الياس بجاني: هرطقة وصنمية أغاني التمجيد والتبجيل للسياسيين ورجال الدين

337

هرطقة وصنمية أغاني التمجيد والتبجيل للسياسيين ورجال الدين
الياس بجاني/03 كانون الأول/16

الإمام علي: “للمرائي ثلاث علامات: ينشطُ إذا رأى الناس، ويكسل إذا كان وحده، ويُحبّ أن يُمَّجد في جميع أحوله”. “أوفوا إذا عاقدتم، وأعدلوا إذا حكمتم، ولا تفاخروا بالآباء”.

في مفاهيم وأسس الديمقراطية والأديان كافة، فأن السياسي والعامل في الشأن العام كائن من كان، حاكماً أو نائباً أو وزيراً أو رئيس حزب أو رجل دين، هو فكراً وثقافة وأعرافاً وممارسات خادماً لمصالح وشؤون ومصالح المواطن، وواجباته الملزمة هي الحفاظ على آمن وسلامة ومستقبل الوطن.

هو خادماً يختاره الناس بحرية ويستبدلونه ويحاسبوه في حال لم يقوم بما هو مطلوب منه.

هو خادماً وليس معبوداً تقام له التماثيل وتنشد له الأغاني والأناشيد لتمجيده وتأليهه و”الهوبرة له” بمناسبة ودون مناسبة، “بالروح والدم نفديك”،.

من هنا فإن من أخطر الكوارث السياسية والثقافية والإيمانية والاجتماعية المدمرة التي تفتك في مكونات المجتمع اللبناني وتعيده إلى الأزمنة الحجرية تكمن في رزم همجية التخبط والضياع والكفر والجحود المتعلقة بكيفية وأنماط التعاطي مع العاملين في الشأن العام أكانوا سياسيين أو رجال دين.

في مقدمة هذه الكوارث هرطقة عبادة السياسيين ورؤساء الأحزاب ورجال الدين والتعامل معهم على أنهم آلهة من غير خامة البشر.

آلهة لا يخطئون وبالتالي لا يحاسبون ولا يستبدلون.

في البلدان الديمقراطية الناس يختارون من يمثلهم في الحكم وفي الأحزاب على خلفيات الكفاءة والعلم والأخلاق والسير الذاتية والقوانين ويحاسبونهم ويستبدلونهم..

وفي لبنان رؤساء الأحزاب والحكام والسياسيين هم من يختارون ويقررون من يدخل إلى أحزابهم وإلى جنة الحكم.

في البلدان الديمقراطية الأحزاب هي مؤسسات للناس وهم من يتولون شؤونها كافة بما يؤمن ويصون مصالحهم ومصالح الوطن..

أما في لبنان فالأحزاب هي شركات تجارية وعائلية هدفها الأسمى والأوحد خدمة مصالح أصحابها.. والناس فيها مجرد عبيد وأدوات ليس إلا.

في البلدان الديمقراطية هناك تناوب على مواقع السلطة من القمة إلى القاعدة، وكذلك داخل الأحزاب والناس هي من يختار..

أما في لبنان فالطاقم الحاكم والسياسي والحزبي لا يتغير ولا يتبدل ويورث من بعده أفراد عائلته.

في البلدان الديمقراطية حرية الرأي مقدسة ومصانة وتمارس دون قمع وقهر على كافة المستويات …

وفي لبنان هي جريمة ويحاكم من يمارسها لأن المسؤول ورئيس الحزب والسياسي ورجل الدين هو الحاكم بأمره وما على الناس سوى الطاعة العمياء وإلا!!!

في هذا السياق المهين والمذل من العبودية يتحفنا ربع الأغنام والزلم من شركات الأحزاب باستمرار بأناشيد وأغاني تمجد وتبجل السياسيين من أصحاب هذه الشركات الحزبية التجارية والعائلية.

أغاني وأناشيد تذاع عبر وسائل الإعلام وتتصدر الاحتفالات دون خجل أو وجل ودون احترام لكل ما هو إنسان وذوق وكرامة.

باختصار إن كل حاكم وسياسي ورئيس حزب ورجل دين يقبل بأن تُنشد الأغاني والأشعار والزجليات له هو عكاظي ومهرطق ولا يعرف ألف باء الحرية والديمقراطية، وهو ومغرب وغريب عن كل ما هو إيمان وأديان.

أما المواطن الذي يقبل وضعية “الزلم والغنمية والعبودية”، فهو مواطن عار على الوطن وعلى المواطنية.

نذكر البعض من أهلنا وتحديدا القيادات الحزبية كافة في مجتمعاتنا المسيحية اللبنانية بما يقوله السيد المسيح عن التواضع والخدمة والسلطة وواجبات الرؤساء.

“فدعاهم يسوع وقال: أنتم تعلمون أن رؤساء الأمم يسودونهم، والعظماء يتسلطون عليهم. فلا يكون هكذا فيكم، بل من أراد أن يكون فيكم عظيما فليكن لكم خادما. ومن أراد أن يكون فيكم أولا فليكن لكم عبدا. كما أن ابن الإنسان لم يأت ليُخدَّم بل ليخدُّم، وليبذل نفسه فدية عن كثيرين”. (إنجيل القديس متى20/من 25 حتى28)

*الكاتب ناشط لبناني اغترابي
عنوان الكتب الألكتروني
Phoenicia@hotmail.com

**الصورة المرفقة/اصنام