الدكتورة رندا ماروني: من جرود عرسال إلى ساحة الاستغلال

407

من جرود عرسال إلى ساحة الاستغلال
الدكتورة رندا ماروني/22 تموز/17

بتوقيت غير لبناني، وبأهداف غير لبنانية تحرك حزب الله بأمر من الحرس الثوري الإيراني وبدأت المعركة، بين حزب الله من ناحية بالتكافل والتضامن مع النظام السوري، وجبهة النصرة من ناحية أخرى، أما الجيش اللبناني فهو على الحياد يلعب دور المدافع عن البلدات اللبنانية والنازحين معا، وهو في حال ترقب لأي تسلل إرهابي محتمل، فمشروع الهلال في استكمال، هذا في الجرود العرسالية، أما في ساحة النجمة تتوالى الفصول الاستغلالية، فبين استغلال واستغلال لا يكاد المواطن يصحو من صدمة ليتلقى صدمة أخرى على رأسه تفقده الوعي الحضاري ليشعر أنه فعلا يعيش في غابة، القوي فيها ينحر الضعيف، لا ضوابط أخلاقية ولا قانونية ولا حدود للاستهتار بحقوق الشعب اللبناني في كافة المجالات.

فبعد الإنجاز العظيم لهذا المجلس المتمثل بقانون الانتخابات المقوض للإرادة الشعبية الصحيحة يأتي الإنجاز التالي متمثلا بإقرار مجموعة من الضرائب التي ستضرب الاقتصاد اللبناني كما القدرة الشرائية للطبقة الفقيرة، فلم يمض بعد إلا وقت قصير على الإقرار الضريبي وقبل التوقيع عليه في مجلس الوزراء حتى زادت أسعار بعض السلع بنسبة 100% دون حسيب أو رقيب. إرهاب على الحدود، وإرهاب في الساحة، تهديد في الأمن، وتهديد في الاقتصاد، جشع في جيوب السلطة، وفقر مدقع في جيوب المواطنين، تجاوز للقوانين مشروع ومبسط من الطبقة الحاكمة وقوانين مكبلة للإرادة تفرض على الشعب، إنه عصر الانحطاط الموقع عليه كل من هم في السلطة.

فمن ولاية الفقيه والحرس الثوري وفيلق القدس ووزارة الاستخبارات والأمن الإيراني وحزب الله ترسم الأهداف وتنفذ ميدانيا، ومن الزعماء والمحاسيب والرواقيب والأتباع يساق الشعب اللبناني إلى المسلخ والأغنام تصفق. أمن سياسي مسلوب، وأمن اقتصادي مسلوب، ومسؤولين عاجزين سوى عن الاستقواء على المواطن الأعزل عزاء للرجولة الضائعة.

قرارات فوق قومية عابرة للحدود تنتهك سيادة الدولة وتهدد وجودها وتنحر كيانها، فالمشروع المصاغ ليس بوليف ولا بحليف، إنما هو كيان يتمدد على حساب وجود الكيان اللبناني. وبالرغم من وجود جيش قوي إلا أنه لا يستطيع الحسم نتيجة تشرذم القرار السياسي، فبعكس ما كان يروج له بأن الجيش اللبناني ضعيف لا يستطيع المواجهة وحده وهو بحاجة إلى معين، نقول بأن الجيش اللبناني قادر، إنما القرار السياسي ضعيف نتيجة للحسابات المصلحية والارتباطات الخارجية وغياب المحاسبة الشعبية.

فالجيش اللبناني يلتزم الدفاع عن الأراضي اللبنانية في معركة ليست بمعركته وبتوقيت إيراني، حماية للقرى اللبنانية من عرسال إلى رأس بعلبك إلى القاع ويتخذ تدابير أمنية لمنع تسلل الإرهابيين من المناطق المتداخلة جغرافيا والغير مرسمة الحدود بشكل واضح والمتنازع عليها، كما يقوم بحماية النازحين والذين في أغلبيتهم هم من سكان القلمون وريف حمص، حيث ساهم حزب الله في تهجيرهم نتيجة تواجده في الداخل السوري ومساندته للنظام عسكريا.

وإذا كانت جبهة النصرة التي تشكل إحدى الجيوب الأمنية الواجب الإطاحة بها معروفة الهوية، فإن داعش الساحرة مكتومة القيد لم يعترف أحد بأبوته لها تظهر لتختفي وتختفي لتظهر في معارك وهمية، فليس من المستغرب أن تختفي فجأة بعد إنهاء المعركة التي تدور مع جبهة النصرة في جرود عرسال حيث لم تؤدي المفاوضات بين جبهة النصرة وحزب الله في التوصل إلى انسحاب آمن.

ففي عصر اللاعبين الكبار يساق الصغار وفي المنطقة الوسطى المرسومة من دمشق إلى ريف حمص يحاول النظام الإيراني استعادة ما خسره في جنوب سوريا لتثبيت سيطرته كانطلاقة ضرورية للمواجهة القادمة في التنف حيث يصبح هذا الجزء من الحدود الممر الأساسي بين لبنان سوريا وإيران، فتقاسم النفوذ الدولي من جهة والمشروع الإيراني المتواطئ مع النظام السوري من جهة أخرى يثبتان تقسيم سوريا حيث لم يمانع لافروف بإنشاء مناطق آمنة الأمر الذي ينعكس عمليا تجزئة سوريا إلى عدة مناطق بين آمنة أو تابعة للنظام، كما أن تشبث النظام في البقاء في السلطة يؤدي إلى هذه النتيجة، أي حتمية إقامة مناطق آمنة بدل الانتقال إلى مشروع سياسي جديد يشمل المساحة السورية بأكملها.

لقد أطاح المشروع الإيراني بسوريا الموحدة كما يكاد أن يطيح بكل ما تبقى من مقومات الدولة اللبنانية. فالمشروع الإيراني جنين مشوه هجين يريد الحياة على أنقاض الآخرين وهو مستمر في محاولاته خرق حدود الدول، ووصلها بخريطته المبتغاة فكم ستكلف من معاناة؟
ففي لبنان الأمن منتهك والاقتصاد منهوك والفاعلين والمتواطئين معروفين من جرود عرسال وحتى ساحة الاستغلال.
جرود عرسال
وساحة إستغلال
دولة منكوبة
في وضع إحتلال
نستذكر في الأولى
مشروع الهلال
يمضي قدما
يسعى الكمال
أما في التالية
فنهب وإغفال
لشعب يئن
في حال إهمال
مسلوب الإرادة
من حفنة دجال
يريدون المواطن
رهن الإمتثال
لمشاريع مشبوهة
فحواها إذلال
وبسط سلطة
ووضع أكبال
وقهر شعب
وسجنه إعتقال
أمنه مسلوب
وجيبه مسروق
وحاله حال
فالقصة تحاك
بين حدود
وساحة إستغلال…