محمد عبد الحميد بيضون: حزب الله خارج القوانين والسيادة ويعمل لأهداف غير لبنانية/كفانا دفع أثمان باهظة لمغامرات حزب الله لمصلحة إيرانية/الفساد في لبنان محمي من الطبقة الحاكمة

169

البيان/مقابلة مع محمد عبد الحميد بيضون: السلسلة رشوة إنتخابية وعهد غارق بالمحاصصة
الفساد في لبنان محمي من الطبقة الحاكمة المؤلفة من ستة أشخاص بيدهم كل شيء وهم يديرون الفساد
حزب الله هو خارج القوانين والسيادة ويعمل لأهداف غير لبنانية
كفانا دفع أثمان باهظة لمغامرات حزب الله لمصلحة إيرانية محض
حاورته: كارينا أبو نعيم/البيان/26 تموز/17

بعد أكثر من ست سنوات على طرح سلسلة الرتب والرواتب، وبعد معارك طويلة خاضها الشعب في الشوارع والساحات، وبسحر ساحر أقرّت الحكومة الحالية هذه السلسلة يرافقها مجموعة من الضرائب الجديدة التي تضاف على كاهل المواطن ليغرق أكثر فأكثر في لجج الفقر والبؤس والمعاناة. منذ عشر سنوات ولم تتقدم أي حكومة بموازنة تكشف مداخيل ومصاريف الدولة بأرقام علمية دقيقة. هذا لا يحصل إلا في لبنان. نحن نعاني منذ سنوات من انحلال الدولة وتساقطها رويداً رويدا. وتطالعنا مؤخراً أزمة تضاف الى كل الأزمات الحاصلة في البلد، وهي فتح جبهة عرسال لصد ومحاربة الإرهابيين عن لبنان.
استقبلت “البيان” الوزير السابق الدكتور عبد الحميد بيضون، وتناولت معه ملفات داخلية عديدة أولها سلسلة الرتب والرواتب وتداعياتها مروراً بمعركة عرسال ووصولاً الى الانتخابات الفرعية.
بداية، طرحنا على الدكتور عبد الحميد بيضون السؤال التالي:
ما هي تداعيات سلسلة الرتب والرواتب على اللبنانيين؟
أعتبر هذه السلسلة رشوة إنتخابية. لم تنجح وزارة المالية في تقديم أي دراسة دقيقة حول أرقام الواردات وكلفة هذه السلسلة. حددوا في السابق رقماً معيناً ثم عادوا فعدلوه دون إعطاء أي توضيح حول هذا التعديل. هذا دليل قاطع على عدم وجود الكفاءة في وزارة المالية وفي مجلس النواب المفترض أن يكون لديه لجان متخصصة تدرس وتضع أرقاماً دقيقة جداً. إن مسار هذه السلسلة بقي على حاله طوال ست سنوات، ورغم ذلك لم يُعد كل من وزارة المالية ومجلس النواب أي دراسة تعطي صورة واضحة عن الأعباء الإقتصادية التي سيتحمّلها المواطن من جهة ومن جهة ثانية الإقتصاد الوطني. ابتدأ الكذب السياسي حين باشروا بالقول إن أعباء هذه السلسلة ستكون على الأغنياء. وهذا كلام غير صحيح بدليل أن 70% من أعباء الضرائب مفروضة على الفقراء من المواطنين وليس العكس. وإن اعتبرنا الـ30% المتبقية هي المؤسسات الخاصة لا يعني هذا أن كل المؤسسات تملك رأسمالاً كبيراً كالمصارف، فهناك محلات صغيرة وتجارتها ليست كبيرة، وبالتالي المدخول ليس بالكثير ولا يسمح بزيادة معاشات أو دفع ضرائب إضافية. لقد زادوا على كل الفواتير ضريبة أربعة آلاف ليرة لبنانية، وهذه الفاتورة يستخدمها المواطن العادي يومياً في أعماله. فليسمحوا لنا بهذه الكذبة الكبيرة القائلة إن أعباء السلسلة مصدرها الأغنياء فإن معظم اللبنانيين أصبحوا فقراء بفضل هذه الطبقة السياسية الحاكمة.
يمكن أن نقول أن الإيجابية الوحيدة في تلك السلسلة أن الموظف سيرتفع معاشه. لكن ليس بهذه الطريقة تعمل الدول والحكومات. يفترض أن تكون هناك دراسة تسبق إقرار السلسلة وهي ما يعرف بالموازنة، وتكون فيها الأرقام واضحة، وعلى أساسها تقر نسبة الضرائب زيادة المعاشات وغيرها.. جميعهم يعلم من نواب الى رئيس البرلمان أن كلفة السلسلة تفوق بدرجات الأرقام التي يتكلمون عنها، لهذا السبب أقروها قبل الموازنة، ولو أقرَّت الموازنة قبلها لبانت وتوضحت الأرقام بشكل كبير. إن رئيس المجلس والنواب مسؤولون عن غياب الموازنة مدة عشر سنوات. إنها جريمة دستورية تطال الكل ويحاكم من خلالها الجميع.
هل تعتبر دعوة مفتي الجمهورية لتكون خطبة الجمعة في جميع مساجد لبنان دعماً للجيش اللبناني رسالة موجهة لجهة معينة؟
هناك جو مسموم وغير صحي في البلد وسببه السياسيون أنفسهم. إن السياسيين هم بأنفسهم يطالعوننا بخطابات تحريضية كل يوم. خطابات تحرض على السوريين وأخرى على الجيس اللبناني. لا يمر أي حدث أو موضوع دون حالة استقطاب كبيرة، ولا يوجد أي شيء وطني لأن الحاكمين أنفسهم فاقدون للوطنية، وهم متعصبون لمصالحهم الخاصة، ويديرون الحكم على أساس تعصب طائفي ومذهبي. إن الطائفية والمذهبية تجعلان من مؤسسة كالجيش اللبناني تقع في دائرة الإتهام والتعاطف. وكذلك الأمر بالنسبة للنازح السوري الذي يقع في دائرة الإتهام والتعاطف. إنه جو وطني مسموم سببه هذه الطبقة السياسية التي تقود البلد الى شبه انهيار مؤسساتي. يفترض في حال حصول أي شيء يخص الجيش اللبناني ان يعالج ضمن المؤسسة وان لا يعمد الى الإثارة والتحريض كما شاهدنا مؤخراً.
هل انطلقت معركة عرسال فعلياً؟
لا يمكن القول بأن انطلاق المعركة هو في الواقع اندلاعها فعلياً، لأنه يمكن أن تكون الإنطلاقة هي نوع من الضغط لإنجاح ما يطلبه حزب الله من المقاتلين، وكما حصل سابقاً حين ضغط ونجح بنقل المقاتلين من مكان الى مكان آخر. كان هناك مباحثات جارية بين حزب الله وداعش والنصرة حول نقل المقاتلين الى إدلب. ربما ارتؤوا أن هذه الوساطة تحتاج الى ضغط معين. ما يهمنا في كل هذه العملية، خاصة وأن حزب الله هو خارج القوانين والسيادة ويعمل لأهداف غير لبنانية، أن الإختبار الحقيقي هو ما يمر به جيشنا اللبناني المسؤول عن حماية عرسال، لأن من المتوقع أن يقودها حزب الله الى مغامرة يشبّهها قياديوه بما حصل في الموصل. هذا أمر مخيف جداً، ويجب أن لا يحصل. إن الجيش اليوم ومعه ما تبقى من الدولة اللبنانية مسؤولون عن حماية عرسال وأهلها وبيوتها. كفانا دفع أثمان باهظة لمغامرات حزب الله لمصلحة إيرانية محض.
جاءت التعيينات الأخيرة ترضية للسياسيين. الى متى سنبقى رهينة هذه الظاهرة؟
إنه عهد غارق بالمحاصصة وهي رأس الفساد. لهذا نرجو منهم عدم التكلم عن محاربة الفساد وهم غارقون في المحاصصة. مع الأسف لا نرى إلا أن الأمور تسير من فشل الى آخر. يتكلمون عن الإنجازات ولكن في الواقع كل إنجاز يتكلمون عنه هو فشل بحد عينه. إنه عهد تسيطر فيه المحسوبيات والمحاصصة، وقد غرق في وحولها ولم يعد أحد مراهناً على هذا العهد.
أين هو وزير الفساد؟
في الواقع السبب وراء عدم إنكشاف الفساد هو أنه محمي من الطبقة الحاكمة، وهي مؤلفة من ستة أشخاص. هؤلاء الأشخاص الستة بيدهم كل شيء ويديرون الفساد. لا يوجد قاضٍ واحد يمكن أن يتجرأ وأن يفتح ملفاً له علاقة بهولاء الستة أو أقربائهم. يفتح القضاء ملفات لأناس عاديين أو موظفين صغار، لكنه عاجز عن فتح ملفات الطبقة الحاكمة. كل ملف يصل في القضاء الى المستوى السياسي يتم إغلاقه. لا يمكن محاربة الفساد ضمن هذه الأجواء، ونحن بحاجة الى قوانين جديدة وإصلاحات ومكافحة الفساد في القضاء والأجهزة الأمنية. الإصلاح يبدأ من هنا: القضاء والأجهزة الأمنية.
إن التكتل العوني كان طوال 11 سنة يطلق الإتهامات والشبهات بالفساد على جميع الأطراف، ولم يكن لديه أي مستند. واليوم، وبعد وصول العماد عون الى سدة الرئاسة، أصبح العونيون يطلبون من النواب أن لا يطلقوا اتهامات إنما يطلبون منهم أن يسموا الفاسدين وإلا فليخرسوا. لماذا انقلبت الأدوار؟ خاصة وأن الموجود في السلطة أو في الرئاسات هو القادر على الوصول الى الملفات والأرقام، وهو المسؤول الأول عن إعطاء المعلومات الى المواطنين من خلال وسائل الإعلام أو إحالة الملفات الى القضاء.
ما هو مصير العسكريين المخطوفين عند “داعش”؟
لا يمكن الجزم بهذا الملف. قام حزب الله لمرات عديدة بمفاوضات مع داعش حول هؤلاء العسكريين. لكن لا معلومات لدي حول لماذا لم يتم إسترجاع هؤلاء العسكريين. سؤال موجّه الى حزب الله واللواء ابرايم عباس الذي حمل هذا الملف وعمل عليه طويلاً ويمكن أن يكون لديه صورة واضحة حول آخر المجريات.
ماهي قراءتك للانتخابات الفرعية وهل تعتبرها “بروفا” للإنتخابات النيابية التي ستجري في أيار المقبل؟ وهل ستجري على أساس القانون الجديد؟
صرح وزير الداخلية أن الإنتخابات الفرعية ستجري على أساس القانون القديم، بينما في الواقع عليها أن تجري على القانون الجديد الذي بمجرد صدوره يمحو القانون السابق ولا يحق لأي أحد ان يحيي القديم. هناك معركتان مهمتان في تلك الإنتخابات الفرعية: واحدة في طرابلس والثانية في كسروان. من الواضح أن معركة طرابلس ستكون مهمة جداً لوزن تيار المستقبل الذي سيواجه تكتلاً مهماً في وجهه. ستكون هذه الإنتخابات الفرعية إختباراً حيوياً لتيار المستقبل لكشف قدرته على قيادة طرابلس والشمال. ويمكن لهذا الإختبار الحيوي أن يمنع من إجراء الإنتخابات الفرعية وتؤجل الى أيار المقبل. أما الإمتحان الثاني فهو في كسروان، حيث سيكون هناك تفاهم بين الثنائية المسيحية (عون- جعجع) على مرشح واحد هو شامل روكز. لكن في الجهة المقابلة سيكون هناك تيار مسيحي مستقل كبير جداً رافض لهيمنة هذه الثنائية. هل ستنجح التيارات المسيحية المستقلة بإسقاط هيمنة الثنائية المسيحية وتمنع وجود هيمنة في الوسط المسيحي على طريقة هيمنة حزب الله على الشيعة؟