رئيس “حركة الأرض اللبنانيّة”: المسيحيّون يتحوّلون الى “أهل ذمّة” والدّولة والمؤسّسات الدّينيّة تتقاسم المسؤوليّة

394

رئيس “حركة الأرض اللبنانيّة”: المسيحيّون يتحوّلون الى “أهل ذمّة” والدّولة والمؤسّسات الدّينيّة تتقاسم المسؤوليّة
لارا سعد مراد/اتحاد أورا/12 آب/16/

“التوازن الطائفي”، “التغيير الديموغرافي”، “الديمقراطية التوافقية”، “العيش المشترك”… شعارات وعناوين فضفاضة تطالعنا كل يوم في الصحف ونشرات الأخبار، وقد تعوّد سمعنا عليها لدرجة أنّها باتت تمرّ مرور الكرام من دون أن يتوقّف عندها لا المواطن ولا المسؤول. فالمواطن مشغول بأهمّ من الشعارات، يقلقه الحاضر ولقمة العيش، فلا يفكر بالمستقبل، أمّا المسؤول فمشغول بإطلاق تلك الشعارات، لا يفكّر بالحاضر ولا يرى في “المستقبل” إلا حزبا، سواء أكان مواليا له أومخاصما… والنظرة عينها تكاد تنسحب على الله نفسه، منذ أن بدأ الضمير يحتضر في لبنان…

المسؤول هنا ليس الدولة وحدها بل رجال الدين بكل طوائفهم، والمعني هو المواطن اللبناني مسيحيا كان أم مسلما، لأن لبنان الرسالة لا يقوم “إلا بجناحيه المسيحي والمسلم”.

هذا ما يتّفق عليه جميع اللبنانيين وينادي به جميع المسؤولين الدينيين والدنيويين، ولكن شتّان ما بين القول والفعل، فالفعل هنا له نتيجة واحدة واضحة مفجعة بحق كل اللبنانيين وليس المسيحيين فقط، وهي أنّ المسيحيين يخسرون أرضهم ويتحوّلون الى “أهل ذمّة في وطنهم”…

هذه الصرخة أطلقتها “حركة الأرض اللبنانية” منذ سنوات، ويكرّرها وينادي بها رئيسها طلال الدّويهي بالتفاصيل والأرقام، مشيرا الى أن السكوت عن الكارثة الذي يلمسه من المعنيين هو أبشع وأشد خطورة من الكارثة عينها…

المخاطر بالأرقام

يبيّن تقرير ل”حركة الأرض اللبنانية”، حول حجم بيوعات أراضي المسيحيين منذ العام 2007 وحتى العام 2013 حجم الكارثة، حيث تشير الأرقام الى بيوعات مبرمجة لأكثر من 36 مليون متر مربع من تلك الأراضي، مفصّلة كالتالي:

زغرتا الزاوية : 176000،2 متر مربع

000000،2 متر مربع (معتدى الفوار-اغتصاب آل طربيه)

الكورة: 740000،2 متر مربع (مباع للسنّة)

البترون: 500000،1 متر مربع (معروض للبيع)

380000 متر مربع (مباع)

جبيل: 870000،1 متر مربع (مباع مسلمين مختلف)

750000،3 متر مربع (معتدى لاسا)

10000000 متر مربع (معتدى أفقا)

الضنّيّة المنية: 20000000 متر مربع (قرية حوارة)

220000،2 متر مربع (مباع)

* عكّار: 812000 متر مربع (مباع للسنّة والعلويّين)

* طرابلس: 672000 متر مربع (مباع للسنّة والعلويّين)

* كسروان: 600000،3 متر مربع (مباع للسنّة والشّيعة)

* النبطيّة: 800000،2 متر مربع (مباع للشّيعة)

*جزّين: 300000،2 متر مربع (مباع للسنّة والشّيعة)

750000،5 متر مربّع (معروض للبيع آل أندراوس)

400000،2 متر مربع (وضع اليد)

القرى الحدودية: 700000 متر مربع (مباع للشّيعة)

450000 متر مربع (وضع اليد)

* مرجعيون: 320000 متر مربع (مباع للشّيعة)

* صور: 680000 متر مربع (مباع للشيعة)

* الشوف: 950000،4 متر مربع ( مباع للشيعة والدروز والسنّة)

* عاليه: 820000 متر مربع (مباع للشيعة والدّروز والسنّة)

* زحلة: 618000 متر مربع (مباع للشيعة والسنّة)

200000،3 متر مربع (معروض للبيع آل الخوري)

* بعلبك الهرمل: 85000000 متر مربع (وضع اليد على مشاع القاع وسرعيت – اغتصاب) 3000000 متر مربع (مباع)

* بشرّي: 580000 متر مربع (مباع للسنّة)

* المتن الجنوبي: 400000،1 متر مربع (مباع للشّيعة)

* المتن الشمالي: 380000،1 متر مربع (مباع للشيعة والسنّة)

* بيروت وضواحيها: 800000،1 متر مربع (مباع)

2000000 متر مربع (وضع اليد)

* صيدا: 740000 متر مربع

* المجموع: 558000،36 متر مربع (ستة وثلاثون مليونا وخمسمئة وثمانية وخمسون ألف متر مربع).

ملاحظة: هذا التقرير خال من بيوعات من ضمن الوكالات والشركات.

هجمة مبرمجة

إنّ هذه الأرقام يعود تاريخها الى العام 2013 ولكنّ الوضع ليس أفضل اليوم كما يؤكّد الدويهي، لا بل “يتجه الى الأسوأ، والهجمة الأجنبية على شراء العقارات بدأت تظهر جليّة مع إصدار 1300 مرسوم تملّك للأجانب منذ بداية عهد رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري الى عهد حكومة ابنه الرئيس سعد الحريري، ومن يومها والأزمة تزداد ولا من يسمع أو يتنبّه أو يعالج. لا أدري إن كان التقصير عن معرفة أو عن جهل، ولكن بالنسبة إليّ الكارثة واقعة في كلا الحالين… ونحن كحركة الأرض لم نترك نائبا ولا وزيرا ولا مسؤولا دينيا إلا وأطلعناه على الخطر ولكن للأسف لا أحد يسمع ويتجاوب أو يساعد إلا قلّة قليلة، بينها المؤسسة المارونية لللإنتشار التي قدمت مشكورة مساعدة رمزية للحركة، ولكن المطلوب استنفار تام من قبل المسؤولين، لأنّ ما يجري هو هجمة أجنبيّة مبرمجة لتهجير المسيحيين وجعلهم أهل ذمّة في وطنهم، وبالتالي تغيير الوجه الحضاري للبنان وضرب صيغة العيش المشترك، وهو أمر لا يرضي المسيحيين ولا المسلمين.”

ويؤكّد الدويهي أنّ “مسؤوليّة المواجهة تقع بالتساوي على كلّ من الدولة والكنيسة أو المؤسسات الدينية ككلّ مسيحية وإسلاميّة، ولكنّ الدولة غائبة دائما عن السمع فيما نلمس تعاطفا كبيرا من رجال الدين ولكنّ بآلية العمل الفعلي لا أحد يساعد أو يسمع، بل على العكس يؤسفني ويوجعني أن أقول أنّ رهبانيات عديدة تبيع ملايين الأمتار من أراضيها الى غير المسيحيين وحتى إلى الأجانب… المسيحيون يملكون اليوم 40 بالمئة من مساحة لبنان، فيما كانوا يملكون قبل الحرب 80 بالمئة، وهذا دليل على تغيير ديموغرافي ممنهج، هناك ملايين من الصفقات المشبوهة تجري وراء الكواليس كأن يبيع فرد مثلا عقارات بقيمة 8 ملايين متر مربع أو يتملّك فرد آخر 18 مليون متر مربع وهي فعليا مساحة العاصمة بيروت… ”

ويضيف الدويهي: “والمشكلة تتعدى عمليات البيع الى التربية منذ الصغر، فمجتمعنا المسيحي يفتقر الى حس التعلق بالأرض، فغالبية شبابه يتعلمون في مدارس وجامعات ذات إدارة كنسية لا تميز بين اللبناني والأجنبي، وكلفة التعليم العالية تدفع ببعض الأهالي الى بيع أراضيهم لتعليم أبنائهم، فيتخرّج الأبناء ويخرجون الى مجتمع متخوم بأصحاب الشهادات وفقير بأصحاب المهن والحرف، مما يضطرهم الى السفر الى الخارج، وبالتالي لا تصدّر المدارس والجامعات خريجين بل مهاجرين ولا يعود الكاهن أو الراهبة أهل صلاة بل أمناء صناديق… وذلك لا يعني أبدا هجوما على الكنيسة لا سمح الله، ولكن المنطق يقول أن عملهم أصبح يتعلق بالربح والخسارة الماديين، وبالتالي أصبحوا من حيث لا يدرون ربما، بعيدين عن جذور التكرّس الحقيقي لله القائم على الطاعة والفقر لأنّ عملهم يفرض ذلك. وكما المدارس والجامعات كذلك المستشفيات، فغالبيتها يديرها كهنة وراهبات، وككل مؤسسة تبغي الربح، على مديريها أن يتعاطوا بالماديّات شاؤوا أم أبوا للنهوض بالمؤسسة التي يديرونها. والحال هذه، تساهم المؤسسات الكنسية بهجرة المسيحيين بدلا من أن تساهم في صمودهم، وإن من حيث لا تدري أو تريد.”

الجبل والإبرة

وإذا كانت “حركة الأرض اللبنانية” قد استطاعت وضع الإصبع على الجرح وإيصال الصوت وتبيان حجم المشكلة، فإنّها تعمل كذلك على إيجاد الحلول، وتسعى الى فضح عمليات البيع المشبوهة وإعادة الأراضي المسيحية المغتصبة وهي تقع في ملايين الأمتار. ومن اقتراحات الحلول في هذا المجال، ما ورد في تقرير الحركة عام 2013 الذي وزّع على جميع المعنيين، سياسيين ودينيين وجاء فيه:

” إنّ دولا عديدة عمدت إلى إصدار تشريعات استثنائية تحدّ من حرية التصرف بالأملاك العقارية لمحو آثار الحروب الداخلية أو الخارجية، أو لصون السلم الأهلي ودرء الفتن أو لمنع التهجير… والدستور اللبناني، وبحسب المادّة 15 يصون حقّ الملكية الفردية، على اعتبار أنّ النظام اللبناني مبنيّ على مبادئ الإقتصاد الحرّ وحقّ التملك والتصرف بالملك، إلا أنه لا يجوز أن يكون هذا الحقّ مطلقا لا حدود له… فالمصلحة الوطنية والظروف الإستثنائية، تفرض الخضوع لقيود تحدّ من حرية التصرف المطلقة حماية للمصلحة العامة والإستقرار، مما يستدعي التدخّل السريع من قبل المشترع للحؤول دون ضرب صيغة العيش المشترك والوحدة الوطنية.” ويؤكّد التقرير على أنّ “وضع الملكية في حمى القانون، يستتبع حتما سنّ القوانين التي تحمي هذه الملكية وتنظم طرق اكتسابها وتضع حدود ممارستها، وهو ما فعله المشرّع اللبناني في هذا المجال (قرار رقم 2/2001 تاريخ 10/5/2001 صادر عن المجلس الدستوري اللبناني).”

واستنادا الى هذه المعطيات تقدمت “حركة الأرض اللبنانية” بمشروع قانون يحدّد “كوتا معيّنة لعمليات بيع الأراضي وشرائها بين الطوائف، بما يمنع أيّ تغيير ديموغرافي.” كما دعت الى “إعادة براءة الذمّة البلديّة وحقّ الشّفعة بين الناس، اللذين كانا موجودين منذ تأسيس لبنان الكبير واللذين سحبتهما حكومة الرئيس الحريري سنة 1997 . وإعادة هذا الحقّ توقف نزف الأراضي بنسبة 60 بالمئة.”

… وبعد، إنّ مشكلة الوجود المسيحي في لبنان تعدّت حدود التساؤلات الى الواقع الملموس، ولكن الأمل بالأفضل دائما موجود رغم أنّنا “نحفر الجبل بالإبرة” كما يقول الدويهي، ويضيف: “لولا الأمل ما كان العمل، وما على الدّيك إلا أن يصيح والله هو الذي يطلّع الضوّ…”

http://www.oraunion.org/%d9%85%d9%86-%d9%86%d8%ad%d9%86/