نوفل ضو/الرسائل السابقة لرسالة الرؤساء الخمسة

75

الرسائل السابقة لـ”رسالة الرؤساء الخمسة”
نوفل ضو/موقع ليب تايم/01 نيسان/17

من يتصفح الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية اللبنانية على شبكة الإنترنت، وتحت عنوان “السيرة الذاتية لرئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون”، وفي القسم المتعلق بـ”أهم خطاباته ومحاضراته”، نقرأ ما حرفيته:
في 5–12-1995: رسالة إلى السينودس المنعقد من أجل لبنان.​
في 20-5-1996: رسالة إلى البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ.​
في 22-5-2000: محاضرة في مجلس النواب الفرنسي عن لبنان.
في 18-9-2003: شهادة في الكونغرس الأميركي من أجل التصويت على قرار قانون استعادة سيادة لبنان.​
في 21-11–2004: رسالة رسمية للأحزاب والفعاليات اللبنانية وللدولة السورية للاشتراك بحوار سعياً للوصول إلى اتفاق حول الانسحاب السوري من لبنان يشكّل مخرجاً مشرفاً للجميع.

مناسبة العودة الى هذه المحطات الجيدة من حياة العماد ميشال عون السياسية هي النقمة العارمة منه ومن حلفائه السياسيين على رسالة “الرؤساء الخمسة” الى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية والى القمة العربية الأخيرة التي انعقدت في عمان قبل أيام.

فمن حيث الشكل، يتبين أن العماد عون الذي كان رئيسا سابقا لحكومة انتقالية وجه أكثر من رسالة الى أكثر من مرجعية عربية ودولية رسمية وأدلى بأكثر من مداخلة أمام هيئات أجنبية متجاوزا أركان الحكم الذي كان قائما يومها في لبنان ومن دون إعلام الحكومة اللبنانية والمؤسسات الدستورية المعنية مسبقا.

أما من حيث المضمون، فأن ما كان يطالب به عون في تلك الفترة عبر رسائله ومداخلاته الأوروبية والأميركية والفاتيكانية، فلم يكن مختلفا في شيء عما تضمنته رسالة “الرؤساء الخمسة” الى القمة العربية لناحية التأكيد على المساعدة في استعادة لبنان سيادته على أرضه من خلال قواه الشرعية، وليس فقط من خلال تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي وإنما في المطالبة بقرارات جديدة وأبرزها قانون الكونغرس الأميركي لـ”استعادة سيادة لبنان” الذي أسس في صيف 2004 لقرار مجلس الأمن الدولي 1559 الداعي الى احترام الدستور في انتخاب رئيس للجمهورية وانسحاب الجيش السوري من لبنان وحل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية.

فبين العامين 1990 و2005، وفي ظل سلطة سياسية من لون واحد في لبنان متحالفة مع سوريا وتؤمن الغطاء لدورها العسكري والسياسي والأمني في لبنان، لجأ العماد عون الى كل المرجعيات العربية والدولية لإيصال وجهة نظره المناقضة تماما لسياسة أركان الحكم في لبنان. فلو كانت قنوات الحوار مفتوحة بين اللبنانيين في شأن الوجود (الإحتلال) العسكري السوري للبنان والإدارة السورية للحياة اللبنانية بكل تفاصيلها السياسية والإدارية والأمنية والإقتصادية، لما كانت حاجة عون لتجاوز أركان الحكم والتواصل مباشرة مع مرجعيات عربية ودولية فاعلة لمحاولة إقناعهم بوجهة نظره من طريقة ضمان مصلحة لبنان وشعبه.

وعليه، فإن ما قام به “الرؤساء الخمسة” قبل ايام لا يختلف في شيء عما قام به العماد عون نفسه قبل سنوات… ولذلك فإن الإدانة السياسية لـ”الرؤساء الخمسة” والوصول في بعض المزايدات السياسية والإعلامية الى حدود المطالبة بمحاكمتهم بتهمة الخيانة العظمى ليس من مصلحة العهد خصوصا ولبنان عموما.

فالإعتراف بوجود خلاف جذري وعامودي داخلي بين اللبنانيين حول سلاح حزب الله ودور إيران من خلاله في لبنان والمنطقة، هو المدخل الى الحل. أما المضي قدما في إنكار وجود “المشكلة – المعضلة” وفي تأمين الغطاء الرئاسي لسلاح حزب الله ودوره على الأقل في الداخل اللبناني، واعتبار دوره الخارجي ولو إنطلاقا من لبنان خارجا عن صلاحية الدولة اللبنانية، فمشروع مواجهة مستمرة بين اللبنانيين، ولو بصورة غير متكافئة لمصلحة حزب الله.

إن الإعتماد على موازين القوى لفرض سلاح حزب الله على اللبنانيين كأمر واقع بغطاء من ثلاثية “الشعب والجيش والمقاومة” بتعبيراتها اللغوية المتعددة، لا يختلف في شيء عما كان قائما بين العامين 1990 و2005 عندما كانت ثلاثية “شرعي وضروري وموقت” هي الغطاء الذي يستخدمه الرؤساء اللبنانيون لتبرير الدور العسكري والأمني السوري في لبنان. وبالتالي فإن اللبنانيين المعارضين لسلاح حزب الله سيلجؤون الى كل الوسائل المتاحة لديهم داخليا وإقليميا ودوليا لتغيير موازين القوى هذه على غرار ما فعله اللبنانيون الذين عارضوا الدور السوري في لبنان ومن بينهم العماد عون نفسه من منفاه الباريسي على مدى 15 عاما.

لقد ذهب رئيس الجمهورية الى القمة العربية طارحا الحوار بين العرب توصلا لمقاربة مشتركة للمشاكل التي يعانون منها. لكنه لبنانيا ذهب وفي كلمته هاجس حماية موقف قسم من اللبنانيين لا يريد للقمة العربية أن تدين سلاح حزب الله ودور إيران في المنطقة خلافا لرأي قسم آخر منهم.
لذلك، فإن الأجدى في هذه المرحلة تحجيم الطموحات واستبدال “مبادرة” رئيس الجمهورية “النظرية” بدعوة العرب الى حوار في ما بينهم، بدعوة “عملية” للبنانيين الى الحوار في شأن حل يتناسب مع الدستور ومنطق الدولة السيدة والشرعية العربية والقانون الدولي لسلاح حزب الله ودور إيران في لبنان والمنطقة بدل المضي قدما في اعتبار هذه المسألة وكأنها خارج البحث، وفي التعاطي معها وكأنها أمر واقع ممنوعة مقاربته من أجل تغييره.
ما سبب قلق قادة الميليشيات من رسالة الرؤساء؟
*نوفل ضو – عضو الأمانة العامة لـ 14 آذار – مستمرون