الياس الزغبي: حَصاد 13 تشرين

121

حَصاد 13 تشرين!

الياس الزغبي/12 تشرين الأول/17

في الشكل، الذي يلامس الأساس، دأَب أهل “13 تشرين 1990″، منذ الانقلاب على جوهره بعد ال2005، على تجهيل الفاعل، وهو النظام السوري، وتجويف المناسبة من معناها، بهدف تغطية الانعطافة الخطيرة التي حصلت منذ توقيع “ورقة تفاهم” شباط 2006، وإشهار العلاقة العلنيّة مع ذاك النظام، بدءاً من 2008، وبعد سنوات طويلة من العلاقة المستورة تعود إلى 13 تشرين نفسه، بل إلى ما قبل.

وفي الشكل، الذي يلامس الأساس أيضاً، حقّق الانقلاب السياسي العلني أهداف القائمين به الشخصيّة، على مستوى السلطة والمال. فبعد انخراطهم في “حلفهم” الجديد، دخلوا جنّة السلطة وحكوماتها وغنائمها، بما يوازي ثلثها منفردين، ثمّ أضافوا إلى الثلث رئيساً للجمهوريّة، وأبواباً مفتوحة على مصاريعها في الإدارات والتعيينات ومراكز النفوذ والتسويات السياسيّة والماليّة، وفي كلّ ما يدرّ خيرات وبركات وإجراءات وانتخابات.

أمّا في الأساس نفسه، فإنّ لبنان يذهب من سيّء إلى أسوأ، ومن المعلوم إلى المجهول، في المسارات الآتية:

– على المستوى السيادي، يتّجه لبنان، بعيون مسؤوليه المفتوحة أو المغمضة، للانزلاق أكثر فأكثر في المحور الإيراني القائم على سياسة “توحيد الميادين”، بما يعني فتح الحدود اللبنانيّة على الحروب، وتسليم قراره وسيادته إلى رأس المحور في طهران وطرَفه في الضاحية.

وتأتي مواقف بعض القيادات الدستوريّة القائلة بضعف الجيش اللبناني والحاجة إلى سلاح “حزب الله” حتّى يتمّ حلّ أزمات الشرق الأوسط، بالماء إلى طاحونة اللاعبين بالسيادة وبمصير لبنان.

– على المستوى السياسي، اتضح أنّ كلّ “التفاهمات” السياسيّة بدأت تتهافت بعد تحقيق غايتها في الاستحقاق الرئاسي. فلا “تفاهم معراب” في صحّة جيّدة، ولا “تفاهم بيت الوسط” قابل للحياة الطويلة طالما أنّه قائم على مصالح وليس على ثوابت، وكادت اهتزازاته الأخيرة تطيحه، وقد تطيحه في أيّ لحظة.

أمّا “التفاهم” الوحيد الصامد، فكان وسيبقى مع “حزب الله”، لأنّه قائم على رهن إرادات في نصوص مدوّنة، وليس فقط على تبادل شفوي للمكتسبات.

وكنّا قد نبّهنا في حينه إلى هذا الفخّ، فكان الجواب بأنّ إعادة التوازن الوطني المسيحي – الإسلامي توجب ذلك، وبأنّ المصالحة المسيحيّة أولويّة.

لا أحد يشكّ في النيّات الطيّبة عند أصحاب الجواب. لكنّ الإرادة الحسنة لا تكتمل إلاّ باقترانها مع إرادة من قماشتها لدى الشريك في التفاهم. وهذا ما ثبُت غيابه بدليل ما يحصل. ولطالما كانت الطريق إلى الجحيم معبَّدة بالنيّات الطيّبة!

– على المستوى الاصلاحي، لا يجوز تصنيف بعض الاجراءات الطبيعيّة في خانة الانجازات التاريخيّة، لأنّها من الواجب الطبيعي البديهي لأيّ سلطة. فمن قانون الانتخاب إلى السلسلة والموازنة والتعيينات وسواها… لا يحقّ للحاكم تمنين الناس بها، فكيف إذا جاءت على متن صفقات وحصص وخروق للدستور وتمريرات مشبوهة ومدّ اليد إلى جيوب الفقراء؟!

إنّ شعار مكافحة الفساد يتغذّى من الفساد نفسه، بل من مستواه غير المسبوق، ومن وقاحة سافرة في إنشاد نشيده “الوطني” على وقع تراكم الأزمات المعيشيّة والاجتماعيّة وأوجاع المواطنين.

وباختصار،

لقد دار “13 تشرين” دورته الكاملة منذ 27 سنة، ولبنان ليس في أفضل أحواله:

– علاقته بالعالم غير مريحة، تحت وطأة المقاطعة التي قَدّمت في نيويورك نذيرها الأوّل.

– علاقته بالعرب مضطربة، تحت وطأة سكوته عن أدوار “حزب الله”، من الكويت إلى البحرين واليمن، فالعراق وسوريّا… وسائر العالم.

– تصنيفه في عداد الدول الفاشلة مسألة وقت، تحت وطأة نهب مقدّراته، وحماية مافيات مرافقه.

– خطر توريطه في حروب “المحور” يتضاعف، تحت وطأة المشروع الإيراني وهلاله. فهل يتمتّع مسؤولوه بشجاعة التصدّي لهوس هذا المشروع الحربي، وتحييد لبنان؟

أمّا ما تبقّى من الدولة بعد 3 عقود، فينام على أمجاد تشرينيّة