المحامي عبد الحميد الأحدب: في حكاية منديل لوبن في دار الفتوى

522

في حكاية منديل لوبن في دار الفتوى

المحامي عبد الحميد الأحدب/صحيفة الجمهورية/25 شباط/17

أصابتنا مارين لوبن في القلب!

لدى وصولها الى دار الفتوى، حين توجّهت الى لقاء سماحة المفتي عبد اللطيف دريان، تقدّم منها أحد موظفيه لإعطائها منديلاً لتغطية رأسها، توقفت وقالت إنه لم يطلب منها أحد عند لقائها شيخ الأزهر أحمد الطيب في القاهرة ان تلبس منديلاً على رأسها، ولم تلبس منديلاً، وهكذا خرجت لوبن من دار الفتوى رافضة أن تلبس المنديل لمقابلة المفتي دريان.

وتَذكرتُ وأنا أتابع حكاية “المنديل” عنبرة سلام الخالدي شقيقة الرئيس صائب سلام التي خاضت معركة خلع الحجاب في لبنان وتحرير المرأة المسلمة اللبنانية، وتذكّرت قصة ام المصريين صفية زغلول لعطائها المتدفّق من أجل قضية استقلال مصر وكرامتها، حين نُفِيَ الزعيم سعد زغلول الى جزيرة سيشيل، قادت صفية زغلول التظاهرات الوطنية وأقامت الدنيا ولم تُقعدها على رأس الإنكليز.

ويوم عودة زوجها الزعيم سعد زغلول من المنفى، خرجت الملايين المصرية للقاء زعيمها سعد زغلول، وصعدت صفية زغلول الى الباخرة التي عادت بسعد زغلول الى أرض مصر. يومها، وبعدما لوّحت للملايين الذين هلّلوا لعودة سعد، وقفت صفية زغلول وتطلّعت الى عشرات ألوف الناس، ثم خلعت صفية الحجاب، وخلع بعدها عشرات الألوف من نساء مصر الحجاب، ورموه أرضاً.

وكانت بداية مسيرة تحرير المرأة العربية منذ ذلك اليوم، وهي المسيرة المتعثّرة جداً هذه الأيام.

يا صاحب السماحة،

هل تسمحون لي أن أعلِّم حفيدتي أنّ الدين هو أخلاق وأدب وتهذيب وأمانة وصدق قبل أن أعلِّمها ارتداء الحجاب وإخفاء وجهها عن الناس؟

يا صاحب السماحة،

هل تسمحون لي أن أعلّم حفيدي أنّ الاقتداء بالرسول الكريم يبدأ بنزاهته وأمانته وصدقه قبل لحيته وقصر ثوبه؟

هل تسمحون لي يا صاحب السماحة أن أعلّم أولادي انّ الله أكبر وأعدل وأرحم من كل فقهاء الأرض مجتمعين؟

يا صاحب السماحة،

نحن الأمة الوحيدة التي تعامل القاتل بالحُسنى بالعقوبة المخففة اذا قتل أخته او زوجته وقال إنّ ذلك كان باسم الشرف.

يا صاحب السماحة،

إنني أتطلّع من حولي الى المجتمع العربي، فأرى أنّ فكرة العيب والشرف والعرض والحجاب تقيم حصاراً عشائرياً حول الجنس الثاني وتعزله عن أيّ نشاط اقتصادي أو فكري أو اجتماعي ذي قيمة بعد ذلك.

بعد الذي حصل مع مارين لوبن، التي قابلت شيخ الأزهر من دون المنديل، ألا توافقوننا وأنتم رجل الفضيلة والتقوى والتقدّم ورجل تطهير الإسلام من مناديله التي تسيء إليه…

يا صاحب السماحة،

ألم يكن ذلك المنديل مُذِلاً للمسلمين؟

وكان يجب الإقتداء بشيخ الأزهر على الأقل؟

صفية زغلول التي قادت ثورة تحرير المرأة وأسقطت المناديل عن رؤوس النساء لتحررهنّ من الماضي المتخلّف الذي ما زال يلقي بثقله على مستقبلهنّ.

صفية زغلول زعيمة وقائدة الحرية في مصر أيام الثورة على الإنكليز كان يجب ان تكون قدوة.

كان شيخ الأزهر قدوة ولكننا ضيّعنا الفرصة، ونقولها بألم المسلمين الذين هالهم ما حصل في دار الفتوى.