كارثية هوس عون في مقالتين/خيرالله خيرالله: من ريمون اده إلى ميشال عون.. كل هذا السقوط/غسان بركات مبروك يا شباب لبنان وصلت مؤسسة العماد ميشال عون

1153

من ريمون اده إلى ميشال عون.. كل هذا السقوط
خيرالله خيرالله/العرب/18 أيلول/15

نشهد حاليا فصلا آخر، وليس الأخير، من السقوط المسيحي في لبنان. في الوقت الذي يكرّم اللبنانيون مجددا العميد ريمون اده عن طريق تسمية جادة في جبيل باسمه، يسعى ميشال عون النائب المسيحي للتأكيد أنّه كان رجل فكر وأنّ لديه ما يتركه. يختزل الفارق بين رجل كبير مثل ريمون اده، الذي وقف في وجه اتفاق القاهرة المشؤوم في العام 1969، وشخص مثل ميشال عون، انتهى أداة لدى “حزب الله” مأساة المسيحيين في لبنان. كان من أطرف ما شهده لبنان أخيرا الإعلان عن “مؤسسة” هدفها “القيام بنشر فكر العماد ميشال عون في لبنان والعالم”، و“تثقيف الشباب اللبناني لتعزيز الديمقراطية لديهم”.
في أساس المؤسسة التي وافقت وزارة الداخلية اللبنانية على قيامها، وفقا للقوانين المرعية، كلمتا “فكر” و“ديموقراطية”. إذا كان ميشال عون اشتهر بشيء، فهو اشتهر بغياب أي نوع من أي فكر لديه واحتقاره الديمقراطية، أي ديمقراطية. لم يقبل النائب المسيحي، ذو الثقافة جدّ المتواضعة، والذي يراهن على الغرائز لدى الطبقة المسيحية دون المتوسطة، تطبيق الديمقراطية حتّى داخل تيّاره. فرض أن يكون خليفته صهره الذي صار بين ليلة وضحاها صاحب ثروة كبيرة ووزيرا، علما أنّه سقط سقوطا ذريعا في كلّ مرّة ترشّح كي يكون نائبا. ترشّح الصهر وسقط في منطقة تتحكّم بها الأصوات المسيحية.
المعيب في الأمر أن بنات ميشال عون اللواتي يقفن وراء “المؤسسة”، لا يمتلكن ما يكفي من الشجاعة للقيام بعملية نقد للذات. تنطلق هذه العملية من أنّ ميشال عون ليس ديمقراطيا ولا يعرف شيئا عن الديمقراطية. فكيف يريد نشرها وتعزيزها؟ أمّا بالنسبة إلى الفكر، فحدّث ولا حرج. هناك رجل قادر على الانتقال من الإعجاب بفكر صدّام حسين في أواخر ثمانينات القرن الماضي… إلى الإشادة بفكر بشّار الأسد بعد العام 2006، وصولا إلى السقوط في حضن حسن نصرالله، أي في حضن “الحرس الثوري” الإيراني ولا شيء آخر غير ذلك.
في الطريق إلى قيام “مؤسسة ميشال عون”، جمع النائب المسيحي الذي صنع له “حزب الله” كتلة كبيرة في مجلس النوّاب اللبناني، بين كل التناقضات. اتكل في كلّ وقت على أن مناصريه لا يمتلكون الحدّ الأدنى من النضج السياسي والوعي الوطني. إنّه يفكّر عنهم ويفرض عليهم ما يجب قوله وما لا يجب قوله. وعندما يأتي سياسي معقول يمتلك منطقا مثل الوزير بطرس حرب ويسأله كيف يوفّق بين مجلس للنواب يعتبره “غير شرعي” وبين طلبه من هذا المجلس تعديل الدستور، لا يمتلك ميشال عون سوى الصياح للتهرّب من التعاطي مع المنطق، في حدّه الأدنى.
لا يرى ميشال عون عيبا في أن يعدل مجلس النوّاب “غير الشرعي” الدستور اللبناني كي يصبح انتخاب رئيس للجمهورية من الشعب مباشرة، معتقدا أن أصوات “حزب الله” الذي يستطيع الإتيان بجمهوره إلى صناديق الاقتراع عبر الفتاوى التي يصدرها، سيمكّنه من الوصول إلى رئاسة الجمهورية.
ليس عيبا أن يكون أي ولد معجبا بوالده، حتّى عندما يكون هذا الوالد مسؤولا عن تهجير مئات آلف المسيحيين من لبنان. العيب في الهرب من الواقع، عن طريق ممارسة لعبة الهرب إلى الأمام من دون تقدير للنتائج المأساوية لهذه اللعبة. إذا كانت هناك من خدمة تستطيع بنات ميشال عون تأديتها، فهذه الخدمة تتمثّل في إقناعه بتمضية الأيام الأخيرة من حياته في حديقة منزله في الرابية، وليس في حارة حريك طبعا، يعتني بالورود، بدل العمل على تهجير مزيد من المسيحيين من لبنان.
يبقى أنّ هناك ما هو أبعد من الفكر العقيم وغياب أي ثقافة ديمقراطية لدى شخص مثل ميشال عون. يكشف الرجل، بما يمثّله، جانبا من الأزمة التي يعاني منها قسم كبير من المسيحيين في لبنان. في أساس هذه الأزمة العجز عن استيعاب ما يدور في المنطقة والتعاطي مع الأحداث الإقليمية، بما يخدم مصلحة لبنان واللبنانيين جميعا، مسيحيين ومسلمين. في العام 1969، لم يوجد في لبنان سوى زعيم سياسي واحد وحيد، هو العميد ريمون اده اعترض على اتفاق القاهرة المشؤوم. أدرك ريمون اده معنى بداية التخلي عن السيادة والنتائج التي ستترتب على ذلك. كان هناك خطأ كبير ارتكبه المسلمون، خصوصا زعماء السنّة وقتذاك، الذين ضغطوا على رئيس الجمهورية شارل حلو، كي يقبل الاتفاق الذي ما لبث أن حظي بموافقة مجلس النوّاب. كذلك، كان هناك نوع من الانتهازية لدى الزعماء المسيحيين، خصوصا الأقطاب الموارنة، الذين كان كل منهم يطمح إلى رئاسة الجمهورية. وحده ريمون اده، الذي يمكن أن تكون عليه مآخذ كثيرة، خصوصا بسبب موقفه من الشهابية، رفض أن يكون أسير عقدة رئاسة الجمهورية. وضع مصلحة لبنان فوق مصلحته الخاصة. كان ريمون اده رجلا عظيما. عندما يسمّى شارع باسمه، أكان ذلك في بيروت أو جبيل، فإن رفع اسمه في مكان عام يشرّف بيروت وجبيل.
يكفي ريمون اده رفضه الدائم اللجوء إلى السلاح في كلّ وقت من الأوقات وفي كلّ ظرف. رفض الدخول في لعبة الميليشيات المسيحية التي قاتلت المسلحين الفلسطينيين في لبنان. كان قتال الفلسطينيين وقتذاك ضروريا، لو انضم مسلمون إلى هذه المعركة، بدل تسهيل الميليشيات، على أنواعها، عملية إدخال البلد في حرب ذات طابع طائفي. كان وراء هذه الحرب في كلّ وقت النظام السوري. أراد حافظ الأسد، وقتذاك، استخدام المسيحيين في لعبة إخضاع الفلسطينيين من جهة وإدخال المسيحيين في لعبة حلف الأقليات التي بات يؤمن بها ميشال عون من حيث يدري أو لا يدري من جهة أخرى. كان الأسد الأب يرسل السلاح إلى الجانبين، إلى الفلسطينيين والمسيحيين، كي يوافق الأميركيون في نهاية المطاف، بضوء أخضر إسرائيلي، على وضع اليد السورية على لبنان… على مسلميه ومسيحييه.
كلّ ما فعله ميشال عون في خريف العام 1990، أنّه استكمل عملية وضع اليد السورية على البلد عندما أوصل الجيش السوري إلى قصر بعبدا ووزارة الدفاع.
هناك بكل بساطة، لدى ميشال عون ومن على شاكلته، عقل عقيم يستخدمه حاليا “حزب الله” ومن خلفه إيران في تدمير ممنهج للبنان ومؤسساته. يستخدم ميشال عون حاليا في منع انتخاب رئيس للجمهورية، خدمة لإيران لا أكثر.
الخدمة الوحيدة التي تستطيع عائلة ميشال عون تقديمها للبنان واللبنانيين تتمثل في إنشاء مؤسسة ترعى ميشال عون في شيخوخته، مؤسسة تتولى تقديم الاعتذار تلو الآخر عن الإرتكابات التي استهدفت لبنان واللبنانيين، منذ كان ميشال عون مجرّد مستشار من بين مستشاري الرئيس الشهيد بشير الجميّل، وهو بين ضحايا النظام السوري في لبنان الذي يعتبره اليوم ميشال عون حاميا لمسيحيي الشرق. ةتكمن مشكلة ميشال عون والمؤمنين بفكره وديمقراطيته، أي بشيئين غير موجودين، في أن لا مكان لديهم للاعتذار ومراجعة الذات. وحدهم الكبار في هذا العالم يعتذرون. وحدهم الكبار يمتلكون من العلم والمعرفة والتواضع، ما يكفي للقيام بمراجعة نقدية للذات. على سبيل المثال فقط، وقف نهاد المشنوق، بصفة كونه وزيرا للداخلية، ليقول في تكريم ريمون اده في جبيل قبل أيّام “كم كنت على حقّ حين رفضت بعناد اتفاق القاهرة، وهو الاتفاق الذي شرّع البلاد أمام تجربة السلاح الفلسطيني وأنا من جيل ينتمي إلى هذه الخطيئة بحقّ لبنان واللبنانيين. كم نحتاج إلى صلابتك ورؤيويتك لتهدئة أهل السلاح اليوم…”.في الاعتذار، والاعتذار فقط، يمكن لميشال عون أن يكرّم نفسه… أو أن يجد من يكرّمه في حال كان مطلوبا أن يكون كبيرا بين الكبار، حتّى لا نقول أكثر من ذلك.ولكن ما العمل، عندما يكون قدر مسيحيي لبنان هذا السقوط المروع إلى درجة بات ميشال عون يعتقد أنه مؤهل ليكون رئيسا للجمهورية بعد كل الحروب التي خاضها وأدّت إلى تهجير أكبر عدد ممكن من المسيحيين من لبنان.

مبروك يا شباب لبنان… وصلت «مؤسسة العماد ميشال عون
غسان بركات/جنوبية/18 أيلول/15
ليست أكذوبة ولا شائعة، ولا حتى مجرد كلام أو خبر عابر، بل حقيقة وموجودة “مؤسسة العماد ميشال عون” – General Micheal Aoun Foundation، الكائنة في منطقة سن الفيل سنتر كيبيك الطابق الثاني بعد نيل تلك المؤسسة ترخيص من قبل وزارة الداخلية والبلديات، تحت بيان علم وخبر بتأسيس هي جمعية مهمتها تثقيف الشباب اللبناني ديمقراطيا ً، ونشر فكر العماد ميشال عون في لبنان والعالم!!. وهذه الجمعية قامت بتأسيسها بنات الجنرال (شانتيل ميراي كلودين) ميشال عون. مبروك يا شباب لبنان العظيم، لقد شاء الفوهرر الجنرال ميشال عون أن يتواضع ويفتح لنا مؤسسة باسمه “مؤسسة العماد ميشال عون“، ليعلمنا ثقافة الديمقراطية والفكر ونشرها في العالم تماماً كنشر فكر وثقافة الثورة الإيرانية. فتحت ظل عدم وجود رئيس للجمهورية اللبنانية، وتحت وطأة انشغال البلاد بالحراك المدني لشباب لبنان الأحرار المثقفين، الذين ينادون بحقوق أبناء وطنهم لبنان ويعلّمون الديمقراطية للعالم وللسياسيين اللبنانيين المنافقين الذين ينادون بالديمقراطية تزلفا ً وكذبا ً وعلى رأسهم “الفوهرر” ميشال عون، أمام كل هذا تخرج علينا بنات الجنرال ميشال عون (شانتيل ميراي كلودين)، بمؤسسة جمعية من اجل نشر فكر الوالد عالميا ً ومحليا ً وتثقيف الشباب اللبناني لتعزيز الديمقراطية لديهم.
من الطبيعي ان تكون لدى بنات الجنرال عون مؤسسة تثقيفية باسم والدهم. ولكن ليس من الطبيعي ان يكون هدف هذه المؤسسة هو نشر أفكار الجنرال عون محليا ً وعالميا ً وتثقيف الشباب بتعاليم الديمقراطية. لأنه من الناحية الفكرية لعقل الجنرال ميشال عون، فهو غير مؤهل، والسبب يعود طبعا ً لعدم وجود أي من الكتب او المؤلفات سواء كانت علمية أو أدبية أو حتى عسكرية أو حتى مقالة واحدة خاصة من تأليف الـ”مون جنرال”. حتى انتصارات “مون جنرال” الوهمية المليئة بالهزائم العسكرية مثل حربي“التحرير” و”الإلغاء” وهروبه إلى السفارة الفرنسية خوفا من بطش الجيش السوري له، لم يكتبها أو حتى يدونها في دفتر ذكرياته ان كان لديه أصلا دفتراً لذكرياته. عن أيّة ثقافة سوف يتكلم عنها بنات الجنرال القيمات على هذه ليثقفوا بها الشباب اللبناني، عن ثقافة إضعاف المسيحيين سياسيا ً بسبب الحروب العبثية التي خاضها سابقا ًإرضاء لجنون العظمة التي كان يتمتع بها القائد العظيم الوالد، بعدما أصبح كحصان طروادة يستخدم لتنفيذ المشاريع السياسية لحزب الله والنظام السوري. أم عن ثقافة عدم اكتراث الوالد الفوهرر الجنرال لقضية العسكريين اللبنانيين الذين تاهوا من اجله داخل معتقلات والسجون النظام السوري، أو عن ثقافة فكر التقلبات السياسية لدى الفوهرر الجنرال ميشال عون بنقل البارودة من كتف إلى كتف بعد شهادته المشهورة سابقا  ضد سورية تحت بند قانون محاسبة سورية لدى الكونغرس الأميركي، ثم بعد سنوات يذهب إلى العاصمة دمشق ويلقي خطابا من داخل جامعة دمشق، يطلب فيها من الشعب اللبناني الاعتذار من سورية الأسد بعدما قام هو بدوره بالاعتذار ثم الطاعة لبشار الأسد.
عن أيّة ديمقراطية تتحدّث بنات الفوهرر ميشال عون، عن ديمقراطية الوالد الذي يريد ان يكون رئيسا ً للجمهورية رغما عن اللبنانيين، بعد تعطيل الحياة السياسية في البلاد وعلى دوره الكبير في تعطيل الديمقراطية النيابية داخل البرلمان اللبناني لجهة عرقلته انتخاب رئيس جديد للجمهورية، أو بديمقراطية توبيخ الإعلاميين والصحافيين عندما يعجز عن الإجابة عن سؤال يطرح عليه، ليمنعهم لاحقا ًمن الدخول إلى دارته في الرابية. عن أيّة ثقافة وديمقراطية تتكلم بنات الفوهرر ميشال عون (شانتيل ميراي كلودين)، عن ثقافة سرقة مئات ملايين الدولارات من وزارتي الاتصالات والطاقة، التي كان يقوم بها الصهر المدلل بعيون عمه الفوهرر ميشال عون “بايبي” السياسة الوزير جبران باسيل كبير القوم في “مؤسسة التغيير والإصلاح” بعدما تم تعيينه “ديموكتاتورياً” بأمر من العم الفوهرر ميشال عون على رأس التيار البرتقالي بعيداً عن صناديق الاقتراع. لا نستبعد في المستقبل أن يخرج علينا “مون جنرال” ليبشرنا بكتابه البرتقالي، ليتحدث عن فكره الجديد في ابتكار طريقة جديدة لعصر البرتقال بعد أن يقوم بتسجيل تلك الفكرة ضمن الحماية الملكية الفكرية احتسابا ً من سرقة افكاره، تماما ً كما حصل في مسرحية “ضيعة تشرين” عندما خرج مختار الضيعة “حسني البُرازان” صارخا ً بأن الحرامي سرق له فكرته، ليتدخل “غوار الطوشة” قائلاً، “بتجيبوا كلب بوليسي وبتشممو راس المختار.. .” أخيرا يذكرني أسلوب سياسة الفيلسوف العماد ميشال عون، بأسلوب سياسة الفيلسوف المقبور الرئيس معمر القذافي وبكتابه الأخضر” الذي لا يصلح ان يذكّر إلا بالشاي الأخضر!