ايلي الحاج: تيارا المستقبل والوطني الحر لم يكن ينقصهما تظاهرات/اميل خوري: عون يستبق القمة الروحية والتشاور/خليل فليحان: نجاح تظاهرة السبت فرض نفسه

316

تيارا “المستقبل” و”الوطني الحر” لم يكن ينقصهما تظاهرات
ايلي الحاج/النهار/31 آب 2015
فريقان سياسيان خرجا منهكَين من تطورات الأيام الأخيرة، لا سيما تظاهراتها السلمية والعنفية: “تيار المستقبل” و”التيار الوطني الحر”. يتوجب إضافة “قوى 14 آذار” ككل ما دام جزء واسع من رأي عام ساهم في صنعها خرج في تظاهرة تنادي بالخروج على الاصطفافات، معلناً يأسه من سياسات استمرت عشر سنوات ولم تستطع الخروج من المراوحة القاتلة لحركة شعبية قدرها كأي حركة مشابهة أن تتجدد أو تموت. قبل هذه الفورة الغاضبة التي نجح منظموها في توجيهها نحو “المستقبل” باعتباره مشاركاً في السلطة، والتي تخفي وتعلن موقفاً سلبياً جذرياً إن لم يكن أكثر، من “الحريرية السياسية والإقتصادية”، من الرئيس الشهيد والرئيس الابن على السواء، كان التيار ولا يزال يعاني أكبر أزمة منذ نشأته يكثر اللغط في شأنها في كل المجالس السياسية وتتعدد التحليلات لأسبابها، وتنعكس على أدائه في الحكومة وخارجها كما في حضوره وحركته الشعبية في شكل ملحوظ. وهكذا عكست تظاهرة السبت الماضي الحاشدة بنوعية المشاركين فيها خللاً ما في وضع “المستقبل” شعبياً. أما “التيار الوطني الحر” فتلاحقت النقط السلبية في أدائه السياسي منذ التظاهرة الاولى التي دعا إليها وشارك فيها عدد ضئيل من أنصاره في ساحة رياض الصلح، وتلتها تظاهرة ثانية أصرّ المسؤولون في “التيار” على أن تكون حاشدة في ساحة الشهداء وجمعت مشاركين أقل من المتوقع بكثير. لم يكن ينقص “التيار العوني” الذي تعب جمهوره من معالجة تهمة تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية لدافع شخصي عند زعيمه، سوى خضة داخلية، أو حركة تململ أقله، عقب تزكية رئاسة الوزير جبران باسيل له. ولم يطق النائب العماد ميشال عون مشهد التعرض له ولتياره في التظاهرة والإعلام، فبادر إلى مهاجمة التظاهرة والداعين إليها والدعوة إلى تظاهرة خاصة بتياره، بدل أن يحتضن التحرك الشعبي ويفيد من رفع هذا التحرك شعارات سبق أن رفعها عون نفسه، مما يصوّره في خانة المعزول عن الشارع خصوصاً إذا لم تكن تظاهرة الجمعة المقبل بحجم يمكن مقارنته بتظاهرة “طلعت ريحتكم”. لكن أكثر من تضرر “قوى 14 آذار” من خلال مشاركة وجوه وشخصيات وتجمعات مما يعتبر “مجتمعها المدني” في تظاهرة الرفض التي نددت وأدانت الطبقة السياسية بكاملها وأعلنت “أجندة سياسية” – إلى جانب المطالب الحياتية المتعلقة بالنفايات وغيرها- غير أجندة قوى 14 آذار، ويمكن القول إنها تخالف الطائف والدستور وتلامس الثورة على كل الحكام والسلطة التي تشكل 14 آذار جزءاً منها. تحصد أحزاب وقيادات في تحالف قوى 14 آذار بذلك ما زرعت منذ الـ2011، سنة المطالبة بإنشاء “المجلس الوطني” للتفاعل بين الأحزاب والرأي العام والشخصيات المستقلة والمفكرين والكتّاب وقادة الرأي. عندما تشكّل بعد أربع سنوات وطول أخذ ورد وشروط متنوعة، اقتصر المجلس على مستقلين، شارك بعضهم وقاطع بعضهم وجمع بينهم اليأس.

عون يستبق القمة الروحية والتشاور بالإعلان عن خطة تعاكس المبادرات الانتخابية
اميل خوري/النهار/31 آب 2015
اذا لم يكن لإيران مصلحة في تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية ما لم تقبض ثمن ذلك عند تقاسم النفوذ في المنطقة، متذرعة بتكرار قول لا يصدقه احد وهو انها لا تتدخل في موضوع يخص اللبنانيين… فما هي مصلحة الزعماء المسيحيين، والموارنة تحديداً، باستمرارهم في مقاطعة جلسات الانتخاب بحجة انهم يريدون رئيساً مارونياً قوياً اسوة بالرئيس الشيعي وبالرئيس السنّي، لكنهم لا يتفقون على هذا الرئيس القوي فيستمر الشغور الرئاسي ويستمر معه الخلاف داخل الحكومة على ممارسة صلاحيات الرئيس بالوكالة بحيث يبلغ حد تعطيل عملها كلياً، ويختلف النواب على تفسير “تشريع الضرورة” فيتعطل عمل المجلس أيضاً، وقد آن لهم ان يدركوا ان لا شيء ينهي هذه الخلافات سوى انتخاب رئيس للجمهورية قبل أي امر آخر وهو ما نص عليه الدستور. لقد اقترح رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع خطة لاخراج لبنان من الأزمات التي يتخبط فيها، وتدعو هذه الخطة الى انتخاب رئيس للجمهورية اولاً ثم تشكيل حكومة جديدة وإجراء انتخابات نيابية على أساس قانون جديد عادل ومتوازن، فيتحقق عندئذ مطلب من يريدون استقالة الحكومة الحالية وقيام مجلس نيابي جديد لأنهم يعتبرون ان المجلس الحالي لم يعد شرعياً بعد التمديد له مرتين، لكن هذا لا يتم بالديماغوجية والغوغائية والعنف بل بالطرق الدستورية من خلال صناديق الاقتراع وفي انتخابات نيابية حرة ونزيهة، فإما تسقط نتائجها الطبقة السياسية المشكو منها وتأتي بطبقة جديدة، وإما يصير التجديد لها جزئياً او كلياً، وتكون المطالبة باسقاط النظام لم يقررها الشارع انما المؤسسات الدستورية. فالهدم سهل وسريع، اما البناء او اعادة البناء فصعب ومكلف ويحتاج الى وقت، خصوصاً ان الأنظمة التي اسقطت في الشارع في غير دولة عربية لا تزال حتى الآن تعاني من نتائجها ولا اتفاق على اقامة انظمة بديلة بل حروب داخلية مستمرة.
ثمة من ينتظر بكركي لأن تدعو الأقطاب الموارنة الاربعة للبحث في خطة جعجع التي حظيت بتأييد الكثيرين ليقول هؤلاء الأقطاب رأيهم فيها علّهم يتفقون على انتخاب رئيس للجمهورية. لكن بكركي تتردد لأن أملها خاب أكثر من مرة باجتماعات الأقطاب من دون ان يتفقوا على مرشح ينافسه مرشح طرف آخر، ولا ان يتركوا للأكثرية النيابية المطلوبة انتخاب من تشاء من بين مرشحين معلنين وغير معلنين. واذا اتفقوا على شيء فبعضهم لا يلتزم به وهو ما حصل غير مرة ايضاً. فهل تكون القمة الروحية المسيحية – الإسلامية التي تعقد اليوم في بكركي هي البديل من جميع الأقطاب الموارنة فيستجيب الجميع لقراراتها وفي رأسها انتخاب رئيس للجمهورية، أم يظل صوت إيران أقوى من كل الأصوات، خصوصاً بعدما استبق العماد ميشال عون كل لقاء بما في ذلك القمة باقتراح خطة للخروج من أزمة الإنتخابات الرئاسية تقلب خطة جعجع رأساً على عقب ويحتاج الأخذ بها الى وقت لا يستطيع لبنان بدقة وضعه تحمّل مدته؟
الواقع أن خطة عون هي كمن يريد البيضة قبل الدجاجة علّها “تفقس” له رئاسة… وليس دجاجة تبيض وتطعم كل اللبنانيين، او كمن يهيئ المعلف قبل الحصان، حتى اذا وجد المعلف تعذر ايجاد الحصان. والرئيس نبيه بري الذي كان اول من دعا الاقطاب الى طاولة الحوار كان بوده ان يدعوهم خصوصا في مرحلة دقيقة وخطيرة يمر بها لبنان وتضعه عند مفترق، لكنه فضل التفكير في عقد لقاء تشاور حتى اذا ما نجح تحول الى حوار تشجع ايران عليه بين 8 و14 آذار. فهل يتحسس الزعماء في لبنان، ولا سيما منهم مقاطعي الانتخابات الرئاسية، خطورة الوضع فيتبادلون تقديم التنازلات من اجل لبنان ليكون الرئيس من صنعهم لا من صنع اي خارج؟ ويكون انتخابه ضرورة الضرورات، ولا يتركون الرئيس بري يصفق بيد واحدة حتى لو ذهب لبنان بين “ارجل الخيل” او ذهب “فرق عملة” في بورصة المتاجرين به والمزايدين والمتلاعبين بالاسعار، بل ضم ايديهم الى يده ليصفق الجميع لخلاص لبنان. فهل يكون ايلول شهر اختبار حقيقة النيات، خصوصا نيات من يقاطعون جلسات انتخاب رئيس الجمهورية فيستمرون فيها او يعودون عنها، ونيات ايران التي تشجع على الحوار بين 8 و14 آذار عله ينتهي الى اتفاق على انتخاب رئيس يكون انتخابه مفتاح الحل لكل المشكلات والأزمات، وتكون ايران قد اكدت حسن نيتها وجعلت اللبنانيين يتفقون من دون اي تدخل لا منها ولا من غيرها، وأن تكون القمة الروحية المسيحية – الاسلامية قمة المحاولات الجدية لتخليص لبنان وتحميل كل من لا يستجيب لدعوة انتخاب رئيس للجمهورية المسؤولية امام الله والوطن والتاريخ، وتسمية كل مسؤول باسمه، فيكفي جعل لبنان كل مرة رهينة لخارج لا يفرج عنها الا بفدية.

نجاح تظاهرة السبت فرض نفسه على جدول محادثات “المجموعة الدولية “
خليل فليحان/النهار/31 آب 2015
“تحرك المجتمع المدني واستقطابه حشداً ضخماً من المتظاهرين السبت الماضي يفرض نفسه على اجتماع “المجموعة الدولية لدعم لبنان” التي ستعقد في نيويورك في ايلول المقبل لمراجعة الوضع في لبنان بفعل تعثر انتخاب رئيس للجمهورية”… هذا ما افاد به مصدر ديبلوماسي غربي “النهار”، وتوقع للتحرك المدني تأثيراً مباشراً ليس على الحكومة فحسب بل ايضا على الفاعليات السياسية التي بدأ بعضها ينتقدها بعنف كما يفعل رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” النائب ميشال عون متهما مؤيدي التظاهرة بأنهم يسرقون شعارات “التيار” مما أدى الى ردود فعل منهم. يذكر ان “المجموعة” تتألف من الدول الخمس الكبرى ذات العضوية الدائمة لدى مجلس الامن زائد المانيا وإيطاليا والامين العام للامم المتحدة. وقد اشار المصدر الى ان اكثر من سفارة في بيروت تابعة لدول تلك المجموعة أحصت أعداد التظاهرة التي انطلقت السبت امس الاول من امام وزارة الداخلية الى ساحة الشهداء، وكلّف دبلوماسيون يعملون فيها رصد طريقة تعاطي السلطة والحشد الشعبي وسجلوا الشعارات التي أطلقت ومدلولاتها، واستنتجت ان الوضع الناشىء في لبنان لا يتجه الى “السورنة” استنادا الى الوقائع الميدانية: من عدم استعمال السلطة للعنف لأن المتظاهرين لم يقوموا بتحرك مخل بالامن رغم كثافة الحشد، والمطالب جرى التعبير عنها بكتابات رفعت او بأحاديث متلفزة مباشرة اجريت مع مشاركين من قلب التظاهرة مرفقة بهتافات تندد بالطبقة الحاكمة. وتبين ان المنضمين الى التظاهرة ليسوا من أهل بيروت وسكانها وحدهم، بل من مناطق بعيدة عنها كالبقاع والشمال وسواها. والاهم ان غرفة العمليات المشتركة من جيش وقوى امن داخلي سهرت على هذا التحرك الذي فاق كل التقديرات وأظهر سلوك قوى الامن التي تولت حماية المحتجين درجة رفيعة من الانضباط. وسجل المراقبون خطوة إيجابية تمثلت بتغيير شعار الحركة آخذين بنصيحة بعض السياسيين بوضع خريطة طريق من الضروري اتباعها كي لا تسقط البلاد في الفراغ التام للمؤسسات، وهي تنص على: اولا انتخاب رئيس جديد للجمهورية مما سيؤدي تلقائيا الى استقالة الحكومة، اجراء انتخابات نيابية جديدة. وحصرت قيادة الحراك مطلبها على هذا النحو باستقالة وزير البيئة محمد المشنوق، لانه المسؤول المباشر عن العجز في معالجة النفايات المنتشرة قرب كل بيت وشقة ومكتب ومصنع ومطعم ومستشفى وفندق وما تنتج من أمراض خطرة على الصحة العامة. ووحده المشنوق ردّ على دعوته بالاستقالة برفضها، لانه وفقاً لتعبيره ليس الوحيد المسؤول عن أزمة النفايات، وجميع القوى السياسية لا تؤيد ما تطالب به الجماهير المشاركة في التظاهرة.
ووفقا لمصدر ديبلوماسي في سفارة اوروبية بارزة ومؤيدة لتحركات المجتمع المدني في تقريرها الى وزارة خارجية بلادها ان تظاهرة 29/08/2015 في بيروت هي اول حركة ناجحة للمجتمع المدني في لبنان بهوية غير حزبية، لا تنتمي الى اي طائفة او مذهب، وقد تمكنت من استقطاب اللبناني الرافض لما وصلت اليه الحالة المعيشية من تدن في مستوياتها. واشار التقرير الى ان تحرك السبت الماضي تجاوز مكانة قوى14 و8 في المعادلة السياسية الداخلية وهو يؤسس لحركة شعبية مستقلة عنهما ويمكن الدولة المعنية ان تدعمها. ولاحظ التقرير ان بعض المنتمين الى احزاب وتيارات سياسية انضموا الى التحرك الشعبي الواسع، بتمزيق البطاقة الحزبية التي بحسب شهاداتهم اوصلت الأحزاب الى أزمة النفايات، وبينهم من اعترفوا علانية مع الاستمرار في انتسابهم الى الحزب او التيار.