكل طوائفهم – لذا ليس لائقا أن يتصرف سياديو لبنان كاليتامى والأرامل، ‏وانضمام التيار العوني للمحور الإيراني قضى على الدور المسيحي، وتيه وليد جنبلاط قضى على الدور الدرزي.

للمسيحيين نقول: العرب هم الأرزة والسعودية هي الخط الأحمر، والمملكة “وقت السلم بتعمر ووقت الحرب قوات”. وللدروز نقول: الجبل لن يهتز ما دامت المملكة سيفه ودرعه، وشعارنا “لبيك يا سلمان”. أما شيعة العروبة والدولة المدنية، وهم أول ضحايا حزب الله وإيران والعنصرية الفارسية، فنقول: يكفيكم فخرا أنكم نصرتم أحفاد الحسين على يزيد الأسد، ويكفيكم فخرا بأنكم رأس الحربة ضد إيران وميليشياتها، ويكفيكم فخرا اختيار الوطن على المذهب والطائفة، لذا فأنتم جزء أصيل لا يتجزأ من العروبة والإسلام، وقد حانت ساعة الاستقلال والحرية والسيادة الوطنية والعروبة، ومكانكم محفوظ ومقدر.

‏من المحزن والمؤسف أن تكون كتلة تيار المستقبل ووزراء تيار المستقبل دون مستوى مواقف وخطاب الرئيس سعد الحريري والشارع السني الشامخ.

الوزير أو النائب المستقبلي الذي يشيد بحكمة رئيس الجمهورية بدلا من الإشادة بشجاعة الرئيس سعد الحريري فليلتحق بالتيار العوني.

‏حسن نصرالله تحدث بهدوء لأنه يخفي باطنه ولخوفه وللتشتيت ولأن الاستقالة كشفت حجمه ولأنه يضمر الشر للبنان وللرئيس الحريري، وتاريخه يشهد واسألوا الشهداء و7 أيار.

‏الأدبيات اللبنانية والأدبيات السعودية أدبيات عربية ولا يدرك ذلك من لا يتقن إلا الأدبيات الإيرانية.

‏قالوا أن قوة الميليشيات تعني قوة الدولة، والصحيح أن قوة الميليشيات تعني انحطاط الدولة وسقوطها.

‏قامت التسوية من أجل منع انهيار الدولة، وحين نكثت الميليشيات بعهودها، سقطت التسوية لمنع اختطاف الدولة.

قامت الميليشيا بانتهاك التسوية حين أجبرت لبنان على تسوية مذلة مع داعش، وتطاولت على مقام رئاسة الحكومة، وتواصلت مع نظام بشار الأسد، واستمر إرهابها في المنطقة، بما في ذلك السعودية ولبنان.

ربحت القوى السيادية انتخابات 2005 وانتخابات 2009، ومع ذلك نجحت الميليشيات في تزوير إرادة اللبنانيين بجريمة حصار الحكومة وحيلة الثلث المعطل وبدعة الحوار الوطني، لذا أدعو القوى السيادية واللبنانيين وزعماء السنة للاصطفاف خلف الرئيس سعد الحريري ضد إيران وحزب الله.

‏قرار مواجهة الإرهاب الإيراني قرار دولي صدر في قمة الرياض (السعودية- الخليجية- العربية- الإسلامية- الأميركية)، و‏على اللبنانيين أن لا يخافوا، لن تكون هناك حرب على كل لبنان، الحرب على ميليشيات إيران فقط أيا كان موقعها ومكانها.

‏السعودية لن تتوقف عن محاربة الإرهاب حتى تقضي عليه، و‏كما وقفت المملكة خلف الشعب اللبناني ضد الوصاية السورية، ستقف معه ضد الوصاية الإيرانية، ودم الرئيس الشهيد رفيق الحريري وشهداء ثورة الأرز لن يذهب هدرا والقصاص قريب.

‏أنصح حلفاء ميليشيات إيران بالانفضاض عنها حتى لا يكون مصيرهم مثل مصيرها، فمن كان شعاره “المقاومة الإسلامية في لبنان” بدلا من المقاومة اللبنانية، في بلد الاعتدال، لا علاقة له لا بالإسلام ولا بالمسيحية ولا بلبنان.

‏السعودية عمرها ٣ قرون ولن تهزها ميليشيا عمرها ٣ عقود، أما ‏الميليشيات التي بادرت المملكة بحرب مفتوحة فلتنتظر حربا مفتوحة، وتصريحات الوزير ثامر السبهان أعلنت إصدار المملكة لأتباع إيران في لبنان “ون واي تيكيت”.

‏المنطقة مقبلة على إجراءات عسكرية واقتصادية وسياسية ضد إيران وعملائها، ومن ليس معنا فهو ضدنا.

السعودية ولبنان والحريري ووضع النقاط على الحروف

‏استقالة الرئيس سعد الحريري حدث دولي وإقليمي كما هي حدث لبناني، ومن المؤسف تعامل بعض اللبنانيين مع هذا الحدث باستخفاف.