الدكتورة رندا ماروني: أعداء الدولة

374

أعداء الدولة
الدكتورة رندا ماروني/05 آب/17

إذا أردنا تحديد أعداء الدولة اللبنانية اليوم على الصعيد الداخلي وفي ظل الظروف الراهنة، نراها متمثلة بثلاثة أعداء رئيسية:
الجماعات التكفيرية
والجماعات التخوينية
وجماعة الفاسدين وتجار الهيكل
فالدولة بما تعنيه أرض وشعب ومؤسسات عرضة للإستهداف من قبل هؤلاء للأسباب الآتية:
إذا تناولنا فكر الجماعات التكفيرية، التكفير بإسم الدين نرى إنها تستهدف الأرض والشعب والمؤسسات بالعمل على إخضاع الشعب وتنصيب نفسها وصي شرعي يحل مكان المؤسسات الدستورية.. أما الأرض ذات الحدود فهي غير موجودة في قاموسهم بل تمتد بامتداد القدرة على السيطرة والنفوذ.
ويُعتبر التكفير عنصر أساسي في أفكار ومعتقدات هذه الجماعات، فهم يكفرون الحكام لأنهم يحكمون بالدستور لا بما أنزل الله، ويكفرون المحكومين لأنهم رضوا بذلك، ويكفرون العلماء لأنهم لم يكفروا هؤلاء ولا أولئك، كما يكفرون كل من عرضوا عليه فكرهم فلم يقبله أو قبله ولم ينضم إلى جماعتهم.
أما من انضم إلى جماعتهم ثم تركها فهو مرتد حلال الدم. وعلى ذلك فالجماعات الإسلامية إذا بلغتها دعوتهم ولم تبايع إمامهم فهي كافرة مارقة من الدين، وكل من أخذ بأقوال الأئمة أو بالإجماع حتى ولو كان إجماع الصحابة أو بالقياس أو بالمصلحة المرسلة أو بالاستحسان ونحوها فهو في نظرهم مشرك كافر ويطول الشرح. هذه الجماعات لم تجد في لبنان بيئة حاضنة، ولكنها استطاعت أن تشكل بعض البؤر الأمنية هنا وهناك، وقد تم استئصالها على يد الجيش اللبناني وقد نشهد بعض المحاولات الجديدة والظواهر نتيجة عدم التكافؤ السياسي بين الأطراف اللبنانية المتصارعة، أو نتيجة الإحساس بالغبن، وهي في فحواها تهديد حقيقي لكل من مفاهيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
أما فيما يخص الجماعات التخوينية، التخوين باسم الوطنية لا تقل خطورتها على الكيان اللبناني عن الخطر التكفيري، فالتخوين القائم على إدعاء احتكار الوطنية لا يقل خطرا عن التكفير القائم على زعم احتكار الدين، فكلاهما يهدف إلى تسميم المجتمع وتدمير عقله.
فالأولى تحتكر الدين، والثانية تحتكر الوطنية، وكل من خالفها فهو خائن. إن هذا الاتجاه الذي يحترف تخوين المختلفين في الرأي حين يعجز عن مناقشتهم بلغ مستوى يفرض وقفة تحليلية لمعرفة ما يحدث في بعض العقول اللبنانية. لقد اشتدت قوة هذه الظاهرة خلال فترة الاحتلال السوري حيث أتت من أولى الأساليب التي أستخدمها لإسكات معارضيه، وما زال هذا الأسلوب مستمرا بعد خروجه من قبل حلفائه وشاكريه.
فكان نصيب المعارضين لسياسات حزب الله الإستراتيجية دعوتهم للالتحاق بجبهة النصرة خروجا من لبنان، دعوة وردت على ألسنة مسؤولين وقياديين وتابعين..دعوة تستوجب ردا، دعوة مرفوضة ومردودة لمن أطلقها للأسباب التالية:
لا يستطيع أحد أن يخير أبناء الدولة اللبنانية بين التكفير والتخوين، فالاثنان مرفوضان وغريبان عن مبتغياتنا الوطنية.
لا يستطيع أحد أن يُلحق عنوة أبناء الدولة اللبنانية بثلاثية خشبية، ثلاثية “الشعب والجيش والمقاومة”، على أنقاض ثلاثية الشعب والجيش والمؤسسات التي تشكل الركائز الأساسية لدولة ذات حدود معترف بها دوليا.
والأجدى بمن يجهر بولائه لنظام عانت منه الدولة اللبنانية أرضا وشعبا ومؤسسات أن يلتحق هو بهذا النظام خارج الأراضي اللبنانية.
مشروع ذو أثمان ثقيلة على الشعب اللبناني ككل، وعلى أبناء الطائفة الشيعية الذاهبون إلى الموت فداء لمشروع غريب عن أرضهم وتاريخهم، يقابله خيار الرجوع لبناء دولة سالكة الدرب ومضيئة الأفق.
أما العدو الثالث للدولة اللبنانية فيكمن في الفساد المستشري والقابع في نفوس مسؤولين لا يتوانون بالتغاضي عن أحكام الدستور نصرة لمصالحهم الخاصة، فالفساد في الشق الاقتصادي يتبعه فسادا في كل مفاصل الدولة السيادية والدستورية والقانونية، فالضريبة ضريبتان، والجيش جيشان، والمستفيد أخرس، والدستور معطل، والركائز الأساسية للدولة تنتهك.
هذا العداء للدولة اللبنانية أرضا وشعبا ومؤسسات يجعلها عرضة للأخطار المحدقة، أكانت اقتصادية، أو كيانية سيادية، فعقوبات مالية مرتقبة ستطال الشعب اللبناني أجمع دون تمييز يقال أنها ضد حزب الله، ومشاريع فوق قومية ترسم، وحروب تشن في ظل غياب مجلس الدفاع الأعلى اللبناني، ومجلس وزراء ينعقد وكأنه لم يفعل.
إن خطورة الانكشاف الدولي والإقليمي سيُرتِّب على لبنان وعلى اللبنانيين أثمانا باهظة لن تستطيع هذه الحكومة مواجهتها لتسقط حجة المنخرطين في اللعبة المتمثلة بعبارة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولتظهر بوضوح سياسات عادت الدولة في أرضها وشعبها ومؤسساتها وخانت قيما كان من الواجب المحافظة عليها.
أعداء الدولة
أعداء الإستقرار
ثلاثة وجوه
وجهتها إنحدار
إلى الخراب
إلى المجهول
إلى الدمار
الأولى سواد
والثانية ضباب
والثالثة إصفرار
صفار الخريف
تارك الغصون
يندحر إندحار
يحمله الهواء
يمنتا ويسرتا
بجملة أسفار
ضائع تائه
فاقد الهوية
ينتحر إنتحار
عله يعود
عودة ميمونة
مالك القرار
لينصر حقا
وينفض عنه
صفة استعمار