كرم سكافي/في الذكرى السابعة لمحاولة اغتيال قاسم سليماني

1768

 في الذكرى السابعة لمحاولة اغتيال قاسم سليماني
كرم سكافي/جنوبية/الأربعاء، 11 فبراير 2015

محاولة اغتيال قائد فيلق القدس التابع لحرس الثورة الاسلامية اللواء قاسم سليماني هي انعكاس لصورة الصراع البارد القائم إلى أجل غير مسمّى بين واشنطن وطهران، وكذلك ما حدث بعدها وما سيستمرّ في الحدوث.

إنه الثلاثاء 12 شباط 2008، اليوم الذي سقط فيه أحد أبرز رفاق قائد فيلق القدس التابع لحرس الثورة الاسلامية، اللواء قاسم سليماني، وأدهى مساعديه الرئيسيين، شهيداً على أرض عاصمة الأمويين دمشق. قد يكون الأمر من مصادفات التاريخ العجيبة لكنه بالتأكيد أحد العمليات النوعية والمفصلية في تاريخ الصراع الأمريكي – الإيراني.

سرد الخبر ليس بجديد طبعاً، لكن الجديد يكمن في إعلان الإستخبارات الأمريكية عبر وسائل الإعلام مسؤوليتها وللمرة الأولى عن العملية في وقت كان الأمين العام لحزب الله يحيي ذكرى أسبوع شهدائه الذين سقطوا في عملية اغتيال نفذتها مروحيات إسرائيلية ضد مسؤول في فيلق القدس الإيراني في منطقة القنيطرة السورية وسقط بنتيجتها للمفارقة أيضاً إبن الحاج رضوان، جهاد عماد مغنية، ورفاق له.

محاولة الإغتيال الأولى، التي ذهب ضحيتها مغنية، فسّرها البعض على أنّها عقاب أمريكي ورد طبيعي على تورط إيران في عمليات ضد مصالحها في المنطقة والعالم بدءًا من تفجير سفارتها في العاصمة بيروت في 18 نيسان 1983، حين قتل ما يزيد عن 63 شخصاً بينهم ثماني ضباط إستخبارات، تبعها في العام 1985 إختطاف طائرة الـ”تي دبليواي”، من دون إغفال عملية اختطاف مدير مكتب الإستخبارات الأمريكي في بيروت باكلي في العام الذي سبق، 1984، والتحقيق معه من قبل رجال سليماني وتحديداً من قبل مغنية نفسه، ليُقتل بعدها، ولتستمرّ الحرب بينهما وتؤدّي إلى وقوع 16 قتيلاً بسبب تفجيرات بيونس آيرس في العام 1992، ولتستتبع العمليات بأخرى في أبراج الخبر في العام 1996 وصولاً إلى ما اعتبرته الإدارة الأمريكية إعتداءً مباشراً عليها منذ العام 2003 من قبل سليماني ورجاله، وقيامهم بتدريب مقاتلين في العراق من الطائفة الشيعية وحضّهم على مقاتلة قواتها وهو ما أكده في التحقيق أحد المعتقلين الرئيسيين في العراق حينها علي دقدوق.
قاسم سليماني

قد يختلف كثيرون حول الطريقة التي اتّخذ بها قرار تنفيذ عملية الاغتيال أو ما هي الأسباب التي أوجبت القيام بها. لكنّ المرجح أنّ القرار اتّخذ قبل تنفيذ العملية بعام على إعتبار أن الفرصة كانت سانحة وهنالك تلاقٍ إستخباراتي أمني بين عدد من الأطراف يلاقيه تورّط شبكات محلية وأخرى عربية في عملية الإغتيال.

وما سهل الأمر أكثر هو وجود العنصر الأمريكي الذي على ما يبدو مقبولاً عند البعض من الجزء العربي والمحلي المتورّط، مقابل تحريم التعامل أو التنسيق مع الإسرائيلي المدان فعله والمكروه شعبياً والمحرّم التعامل معه دينياً. وهو ما يوضح الأمر أكثر ضلوع المتهم محمد شوربة المسؤول عن وحدة العمليات الخارجية للحزب في عملية الاغتيال رغم نفي السيّد نصر الله ذلك.

وكمحصلة لما تقدم يمكن الجزم بأن مغنية ما كان ليعمل بثقة وحرية في دمشق وكذلك إبنه جهاد في القنيطرة لو لم يكن هنالك شخصيات أخرى أوسع نفوذاً وقدرة من العمل بالحرية ذاتها تماماً كما يفعل قادة حرس الثورة الإسلامية ومنهم سليماني نفسه، العدو رقم واحد حينها للولايات المتحدة وإسرائيل.

نحن من دون أدنى شك أمام إستراتيجية أمريكية دفاعية محكمة ألزم تحركها تنفيذ العدورقم واحد للولايات الأمريكية مسلسلا من العمليات العسكرية والأمنية كان بطلها من دون منازع أبو جهاد مغنية، الحاج رضوان، أو عماد، الذي من المتوقع إلى حدّ ما أن يسقط بنتيجتها. وهي معارك تأتي في سياق حرب باردة طويلة ومستمرة إستخبارتية عسكرية مالية وإقتصادية يقوم بها الطرفين ضد بعضهما البعض، وتتخلّلها صدامات مباشرة واغتيالات يستخدم خلالها كلا الطرفين القوة المميتة حتّى خارج نطاق مناطق النزاع المسلح، لكن من دون توسّع. فالعمليات تتمّ بهرمية متناهية التنظيم والدقة وتراعي مبدأ الحصول على موافقة الرئيس قبل تنفيذ أي عملية (إغتيال كانت أو غيرها) وكذلك موافقة النائب العام ومستشار الأمن القومي ومكتب الإستشارات القانونية في وزارة العدل عند كلا الدولتين.

ما حصل في نيسان 2008 وفي كانون الثاني 2015، وما حصل قبلهما وما سيحصل بعدهما لن يكون إلا إنعكاساً لصورة الصراع البارد القائم إلى أجل بين واشنطن وطهران.