العراق: أجراس كنائس بعشيقة تدق بعد عامين من الصمت

138

 العراق: أجراس كنائس بعشيقة تدق بعد عامين من الصمت
العرب/21 تشرين الثاني/16

عشرات المسيحيين يشاركون بأول صلاة أقيمت في كنيسة مار كوركيس في بلدة بعشيقة المحررة على وقع دق أجراس الكنائس في المنطقة.

بعشيقة (العراق)- دقت الأجراس بعد عامين من الصمت في كنيسة مار كوركيس في بلدة بعشيقة التي تبعد نحو 15 كيلومترا شمالي الموصل آخر مدينة كبيرة يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق.

وانتزعت قوات البشمركة الكردية العراقية السيطرة على البلدة يوم السابع من نوفمبر منهية سيطرة التنظيم المتشدد التي استمرت عامين عليها اضطهد خلالهما المسيحيين والأقليات الأخرى في سهول نينوى أحد أقدم المراكز المسيحية في العالم.

وهللت النساء احتفالا بلحظة رفع صليب جديد على الكنيسة ليحل محل صليب كسره تنظيم الدولة الإسلامية. واستولى داعش على بعشيقة منذ منتصف عام 2014 وطرد المكونات الدينية كما نفذ عمليات قتل جماعي بحق الايزيديين والشبك.

وبدت البلدة خالية من السكان تقريبا إذ أن قوات البشمركة لم تستكمل تطهيرها من المتفجرات والألغام التي تركها المتشددون أثناء مقاومتهم لقوات عراقية وكردية مدعومة من الولايات المتحدة بدأت هجوما يوم 17 أكتوبر لاستعادة الموصل.

وناشد محرم ياسين أحد كبار ضباط البشمركة الناس الصبر وألا يعودوا حتى تستكمل عملية تطهير المنطقة ضمانا لسلامتهم. وبعد أن سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على سهول نينوى عام 2014 أصدر إنذارا للمسيحيين: إما أن يدفعوا الجزية أو يعتنقوا الإسلام أو يموتوا بحد السيف. وترك أغلبهم ديارهم وفروا إلى المنطقة الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي.

وقال الأب أفرام قس كنيسة مار كوركيس “نحن طبعا أكيد نفضل أن نكون موجودين مع الإقليم. السبب أولا لقرب منطقتنا الجغرافية إلى الإقليم. ثانيا صار لنا 13 سنة الإقليم هو من يسأل علينا ويهتم بنا وبشؤوننا وبكل الأمور. نحن لم نر في يوم أحد من بغداد أتى وقال لنا مرحبا. نهائيا.”

فقد تجمع بركات وآخرون يعيشون في المنفى في المدينة الأربعاء الماضي بعد تحريرها من الجهاديين على أيدي قوات البشمركة الكردية. وتبادل الجيران السابقون والأصدقاء القدامى من اليزيديين والمسيحيين والمسلمين العناق والقبلات والتحية. غير أن أمامهم فترة طويلة قبل أن يتمكنوا من العودة للعيش في المدينة.

فقد سوى القصف بيوتا بالأرض وتعرضت متاجر للتدمير والحرق والنهب وعلى امتداد الطريق الرئيسي في المدينة تنتشر على الأرض بقع سوداء من آثار انفجار قذائف المورتر. وفر سكان بعشيقة في اتجاهات مختلفة عندما سيطر المسلحون عليها عام 2014 بعد اجتياح مساحات كبيرة من الأراضي العراقية قادمين من سوريا.

وقال بركات اليزيدي مثل معظم سكان المدينة “رحلنا على الفور”. ورغم أن مقاتلي التنظيم قتلوا مسلمين وغير المسلمين دون تفرقة فقد اختصوا الأقلية اليزيدية التي تجمع معتقداتها بين عناصر مختلفة من عدة أديان بمعاملة وحشية.

وتعرض الآلاف من أبناء هذه الطائفة للقتل والأسر والاسترقاق على أيدي التنظيم فيما وصفته الأمم المتحدة بحملة إبادة جماعية. وقال بركات إن بعض السكان المسلمين بقوا في المدينة لفترة لكن المسيحيين واليزيديين كانوا يعلمون المصير الذي ينتظرهم إذا لم يخرجوا منها على الفور. واستأجر ميسورو الحال منهم بيوتا في مدن أخرى أما من لم يتيسر لهم ذلك فاتجهوا إلى المخيمات.

ومازال بركات وأسرته يعيشون في مدينة دهوك الشمالية. وتتوقع الأسرة أن يطول منفاها لأن معظم مدينة بعشيقة أصابه الدمار ولم يعد بها خدمات أو إمدادات. وقال في أول مرة يعود فيها للمدينة “يمكننا البدء في تطهير هذه الفوضى لكن ما الفائدة من العودة للإقامة إلى أن تتاح الكهرباء والمياه والأهم من ذلك كله الأمن التام”.

وقد بدأ الشهر الماضي هجوم تدعمه الولايات المتحدة لإخراج التنظيم من الموصل آخر معاقله الرئيسية في العراق واستطاعت القوات المهاجمة السيطرة على العديد من المدن والقرى حول الموصل. ويشارك في تلك العملية حوالي 100 ألف مقاتل من القوات الحكومية وقوات الأمن الكردية ورجال الفصائل المسلحة الشيعية.

ويرجع تاريخ المسيحية في شمال العراق إلى القرن الأول الميلادي. وتراجعت أعداد المسيحيين بدرجة كبيرة أثناء أعمال العنف التي أعقبت الإطاحة بصدام حسين عام 2003 وأدت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على الموصل قبل عامين إلى إخراج المسيحيين من المنطقة لأول مرة منذ نحو ألفي عام.

ورغم أن المنطقة تتبع اسميا بغداد فهي تخضع لسيطرة الحكومة الكردية. وأعلن أبو بكر البغدادي من مسجد في الموصل عام 2014 قيام “دولة الخلافة” على أراض في العراق وسوريا. وستمثل استعادة الموصل هزيمة فعلية للتنظيم في العراق.