ايلي الحاج: خرج النِمر أنطوان زهرا مِن الحلبة وجبران باسيل ينتظر مَن يرافقه

423

خرج “النِمر” أنطوان زهرا مِن الحلبة وجبران باسيل ينتظر مَن يرافقه
ايلي الحاج/النهار/21 كانون الثاني 2017

ستكون كل انتخابات لبنان بمَيل وانتخابات قضاء البترون بَميل. ليس لأن البترون باب للشمال وقف كالسد في وجه تمدد التسونامي العوني على دورتين في 2005 و2009 مغيّراً المسار العام، بل لأنه الباب إلى مستقبل التحالف بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، ولأن نيابة رئيس “التيار” الوزير جبران باسيل هذه المرة أغلى النيابات. لذا كان مدوياً إعلان النائب أنطوان زهرا من قاعة البرلمان قراره وحزبه، عدم التقدم مرشحاً للانتخابات الآتية.

على مدخل الستين من عمره، بعد 11 سنة من “السعادة النيابية” بالانتخاب والتمديد، خرج زهرا- “النمر” على ما يسميه رفاقه- من الحلبة. تخلى عن مقعد احتله قبله النائب الراحل الدكتور جورج سعادة مدى 24 سنة بالانتخاب والتمديد أيضاً، من 1968 إلى 1992. ابن قرية كفيفان كان رئيساً لقسم الكتائب فيها حين كان ابن قرية شبطين رئيساً لإقليم البترون ونائباً ووزيراً. شهد صعود حزبه السابق إلى صهوة القوة في البترون مطلع الحرب في 1975 بقَسَم 3300 منتسب يمين الولاء للكتائب في احتفالية بالمدينة الكشفية الضخمة في سمارجبيل. انضم إليهم كثيرون في العقدين التاليين، وتوزعوا بعد الحرب والانفصال بين كتائب و”قوات”، انضم إليها زهرا مقاتلاً ثم مسؤولاً حزبياً. إلا أنه بقي في لهجته وتعابيره، أسلوبه عموماً في الكلام العادي والخطاب، أقرب إلى جورج سعادة حتى من نجله النائب سامر، الذي يعود من نيابة قسرية في طرابلس إلى خوض معركة انتخابية ضارية على أرضه، وبالتحالف مع حليف والده في انتخابات 1972، الوزير والنائب المخضرم بطرس حرب.

لعلّ أنطوان زهرا كان من أول الكتائبيين الذين نزحوا إلى “القوات”، إلى حمى سمير جعجع تحديداً، زمن التحصن في دير القطارة- ميفوق، والثورة على الجيش السوري والإقطاع السياسي وبيوت الزعامات العائلية والأحزاب معاً، ومن ضمنها حزبه الكتائب، وإن بكتمان بدايةً. يروي الرواة بثقة أن جعجع كان يعرّف عن كل من مساعديه البارزين بمهنته، طبيب، أستاذ، مهندس، محام، وعندما يصل دور زهرا يقول: “من البترون”. صفة نادرة تلك الأيام في القطارة انضافت إليها مواصفات لزهرا بمرور الزمن، أبرزها وفاء وإقدام، وانضباط عسكري رافقه في السياسة بعدما جعله جعجع نائباً عندما سنحت له الظروف لمقارعة الوزير شبه الدائم جبران باسيل، البيدق الأبرز في معسكر خصمه السابق حليفه الحالي، الرئيس الجنرال ميشال عون.

لماذا خرج أنطوان زهرا من المعركة، مبكراً وعلى حين غرة؟ لا تتوقعوا جواباً من النائب المنضبط، اللائق، غير الذي أعلنه، عن ضرورة تجديد نخب في حزب “القوات” وسوى ذلك. من يتحدث إليه يكاد يسمع تمني إعفائه من الكلام، الإحراج يمكن.

يلزم اكتمال “بازل” الصورة الحقيقية لما جرى، جمعها قطعاً من مجالس البترون، مدينةً وقرى. ويروي الرواة أن النائب زهرا كان يفكّر لبعيد عند خروج ورقة “إعلان النيات” الشهيرة إلى الضوء بعد مخاض طويل. أسرّ لقريبين منه بأنه لن يترشح للانتخابات مرة أخرى. وبأنه لا يرى نفسه في لائحة واحدة مع باسيل بعدما قال كلٌ منهما في الآخر وحزبه ما لم يقله مالك في الخمرة. لا تزال في الأذهان صورة للنائبة ستريدا جعجع تدفعه برفق إلى مصافحة ضيف معراب جبران باسيل، قبل سنة وأيام،عند إعلان التحالف بين “التيار” و”القوات” على قاعدة تأييد ترشيح عون للرئاسة. مع الوقت وبعد خوض الحزبين الحليفين معركة الانتخابات البلدية وانتخاب عون رئيساً وتأليف الحكومة الحريرية، بدا زهرا متكيّفاً مع الوضع الجديد، قابلاً به. بل بدأ عملياً تحضيراته لخوض المعركة الانتخابية خلال لقاءات وزيارات اجتماعية لزوم العدّة. إلا أن قراره وقرار قيادة “القوات” بعدم ترشحه عاد الثلثاء الماضي خلال اجتماع للهيئة التنفيذية في معراب، ليعلن بنفسه القرار المفاجئ الأربعاء في البرلمان.

المهتمون بحركة المجتمع السياسي والأحزاب وضرورة فرز قيادات جديدة لها من خلال تغيير النواب بعد دورة أو دورتين حداً أقصى، على ما يفعل “حزب الله”، ستروقهم خطوة زهرا والتبرير الذي قدمه. لكن السياسيين لا يقتنعون بسهولة. يقولون في البترون إن الوزير باسيل يرغب في رفقة مرشح “قواتي” من الجرد على اللائحة الثنائية، ويتحدثون عن حظوظ لرئيس مجلس إدارة “مستشفى تنورين الحكومي” الدكتور وليد حرب، وهو منتسب حديثاً إلى الحزب، يشكل اسم عائلته تحدياً للنائب بطرس حرب في عرينه تنورين التي تشكل أصواتها نحو 20 في المئة من أصوات المقترعين الـ 35 ألفاً تقريباً في القضاء.

لكن آخرين يستبعدون هذا الخيار على أساس أن رئيس “التيار العوني ” الذي أخفق مرتين في الوصول إلى النيابة ليس في متناوله اختيار مَن يكون شريكه “القواتي”، وإلا لا يكون سمير جعجع هو سمير جعجع نفسه. ويجزم عارفون غيرهم أن ثمة 4 أسماء لـ”قواتيين” مطروحة للبحث في معراب من بينها اسم الدكتور وليد حرب، وأيضاً الأمين العام السابق لـ”القوات” الدكتور فادي سعد، من قرية جران المجاورة لكفيفان وسط القضاء. وهو أسبوع أو 10 أيام على الأكثر ويخرج الاسم مع الدخان الأبيض من معراب لخوض معركة البترون، الأقسى والأكبر برمزيتها على مساحة لبنان.