د. مصطفى علوش: بشّار الكيماوي تكراراً.. ماذا بعد؟

43

بشّار الكيماوي تكراراً.. ماذا بعد؟
د. مصطفى علوش/المستقبل/06 نيسان/17

«السيف أصدق إنباءً من الكتب … في حدّه الحدّ بين الجدّ واللعب.. بيض الصفائح لا سود الصحائف في متونهن جلاء الشك والريب» (أبو تمّام)
لا أحد يظن بأن ضمير العالم وعى فجأة على هول المأساة التي تخنق شعب سورية مع أو دون كيماوي، ولكن ليس من اليوم ولا حتى من ست سنوات يوم انطلاقة الثورة!
فلو كان لهذا الضمير صحوة لكان تحرك منذ عدة عقود يوم مجزرة حماة الرهيبة عندما دمر هذا النظام المدينة فوق سكانها ففاق عدد الشهداء المدنيين الثلاثين الفاً.
ولو أراد أن يصحو لكان تجاوب مع تقارير منظمة العفو الدولية يوم مجزرة باب التبانة سنة ١٩٨٦، والقاتل كان مجدداً هو نظام الاسد.
ولو أراد أيضاً لاستفاق بعد سلسلة الإغتيالات والمتفجرات التي طالت شخصيات وصحف ومواطنين لبنانيين وسوريين وفلسطينيين وصلت أعدادهم لعدة آلاف على مدى سنوات وجود نظام آل الأسد.
ولو أراد الضمير أن يتحرك لكان أوقف مسلسل الموت والدمار وإزالة آثار حضارات يتباكى العالم على فقدانها، منذ اليوم الأول الذي قرر نظام الأسد أن يعاقب الأولاد المشاغبين لكتابتهم الشعارات التي كفرت به كإله معبود إسمه بشار.
ولكان الضمير أيضاً تحرك عندما أطلق الشبيحة النار على المتظاهرين المطالبين بحق بسيط عنوانه الحرية، فلم تكن لتقتلع حنجرة المغني ولا كانت كسرت اصابع الرسام.
كانت لدى هذا المجتمع فرصة كبرى يوم مجزرة الكيماوي الأولى، ولو سقطت يومها بضعة صواريخ ذكية، ليس على قصر القاتل، بل بقربه، لكان استجدى حلاً بعد فراره كأرنب من غرفة نومه بثيابه الداخلية، ولكان مسلسل الموت والدمار توقف وكنا اليوم في مرحلة إعادة الإعمار.
اليوم السؤال هو كيف فوجىء العالم بصور شهداء الغازات السامة ولم تصدمه الأشلاء المبعثرة لعدة مئات آلاف من السوريين الذين طحنتهم البراميل المتفجرة والقاذفات الروسية، والصواريخ الإيرانية؟
فهل لطعم الموت بالغاز نكهة مختلفة عن الموت بالرصاص أو بالمتفجرات أو تحت الركام، أو تحت التعذيب أو على حبل المشنقة بعد محاكمة صورية داخل سجن تفوح منه رائحة العفن والدماء؟ وترتفع منه صرخات تكاد تصل إلى مسمع مئات الطيارين الغربيين الذين يتجولون فوق أجواء سورية؟
السؤال اليوم هو ماذا بعد، وما سيفعله العالم؟
هل سيدرك المتسابقون على محاربة «داعش» بأن أولوية محاربة الإرهاب يجب أن تتركز على القضاء على مسببيه؟
هل سيتعلم العالم بأن التغاضي عن جرائم الأنظمة بحق الناس هو ما أنتج التطرف، وهو ما دفع بالتوحش إلى أبشع صوره؟
لا يهم شعب سورية ولا أطفالها اليوم ما سيقوله ترامب في هجاء الأسد ولا استهاج مركل ولا إدانة هولاند ولا كلام كل المجتمع الدولي حول هول الجريمة وبشاعتها، المهم هو أن يجتمع مجلس الأمن وأن يتخذ القرار المناسب لمعاقبة بشار الكيماوي تحت الفصل السابع، عدا عن ذلك فإن فصول الموت ستستمر.
(*) عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل»