ألفرد رياشي للنهار: الفيديرالية ليست لامركزية ولا تقسيم

66

الفيديرالية: نظرية أم حلٌّ للمجتمعات التعددية؟
ألفرد رياشي لـ”النهار”: الفيديرالية ليست لامركزية ولا تقسيم

منال شعيا/النهار/9 تشرين الأول 2017
الفيديرالية: هي العبارة الشهيرة التي تحاكي خوف كثيرين، وتشكل في الوقت عينه مطلباً لآخرين. هي ذاك المفهوم الذي يخلط دوما بين الصواب والخطأ، اذ غالبا ما تترافق كلمة الفيديرالية مع التقسيم، وغالبا ما يُخلط بين المفهومين، فأي تعريف واي مفهوم لهذا النظام؟
الفيديرالية: هي العبارة الشهيرة التي تحاكي خوف كثيرين، وتشكل في الوقت عينه مطلباً لآخرين. هي ذاك المفهوم الذي يخلط دوما بين الصواب والخطأ، اذ غالبا ما تترافق كلمة الفيديرالية مع التقسيم، وغالبا ما يُخلط بين المفهومين، فأي تعريف واي مفهوم لهذا النظام؟
الاسبوع الماضي، انعقد “المؤتمر الدائم للفيديرالية”، وهو ليس الاول، فأي اهداف لنوع كهذا من النشاطات، وفي هذا التوقيت بالذات؟
عقد المؤتمر بمشاركة احزاب وفاعليات من مختلف الطوائف، وصدرت عن المجتمعين وثيقة سمّيت “الوثيقة الفيديرالية المسيحية – الاسلامية”، اشارت الى ان “المشاركين في المؤتمر يؤكدون حرصهم على توفير السبل الآيلة إلى صون التعددية الطوائفية للمجتمع اللبناني، من خلال طرح الصيغة الفيديرالية لنظام الحكم، ما يتيح بناء الدولة الإتحادية الحيادية – السيادية، القادرة على تحصين الوطن في وجه النزاعات”.
ورأت ان “الفيديرالية تشكل مدخلا وحلا للاشكالات الجوهرية الآتية: الطائفية السياسية وشبه استحالة إلغائها كونها تكرّس الطائفية العددية، اللامركزية الإدارية الموسعة التي لا يمكنها حل الخلافات السياسية المرتبطة بالمحاصصة، كما تبقي ايضا على تسلط السلطة المركزية، والعلمنة الشاملة التي لا يجتمع حولها اللبنانيون، فضلاً عن استحالة تطبيقها في بيئة تعددية طوائفية، والتنازع الدائم على أسس المشاركة في السلطة، ولا سيما المناصب العليا في الحكم وماهية صلاحياتها”.
3 مؤتمرات واهداف
والسؤال: هل ينقص لبنان مؤتمرات كهذه، واي جديد يمكن ان تضيفه وثيقة مماثلة؟
يحاول الامين العام لـ”المؤتمر الدائم للفيديرالية” الدكتور الفرد رياشي شرح الاهداف، منطلقا من ان عقد المؤتمر الثالث “اخترناه ان يتزامن مع الذكرى الـ28 لاتفاق الطائف”. ويقول لـ”النهار”: “نحن نختار التواريخ المناسبة لمواقفنا، وليس هناك اي رابط بين المؤتمر الثالث وما حصل في اقليم كردستان او ما جرى خلال الاستفتاء الاخير في كاتالونيا، لان كثراً ربطوا بين مؤتمرنا وبين هذين الحدثين الخارجيين، في وقت ان مصادفة غير مقصودة جمعت بين هذه التطورات”.
ويلفت الى ان “المؤتمر الاول عقد في ايلول 2014، اي في عز الشغور الرئاسي. يومها، اردنا التحرك وكسر الجمود، وأتى مؤتمرنا تزامنا مع الذكرى الـ25 لاتفاق الطائف، في حين عقد المؤتمر الثاني في نيسان 2015، مع الذكرى الـ40 لاندلاع الحرب الاهلية، وأتى مؤتمرنا الثالث مع الذكرى الـ28 للطائف. نحن نختار التواريخ، وعقد المؤتمر هو نتيجة مسار عمل بدأ قبل اعوام”.
اي اضافة يمكن ان يحملها مؤتمر مماثل في ظل التجاذب السياسي، او بالاحرى وسط الستاتيكو اللبناني؟
يجيب رياشي: “كل الدراسات او الاسباب الموجبة والتجارب تدلنا على ان النظام الفيديرالي هو الحل الانجح في لبنان. في زمن الفراغ الرئاسي، كان لا بد من الحديث عن هذه المسألة، لانه بات واضحا ان في لبنان ازمة نظام. مررنا بتجارب فاشلة وعايشنا ازمات متتالية. ان الحلول الباطنية لا تطبق في لبنان، وان ارض الواقع اللبناني ملائمة لتطبيق النظام الفيديرالي”.
لامركزية ولا تقسيم
ولكن، لِمَ هذا الخوف الدائم من الفيديرالية؟
يعزو رياشي السبب الى عاملين. الاول: “غالبا ما يخلط البعض بين الفيديرالية والتقسيم، وهذا ربط خاطئ، والامثلة واضحة في اميركا والامارات والمانيا. اما العامل الثاني فمرتبط بزمن الاحتلال السوري الذي عزز الاعتقاد الخاطئ من الفيديرالية، كما لو انها تهمة، مع ما رافق ذلك من تهم بالعمالة وحملات سجن”.
“لامركزية ولا تقسيم”. اذاً انتم تجمّلون الفيديرالية؟
يرفض رياشي هذا المنطق، ويقول: “نحن لا نجمّلها، نحن نعطيها التعريف الصحيح. هي بالفعل ليست لامركزية ولا هي تقسيم. هي نظام اتحادي يحاكي مزيج المجتمعات التعددية، بحيث يسمح هذا النظام باعطاء كل المكونات التعددية القدرة على التعبير عن نفسها”.
جيد. ولكن ماذا عن الخطوة التي تلي عقد مؤتمرات، بمعنى اين الخطوة العملية في هذا المسار؟
يكشف الامين العام انه “تم تشكيل لجنة تنفيذية لتحديد السبل الآيلة الى كيفية الوصول الى تطبيق النظام الفيديرالي”، معترفا بـ”اننا لسنا جاهزين بعد لعيش هذا النظام الان او دفعة واحدة، انما بالتدرج، لان ثمة حاجة ماسة الى خلق اقتناع شعبي معيّن”.
هل الجهوز يبدأ من القاعدة ام من الرأس؟ يرد: “العمل يكون بالتوازي بين هذين المستويين”.
ويشير رياشي الى ان المؤتمر الاخير جمع فاعليات اسلامية ودرزية وعلوية ومسيحية، وحشداً من الاحزاب، علما ان “القوات اللبنانية” تبنّت الوثيقة بالكامل، على رغم ان لا علاقة لـ”القوات” بتنظيم المؤتمر لا من قريب ولا من بعيد.
والامين العام كمن يستبق بعض التوقعات. يوجه رسالة ختامية مفادها: “نحن لا نخجل بهذا النظام، بل نحن نحاكي الواقع، لاننا بعيدون عن الافلاطونيات والتكاذب، فاذا اردنا بالفعل ان نبقى بلدا واحدا، فليس امامنا سوى النظام الفيديرالي لئلا نتجرّع كأس التقسيم”.