أوباما يعطل “جاستا” بالفيتو.. وهذه رسالته إلى الكونغرس

124

أوباما يعطل “جاستا” بالفيتو.. وهذه رسالته إلى الكونغرس!
الخميس 20 ذو الحجة 1437هـ – 22 سبتمبر 2016م/العربية.نت

استخدم الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في وقت متأخر الجمعة حق النقض ضد مشروع قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب، المعروف اختصاراً بـ “جاستا”، معطلاً بذلك إقرار القانون بسلاسة إلا إذا جمع الكونغرس ثلثي الأصوات. وقال أوباما إن القانون المذكور يضر بالمصالح الأميركية ويقوض مبدأ الحصانة السيادية.

وأضاف الرئيس الأميركي في رسالة وجهها إلى مجلس الشيوخ “أتفهم رغبة عائلات الضحايا في تحقيق العدالة، وأنا عازم على مساعدتهم في هذا الجهد”. لكنه أوضح أن التوقيع على هذا القانون “سيكون له تأثير ضار على الأمن القومي للولايات المتحدة”.
رسالة أوباما إلى مجلس الشيوخ الأميركي

كتب الرئيس الأميركي باراك أوباما أسباب نقض مشروع قانون العدالة ضد رعاة الارهاب ووجهها إلى الكونغرس وقال “اُعيد لكم دون موافقتي “قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب أو جاستا” رقم 2040، والذي من شأنه – ضمن العديد من النتائج الأخرى – أن يرفع الحصانة السيادية في محاكم الولايات المتحدة عن الحكومات الأجنبية التي ليست مصنفة كدول راعية للإرهاب”.

وأضاف “لدي تعاطف عميق مع عائلات ضحايا الهجمات الإرهابية في الحادي عشر من سبتمبر 2001 والذين عانوا الأمرين. كما لدي تقدير كبير لرغبة هذه الأسر لتحقيق العدالة، وأنا ملتزم بقوة لمساعدتهم في جهودهم”.

وقال أيضاً “وتماشياً مع هذا الالتزام، على مدى السنوات الثماني الماضية وجهت حكومتي لملاحقة – بلا كلل ولا ملل – تنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية التي خططت لهجمات الحادي عشر من سبتمبر. وقد أدت الجهود البطولية لمنسوبي القوات المسلحة الأميركية ومتخصصي مكافحة الإرهاب لتدمير قيادة تنظيم القاعدة وقتل أسامة بن لادن. كما أيدت حكومتي بقوة متمثلة في توقيعي على القوانين والتشريعات التي تكفل أن أولئك الذين استجابوا بشجاعة للمهة في ذلك اليوم الرهيب وغيرهم من الناجين من الهجمات سوف يكونون قادرين على تلقي العلاج من الإصابات الناجمة عن تلك الهجمات. كما وجهت إدارتي الرئاسية قطاع الاستخبارات لإجراء مراجعة حول رفع السرية عن “الجزء الرابع من تحقيق الكونغرس المشترك في نشاطات قطاع الاستخبارات قبل وبعد الهجمات الإرهابية في تاريخ 11 سبتمبر،” حتى يتسنى لأسر الضحايا والجمهور الأوسع أن يفهم على نحوٍ افضل المعلومات التي جمعها المحققون بعد ذلك اليوم المظلم من تاريخنا”.

“وعلى الرغم من هذه الجهود الكبيرة، أدرك أنه لا يوجد شيء يمكن أن يمحو حزن أسر هجمات الحادي عشر من سبتمبر. ولذلك تظل حكومتي عازمة في التزامها في مساعدة هذه الأسر في سعيها لتحقيق العدالة والقيام بكل ما يمكننا لمنع هجوم آخر في الولايات المتحدة. ولكن سن قانون (جاستا) لن يحمي الأميركيين من الهجمات الارهابية ولن يُحسن فعالية الاستجابة لهذه الهجمات. كما ان قانون (جاستا) بصيغته الحالية سوف يسمح بالتقاضي الخاص ضد الحكومات الأجنبية في المحاكم الأميركية بناء على ادعاءات أن أعمال هذه الحكومات الأجنبية خارج الدولة كانت مسؤولة عن إصابات متعلقة بالإرهاب على الأراضي الأميركية. وهذا التشريع من شأنه أن يسمح بالتقاضي ضد البلدان التي لم يتم تصنيفها من قبل السلطة التنفيذية كدول راعية للإرهاب ولم تنفذ أي تدابير مباشرة في الولايات المتحدة لتنفيذ هجوم داخل البلاد. قانون (جاستا) سوف يضر بالمصالح الوطنية الأميركية على نطاق أوسع، ولهذا اُعيد مشروع القرار من دون موافقتي”.

وأورد أوباما الأسباب وهي “أولا: قانون (جاستا) يهدد بالحد من فعالية استجابتنا للمؤشرات التي تفيد أن حكومة أجنبية قد اتخذت خطوات خارج حدودنا لتوفير الدعم للإرهاب من خلال أخذ مثل هذه الأمور من أيدي الأمن الوطني ومتخصصي السياسة الخارجية ووضعها في أيدي المحاكم والمتقاضين.

وأوضح “أن أي إشارة إلى أن حكومة أجنبية قد لعبت دورا في هجوم ارهابي على الاراضي الاميركية هو مدعاة للقلق العميق وسبب لتنفيذ استجابة قوية وموحدة من الحكومة الاتحادية التي تنظر إلى مجموعة واسعة من الأدوات الهامة والفعالة المتوفرة بين يديها. واحدة من هذه الأدوات هي تصنيف الحكومة الأجنبية المشكوك بها كدولة راعية للإرهاب، وهذا يحمل في طياته سلسلة من التداعيات، بما في ذلك تجريد الحكومة الأجنبية من الحصانة السيادية أمام محاكم الولايات المتحدة في بعض القضايا المتعلقة بالإرهاب وتعرضها لمجموعة من العقوبات. ونظرا لهذه التداعيات الوخيمة، فإن هذه التصنيفات لا تُصدر إلا بعد ان يقوم خبراء الأمن الوطني والسياسة الخارجية والاستخبارات بمراجعة جميع المعلومات المتاحة لتحديد ما إذا كانت الدولة تلبي المعايير التي وضعها الكونغرس”.

وتحدث أوباما عن جاستا بالقول “في المقابل، قانون (جاستا) يحيد عن المعايير والممارسات المعمولٌ بها منذ فترة طويلة تحت قانون الحصانة السيادية للدول الاجنبية ويهدد بسلب الإجراءات القضائية من جميع الحكومات الأجنبية في الولايات المتحدة، بالاعتماد فقط على مزاعم المتقاضين التي تفيد أن سلوك حكومة أجنبية في الخارج كان له دور أو اتصال بجماعة أو فرد نفذت هجوم إرهابي داخل الولايات المتحدة. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى التوصل لقرارات ناتجة عن معلومات ناقصة، ومخاطر تَوصُل محاكم مختلفة إلى أحكام قضائية مختلفة حول مدى تورط الحكومة الأجنبية وحجم دورها في الأنشطة الإرهابية الموجهة ضد الولايات المتحدة – وهذه ليست وسيلة فعالة أو منسقة لنا للرد على الدلائل التي تشير إلى أن حكومة أجنبية قد تكون خلف هجوم إرهابي.

وتابع “ثانياً: قانون (جاستا) سوف يزعزع المبادئ الدولية القائمة منذ فترة طويلة بشأن الحصانة السيادية، وتضع في مكانها قوانين إن طُبقت على الصعيد العالمي يمكن أن يكون لها تداعيات خطيرة على المصالح الوطنية الأميركية. كما ان الولايات المتحدة لديها حضور عالمي أكبر من أي دولة اخرى، وتحمي مبادئ الحصانة السيادية دولتنا والقوات المسلحة والمسؤولين والمتخصصين الخاصين بنا من إجراءات المحاكم الأجنبية. كما أن هذه المبادئ تحمي أصول حكومة الولايات المتحدة من محاولات الاستيلاء عليها من قبل المتقاضين، خاصة في الخارج. إن رفع الحصانة السيادية في المحاكم الأميركية عن الحكومات الأجنبية التي لم يتم تصنيفها كدول راعية للإرهاب عبر الاستناد فقط على مزاعم تفيد أن اعمال تلك الحكومات الأجنبية في الخارج كان لها اتصال بإصابات الإرهاب على الأراضي الأميركية من شأنه ان يهدد بتقويض هذه المبادئ التي حمت الولايات المتحدة و موظفيها منذ فترة طويلة”.

وأضاف أيضاً “في الواقع، إن مبدأ المعاملة بالمثل يلعب دورا كبيرا في العلاقات الخارجية، والعديد من البلدان الأخرى لديها بالفعل قوانين تسمح بتعديل الحصانات لدولة أجنبية ما على أساس المعاملة التي تتلقاها حكوماتهم في محاكم الدولة الأخرى. وإن سن قانون جاستا يمكن أن يشجع الحكومات الأجنبية للعمل على أساس المعاملة بالمثل والسماح لمحاكمها المحلية لممارسة الولاية القضائية على الولايات المتحدة أو المسؤولين الأميركيين بما في ذلك رجالنا ونساؤنا في الجيش – بزعم وقوع إصابات في الخارج عن طريق دعم الولايات المتحدة لأطراف ثالثة. وهذا يمكن أن يؤدي إلى قيام دعاوى ضد الولايات المتحدة أو مسؤوليها بسبب افعال من قبل أعضاء في جماعة مسلحة تلقت مساعدة أميركية، أو استخدام خاطئ لمعدات عسكرية اميركية من قبل قوات أجنبية، أو إساءة استخدام سلطة من قبل وحدات شرطة تلقت تدريبا أميركيا، حتى ولو انتهت هذه الادعاءات في القضايا إلى غير جدوى. وإذا تمكن المدعون من الفوز بأحكام معينة – على أساس القوانين المحلية الأجنبية والتي تطبقها المحاكم الأجنبية – فإنهم سوف يبدؤون في النظر إلى أصول حكومة الولايات المتحدة المملوكة في الخارج لتلبية تلك الأحكام، مما ينبئ بعواقب مالية خطيرة على الولايات المتحدة”.

وتابع بالقول “ثالثا، يهدد قانون جاستا بخلق تداعيات في علاقاتنا حتى مع اقرب شركائنا. فلو تم سن القانون، فربما ترى المحاكم أنه حتى الادعاءات الصغيرة التي تتهم حلفاء الولايات المتحدة او شركائها بالتورط في هجوم ارهابي معين في الولايات المتحدة بأنها ادعاءات كافية مما يفتح المجال لرفع الدعاوى والتقصي واسع النطاق تجاه بلد اجنبي، كما لو قام فرد من بلد اجنبي بارتكاب عمل إرهابي أو أصبح متطرفا بعد ان سافر من ذلك البلد. لقد تواصل معنا عدد من حلفائنا وشركائنا معبرين عن قلقهم الكبير إزاء مشروع القانون. إن جاستا من خلال تعريضه هؤلاء الحلفاء والشركاء إلى هذا النوع من رفع الدعاوى في المحاكم الأميركية، فإنه يهدد بالحد من تعاونهم في قضايا الأمن الوطني الرئيسية بما في ذلك مبادرات مكافحة الإرهاب، في وقت حاسم نسعى فيه إلى بناء التحالفات وليس خلق الانقسامات”.

وقال “لقد كانت هجمات الحادي عشر من سبتمبر أسوأ عمل ارهابي على الأراضي الأميركية، ولقد جوبهت برد فعل غير مسبوق من الحكومة الأميركية. حيث اتخذت الولايات المتحدة اجراءات سريعة وواسعة النطاق لتوفير العدالة لضحايا هجمات 11\9 ولجعل الأميركيين آمنين، بدءاً من توفير التعويض المالي للضحايا وعائلاتهم، إلى تنفيذ برامج على مستوى العالم لمكافحة الإرهاب، وكذلك وضع التهم الجنائية ضد الافراد المتورطين. ولقد واصلتُ هذه الجهود ووسعتها، من أجل مساعدة ضحايا الارهاب في نيل العدالة جراء الفقد والمعاناة التي تكبدوها تجاه احبابهم، وايضا من اجل حماية الولايات المتحدة من هجمات مستقبلية. لكن قانون جاستا لا يسهم في تحقيق هذه الاهداف، ولا يعزز تأمين الأميركيين من هجمات مستقبلية، ويقوض مصالح الولايات المتحدة”.
الكونغرس وتجاوز الفيتو الرئاسي

وبتوقيعه على الفيتو، يدخل أوباما في مواجهة شرسة مع الكونغرس الذي سيحاول، بغالبيته الجمهورية، توجيه ضربة سياسية قوية إلى الرئيس الأميركي قبل أقل من خمسين يوماً لانتهاء ولايته.

لكنه من النادر جداً أن يلجأ الكونغرس إلى تجاوز فيتو رئاسي، لكن في حال نجح في ذلك، فإنه سيكشف مدى ضعف البيت الأبيض في الوقت الذي يسعى فيه أوباما إلى إنجاز ما تبقى على جدول أعماله في الأيام الأخيرة المتبقية له.

يذكر أن أوباما استخدم الفيتو الرئاسي 11 مرة حتى الآن، دون أن يتم جمع الأصوات المطلوبة لتجاوزها وهي ثلثي أعضاء الكونغرس.
البيت الأبيض: جاستا يفتح الأبوب أمام محاكمة أميركيين في محاكم أجنبية

وكان البيت الأبيض أعلن الخميس، أن أوباما بصدد استخدام حق النقض “الفيتو” لرفض مشروع قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب، وهو مشروع أقره الكونغرس يسمح بمقاضاة دول وحكومات أجنبية على خلفية هجمات 11 سبتمبر.

وقال جوش إيرنست، المتحدث باسم البيت الأبيض، الاثنين: “ليس من الصعب تصور أن تستخدم دول أخرى هذا القانون ذريعة لجر دبلوماسيين أميركيين أو جنود أميركيين أو حتى شركات أميركية إلى المحاكم في أنحاء العالم”.

من جانب آخر وجّه مسؤولون أميركيون خطاباً مفتوحاً للرئيس باراك أوباما وأعضاء الكونغرس اعتبروا فيه “جاستا” يقوض علاقة الولايات المتحدة بالسعودية وسيضر بمصالحها.

وجاء في الخطاب أنه “لا يوجد أي دليل على تورط السعودية بأحداث 11 أيلول/سبتمبر”، التي كانت وراء مشروع قانون “العدالة ضد رعاة الإرهاب” المعروف بـ”جاستا”.

ويثير القانون حالة من القلق لدى المسؤولين الأميركيين من أن تسن دول أخرى قوانين مماثلة لهذا القانون، مما يفتح الطريق أمام أي شخص في أي دولة بالعالم بمقاضاة الحكومة الأميركية٬ في المحاكم الأجنبية.