ايلي الحاج/صعب أن يخسر باسيل في البترون وصعب أن يربح

139

صعب أن يخسر باسيل في البترون وصعب أن يربح

ايلي الحاج/النهار/10 آذار 2017

ليست طريق الرجل الأقوى في العهد الجديد جبران باسيل إلى النيابة عن منطقته البترون معبّدة بالورود أياً يكن القانون الموعود للانتخابات الذي سترسو عليه بورصة مشاريع ينشغل بها الأفرقاء السياسيون، وفي مقدمهم الوزير باسيل نفسه الذي قدّم العدد الأكبر من المشاريع والاقتراحات والأفكار ويكاد يدوخ ويدوّخ الآخرين بتفاصيلها الدقيقة، كأن يكون أمامه سبعة مشاريع لقوانين مختلطة أي تجمع بين النظامين النسبي والأكثري، وكل منها يناسب مصلحة فريق في مقاعد هنا أو هناك.

أطلق رئيس حزب “القوات” سمير جعجع صفارة الانطلاق نحو السبق على مقعدي قضاء البترون بإعلان ترشيح الدكتور فادي سعد بديلاً من النائب أنطوان زهرا، وكان غيابه مدوياً عن اللقاء الواسع مع قواتيي البترون في معراب أمس.

في انتخابات 2005 وانتخابات 2009 فاز زهرا على لائحة تحالف 14 آذار مع النائب بطرس حرب وخسر باسيل، لكن الثالثة يصعب منطقياً أن تكون ثابتة.

الدولة كلها صارت بين يدي الوزير باسيل والمفترض أن تكون قدراتها في خدمته على جاري ما يحصل في لبنان منذ عهود الاستقلال، فكيف إذا كان عهد الرئيس ميشال عون لا يزال في مستهله، والعونيون الحزبيون في القضاء منطلقين بنشاط منذ أشهر في تقديم الخدمات وعرضها على البلدات والقرى والناس؟

حتى لو طلبوا “لبن العصفور” على ما يقولون، سيحصلون عليه.

صعب أن يخسر وصعب أن يفوز.

نقل هذا الانطباع إلى باسيل أكثر من سياسي ومستشار ومراقب لتنبيهه، لكنه سيخوضها واثقاً بمستقبله السياسي.

فهو لا يستمد تأثيره على مستوى لبنان من تمثيله الشعبي وأعداد أنصاره شخصياً بل من وهج الرئيس الجنرال الذي يمحضه دعماً مطلقاً ويسند إليه الملفات الكبيرة والصغيرة، في الدولة و”التيار”، وفي لبنان وخارجه.

ليست هناك وزارة أو مؤسسة مصلحة أو سلك مقفل في وجه الوزير الشاب الحيوي والمندفع، والذي يثير أسلوبه العفوي لغطاً.

بعضهم يعتبره استفزازياً فوق اللزوم، وبعضهم قريبون وبعيدون يكتم غيرة وحسداً منه، وآخرون قلة يتعاملون معه مبدئياً من زاوية رفض تحالفات “التيار” الكبيرة، لا سيما مع “حزب الله” ومَن هم خلفه.

يلصقون بهذه التحالفات تهمة الانتهازية.

ولكن يخطئ هؤلاء الخصوم موضوعياً، في تمنيهم أو اعتقادهم أن إصابة باسيل مرة ثالثة بنكسة في منطقته – إذا لم يربح الانتخابات – سوف تقطع طريق الدور السياسي الكبير الذي يؤديه، والمفتوح على أفق أكبر.

ليس رئيس “التيار” والوزير الشاب مثل الراحل فؤاد بطرس الذي اكتأب وحرد بعد خسارته الانتخابات في الدائرة الأولى لبيروت أمام مرشح “الحلف الثلاثي” الراحل ميشال ساسين عام 1968.

أقفل فؤاد بطرس باب بيته وانصرف إلى عمله الشخصي كمحامٍ ولم يعد إلى المناصب إلا بعد انتخاب صديقه الياس سركيس رئيساً للجمهورية في عز “حرب السنتين” المشؤومة عام 1976.

فبقي وزيراً للخارجية والمغتربين طوال عهده وكانت آخر مساهماته الإشراف على وضع مشروع قانون مختلط للانتخابات، من جملة مشاريع يتخبط فيها باسيل عبثاً حتى اليوم.

لن يتغيّر الكثير على باسيل سواء أفاز أم خسر في البترون.

ستحزنه النتيجة بالطبع إذا خسر، وقد يواجه بعض صعوبات في قيادة “التيار” وتهتز صورته فترةً إلا أنه سيبقى محوراً في الحركة السياسية بالارتكاز على قربه من رئيس الجمهورية، كما لم يكن أي سياسي قريباً من رئيس في بعبدا، حتى لو كان يمت إليه بصلة قرابة أو صداقة متينة.

أما سبب احتمال الخسارة فهو ترجرج في صورة التحالفات بعد خروج النائب زهرا من ميدان الترشح مما يجعل الدكتور جعجع أمام تحد غير سهل ولا مسبوق في مرحلة قيادته “القوات” سياسياً بعد الـ2005.

سيكون عليه تأمين فوز غالٍ لباسيل يعادل بتأثيره المعنوي إيصال 10 مرشحين لـ”التيار” إلى البرلمان، حين أن تحالف “أوعى خيّك” الذي انطلق قوياً بدأ يهتز عند محطات متلاحقة بعد انتخاب الجنرال رئيساً وتأليف حكومة الرئيس سعد الحريري.

لعلّها تكفي إشارة إلى محطة اقتراح “القوات” مشاركة القطاع الخاص في إنتاج الكهرباء، وردود فعل باسيل وزير الطاقة مستشاره السابق سيزار أبو خليل التي أثارت انزعاجاً في الأوساط “القواتية”.

يزيد المعركة صعوبة بالنسبة لـ”القوات” وباسيل أيضاً أن حليفه سيكون الدكتور فادي سعد – إلا إذا طرأ ما ليس في الحسبان ولم يتحالف “التيار” و”القوات” انتخابياً – وهو طبيب عظم، ولا تزال خدمات الأطباء ذات مفعول في مناطق كالبترون وكانت في ما مضى زمن الانتداب وعهود الاستقلال توصل إلى المقاعد النيابية، لكنها في منطقة شديدة التسيّس كالبترون أقل تأثيراً هذه المرة على الأرجح حتى بالنسبة إلى “القواتيين”.

سيتأثرون رغم انضباطهم الشهير وتتراجع حماستهم، أولاً لغياب رفيقهم القديم النائب زهرا عن الحلبة وهو القوي ليس بأصواتهم وحدها بل بتمثيله الكتائبيين الذين كان رفيقاً لهم.

وثانياً لأن الحليف كان خصماً ثقيل الوطأة عليهم بالأمس.

ويبقى نجل النائب الراحل جورج سعادة، النائب سامر أقرب إليهم من رئيس “التيار العوني”، فضلاً عن أن النائب بطرس حرب سيصول وحده مرشحاً في الجرد بلا منافس.

والجرد والكتائب والجمهور الذي أيد مبادئ 14 آذار رغم انحلالها اليوم، و”المردة” و”اليسار الديموقراطي” وسُنَّة قضاء البترون الذين يعدون نحو 2000 صوت وتراجع تأثير “تيار المستقبل” فيهم، يشكلون قوّة كبيرة تهدد لائحة مرشحي “التيار” و”القوات” معاً حتى لو اتحدوا على مضض.

إلا أنَّ مقعد البترون النيابي يبقى تفصيلاً لن يتوقف عنده الوزير المندفع، أربح أم خسر. فعيناه كما الدكتور جعجع إلى أبعد.