رداً على الحملة المكفرة للإعلامية ديانا مقلد/موقع طامحون: صلاة استخارة … هل ننشر المقالة؟

112

صلاة استخارة … هل ننشر المقالة؟
موقع طامحون/المحرر السياسي/23 أيار/17

لن أدخل في أي نقاش ديني أو فقهي، ولست في الأساس أهلاً للمنازلة في دقائق النص أو مفاصله. يكفي أن أقول في السياسة ما أعتقد أنني ملزمٌ بقوله.

ثمة جنوح واضح داخل أروقة تيار المستقبل نحو تعزيز خطاب شعبوي قائم على جملة وافرة من الأسباب الموجبة. كأن نسارع مثلاً إلى رجم أنفسنا قبل أن يقتنص أحدهم فرصة صفعنا بكل يده، حيث بات الخوف من الشارع حاضرًا عند كل زاوية وكل مفترق، ما يعزز الانزلاق الحتمي نحو المزايدات الرخيصة، ويضعنا بالتالي أمام معادلة مستجدة قائمة على استحالة التنوع واندثار الرأي الآخر.

يقول الزميل إيلي الحاج إن أحد قياديي تيار المستقبل أخبره عقب طرده من إذاعة الشرق أن ردة الفعل حيال ما كتبه انطلقت من خشية أبداها أحمد الحريري حول إمكانية استغلال اللواء أشرف ريفي لهذا الكلام في سياق مواجهته المفتوحة مع التيار، وبناء عليه، اتُخذ قرار حاسم يقضي برد حازم، بدأ مع جوقة من الشتّامين والمطاوعين والمزايدين، وانتهى بطرده من وظيفته.

لاحقًا، سارعت الجوقة عينها إلى استهداف الزميل نديم قطيش بشكل ممنهج على خلفية رأي عبّر عنه بطريقته الخاصة. بدا الهجوم جنونيًا ومنسقًا على نحو مؤلم ومباغت. تمامًا كما لو أن العقل المدبر قد عمد الى رفس كل ما راكمه الرجل على مدى سنوات من الاشتباك باللحم الحي، ومن الهرولة على طريق يعجّ بالجثث، وقرر أن يُلقمه حجرًا، وأن يردد على مسامعه بصوت الشارع: تقاتل حيث نريد لك أن تقاتل، وتصمت حيث نريد لك أن تصمت. نقطة انتهى.

الآن، حان دور الزميلة ديانا مقلّد، تلك الشجاعة التي شكلت ولا تزال رأس حربة في المقارعات الخشنة. خرجت من قلب بيئتها لتثور على التقليد وعلى الأفكار المعلّبة والخطابات المعصومة. طالما قالت كلمتها المدوّية بوجه من لا يفقه سوى لغة القتل والشطب. وطالما رفعت صوتها في خضّم كل معركة من معارك الحرية والكرامة. نقابلها اليوم بالويل والثبور، ونوعز لبعض الصبية والحاقدين كي ينالوا من كرامتها وحضورها وعزيمتها على خلفية منشور قد نتفق معه أو نختلف، لكن ذلك لا يبرر على الإطلاق هذه الحملة الممنهجة، وهذا الكم المريع من الحقد المنّظم، ومن الابتزاز الشعبوي الرخيص.

أي رسالة تلك التي يجب أن نفهمها ويفهمها الجميع؟ هل المطلوب أن تتحول هذه الحالة التي تتباهى بتعدديتها وتنوعها وفرادتها إلى مجموعة من الرعاع والشتّامين والمتطرفين؟ هل يجوز أن نلاحق الناشطين إلى صفحاتهم وعقولهم وغرف نومهم لنهددهم بلقمة عيشهم؟ أي درك هو ذاك الذي وصلنا إليه؟ وأي قيامة تلك التي نرجوها على يد قطّاع الطرق وشذاذ الآفاق؟

في إحدى إطلالاته الإعلامية، قال الرئيس سعد الحريري إنه يوافق على الزواج المدني انطلاقًا من فهمه وإدراكه لطبيعة لبنان وتركيبته، واستنادًا إلى مشروعه وتياره المنفتح والعابر، مع احتفاظه وعائلته بما تميله شريعته ومعتقده. يومها شعرنا أننا أمام حالة تقدميّة وشجاعة. أمام رجل انحاز لخطابه ومبدأيته على حساب الشعبويات الرخيصة. اليوم نشعر بأننا نختنق. نلفظ آخر نفسٍ على مذبح أحلامنا التي ما برحت ترتطم بتركيبة عصية على الكسر. نتحسس عظيم مصابنا ونحن قاب قوسين أو أدنى من الاستسلام والهزيمة.

كان لزامًا علينا أن نتوضأ ونستخير الرحمن الرحيم قبل الإقدام على نشر هذه المقالة. فربما، نقول ربما، يحول هذا دون إصدار تكليف شرعي يقضي بسحقنا على خلفية دفاعنا الأحمق عن ثلة من الكفرة والجاحدين والمرتدين.
https://tamihon.com/archives/1880