وليد فارس لـ”النهار”(مقابلة مطولة): لبنان تحت النفوذ الإيراني وترامب مستعدّ للمساعدة

183

وليد فارس لـ”النهار”: لبنان تحت النفوذ الإيراني وترامب مستعدّ للمساعدة
محمد نمر /النهار/15 شباط/17

لا تزال شخصية الرئيس الأميركي دونالد #ترامب تثير الجدل، ولا يزال العالم يترقب خطوات هذا الرجل وقراراته المقبلة في شأن القضايا العالمية والاقليمية الشائكة، وما إن دخل البيت الأبيض بدأ ترامب بترجمة ما وعد به في الحملة الانتخابية. تصاعد التوتر الإيراني – الأميركي فرض المخاوف على المنطقة من وصوله إلى مواجهة عسكرية، وتزامن ذلك مع قرار حظر على 7 دول أثار استفزاز معارضي ترامب ولم يعد باستطاعة المراقبين التنبؤ بما سيقدم عليه هذا الرجل، وباتت القاعدة “كل الاحتمالات واردة معه”، خصوصاً أن فوزه بالرئاسة لم يكن متوقعاً فكيف الحال بقراراته؟

وفي مقابلة لـ “النهار” يؤكد مستشار الشؤون الخارجية ومكافحة الإرهاب لترامب إبان الحملة الانتخابية الدكتور وليد فارس أن “العلاقة بين أميركا والنظام الإيراني تمرّ عبر مصير الاتفاق النووي وتصرف القيادة الإيرانية؛ وإن لم تتوقف إيران عن تطوير أنظمة الصواريخ البالستية واستعمالها في المناورات العسكرية، فإن ادارة ترامب ستمارس ضغوطها على المجتمع الدولي لتعديل الاتفاق النووي مع ايران”.
أخبار ذات صلة
نتنياهو يقود ترامب إلى إيران
ترامب يسعى الى دق إسفين بين روسيا وايران… ما هي احتمالات النجاح؟

وعن سوريا والنفوذ الايراني هناك، يقول: “الاولوية الاولى لتفكيك داعش واستبداله بقوى معتدلة من السوريين العرب السنة، أما ما يتعلق بالوجود العسكري الايراني و #حزب_الله وحلفائهم فسيتم معالجته من خلال مفاوضات اميركية – روسية، اي أن تخرج كل القوات الغريبة عن الاراضي السورية”.
ولا يخفي النظرة الأميركية السائدة بأن “لبنان الآن بات بشكل عام تحت النفوذ الايراني الاقليمي والولايات المتحدة مستعدة لتساعده، إما عبر طلب من الحكومة اللبنانية والسلطات الرسمية، وهذا ما لا نراه حتى الان، أو من خلال تحرك شعبي مدني وهذا لا نراه ايضاً. اذاً، نحن في مرحلة انتظار حتى يتوضح الموقف اللبناني بحد ذاته”.

وتخوف البعض من انتقال التوتر الايراني – الأميركي إلى لبنان عبر حرب اسرائيلية، فيذكّر فارس بأن “حزب الله افاد من حرب العام 2006 وفك عزلته الداخلية اللبنانية وفرض عدم تنفيذ القرارات الدولية بحقه، أي نزع سلاحه، أما الان فإن الولايات المتحدة الاميركية ستضع اولوياتها في محاربة داعش والقضاء عليه وترتيب الاوضاع الامنية والاستراتيجية. والهدف ان لا تكون هناك حروب في لبنان سواء كانت اقليمية او داخلية، والمطلوب لاحقاً توافق اقليمي ودولي على نزع سلاح كل المليشيات على الاراضي اللبنانية”.

وعن إمكان استهداف الحزب لاعتباره “منظمة ارهابية” بالنسبة إلى أميركا، يوضح: “صحيح ان حزب الله مصنف اميركياً على لائحة الارهاب الا ان ذلك لا يعني ان تقوم الولايات المتحدة الاميركية وبشكل احادي بالمواجهة من دون ان يسبق ذلك تحرك سياسي وديبلوماسي ودولي للضغط على حزب الله ودفعه للانسحاب من سوريا اولاً وليسلم سلاحه في لبنان ثانيا بحسب ما جاء في القرارات الدولية. ومن بين الخطوات المهيئة لمعالجة موضوع حزب الله الحوار الاميركي – الروسي المرتقب”.

وفي شأن قرار الحظر وارتداداته، يشير إلى أن “القرار مبني على حماية الامن القومي – الاميركي، وهو قرار أقره الرئيس اوباما وقبله الرئيس كلينتون بحق بعض الدول وبشكل مبني على تقويمات امنية، وان هذا العمل – وهو ما لم يقل حتى الآن- كان سيتوسع ليضم مشاركة عربية وإسلامية في تطبيق ذلك القرار، وكانت المرحلة الثانية في تطبيق القرار ستذهب الى استثناء المعتدلين والدول العربية كانت ستساعدنا في تحديد ذلك (…) إن المعارضة الشرسة التي اطلقتها القوى المضادة للرئيس ترامب والمدعومة من قوى اقليمية قلقة من التغيير السياسي في واشنطن أوجدت غيوماً سوداء حول هذا القرار ووصف بانه قرار موجه ضد المسلمين والمهاجرين بشكل عام وهذا غير صحيح”.

نص المقابلة:
هل من الممكن أن يصل التوتر الايراني – الأميركي إلى مواجهة عسكرية؟
ان العلاقة بين أميركا والنظام الايراني تمرّ عبر مصير الاتفاق النووي من ناحية وتصرف القيادة الايرانية في المنطقة من ناحية أخرى؛ اولاً تجاه الشركاء العرب الاقليميين وثانياً تجاه الوجود الاميركي والمصالح الاميركية في المنطقة. ان الرئيس ترامب ومسؤوليه ارسلوا رسائل واضحة جداً للنظام الايراني، مطالبين هذا النظام بأن يضع حداً للتوسع العسكري والامني والاعتداء على الشركاء والمصالح الاميركية. وتم تنبيه #ايران الى ان هناك حكومة جديدة ورئيس جديد في واشنطن وان هناك سياسة امن قومي اميركي لا تقبل بالاختراقات الواسعة في المنطقة خصوصاً تجاه أميركا وحلفائها.
هذه الرسالة الآن في جعبة القيادة الايرانية وعليها ان تقرر إما ان تستمر بسياستها التوسعية كما كان الحال خلال سنوات حكم الرئيس اوباما الذي تراخى مع طهران وقدم لها التنازلات، وإما أن تغير سلوكها في المنطقة. فإذا غيرت هذا السلوك وبدأت بعملية الانحسار الى داخل حدودها فحينها يتم التركيز على الاتفاق النووي وهو ما يريد الرئيس ترامب ان يعدل فيه. واذا لم يتم التعديل ولم تتوقف ايران عن تطوير انظمة الصواريخ البالستية واستعمالها في المناورات العسكرية، فإن إدارة ترامب ستمارس ضغوطها على المجتمع الدولي لتعديل الاتفاق النووي مع ايران. وما دون الاتفاق فإن واشنطن تريد ان يكون هناك ترتيبات امنية كبيرة في المنطقة تضع حداً للمجابهات العسكرية لا سيما التدخلات العسكرية الايرانية في دول المنطقة. هذا هو الموقف الاميركي، لا احد في واشنطن يريد الحرب وما يطلبه الرئيس ترامب هو ان يوضع الحد للاعمال العسكرية القائمة في المنطقة.

الرئيس الجديد يهتم بالقضاء على “داعش”، لكن هل صحيح انه يريد طرد النفوذ ‏الايراني من #سوريا، وما موقف الادارة الجديدة؟
الرئيس ترامب كان واضحاً، الاولوية الاولى لتفكيك داعش واستبداله بقوى معتدلة من السوريين العرب السنة، خصوصاً في المناطق السنية وهو بحاجة الى مساندة اقليمية من الدول العربية المعتدلة ومن بينها دول الخليج والاردن ومصر. اما في ما يتعلق بالوجود العسكري الايراني وحزب الله وحلفائهم فسيعالج من خلال مفاوضات اميركية – روسية، اي ان تخرج كل القوات الغريبة عن الاراضي السورية، اي الحرس الثوري الايراني وحزب الله والميليشيات المرتبطة بهم من ناحية، ومن ناحية اخرى كل الميليشيات الجهادية والاسلامية الآتية من خارج الحدود السورية وهذا قد يأتي بعد المفاوضات الاميركية – الروسية وينعكس على الارض بعد ذلك. في المرحلة الحالية، والمطلوب اميركياً، ان يقضى على داعش واستبداله، ليس بحزب الله او ايران، وانما بقوى محلية عربية سنية سورية قد تكون مدعومة الى حد ما بدول عربية معتدلة، وهذا في المرحلة الاولى.

دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف واشنطن الى الاعتراف بأن حزب الله يحارب داعش، فهل ممكن تغيير موقفكم من الحزب؟
ان ادارة الرئيس ترامب والكونغرس الاميركي يعلمون تماماً ان القيادة الروسية متحالفة مع النظام الايراني، وبالتالي متحالفة مع ميليشيا حزب الله على الارض في سوريا في مواجهة المجموعات السورية المعارضة المسلحة. هذا امر معروف ولكن الموقف الاميركي من حزب الله استراتيجي وتاريخي يعود في جذوره الى عملية السفارة في طهران والهجوم على قوات المارينز في بيروت وعمليات خطف الرهائن، وقد تطور في ما بعد في العقود اللاحقة الى مسؤولية حزب الله عن عمليات ضد القوات الاميركية والحليفة في العراق الى ما هنالك من ملفات واسعة بين الولايات المتحدة الاميركية وتنظيم حزب الله.
ولا يختلف الاميركيون، سواء كانوا جمهوريين أو ديموقراطيين، الادارة السابقة او الادارة الحالية، بوضع حزب الله على لائحة التنظيمات الارهابية، وتغيير هذا الموقف لن يأتي على اثر طلب روسي او أي طرف اخر من المنطقة. ان التغيير في الموقف الاميركي تجاه حزب الله لن يحدث حتى لو كان حزب الله يحارب داعش، فعدو عدوي ليس بالضرورة حليفي. ما يمكن ان يغيّر في المعادلة، هو تغيير في سلوك حزب الله؛ والتغيير في السلوك يبدأ اولاً بانسحاب قواته العسكرية من مناطق الاشتباك في سوريا كمرحلة اولى ومن ثم انسحاب كل القوات والميليشيات الغريبة من الاراضي السورية لاحقاً، وهذا أمر سيجري الكلام حوله مع القيادة الروسية.

اما في لبنان فإن تغيير سلوك حزب الله يبدأ ولا ينتهي طبعاً بانسحابه من مناطق يعتبر وجوده فيها غير مرحب به، كجبل لبنان ومناطق اخرى في بيروت كان حزب الله قد اشتبك فيها مع السكان المحليين ناهيك بمرافق الدولة اللبنانية التي يسيطر عليها حزب الله. وثانياً ان يفتح حزب الله ملف السلاح في شكل جذري وتحت قبة القرارات الدولية. اذا تم هذا التغيير، فإن موقف الولايات المتحدة الاميركية قد يتغير لجهة فتح حوار مع روسيا حول هذا الموضوع. انا لا اعتقد ان الروس يمكن ان يضغطوا على الرئيس ترامب ليغير من موقفه تجاه حزب الله، بل الضغط من الرئيس ترامب على روسيا لتغير من موقفها تجاه حزب الله في هذه المرحلة.

هل يعتبر الرئيس الجديد أن لبنان ضمن دائرة الصراع الايراني – الاميركي بوجود حزب الله؟
لبنان الآن بات بشكل عام تحت النفوذ الايراني الإقليمي وهذا امر واقع معروف. لدى الولايات المتحدة الاميركية حد ادنى من النفوذ داخل لبنان مبني على الصداقات ما بين المؤسسات داخل الولايات المتحدة ومؤسسة الجيش اللبناني والقوى الامنية، ولكن هو مبني اساساً على الدعم الاميركي للمجتمع المدني اللبناني كما بدا جلياً في العام ٢٠٠٥ عندما قامت ثورة الارز، الا ان الركن الاساسي والاقوى في الدعم الاميركي للبنان يمر عبر اصدقاء لبنان في الولايات المتحدة الاميركية اكانوا من ابناء الجالية اللبنانية او اللبنانيين المؤيدين للادارة الحالية والرئيس ترامب من ناحية، او اعضاء الكونغرس المؤيدين للبنان من ناحية اخرى. اذاً المعادلة حاليا، هي ان لبنان، كمؤسسات سياسية، بات تحت الجناح او النفوذ الايراني وعندما يحصل تصعيد بين الولايات المتحدة الاميركية وايران فإن هذا التصعيد سيؤثر دون شك على لبنان. لذلك من مصلحة اللبنانيين ان يعملوا وبسرعة على الخروج من دائرة النفوذ الاقليمي، كما فعلوا في العام ٢٠٠٥، ولكن ربما بطرق ووسائل جديدة. البعض يطرح تحييد لبنان عن المحاور ويبعث رسائل الى واشنطن، والبعض الاخر يعمل لأن يكون هناك حوار حول لبنان على الصعيد الدولي بين الولايات المتحدة الاميركية وروسيا. نحن نقول ان الولايات المتحدة مستعدة لتساعد لبنان، إما عبر طلب من الحكومة اللبنانية والسلطات الرسمية اللبنانية، وهذا ما لا نراه حتى الان، او من خلال تحرك شعبي مدني وهذا لا نراه ايضا، اذا، نحن في مرحلة انتظار حتى يتوضح الموقف اللبناني بحد ذاته.

هل تتوقع حرباً اسرائيلية مع حزب الله؟
هذا امر يتعلق بالطرفين، الإسرائيلي وحزب الله. وكما رأينا في الماضي، على الاقل في العام ٢٠٠٦، فإن حزب الله هو الذي افتعل مشكلة امنية على الحدود بالرغم من كل القرارات الدولية مفجراً حرباً مع اسرائيل وقد استفاد حزب الله من هذه الحرب وفك عزلته الداخلية اللبنانية وفرض عدم تنفيذ القرارات الدولية في حقه، اي نزع سلاحه، اما الآن فإن الولايات المتحدة الاميركية ستضع اولوياتها في محاربة داعش وترتيب الاوضاع الامنية والاستراتيجية بعد انهاء داعش، والهدف ان لا تكون هناك حروب في لبنان سواء كانت اقليمية او داخلية. المطلوب لاحقا توافق اقليمي ودولي على نزع سلاح كل الميليشيات على الاراضي اللبنانية، وهذا هو الهدف على الاقل.
سؤال يُطرح في الكواليس: بما أن حزب الله منظمة ارهابية بالنسبة إلى أميركا فلماذا لا تستهدف هذا الحزب مثلما تستهدف داعش أو النصرة؟
الولايات المتحدة الاميركية والتحالف الدولي العريض الذي يواجه داعش يرد على ما قامت به داعش في العراق وسوريا وليبيا، لذلك فهذا يدخل في اطار الرد الدولي على تنظيم ارهابي دولي. صحيح ان حزب الله مصنف اميركياً على لائحة الارهاب الا ان ذلك لا يعني ان تقوم الولايات المتحدة الاميركية وبشكل احادي بالمواجهة من دون ان يسبق ذلك تحرك سياسي وديبلوماسي ودولي للضغط على حزب الله ودفعه للانسحاب من سوريا اولاً، وليسلم سلاحه في لبنان ثانياً بحسب ما جاء في القرارات الدولية. ومن بين الخطوات المهيئة لمعالجة موضوع حزب الله الحوار الاميركي – الروسي المرتقب. اذاً، لواشنطن قرار بالمواجهة العسكرية المباشرة مع داعش، وحتى الان لها قرار ان تعمل مع روسيا على ترتيب الاوضاع الامنية في مرحلة ما بعد داعش، وبالتالي من المحتمل ان تكون هناك خطط امنية عسكرية متفق عليها، تشمل سوريا وربما لبنان، الامر الذي قد يمكّن لبنان من استرجاع سيادته.

ماذا عن عقوبات اقتصادية جديدة على حزب الله؟
ان تكون هناك عقوبات اميركية اضافية على حزب الله فهذا امر يعود الى كيفية معالجة البيت الابيض والاجهزة المعنية لملف حزب الله وايران بشكل عام، هناك عقوبات اضافية على مؤسسات وكيانات تابعة للنظام الايراني. المعروف عن الرئيس ترامب انه لا يعلن عن قراراته قبل أوانها، وتالياً لا يريد ان يتحدث عن هذه القرارات قبل ان تطبق، هو يريد ان يفاجئ اما بقرارات معينة او بمحادثات معينة، اذاً لا جواب عن هذا السؤال في المرحلة الحالية.

ماذا يعني لبنان بالنسبة إلى الرئيس ترامب؟
الرئيس الجديد يحب لبنان واللبنانيين، فهو قبل ان يكون مرشحاً ومنذ الثمانينات واوائل التسعينات أحاط نفسه بالعديد من الاميركيين من اصل لبناني ومن بينهم طوم براك وغيره، وهو يتطلع لأن يعود لبنان كواحة للسلام والامن والاستقرار ويشهد ازدهاراً كبيراً. هو يتكلم دائما عن لبنان بوصفه باريس وسويسرا الشرق، وهو ينظر الى لبنان كدولة حيوية تتمتع بالنشاط الاقتصادي والسياحي والثقافي. ومن يسمع هذا الكلام قد يراه مستحيلاً، ولكن لا شيء مستحيلاً؛ فالرئيس ترامب حصل على تأييد كبير من اللبنانيين الاميركيين وهو على علم بذلك، وبالتالي هو يريد ان يحافظ المجتمع اللبناني على تعدديته ويقدر ما أنجزه اللبنانيون حول العالم في مجالات الفن والاقتصاد والطب ولذلك هو له نظرة خاصة لهذا البلد الصغير.

بالعودة إلى قرار الحظر الذي وضع الرئيس ترامب في موقع “العنصرية”، ألا تعتقد أنه كان قراراً متسرعاً؟
قرار الحظر الذي اطلقه الرئيس ترامب لم يكن ليستهدف طائفة او مجموعة دينية او حتى قومية او اثنية، ليس هناك اي ذكر لاي هوية في ذلك القرار. هو قرار مبني على حماية الامن القومي – الاميركي، وهو قرار أقره الرئيس اوباما وقبله الرئيس كلينتون بحق بعض الدول وبشكل مبني على تقويمات امنية، وان هذا العمل – وهو ما لم يقل حتى الان – كان سيتوسع ليضم مشاركة عربية واسلامية في تطبيق ذلك القرار، وكانت المرحلة الثانية في تطبيق القرار ستذهب الى استثناء المعتدلين والدول العربية كانت ستساعدنا في تحديد ذلك. ما كان على الادارة الاميركية القيام به هو ان تفسر وتوضح للرأي العام العمق الاستراتيجي الحقيقي للقرار والخطة الاوسع، الا ان المعارضة الشرسة التي اطلقتها القوى المضادة للرئيس ترامب والمدعومة من قوى اقليمية قلقة من التغيير السياسي في واشنطن أوجدت غيوماً سوداء حول هذا القرار ووصف بأنه قرار موجه ضد المسلمين والمهاجرين بشكل عام وهذا غير صحيح. الان ستنتقل الادارة من آلية هذا القرار الى قرارات اخرى اكثر تركيزا وستنفذ القرار نفسه، ولكن بقرارات اخرى اصغر حجماً وستركز بشكل اساسي على مواجهة او تحديد الفئات المتطرفة. اذاً هذا القرار هو جزء صغير من استراتيجية طويلة الامد، للأربع سنوات المقبلة، ويكون هدفها الاساسي عزل المتطرفين وتوسيع قاعدة الشراكة والتحالف مع الاكثرية المعتدلة في المنطقة.

عُرف الرئيس ترامب بقربه من تل أبيب، وأعلن التزامه نقل السقارة الاميركية إلى #اسرائيل، فما السر وراء الموقف المعترض على التوسع الاستيطاني؟
لقد اوضحناها ايام الحملة الانتخابية، ان الرئيس ترامب يريد فعلاً ان يحل الازمة الفلسطينية – الاسرائيلية وليس ان يعقد مؤتمرات شكلية كما كان الوضع في الماضي، او ان يعتمد ارسال مندوبين من دون خطط حقيقية. هو قريب من اسرائيل صحيح، وهو التزم بنقل السفارة الاميركية الى حيث عاصمة اسرائيل هذا صحيح أيضاً، ولكنه في الوقت نفسه يمد الجسور مع الدول العربية المعتدلة في المنطقة كالاردن ومصر والمملكة السعودية والامارات وسيعمل معها جاهداً لايجاد اطار يدعم الطرف الفلسطيني المعتدل وبالتالي يصل الجميع الى طاولة المفاوضات، حيث يريد هو ان يجلس في وسط طاولة المفاوضات ليطلب من كل طرف ان يقدم تنازلات وان يربح الجميع من هذه التنازلات. هذا ما يفسر موقفه عندما طلب من حلفائه في اسرائيل عدم التوسع في بناء المستوطنات، وبالرغم من عدم اعتراضه على البناء داخل المستوطنات الحالية إلا انه طلب عدم بناء مستوطنات جديدة.
هذه رسالة فعلاً للعالم العربي بأن الرئيس ترامب يريد ان يكون متوازناً وصريحاً مع كل الاطراف، حيث لكل طرف مواقف قوية. ويريد الرئيس ترامب ان يحاور ويقرب وجهات النظر وبالتالي يكون اول رئيس اميركي منذ اتفاق كامب ديفيد يصل للحل بين الفلسطينيين والاسرائيليين وهو ملتزم شخصياً بهذا الحل.