ثريا شاهين: إدراج حزب الله على لائحة الإرهاب محسوم في القمة العربية في أيار/علي الأمين: حزب الله: الإنصياع لروسيا أو الهزيمة الكاملة/حازم الامين: تبعات القبول اللبناني بمهمة حزب الله في سورية

223

إدراج «حزب الله» على لائحة الإرهاب «محسوم» في القمة العربية في أيار
ثريا شاهين/المستقبل/04 نيسان/16

لا يزال مصير القمة العربية غامضاً، على الرغم من التأجيل الذي أقرّ في الدورة 145 للجامعة، ولا تزال المشاورات العربية قائمة بالنسبة إلى تأكيد موعدها في أيار المقبل والمقررات التي قد تخرج بها. جدول أعمال القمة، هو نفسه الذي أقرّته الدورة، والذي كان يفترض أن يرفع إلى القمة ليقرّه رؤساء الدول في نهاية آذار. إذا فشل عقد القمة في موريتانيا، ستعقد على الأغلب في مقر الجامعة في القاهرة، وفق مصادر ديبلوماسية عربية. إذ ليس لدى موريتانيا القدرات اللوجستية لاستضافتها. وليس معقولاً أن تعود استضافتها إلى المغرب. وعلى الأغلب تنعقد ليوم واحد في الجامعة. وستكون مناسبة لإعادة التأكيد على الوحدة العربية ازاء ما يواجهه الوضع العربي من تعقيدات في العلاقات، وفي المواقف تجاه الأزمات الكبرى، وان الدول العربية لا تزال تجتمع وتتخذ القرارات. الأمانة العامة للجامعة يهمها انعقاد القمة. الوضع العربي صعب فليبيا مقسّمة، والعراق مشرذم، وسوريا ليست واضحة المصير في ظل القتل والإجرام. هذا فضلاً عن موضوع اليمن، والعلاقات الخليجية مع لبنان. ويتضمن جدول الأعمال: ادانة إسرائيل لاحتلالها الأراضي الفلسطينية وادانة بناء المستوطنات، وكل ذلك تحت بند الصراع العربي الإسرائيلي.
ثم هناك بند التضامن مع الجمهورية اللبنانية، وقد نأت دول الخليج عن التصويت عليه، لكنه أقرّ وبات على جدول الأعمال. لكن عندما تعقد القمة سيكون موضوع ادراج «حزب الله» على لائحة الإرهاب مطروحاً مجدداً من دول الخليج التي ستضغط لإقراره في القمة وتبنيه، لاسيما وأن الجامعة قد تبنته على المستوى الوزاري، ومستوى المندوبين قبل ذلك. ومن المتوقع ان يتخذ لبنان الموقف نفسه الذي اتخذه في الجامعة في ما خص «حزب الله»، لا سيما وأن الحزب مكون اساسي في الحكومة ومجلس النواب. هناك استياء عربي من مواقف المكون الشيعي، والرسالة السياسية للموقف العربي هي عدم التضامن مع لبنان في ما خص الحزب. وقد أضاف لبنان إلى مشروع قراره رفضه لتوطين اللاجئين السوريين، وادانة خرق إسرائيل للأجواء اللبنانية. وستكون هناك ادانة للحوثيين، ودعم للسلطة في اليمن. في شأن ليبيا هناك دعوة للانتقال السلمي للسلطة والمشاركة في الحكم، واجراء الانتخابات في الموضوع العراقي. كذلك المطروح ادانة لتركيا بسبب التوغل التركي في الاراضي العراقية. وهناك التعيينات الادارية، وإعادة النظر بالنظام الداخلي ومراجعة الميثاق، ثم إقرار تعيين الأمين العام الجديد للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، الذي كانت الدورة 145 قد أقرته. وسيتكرس هذا التعيين في القمة على الرغم من التحفظ القطري على خلفية تصريحات له لقناة «الجزيرة» القطرية. بالنسبة إلى الموضوع السوري، فإن العرب سيؤكدون الحل السلمي عبر التفاوض القائم وفق القرار الدولي 2254. مع الإشارة إلى استمرار تعليق عضوية سوريا في الجامعة. القرار الكبير الذي سيتخذ هو اعتبار الحزب إرهابياً. أما غير ذلك، فلا قرارات كبيرة بمعنى تغيير المسار العربي. والحرب تحولت من حرب عقائد إلى حرب دينية طائفية بين السنّة والشيعة، وبالتالي الحرب ليست على النظم السياسية وهي اتخذت طابعاً طائفياً والعالم كله منجرّ إليها. الآن لم يعد هناك مكان للديبلوماسية الوقائية، ولم يعد هناك تحييد للصراعات قبل حصولها. الآن الديبلوماسية تعالج المشاكل التي تنشأ عن الصراعات والحروب. من هنا اهمية انعقاد القمة نظراً للتحديات التي يواجهها العرب، والتحول من معادلة وجود مساعٍ لوقف النار وإرسال المساعدات الإنسانية لدى حصول النزاعات إلى تداركها قبل الانزلاق إليها. ومقررات القمة لدى انعقادها ستأخذ في الاعتبار اجواء التسويات السائدة في كل من الملفين السوري واليمني وإعطاء الفرصة لذلك. وستأخذ بالاعتبار أيضاً المشاورات الخليجية الروسية حول الوضع السوري، في ظل التفاهمات الأميركية الروسية في هذا الشأن. أي هناك رغبة في تهدئة سوريا تمريراً للانتخابات الرئاسية الأميركية ما سيجعل كل الأفرقاء في المنطقة ملتزمة هذا المناخ، وعدم اللجوء إلى أي تدخل عسكري هناك.

 

حزب الله: الإنصياع لروسيا أو الهزيمة الكاملة
علي الأمين/03 نيسان/16

خلال الأسبوع المنصرم شهدت سورية تطورين عسكريين في ظلّ الهدنة المعلنة، واحد في ضواحي دمشق من خلال ارتكاب الطائرات الحربية السورية مجزرة أدّت إلى سقوط ثلاثين ضحية معظمهم من الأطفال، وآخر في ريف حلب الجنوبي أعقب المجزرة وأدّى إلى مجزرة عسكرية طالت جنود من الجيش السوري وإيرانيين وعناصر من حزب الله والميليشيات العراقية، أشارت التقديرات إلى أنّ عدد القتلى بينهم بلغ الخمسين. لم يصدر أيّ بيان دولي ولا روسي أو أميركي يظهر قلقًا من انهيار الهدنة المعلنة. فالحدثان لا يشكلان تهديدًا لمسار التفاهم الأميركي الروسي في سورية. رسالة ريف حلب الجنوبي حملت أكثر من معنى، منها أنّ النظام السوري وإيران عاجزان عن التقدم العسكري أو حتى حماية ما سيطروا عليه ميدانيًا من دون غطاء جوّي روسي. ولأن الصمت الروسي رافق هذه النكسة السورية الإيرانية، يمكن القول أنّ الطرف الروسي غير مستاء ما دامت النتائج تؤول إلى تثبيت مرجعيته، وما دامت هذه النكسة سبيل لإقرار النظام السوري وإيران أنّهما لا يستطيعان الخروج على ما يرسم في أروقة الكرملين والبيت الأبيض لمستقبل سورية.ولعلّ قيام جبهة النصرة بهذا الهجوم، المترافق مع صمت روسي وأميركي، ولعلّ الصمت عن الاستنكار اللفظي لهذا الهجوم العسكري… يكشف أنّ مزيدًا من استنزاف النظام وايران وميليشياتها لا يشكل انقلابًا على مسار التسوية بمرجعية الدولتين الكبريين، لاسيما بعدما أقرّ الجميع بأنّ فرص انتصار عسكري لأي طرف غير واردة، ولا ممكنة.
وفي المعلومات أنّ روسيا، منذ أن اعلنت وقف عملياتها الجوية في سوريا، رفضت بشكل علني إجراء الإنتخابات النيابية التي يستعد النظام السوري لإجرائها، معتبرة أنّ الانتخابات يجب أن تكون حصيلة التسوية السياسية، وقد نقل مساعد وزير الخارجية الروسي بوغدانوف قبل اسبوعين رسالة في هذا المضمون لإيران، معتبرًا أنّ تعطيل الإنتخابات الرئاسية في لبنان لم يعد مقبولاً والمطلوب إجراؤها في سياق تعزيز مسار التسوية في سوريا. الموقف الإيراني، بحسب مصادر متابعة، يؤكد أنّ بوغدانوف خرج من زيارته الإيرانية منزعجًا، وأبلغ المسؤولين الإيرانيين أنّ روسيا وجهت رسائل إلى كل الدول المعنية بالأزمة السورية أنّها تريد أن تلعب دورًا في التسوية وهي لا تريد المضي في المواجهة العسكرية وأنّها تطلب عون الجميع على هذا الصعيد.من هنا تعتبر مصادر لبنانية متابعة أنّ لقاء الرئيس سعد الحريري القيادة الروسية، وعلى رأسها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل أيام، يشكل بذاته رسالة مستفزة لفصائل الممانعة اللبنانية والسورية. لا سيما أنّ ذلك يترافق مع محاولة روسية للدفع نحو إجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان. وينتبه الممانعون جيدًا إلى أنّ هذه الزيارة الحريرية جاءت في وقت كان يروج الممانعون، منذ اسابيع، لزيارة مقررة للعماد ميشال عون إلى روسيا، في سياق الحملة الإنتخابية لوصوله إلى رئاسة الجمهورية. وكان قصارى طموح الممانعين أن يتاح له اللقاء مع وزير الخارجية الروسي. لكن الزيارة لم تتم والأرجح أنّها لن تتم. علمًا أنّ روسيا، الراغبة في أن تكون لها حصة بإعمار سورية مستقبلاً، وجدت في فريق الحريري الاستثماري مجالاً لفتح آفاق التعاون انطلاقًا من لبنان. بحيث أنّ روسيا تريد من خلال العلاقة مع الشركات اللبنانية أن تبنيَ شراكات تجارية وعقارية ومقاولات. لبنان بالضرورة سيكون قاعدة أساسية لها في مرحلة اعمار سورية.بنظر القريبين من مباحثات الحريري الروسية، أنّ الرئيس بوتين الذي حقق أهداف حماية المصالح الروسية في مستقبل سورية، وحقق بعض أهداف ضرب الإرهاب، وفرض مسارًا دوليًا للتسوية السياسية في سورية.. يدرك أنّ هذا المسار يتعارض مع نظام المصالح الإيرانية التي وضعت أوراقها السورية في جيب الرئيس بشار الاسد. ولأنّ التفاهم الأميركي الروسي ثابت وعميق، فإنّ سياسة تثبيت الموقع الروسي في سورية تتطلب مزيدًا من الوقت ومن المواجهات لكي يسلم كل الأطراف بالدور الروسي ومرجعيته.يبقى أنّ حزب الله أمام خيار الانصياع الكامل لمترتبات المرجعية الروسية. ذلك أنّ خروجه عليها سيجعله عرضة لمزيد من الإختناق، لا سيما أنّ حجم المصالح الروسية وارتباطها مع اسرائيل، وبالتفاهم الأميركي، وبطموح علاقة روسية – خليجية قوية، كل ذلك يجعل حزب الله في مرحلة حصار غير مسبوقة في تاريخه. خصوصًا أنّ حجم العداء، الذي تعمق بأبعاد مذهبية في سورية والمنطقة، يجعله، كما ايران، امام خيار التسليم بما يقرّه الإتفاق الأميركي الروسي أو الخروج من سورية بالخسائر فقط، ومن دون ايّ مكسب.

 

تبعات القبول اللبناني بمهمة «حزب الله» في سورية
حازم الامين/الحياة/04 نيسان/16
ثمة صمت وقبول لبنانيان عامان بالمهمة التي يؤديها «حزب الله» في سورية. الصمت والقبول يمارسهما أيضاً خصوم الحزب مثلما يمارسهما حلفاؤه. وبدأت نتائج هذا القبول تحاصر ما تبقى من لبنان: ذاك أننا حيال هذه المهمة والصمت الممارس حولها، أمام تجربة صياغة وعي وخبرة معيقين لاحتمالات رأب الصدع الأهلي. آلاف من الشبان اللبنانيين يُقاتلون في سورية ضمن حرب أهلية إقليمية، يدعمهم في خطوتهم اقتصاد رديف لا يمت إلى الدورة الاقتصادية الداخلية بصلة، ويتوجهون الى القتال مشحونين بقيم جديدة يؤدي حملها إلى مزيد من الاغتراب عن قيم مواطنيهم غير الموصولين بالقتال هناك، وإن كانوا قبلوه متواطئين على أنفسهم ومستقبلهم. الصحافة اللبنانية لا تعمل في مناطق نفوذ «حزب الله» في لبنان، ولا تنقل لنا ما يجري من متغيرات تبدو هائلة لجهة استيراد القيم الجديدة من مناطق النزاع الإقليمية في سورية أولاً، ثم من العراق وربما من اليمن أيضاً. والصحافة أيضاً لم ترصد مؤشرات اقتصاد الحرب السورية وانعكاساته اليومية على مسارات الحياة في الضاحية الجنوبية والقرى والبلدات الجنوبية والبقاعية، ولم تقل لنا إن ثمة تفاوتاً كبيراً بين ضائقة اللبناني غير المقاتل في سورية، ومواطنه المقاتل هناك، وهو تفاوت لا يعكس تقدّم فرص الثاني حياةً ومستوى معيشة، إنما يعكس مضموناً مختلفاً لمعنى المواطنة بصفتها اشتراكاً في الضائقة والهواجس والهموم. وعلى رغم الصمت الممارس على المهمة في سورية، لم يعد ممكناً ضبط النتائج على أكثر من مستوى. قتلى الحزب العائدون من سورية ليسوا المستوى الوحيد لانشطار المشهد الاجتماعي اللبناني نتيجة انخراط جماعة من جماعاته في حروب خارج الحدود. فرواتب المقاتلين مثلاً، صارت جزءاً من حكايات مؤجري المنازل عن مستأجريها، وانخفاض أعمار المُجندين صار مرتبطاً بانخفاض سن الزواج نظراً الى ما يتيحه من رواتب غير مرتفعة لكنها محفّزة على مباشرة الانفصال عن الأهل. وليست صور قتلى الحزب في سورية وحدها ما يشحن المشهد في مناطق نفوذ «حزب الله» بذلك البعد التراجيدي، إنما أيضاً صور الأئمة ومقاماتهم، تلك المستدخلة على ثقافة التشيع اللبناني، نتيجة الاحتكاك بقيم التشيع العراقي والإيراني.
ومحاكمة صمت اللبنانيين على هذا الصدع الأهلي الجديد يجب أن تتم على أساس أن وظيفة صمتهم تتمثل في قبولهم بابتعاد جماعة كبيرة من جماعاتهم من مشهد تواطأوا على أنه مشهدهم. فانعكاس الافتراق في مؤشر عمر الزواج مثلاً، بين جماعة وأخرى، ربما يصح في حال تحدثنا عن التفاوت في العلاقات بين الريف والمدينة، أو بين الأغنياء والفقراء، أو المتعلمين وغير المتعلمين، أما أن يمتد هذا المؤشر ليفصل بين المقاتل في سورية وغير المقاتل فيها، فهذا يعني استدخال الحرب بصفتها جزءاً من المضمون الاجتماعي والاقتصادي للمواطنة، وعلى هذا النحو تتشكّل مجتمعات الحروب. فالقتال حين يكون فرصة تقدّم، يصبح طموحاً مشروعاً، وهو إذا كان كذلك في عرف «حزب الله»، فمن المفترض ألاّ يكون كذلك في عرف معارضي قتال الحزب في سورية، وما يؤديه صمتهم عن مهمة الحزب هناك هو عكس ما يُفترض أنهم يُضمرونه. لكن الشرخ الكبير في القيم وفي الفرص، والناجم عن المهمة الإقليمية لآلاف الشبان اللبنانيين الذين يقاتلون في سورية، لا يقتصر على مظاهر التفاوت هذه، إنما يمتد إلى انصهار جماعة «وطنية» في مشروع يتولى إذابة الحدود الواقعية للمواطنة في هوية نفسية واقتصادية جديدة. فأن يكون مواطنك مرتبطاً بدورة اقتصادية موازية، وأن يُشحن بقيم من خارج ما تواطأ اللبنانيون الشيعة على أنه هويتهم المذهبية، وأن تتصل هواجسه وطموحاته بمستقبل جماعات خارج الحدود، فهذا يعني أننا أمام عملية انشقاق جوهرية عن الهوية حتى بمعناها القانوني. وإذا ما أضفنا إلى ذلك حقيقة أن «حزب الله» السلطة الوحيدة في لبنان، والقوة القادرة والساعية إلى فرض نموذجها، فهذا يعني أن الصمت اللبناني عن المهمة في سورية صمت مهدد لما تبقى من النموذج.
المسيحيون اللبنانيون ممثلين بقوتهم الرئيسة في البرلمان والحكومة، أي التيار العوني وحلفاءه الأرمن والمردة، تواطأوا مع الحزب في مهمته السورية منذ البداية، وها هو الصدع وقد وصل إلى رقابهم، فلا رئيس للجمهورية حتى بعد أن تبنى خصومهم ترشيح زعيميهم ميشال عون وسليمان فرنجية إلى المنصب. المهمة في سورية لا تنسجم مع وجود رئيس للجمهورية. والسنة اللبنانيون قبلوا بـ«حزب الله» شريكاً أكبر في حكومة سموا هم رئيسها، وها هم عالقون في الفراغ الكبير بانتظار إنجازه مهمته في سورية. هذا كله يبقى ضمن لعبة الأرباح والخسائر، ويبقى مضبوطاً بحقيقة أن الحزب هو الفريق الأقوى في المعادلة. لكن الارتجاج الفعلي يصيب مناطق أعمق، فالانفصال عن النموذج والابتعاد بالقيم يؤشران إلى رفض جوهري لطبيعة الكيان، وهما يستأنفان تركيب هوية وفق معطيات جديدة كل الجدة على ما تم التوافق عليه عند قيام لبنان. وهذا الارتجاج يجري على وقع تحضير خرائط جديدة للمشرق المحتضر. فأن يتصل الشيعي اللبناني بالشيعي العراقي عبر شعيرة استدخلها الأول خلال قتاله إلى جــانب الثاني في سورية، فهذا يعني أننا حيال ظاهرة هوية جديدة، ومن يقترب من البيئات اللبنانية المشاركة في القتال في سورية سيلمس مستوى التغيير في كل شعائر العيش والممارسة والاستهلاك، وصولاً إلى اللغة والعبارة والتحية. ثمة خبث مذهبي أيضاً وراء القبول اللبناني بمهمة الحزب في سورية، ذاك أن هناك من اعتقد أن خروج الحزب للقتال هناك سيريحه من أعباء وجوده في لبنان. وهذا خبث السُذج، ذاك أن الحرب في سورية أدخلت لبنان كله في ماكينة الحرب تلك، وأول ما فعلته إلغاء الحدود، وهو ليس إلغاء للحدود المرسومة بين البلدين، إنما أيضاً إلغاء لحدود الحرب بمعناها الميداني والنفسي والسكاني. وهو فعلاً إنهاء للبنان الذي بات بلا رئيس وبلا حدود وبلا اقتصاد، وبلا قدرة على سحب نفاياته من الطرق، وما يجب الانتباه إليه الآن أنه بلا قيم مشتركة وأذواق وأمزجة قد تعين في حماية ما يمكن حمايته.