نوفل ضو: الحكومة العاجزة وأزمة النازحين السوريين

56

الحكومة العاجزة وأزمة النازحين السوريين
نوفل ضو/جريدة الجمهورية/السبت 08 تموز 2017

يقارب الساسة اللبنانيون، الممسكون بالقرار الرسمي للدولة، ملف النازحين السوريين في لبنان من زوايا متناقضة:
– الأولى تدعو الى الحوار المباشر مع النظام السوري لترتيب عودة النازحين الى سوريا.
– الثانية ترفض أي حوار مباشر مع الحكومة السورية.
– الثالثة ترى في التفاوض غير المباشر مع الحكومة السورية بواسطة فريق دولي ثالث، قد يكون دولة كروسيا أو الأمم المتحدة من خلال أمانتها العامة أو أي من المنظمات الإنسانية التابعة لها.
الفريق الأول يريد استخدام ملف النازحين لفك الطوق السياسي والديبلوماسي العربي والدولي عن النظام السوري أكثر ممّا يريد حل مشكلة النازحين.
والخشية أن يكون بعض من يصطفّ في الفريق الثاني يريد استخدام ملف النازحين لزيادة الضغوطات على التحالف السوري – الإيراني وامتداداته اللبنانية، بحيث يرى في النازحين السوريين «سلاحاً ديموغرافياً» سنياً ضامناً لـ «توازن الرعب» مع «حزب الله» في مناطق نفوذه البقاعية.
كذلك يرى فيه عنصراً مساعداً في زيادة الضغوط على المجتمع الدولي الخائف من انفجار قنبلة النازحين من أجل التسريع في قرار إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد، كمدخل لحل ملف النازحين في لبنان كجزء من حل ملف النازحين السوريين عموماً.
ويبقى موقف الفريق الثالث هو الأكثر انسجاماً مع سياسة «النأي بالنفس» الرسمية المعلنة، ولو من دون أن تنفذ فعلياً على أرض الواقع.
فلبنان يفترض ألّا يكون معنياً مباشرة لا بالمواجهة مع النظام السوري الى جانب معارضيه، ولا بالدفاع عنه ومؤازرته في مواجهة معارضيه السوريين والإقليميين والدوليين. وبالتالي، فإنه من غير الجائز التحجّج بمسألة التنسيق المباشر مع النظام السوري أو عدمه للإحجام عن اتخاذ الخطوات الديبلوماسية والسياسية المطلوبة لمعالجة ملف النازحين السوريين الذي بات – باعتراف الجميع – يشكّل تهديداً مباشراً للأمن القومي اللبناني وللاستقرار السياسي وللتوازنات الديموغرافية المختلة أصلاً، بما ينعكس مخاطر اجتماعية واقتصادية كبيرة على اللبنانيين ومصالحهم الحياتية والسياسية والأمنية والمالية والبيئية والخدماتية وغيرها.
بالأمس القريب، تحدث الوزير السابق سجعان قزي عن سبعة وزراء يزورون سوريا أسبوعياً وفي شكل دوري، وتحدث وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق عن أبناء ثلاثة وزراء لبنانيين يقاتلون في سوريا دعماً للنظام السوري، وأكد وزير الخارجية جبران باسيل صراحة أنّ «هناك علاقات ديبلوماسية وعسكرية وأمنية ومالية مع سوريا»، موضحاً «أننا ندفع لهم شهرياً مقابل ما نشتريه منهم من كهرباء منذ سنوات طويلة»، وقال: «التواصل مع الحكومة السورية ضروري للتعاطي بملفات، منها ملف النازحين»، وأنه من الطبيعي أن يلتقي بوزير الخارجية السوري وليد المعلم عندما يكون في نيويورك ممثلاً لبنان، كاشفاً أنّ «التنسيق مع النظام في سوريا يتم، وهذا على مسؤوليتي ومن الجهتين»، سائلاً: «ماذا يفعل إذاً المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم في سوريا؟».
فهل انّ ما جاء على لسان وزير الخارجية يتم بمعزل عن قرار الحكومة ومعرفتها؟ فإذا كانت تعرف وهي موافقة، فلماذا التنسيق مع النظام في كل شيء إلّا في موضوع النازحين؟ وإذا كانت لا تعرف، فهذا يعني أنها غير مؤهلة لحلّ أي مشكلة سواء تلك المتعلقة بالنازحين السوريين أو بغيرهم، وعليها أن تعترف بالعجز أمام الملأ وتستقيل!
بطبيعة الحال، لست في مجال الدفاع عن منطق الدّاعين الى التفاوض مع النظام السوري والتطبيع معه، ولكن الواقع يستدعي الاعتراف بأنّ مشكلة لبنان مع النازحين السوريين تكمن في عجز الدولة اللبنانية عن اتخاذ قرار استراتيجي مبني على تصوّر واضح للحل.
فالمصلحة الوطنية لا تكون بالتبعية للنظام السوري أو لمعارضيه الإقليميين والدوليين بل بتبَنّي سياسة واضحة وواحدة ومعلنة حيال ملف بهذا الحجم من الخطورة. فمن دون مثل هذا التصوّر لا يمكن لا لمجتمع دولي ولا لأصدقاء لبنان في العالم أن يساعدوه على التخلّص من أعباء النزوح السوري، على قاعدة: «ساعدوا أنفسكم لكي يساعدكم الآخرون»!
* عضو الهيئة المركزية لـ«14 آذار – مستمرون»