ايلي الحاج: تقدم على طريق تعديل غير رسمي لـ”الطائف” يحلّ الأزمة تكريس المناصفة مع مجلس شيوخ ونسبية وانتخابات في تشرين

51

تقدم على طريق تعديل غير رسمي لـ”الطائف” يحلّ الأزمة تكريس المناصفة مع مجلس شيوخ ونسبية وانتخابات في تشرين

ايلي الحاج/النهار/4 آيار 2017

للمرة الأولى يمكن أن يدخل تعديل “غير رسمي” على تطبيق “اتفاق الطائف” لمصلحة المسيحيين. فيكرس المناصفة على الدوام في مجلس النواب وعلى قاعدة النسبية، مع إنشاء مجلس للشيوخ، أو تفاهم على إنشائه، على أن يكون برئاسة درزي كما يشترط رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط ، ويتواصل البحث في وعود وترتيبات لإنجاز التفاهم على هذا المجلس لاحقاً. المقايضة هذه تسقط “القانون الأرثوذكسي” وما يشبهه من التداول، واستلزمت مفاوضات مرهقة. وهي تسقط أيضاً التأهيل الطائفي والصوت التفضيلي الطائفي، ليذهب لبنان إلى قانون جديد للانتخابات من اليوم إلى 19 حزيران المقبل، بعدما سقطت مهلة 15 أيار الضاغطة وانتهى التمديد، وأعلن طي هذه الصفحة على التوالي رئيسا مجلس النواب ومجلس الوزراء، نبيه بري وسعد الحريري. ببساطة وسرعة هدأت المواقف وتبددت الغيوم السوداء، خصوصاً بعد خطاب الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الثلثاء. ليس فقط لم يعد التمديد من دون قانون جديد في الحسبان، بل لم يعد أي فريق يرى مفراً من إقرار قانون جديد، بعدما تأكد الجميع أن البلاد دخلت الهاوية. لم يعد جائراً اللعب على حافتها. في الأجواء الهادئة عاد البحث عملياً إلى مشروع القانون الذي أرسلته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي على عهد الرئيس ميشال سليمان إلى مجلس النواب: نسبية كاملة على أساس دوائر متوسطة ( 13 – 15 دائرة)، في ظل تفاهم أوسع، يشمل تكريس المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في مجلس النواب، والقفز فوق بند انتخاب مجلس نواب خارج القيد الطائفي الوارد في “اتفاق الطائف” لإنشاء مجلس للشيوخ وفق القاعدة الطائفية، بما يرضي على السواء المسيحيين والدروز.

الرئيس بري عرض هذه الرؤية إلى الحل على الأفرقاء تباعاً وبدا أنه يلقى قبولاً تدريجياً. كان سبقه إليها الرئيس سعد الحريري في مؤتمر صحافي عقده في باريس عام 2013 بناء على نصيحة من الوزير السابق الشهيد محمد شطح، لحمل الأطراف المسيحيين على التخلي عن فكرة “القانون الأرثوذكسي”. كانت الغاية تبديد قلق، يهبّ ويخفت في ضوء التغيير الديموغرافي لغير مصلحتهم، بفعل الحرب والهجرة، حيال احتمال أن يأتي يوم يتخذ مجلس النواب، المنتخب خارج القيد الطائفي، قرارات لا تراعي حريات المسيحيين ومصالحهم والمساواة بين المواطنين وما شابه تحت وطأة ظروف معينة. احتمال مجرد وروده في أذهان بعضهم يعدّ كارثة كبيرة. “انخفضت السقوف العالية وسلّم الجميع بالدوائر المتوسطة نزولاً عند إصرارنا”، يقول لـ”النهار” بنبرة أحد المشاركين في المفاوضات بعدما بدا أنها مجرد “طبخة بحص”، والبحث صار تحت سقوف الممكن والمعقول. ويبدي تفاؤلاً بأن الدوائر الوسطى تمنع التحكم العددي في نتائج انتخابات تجري وفقاً للنسبية. وتتقاطع المعلومات على أن السير بهذا الحل سيؤدي إلى إجراء الانتخابات في تشرين الأول المقبل. وأن رئيس الجمهورية ميشال عون لا يمكن أن يقبل بأن تنتهي السنة من دون انتخابات، مما يعني أن التمديد التقني لن يتجاوز حاجز الـ 4 أشهر، وهذا الموعد تحقق تفاهم عليه مع الرئيسين بري والحريري.

كذلك لن يقبل عون التخلي عن مبدأ التصويت سواء في مجلس الوزراء أو في مجلس النواب لأن في ذلك تخلياً عن اللعبة الديموقراطية وعن تطبيق الدستور والقوانين، ولا يمكن الاكتفاء بالتفرج فيما البلاد تتعرض لاحتمال الخراب بسبب رفض بعض الاطراف مبدأ التصويت. وسيعلن عون هذا الموقف في مجلس الوزراء اليوم، من دون أن يعني ذلك طرح موضوع قانون الانتخابات على التصويت. ولكن لا تكفي إيجابيات “الصفقة”، هذه كما يراها أطراف مسيحيون، لاستبعاد بروز اعتراضات عليها، فما سوف يحصل هو تجاوز لبند إصلاحي في اتفاق الطائف يتخوف سياسيون ومتابعون أن يوصل إلى تجاوز بنود سيادية فيه. لعلّ النائب السابق لبلاد جبيل الدكتور فارس سعيد أكثر من يعلي صوته محذراً من تسهيل “شرعنة” سلاح “حزب الله” خلافاً للطائف من خلال الاعتراف بجيشين للبلاد على غرار العراق وإيران، وفقاً لمقولة إن “المسيحيين أخذوا تكريس مناصف في مقاعد تطمئنهم في مجلسي النواب والشيوخ، أما نحن الشيعة فما يطمئننا هو سلاحنا، ونحن نضمن الاستقرار للبنان والأمان للأقليات، على ما قال السيد نصرالله للمشاهدين. وهذا وضع خطير جداً خصوصاً في غياب من يتصدى له بالموقف على ابواب عقوبات أميركية جديدة قد تعرض البلاد لأخطار لا يمكن تصورها”.