حديث النائب السابق د .فارس سعيد لإذاعة الشرق/لعبة الكلام عن الضمانات الطائفية هي ليست حكراَ للمسحيين

60

حديث النائب السابق د. فارس سعيد لإذاعة الشرق

17 أيار/17

سئل : ماذا يعني شارل مالك خصوصاً بعد إطلاق أول كتاب فلسفة له حول النظم الماورائية ؟
أجاب : طبعاَ هو علم من أعلام لبنان الذي ناضل من أجل موقع لبنان في الأسرة العالمية واضعاَ الأحرف الأولى لميثاق شرعة حقوق الإنسان وأب من آباء فلسفة التجربة اللبنانية, بالمرحلة التي نعيشها اليوم هذه القامات الوطنية الكبرى أصبحت اليوم نادرة وغير موجودة لا بالحياة الفكرية ولا الحياة الوطنية ولا الحياة السياسية.

سئل : الكل يبدي هواجسه في الموضوع من خلال قانون جديد للإنتخابات , لقد دعا لقاء سيدة الجبل إلى إنشاء إطار سياسي وطني جديد لضمان الدستور والعمل بعيداَ عن الإصطفافات الطائفية والمذهبية هل هذه المبادرة هي إنقاذية لمواجهة الخطاب السائد ؟
قال : أريد أن أستذكر عبر إذاعة الشرق سمير فرنجية الذي هو أيضاً أحد آباء هذه التجربة الحديثة خاصة بعد الحرب , هو ينتمي إلى جيل وإلى تجربة عرفت العنف وعرفت الحرب والتباعد والقتل على الهوية وعرفت إقتطاع رقعة جغرافية في لبنان حتى تشيد عليها كل طائفة دورتها الأمنية والعسكرية والسياسية والإعلامية وحتى المالية وقد ناضلنا إلى جانبه من أجل إعادة توحيد لبنان وكانت ذروة هذه التجربة في لحظة 14 آذار 2005 عندما نزل جميع اللبنانيين بكل أطيافهم إلى الشارع مطالبين بعنوان واحد هو خروج الجيش السوري من لبنان واليوم بعد 11 عاماَ عاد اللبنانيون إلى داخل مربعاتهم الأمنية والطائفية يتقاذفون المسؤولية, وهناك من يقول بأن كل طائفة لديها همومها ولديها أولويات تختلف على الطائفة الأخرى بحيث أن لبنان فقد مناعته اليوم وهو غير قادر على إنتاج حتى قانون إنتخابات وحتى أي شيء يسير بإتجاه بناء الدولة الذي كان طموحنا عام 2009 العبور إلى الدولة , اليوم نحن نذهب للعبور إلى الفوضى الحقيقية وإلى إنهيار الدولة في لبنان وعندما نتكلم عن إنهيار الدولة نتكلم عن إنهيار فلسفة لبنان أي العيش المشترك , الدولة العادلة تضمن العيش المشترك ومن خارج العدالة ليس هناك عيش مشترك , يطيح بالعدالة بالحرية وأيضاَ يطيح برسالة لبنان من هنا نرفع الصوتونقول إننا بحاجة إلى مبادرة وطنية إنقاذية وهذه المبادرة يجب أن تأتي ليس فقط من الجانب المسيحي المأزوم إنما أيضاَ من كل الطوائف الأخرى التي هي بنفس الوقت مأزومة كما هو مأزوم الوسط المسيحي , يقدم برأيي ومع إحترامي للجميع صورة غير مفيدة للتجربة المسيحية في لبنان من خلال مقاربته لقانون إنتخابي بالشكل الذي يقاربه فيه , إنّ الأطراف الأخرى لا تساعد في إعادة إنتاج صورة التجربة اللبنانية البناءة.

سئل : هل نحن أمام إنهيار الدولة من خلال ما يجري ؟ وهل يمكن لقانون إنتخابات أن يطيح بكل الإنجازات اللبنانية ؟
قال د سعيد : إنّ قانون الإنتخاب ليس هو المشكلة وليس هو الحلّ , إنما بمناسبة النقاش حول قانون الإنتخاب ظهر إلى العلن وأمام الرأي العام عدم إدراك المسؤولين السياسيين خاصة الجدد منهم الذين لا يعرفون التجربة اللبنانية ولا يعرفون الأثمان التي دفعت من أجل التوصل إلى إتفاق الطائف وإلى التجربة اللبنانية وحتى لم يقدروا لحظة 14 آذار بأهميتها الوطنية وليس فقط بمكاسبها السياسية واليوم يعودون إلى مربعاتهم الطائفية ويتخاطبون من نافذة طائفية إلى نافدة طائفية أخرى , أنا ضد ما يقوم به الوزير جبران باسيل بمقاربة موضوع قانون الإنتخاب , بالمقابل عندما يبرز حزب الله بأنه يتفاجأ بالخطاب الطائفي الذي يقدمه جبران باسيل وهم الذين شجعوا على إستخدام هذا الخطاب الطائفي خلال 11 عاماَ وهم الذين دفعوا باسيل وعون على إستخدام الكلام الطائفي حول حقوق المسيحيين وهم الذين حرّضوهم بأن هناك من يأخذ حقوق المسحيين واليوم يتفاجؤن كيف الوزير باسيل يتكلم بهذا الشكل ومن أدار عملية العودة إلى المربعات الطائفية هو منذ اللحظة الأولى حزب الله الذي أخافه خروج الجيش السوري من لبنان والذي إعتبر أنه سيتم عزله في لبنان من خلال القوى الوطنية إفتعل حرب تموز عام 2006 وقام بتحالف مع فريق مسيحي إستخدم هذا الفريق عصا بيده ضد الفرقاء الآخرين وبالتحديد الفريق السني واليوم يتعجب كيف أصبح باسيل طائفياَ ! وكيف العماد عون بوصفه رئيساً للجمهورية لا يتدخل , مثل الذي يقوم بإفتعال حدث ما ويتعجب كيف حدث وما ادى إليه من نتائج .

سئل : هذا الإطار السياسي للوطن من سيشارك فيه وهل هذه المبادرة ستلاقي مبادرة الأزهر وأين يقف الصرح البطريركي من هذه المبادرة ؟
أجاب د سعيد : أريد أن ألقي الضوء مجدداَ وأكرر إعجابي بما قام به الأزهر في مصر من خلال الشيخ أحمد الطيب ومجموعة من المفكرين المسلمين اللبنانيين والعرب وعلى رأسهم د. رضوان السيد وغيره من المفكرين في طرح موضوع مؤتمر المواطنة في القاهرة بمشاركة كل كنائس الشرق الأوسط وعلى رأسهم البطريرك الراعي , ونحن نعمل من خلال إطار لقاء سيدة الجبل وبالمشاركة مع الذين شاركوا في هذا المؤتمر في محاولة إطلاق مؤتمر في بيروت يلاقي مؤتمر الأزهر من خلال إعلان لبناني , هذا الإعلان يشارك فيه مرجعيات روحية إسلامية ومسيحية وقيادات ونخب ثقافية يقول بعكس المشهد القائم اليوم بأن لبنان بات منقسماَ بين مسيحيين ومسلمين وسنة وشيعة ودروز وعلويين وغيرهم , بالعكس نريد أن نقدم الصورة الحقيقية صورة العيش المشترك كما أننا نعمل من خلال لقاء سيدة الجبل في محاولة إعطاء دور حقيقي للمسيحيين يخرج عن ضمانة الكراسي , هناك من يقول للمسيحيين إذا حصلتم على مقاعد في مجلس النواب تستعيدوا دوركم , نحن نقول بالعكس بأن موضوع المقاعد مهم والتمثيل المسيحي مهم إنما لا يمكن أن نحصل على مقاعدنا ولا على وجودنا إلا إذا أبرزنا ما هو دورنا وإفادتنا في هذه المرحلة من العالم العربي الذي يعاد تشكيله اليوم بشكل جذري وعلى مساحة العالم العربي والإسلامي , نحن ندعو المسيحيين بأنهم أفضل من الصورة التي يبرزونها اليوم , نحن أصحاب سلام عندما يتكلم الجميع في هذه المنطقة عن العنف , عندما تذهب كل الطوائف إلى الحرب , عندما يكون صوت المدافع أقوى من كل الأصوات نحن ندعو المسيحيين أن يخوضوا معركة سلام بين المسلمين والمسيحيين , بين العالم الخارجي والعالم العربي الذي هو عالمنا والذي ننتمي إليه ليس فقط بالجغرافيا إنما أيضاَ بفعل إيماننا بأننا عرب متجذرون في هذه المنطقة وأيضاَ أن يكون لنا دور في عملية سلام المنطقة , هذا هو الدور الحقيقي الذي يمكن للمسيحيين أن يعيدهم إلى الحياة السياسية.
أضاف : أما الدور الذي يعتمده من يفاوض بإسمهم حول قانون إنتخابات بأن يختزل المسيحيين بحصة , نحن لسنا حصة نحن دور ودورنا يتجاوز الحصص دورنا هو ترسيخ العيش المشترك الإسلامي ـ المسيحي , دورنا هو ترسيخ عملية السلام في المنطقة.

سئل : المملكة العربية السعودية دعت الرئيس سعد الحريري لتمثيل لبنان في القمة العربية الإسلامية الأميركية وهناك معلومات عن رفض الولايات المتحدة توجيه الدعوة إلى الرئيس ميشال عون ما هو إنطباعك عن هذا الوضع ؟
أجاب : أنا لا أملك معلومات لماذا تم تجاوز دعوة رئيس الجمهورية, إنما أريد أن أؤكد أنني اليوم سمعت كلاماَ للنائب جنبلاط يقول لم يتم تجاوز ميشال عون بوصفه مسيحياَ بل بوصفه إيرانياً, وأعتقد بأنه تجاوز ميشال عون لأنه يتشارك بسياسته مع إيران في المنطقة وهو الرئيس الوحيد في العالم العربي الذي يقول بصوت عال بأن الجيش اللبناني هو جيش ضعيف وأن بقاء سلاح حزب الله لا يتناقض مع بناء الدولة في لبنان , هذا الكلام لا يتناسب مع طبيعة القمة العربية الأميركية التي ستعقد في العشرين والواحد والعشرين من أيار , تم تجاوزه من موقع سياسي ايراني ودفع المسيحيون ثمن غيابهم عن القمة المهمة , أنا لست سعيداَ أن يكون هناك تغييب لرئيس مسيحي في هذه القمة المهمة جداً إنما هذا التغييب حصل بسبب السياسة التي يقودها الرئيس المسيحي الوحيد في العالم العربي والإسلامي هو الرئيس ميشال عون الذي بدل أن تكون سياسته تتناسب مع طبيعة نظام المصلحة العربية ذهب بسياسته بان يتجاوز العالم العربي وأن يفضل تغليب سياسة النفوذ الإيراني على سياسة النفوذ العربي وبالتالي دفع المسيحيون ثمن هذه السياسة التي قادها ميشال عون.

سئل : هل سنشهد قبل 20 حزيران ولادة قانون يفتح الباب أما عقد تشريعي إستثنائي لإقرار قانون يتبعه تمديد تقني أم أنّ شائعة قانون الـ 60 باتت واقعاَ مما يعني أننا ذاهبون إلى تمديد مغلّف للـ 60 لأربع سنوات ؟
أجاب د سعيد : لست قادراَ على الإجابة على السؤال لأننا نتابع ملف قانون الإنتخاب حيث نصحو على شيء وننام على شيء آخر وكأن هناك دولة ظاهرة في لبنان ممثلة برئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والإعلام والإعلاميين والحركة السياسية , هذه الدولة تتكلم عن قانون إنتخابات وعن مقاعد وعن تقنية الإنتخابات وبالمقابل هناك دولة عميقة لا نشهدها ولا نلمسها , هذه الدولة هي بإشراف حزب الله وتدير الدولة الظاهرة وهي حتى اللحظة لا تريد إنتخابات ولا قانون إنتخابات وتوظف بعض الرموز اللبنانية ومنهم الوزير باسيل وغيره لقيادة عملية التعقيد في إنتاج قانون جديد لأن ساعتها إقليمية وتريد الإنتخابات وفقاً لمصالحها الإقليمية , إذا ذهبت القمة العربية الأميركية الإسلامية إلى نتيجة إسمها حلف ناتو عربي أميركي لمواجهة إيران في المنطقة ربما حزب الله ستكون حساباته أن يكون لبنان ساحة من ساحات المواجهة مع الولايات المتحدة وبالتالي بهذا السيناريو قد يكون حزب الله لا يريد إنتخابات , بالظاهر هناك من يريد ويناقش ويقود عملية حوار من أجل إنتاج قانون إنتخابات مع تعقيدات وفي الباطن هناك من لا يريد إنتخابات وإذا أراد هذه الإنتخابات يريدها لساعته ويريدها بشروطه حتى يحصل على بوليصة تأمين من قبل الدولة اللبنانية تحميه وتحمي سلاحه.

سئل : هل من بين القوانين المطروحة ما يخرجنا من الطائفية ؟
قال د سعيد : بدل أن نذهب إلى إنتخابات غير طائفية ونذهب إلى مجلس نيابي محرر من القيد الطائفي ومن ثم إنشاء مجلس شيوخ يؤمن الضمانة للطوائف اللبنانية ذهبنا إلى إنشاء مجلسين طائفيين مجلس نواب منتخب على قاعدة طائفية ومجلس شيوخ منتخب أيضاً على قاعدة طائفية وهذا يفتح المجال لتعديل دستوري لا نعرف أين يبدأ ولا نعرف أين ينتهي , يتكلم المسيحيون عن ضمانة إسمها بأن يقوم الناخب المسيحي بإنتخاب نائباً مسيحياَ وهذا يتناقض مع الدستور الذي يقول بأن 64 نائباَ مسيحياَ هم منتخبون من اللبنانيين وليس من المسيحيين , وبذلك نكون ذهبنا إلى مجلس طائفي ودخلنا في عملية تعديل دستوري وإذا نادى المسيحيون بضمانات سينادي غير المسيحيين بضمانات أخرى , سيقوم أحد من السنة ويقول تعالوا لنتكلم بالعدد وسيقوم أحد من الشيعة ويقول إذا كانت ضمانتكم عدد المقاعد والكراسي ضمانتنا ببقاء السلاح وبأن يكون في لبنان جيشان تماماَ كما هو الحال في العراق أو في إيران , هناك جيش نظامي وحرس ثوري وحشد شعبي وحزب الله في لبنان , لعبة الكلام عن الضمانات الطائفية هي ليست حكراَ للمسحيين , كل الذكاء الذي كان موجوداً في قرنة شهوان على سبيل المثال كان بأننا حوّلنا مطالب المسيحيين إلى مطالب جامعة وخروج جعجع من السجن إنطلق مطلباَ قواتياَ تحوّل إلى مطلب مسيحي في قرنة شهوان وأصبح مطلباَ وطنياَ في العام 2005 , خروج الجيش السوري من لبنان بدأ مطلباَ كنسياَ عام 2000 تحول إلى مطلب مسيحي في قرنة شهوان ثم أصبح مطلباَ لبنانياَ ووطنياَ عام 2005 واليوم المطالب المسيحية نضعها في مواجهة مطالب إسلامية وبالتالي هذه المطالب ستلغي مطالب أخرى وتدخل في الدوامة التي دخلنا بها.

وحول كيف قرأ إنسحاب حزب الله من الحدود الشرقية مع سوريا وتسليمها للجيش اللبناني قال :
أياَ تكن الأسباب هو إنسحاب يفسح المجال بأن تبسط الدولة اللبنانية سلطتها على كامل التراب اللبناني وبالتحديد على الحدود السورية مع لبنان وهذا يحمل الحكومة اللبنانية مسؤولية تنفيذ قرارات الشرعية اللبنانية أي أن يكون الجيش اللبناني ضابطاَ لحركة المرور ذهاباَ وإياباَ للمسلحين على الحدود اللبنانية السورية وهذه مسؤولية كبرى تتحملها حكومة لبنان وعليها أن تتحملها.