مقابلة مطولة وشاملة من اللواء أشرف ريفي مع صحيفة العربي الجديد/إيران تمنع انتخاب الرئيس اللبناني/حزب الله غرق في الوحل السوري/أنا منسجم مع نفسي ومبدئي ولست تسووياً

539

 مقابلة مطولة وشاملة من اللواء أشرف ريفي مع صحيفة العربي الجديد/إيران تمنع انتخاب الرئيس اللبناني/حزب الله غرق في الوحل السوري/أنا منسجم مع نفسي وأنا مبدئي ولست تسووياً
الثلاثاء 21 حزيران 2016

وطنية – كتبت صحيفة “العربي الجديد” تقول: يتحدث وزير العدل اللبناني المستقيل والمدير العام لقوى الأمن الداخلي السابقأشرف ريفي، في حوار مع “العربي الجديد”، عن آخر التطورات على الساحة اللبنانية، من الانتخابات البلدية إلى التطورات الأمنية والسياسية. ريفي الذي قاد مجموعة من المهام الأمنية خلال ولايته العسكرية، يوجّه أصابع الاتهام لحزب الله بالوقوف وراء التفجير الذي هز منطقة فردان ببيروت قبل أيام، ويدعو رئيس الحكومة تمام سلام للاستقالة لكشف الغطاء السياسي عن الحزب.

 ــ انطلاقاً من قراءتك الأمنية والسياسيّة من هو المتهم الأول بتفجير فردان؟

تقليدياً نقول فلننتظر التحقيقات. لكن حتى المحقق يضع تصوراً معيناً انطلاقاً من الواقع الميداني قبل أن يبدأ تحقيقاته. ينزل المحقق إلى ساحة الجريمة ويرى ما هو نوع المتفجرة؟ كيف انفجرت؟ ما هي آثارها وبقاياها؟ يجمع ما يُعطيه إياه مسرح الجريمة ليخرج بتصوّر نظري معين. بناءً على تصوّري النظري أتهم حزب الله بهذا التفجير انطلاقاً من البصمة الجرمية للمدرسة السورية الإيرانيّة، التي تُشيطن دائماً خصمها أو عدوها، وبذلك تُهيئ للاغتيال نفسياً، كما حصل تماماً مع الشهيد رفيق الحريري. رأينا حملة إعلامية شرسة لأبواق سورية، وهُيئ الجو لاغتياله. نعرف كلنا اليوم الصراع بين حزب الله من جهة، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة والمصارف من جهة أخرى، انطلاقاً من القانون والإجراءات الأميركيّة المتعلقة بحزب الله وعناصره وبيئته. هذا الصراع تُرجم بعبوة ناسفة وُضعت لتُصيب المصرف فقط لا غير، وهو واحد من مصرفين ذكرا في بعض وسائل الإعلام وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لحزب الله، واتُهما بأنهما بالغا بتطبيق القانون الأميركي. لذلك برأيي، “كاد المريب أن يقول خذوني”. هذه المدرسة. القاعدة الربانية تقول إن المجرم يبيّن عن نفسه قبل وقت. نقول في العلم الجنائي: من المستفيد من الجريمة ومن له قدرة على تنفيذها، والمبدأ الثالث “كاد المريب أن يقول خذوني”. هذه المدرسة عندما تشيطن أي طرف بحملة إعلامية، فإنها تريد قتله أو توجيه ضربة له. إذاً في قراءتي الأولية أتهم حزب الله على خلفيّة قانون العقوبات المالية الأميركية، إنما أنا واثق من قدرة الأمن اللبناني على كشف الجريمة. وأقول لكل اللبنانيين إن معظم الجرائم التي حصلت منذ عام 2005 حتى اليوم جرى كشف المسؤولين عنها. لدينا القدرة الأمنيّة لكنها تحتاج لبعض الوقت.

 ــ قلت إن لديك ثقة بالأجهزة الأمنية، لكن هناك جرائم لم يُكشف فيها المنفذون؟

عُرف القاتل. لا أتحدث عن الشخص، بل الجهة. الجهة المنفذة فيها من قرر ومن خطط ومن نفّذ، عملياً من نفّذ هو الحلقة الأضعف بالجريمة. لكن عند معرفة الجهة يُكشف القاتل.

 ــ كان لافتاً عدم صدور بيان إدانة عن حزب الله للتفجير

كأنه يقول أنا نفذتها، كونه لم يُدِن التفجير. أوساط مقربة من الحزب، وليست تابعة له مباشرةً، أعطت أسباباً غير مقنعة، من نوع أنه بسبب وجود ربا ولأن أحداً لم يمت. يعني إذا فجروا في مكان ولم يسقط ضحايا، أليس تفجيراً إرهابياً؟ حتى لو حصل التفجير في مكان غير شرعي يتعاطى الكحول أو الرذيلة، هذا عمل إرهابي يجب إدانته مباشرةً. كأنه يقول أنا نفذتها وطبقوا شروطي. وهو يعرف تماماً أن المصارف لا يُمكنها أن تطبق شروطه. المصارف الإيرانية لم تستطع تجاوز العقوبات المالية الغربية عليها. ماذا تطلب من هذه الدولة الصغيرة لبنان، والتي يُعدّ القطاع المصرفي عموداً أساسياً في اقتصادها؟ ماذا يُمكنه أن يفعل أكثر من إيران.

ــ حزب الله يُدرك ذلك أيضاً، ما الذي يطلبه إذاً؟

هو يطلب الحد الأقصى الممكن من الحماية، هناك مصارف لا تريد أن تبيعه شيئاً. تُريد أن تحمي نفسها، وتقول للأميركيين، أنا أطبق القانون من دون أي تردد، لأنهم يعلمون أنه إذا غضب الأميركيون منهم، سيؤذونهم. يُريد من هذه المصارف، التي يعتقد الحزب أنها بالغت بالتطبيق، أن تنضبط بحدود معينة. العقلانية تقول هذا.

ــ إلى أين تتجه هذه الأزمة إذاً؟

مصرفياً الأمر واضح، ستُطبّق العقوبات الأميركيّة. أما أمنياً، فهل سيُفتح باب سلسلة مقبلة أمنياً؟ علينا أن ننتظر. إذا تكررت العمليّة، فسنكون أمام مسلسل من التفجيرات. وإذا اقتصرت على هذه الحادثة، فهذا يعني أن هذه هي الرسالة المطلوبة. على الأمنيين رصد المعلومات الاستخبارية.

ــ على المستوى الأمني، كان هناك قلق وتحذيرات من أعمال أمنية من قِبل “داعش”، من موقعك إلى أي مدى هذه التحذيرات جدية؟

يجب أن تؤخذ على مستوى الجد. نحن اليوم في بؤرة إقليميّة متفجرة، لا خوف لدي من تفجير أمني شامل، علماً أن لديّ تحسّبا لحوادث أمنية متفرقة. لكني مطمئن إلى الوضع الأمني الشامل، ولهذا أسبابه: القرار الدولي لا يُريد تفجير البلد، كذلك على المستوى الإقليمي لا رغبة بذلك، والأطراف المحليّة، بمن فيهم حزب الله، لا تُريد أي تفجير أمني للبلد.

– حتى بعد أزمة العقوبات على حزب الله؟

للحزب مصلحة بإرسال رسائل محدودة، وليس بتفجير شامل للبلد. بالمنطق العسكري، حزب الله غرق في الوحل السوري، لا أحد يُقاتل بجبهة ما، ويُفجّر بقعة استقراره وراحة عسكره وبيئته الحاضنة. هو بحاجة للاستقرار. لذلك، ولمن يخاف من 7 مايو/أيار ثانٍ، أقول إن أكثر واحد متضرر من 7 مايو/أيار هو حزب الله وهو أكثر طرف بحاجة للاستقرار في بقعة الانطلاق والاستراحة والتخطيط والقرار.

ــ لكن الجهات التي تخوض معركة مفتوحة مع إيران، وتحديداً دول الخليج التي صنفت حزب الله منظمة إرهابية، وانتقلت إلى أعلى مستويات المواجهة معه، ألا يُمكن لهذه الدول أن تُفجّر بقعة استقرار حزب الله؟

ليسوا من هذه المدرسة الإرهابية. نعرف أن هناك مدرسة تحارب خصمها أمنياً وعسكرياً وعبر الجريمة. الخليج لم يُعطِ إشارات لكونه من هذه المدرسة. الغرب لا يستعمل هذه المدرسة، بل تلك التي تُعتبر جذورها شرقية تستعمل هذا الأسلوب. والجميع يعرف أن المنظمات الإرهابية كانت تدور في فلك الدول السوفياتية القديمة أو مثل إيران وسورية. كلنا يعرف أن أغلب قيادات تنظيم “القاعدة” الأساسيين وعائلاتهم تستريح في إيران. والدليل صدور حكم قضائي أميركي عن دور إيراني باحتضان عدد من منفذي أحداث 11 سبتمبر/أيلول. الخليج ليس من هذه المدرسة.

ــ لكن المدرسة الغربية تستعمل الاغتيال السياسي؟

قليلون الذين يستخدمون الاغتيال، وهو ليس قاعدة دائمة، بل استثناء.

ــ بالعودة إلى الملفات الأمنية السابقة، من قتل وسام الحسن؟

مصطفى بدر الدين قتل وسام الحسن. القرار سوري ــ إيراني والتنفيذ من قِبل أمن حزب الله، بغض النظر عن الأفراد. في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري هو كان مشرفاً على التنفيذ وعماد مغنية الرئيس. وبعد وفاة مغنية انتقل بدر الدين من التنفيذ إلى موقع المسؤولية، وأمن حزب الله هو المنفذ.

ــ هل توصلتم إلى خيوط جدية في عمليّة اغتيال الحسن؟

بات هناك ما يكفي لمعرفة الجهة، لكن من غير المؤكّد لمعرفة الأشخاص. حتى في قضية محاولة اغتيال النائب مروان حمادة، عرفنا من أين خرجت السيارة المفخخة، وأين صُنعت لوحة السيارة، وتدخّل الأمن السوري لمنع استكمال التحقيق، جاء في سياق كاد المريب أن يقول خذوني. في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، أرادوا ليلة الجريمة رفع السيارات وطمر الحفرة، بينما لو حصل حادث سير تنتظر لقدوم الخبير قبل إزالة السيارات. المبدأ الأساسي في كشف الجريمة هو كاد المريب أن يقول خذوني.

ــ من الواضح أن هناك جهة يُمكن اتهامها بهذه العمليات، ولكن ألا يُمكن أن يصدر عن القضاء اللبناني أي شيء، على اعتبار أن الأشخاص مجهولون؟

القضاء يُحاسب الأشخاص، لكن يُمكن تطوير التحقيق عند معرفة الجهة من الأكبر إلى الأصغر. في جريمة اغتيال الرئيس الحريري عُرف الأفراد المنفذون، عندما تعرف الجهة تذهب باتجاه حصر التحقيق باتجاه معين.

ــ بالنسبة للأزمة السياسية التي يعيشها اللبنانيون، كيف يُمكن الخروج منها؟

علينا إعادة تكوين السلطة. هناك عقبة بالقرار الإيراني الذي يمنع انتخاب رئيس الجمهورية. الحل السياسي يبدأ بانتخاب رئيسٍ للجمهوريّة. أي حلّ ترقيعي لا جدوى له. تعسّرت الأمور في حكومتنا انطلاقاً من الشغور الرئاسي، الذي دفعنا لاستنباط آلية لاتخاذ القرار، وبتنا كمن حفر حفرة لنفسه ووقع فيها. لذلك أدعو رئيس الحكومة تمام سلام للاستقالة وتحويل الحكومة لحكومة تصريف أعمال. حزب الله بحاجة إلى غطاء شرعي معين. لا مؤسسة اليوم إلا السلطة التنفيذية، والحزب يأخذها كغطاء. أنا مع كشف هذا الغطاء، لأعود معه إلى المربع الأول لانتخاب رئيس للجمهوريّة وتشكيل حكومة وإجراء انتخابات لإعادة تكوين السلطة من جديد.

ــ أليست استقالة الحكومة مقدمة لأزمة سياسيّة أوسع، وتبريراً إضافياً لحزب الله لتنفيذ ما يُحكى أنه يرغب به لجهة إجراء تعديلات دستورية؟

لا أحد يُمكنه تعديل الدستور. فليتوقف التهويل. أنا أتحدى حزب الله أن يدعو لمؤتمر تأسيسي. عندما كان يستطيع أن يجري التعديل بقوة السلاح لم يقم به. فليتوقف التهويل علينا. لا هو ولا غيره يُمكنه تعديل الدستور. أي تعديل يحتاج لتوقيعي، لن أوقّع على أي شيء لا أراه لمصلحة الوطن والعيش المشترك وأولادي. هذا البلد له ولي. أنا لن أوقّع على شيء كهذا لو أراد اجتياح البلد، يُمكنه أن يقتل 40 أو 50 شخصاً، وما الذي يستطيع فعله أكثر؟ لنتوقف عن الخوف. أنا أمني، وأعرف تماماً أن حزب الله دفع غالياً بسبب 7 مايو/أيار، نحن كنا ضحايا، لكنه خسر صورته في العالمين العربي والإسلامي. بدأت أزمته منذ السابع من مايو/أيار. تحوّل سلاحه من سلاحٍ مقاومٍ إلى سلاح مليشيا. فلنثق بنفسنا. وأنا قلت لأحد المعنيين، قبل انتخابات 2009 النيابية، أنا أعدك أن نقوم بعصيان مدني، على الأقل في الشمال، وليبلّط حزب الله البحر. لا سلاحه، ولا غير سلاحه ممكن أن يجبرني على التوقيع على أي أمر يؤسس لاحقاً لحرب أهليّة أو مشاكل مستقبليّة. نحن متساوون في هذا البلد ولنجلس إلى الطاولة، ولن نأخذ سلاحك بعين الاعتبار. لذلك، لو كان هناك عاقل داخل حزب الله، فأنا أتوجه له بأن لا يعتقد أنه قادر على القيام بمؤتمر تأسيسي ليُعدّل الصلاحيات. أعرف ما الذي يُريدونه. قد يُريدون استحداث منصب نائب رئيس للجمهوريّة، يُصبح مثل نائب مدير الاستخبارات في الجيش، حيث مدير الاستخبارات مجرد واجهة. يُريدون نائب رئيس فعليا، كي يُصبح رئيس الجمهوريّة واجهة. أو يُريدون حرساً وطنياً، مثل بعض الأنظمة العربية، ليُضم كل مقاتلي حزب الله لهذا الحرس الوطني؛ لكن لا يحلم بها. إذا أنشئ حرس وطني، سيخرج أحدٌ ليُطالب بإنشاء لواء خاص به. وعندها أية دولة خارجيّة تدعم فريقاً من طائفة لإنشاء قوة عسكرية، والعوض بسلامتك على البلد. أو يُريد قيادة الجيش له، لكن قيادة الجيش ستبقى للموارنة مهما كلّف الأمر. هذه إحدى الضمانات المهمّة لإخواننا الموارنة ونحن مع أن تبقى هذه الضمانة.

ــ لكن وزيري حزب الكتائب استقالا وقد جرى التعامل مع ذلك باستخفاف؟

لقد هنأت (رئيس حزب الكتائب) سامي الجميّل، وهذه صرخة ثانية بعد صرخة أشرف ريفي للقول بأن الأمور ليست على ما يُرام.

ــ هل فقدت هذه الحكومة الغطاء العربي والدولي الذي كان موجوداً لحظة تشكيلها؟

برأيي حتى لو كان لديها غطاء، جسمها لم يعد قادراً أن يحمل وزنها. تآكلت. وَجهتُ الصرخة الأولى. ثم وجّهحزب الكتائب الصرخة الثانية، حتى لو استخفوا بالصرخة الثانية. أتوقع أن تكون الصرخة الثالثة من رئيس الحكومة وليس من أي فريق سياسي، ويحوّل حكومته لتصريف الأعمال، فربما هذا يجبر حزب الله على التفتيش عن الغطاء الشرعي، فنعود وإياه إلى رئاسة الجمهورية.

ــ من تتهم بعدم انتخاب رئيس للجمهورية؟

إيران، فهي تُريدها ورقة في مفاوضاتها الإقليمية لتكريس دور إقليمي لها.

ــ بالتالي، حتى لو تحوّلت الحكومة إلى حكومة تصريف الأعمال، لماذا سيذهب حزب الله باتجاه انتخاب رئيس للجمهوريّة؟

لأنه سيفقد الغطاء الشرعي الذي يحتاج له. فهو يُقاتل في سورية وعنده مهام معينة، لا نقبلها أبداً، لكنه بحاجة ولو لحد أدنى من الغطاء الشرعي، اليوم توفّره الحكومة.

ــ ما حاجته لهذا الغطاء الشرعي؟

توجد حكومة وإلا سينكشف البلد كلياً. حسناً فعلنا بإجراء انتخابات بلديّة.

ــ ما هو تأثير هذا الانكشاف؟

سلاحه غير الشرعي بحاجة لغطاء شرعي. الشرعية حتى لو كانت واهنة تبقى حاجة للكل. المخفر في الضاحية الجنوبية عاجز عن أن يكون سلطة أمر واقع. كل شيء يقوم به حزب الله أو أي قوة غير شرعية، ليس بقوة شرعية العسكري. مع كل قوة حزب الله لا يستطيع تسطير محضر ضبط، بينما درّاج قوى الأمن يقوم بذلك. الشرعية لها مردود مهم جداً.

ــ لماذا يستمر تيار المستقبل بتأمين هذا الغطاء لحزب الله؟

هذا السؤال يوجّه له.

ــ ما رأيك نتيجة معرفتك بتيار المستقبل؟

 أنا مع قناة التواصل، هناك الكثير من الأمور في اليوميات وحاجات الناس يجب أن تؤمّن. في مرحلتنا، وفّرنا قناة أمنية لا سياسيّة. أنا أدعوهم لإقامة قناة أمنية وإقفال السياسية، التي جعلتهم يخسرون الكثير من صورتهم والمعنويات والشعبية والجمهور وكلّ شيء. اخرجوا من القناة السياسية، أي الحوار الثنائي بين تيار المستقبل وحزب الله. وحتى طاولة الحوار الوطني باتت تحلّ مكان المؤسسات الوطنية وهي تبرير للشغور الرئاسي.

ــ كيف ترى مواجهة حزب الله؟

الخروج من طاولة الحوار الثنائي، وتتحوّل الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال، وربما يكون هناك حاجة لحراك مدني لدفع الأمور باتجاه انتخاب رئيس للجمهوريّة، لأن ذلك هو الأولوية.

 ــ هل السعودية في هذا السياق السياسي؟

لا أملك أي فكرة. لم أتشاور مع أي أحد.

ــ هل يُمكن لأحد أن يمارس العمل السياسي في لبنان من دون غطاء إقليمي؟

نعم، أشرف ريفي. أنا على تواصل، لكنني لا آخذ التعليمات من أي أحد، ولا هم يُعطون تعليمات. تتواصل مع أصدقائك وحلفائك، وتفهم ما الذي يجري، ثم يفرز رأسك الأفكار الخاصة بك. لا تتصوروا أنني لا أعطس إلا إذا راجعت وأخذت موافقة من أحد. أنا متصالح مع نفسي. أنا حالة مستقلة.

ــ من هم أصدقاء أشرف ريفي وحلفاؤه من القوى السياسيّة اللبنانيّة؟

كل الاستقلاليين.

ــ لكنهم شنوا حرباً عليك؟

من هم؟

ــ تيار المستقبل مثلاً.

 أنا أتحدث عن الاستقلاليين. عن الحراك المدني، والقاعدة الشعبية. لا أتحدث عن الطبقة السياسيّة. ربما أشكّل خصومة للبعض منهم، ولذلك قد يتعاملون معي بخصومة. لا أبالي بالطبقة السياسيّة. أنا أقول للطبقة السياسيّة إنني لا أريد شيئاً. لو اعتقدتم أنكم أعطيتموني منصباً وزارياً، تفضلوا هذه الأمانة، لقد حررت نفسي من حاجتكم. مارست قناعاتي. أنا أرى نفسي جزءاً من الحراك المدني والمجتمع المدني، ومن الطبقة السياديّة، سمّها مجتمعاً مدنياً أو 14 آذار. هذه بيئتي، وهذا ما ساهم بفوزي في الانتخابات البلديّة. ذكاء الطبقة السياسيّة دفعها للتبرير، بأن هناك من دعم أشرف ريفي. الناس دعمتني. السياديون دعموني، أنا جزء منهم، وهم جزء مني. وهذه هي الصورة الواعدة المستقبلية. الحراك المدني هو الرحم الذي ستولد منه الطبقة السياسيّة الجديدة. نحن أمام طبقة سياسيّة تآكلت أو على طريق التآكل. الناس فقدت ثقتها فيها، والفساد والعجز أكلها، وقصرت هذه الطبقة عن مواكبة الركب. نحن في مرحلة تحوّل كبيرة. هناك طبقة تتكوّن، وهناك خامات جديدة تُقدّم نفسها. ونحن كجيل، دورنا هو إدارة المرحلة الانتقالية، ليتسلم الجيل الثاني، ويكون ضميرنا مرتاحا لأننا سلّمنا أناساً غير فاسدين.

 ــ جيل ثان، يعني ابن اللواء أشرف ريفي؟

لا لا، أكيد ليس ابني. أنا لست إقطاعياً. التوريث ليس وارداً عندي. البلد لم يعد يحتمل الإقطاعيين. أحد عيوب الطبقة السياسيّة أنها إقطاعية تورّث أولادها. هذا الموضوع ليس وارداً عندي.

 ــ هل تبني حالة سياسيّة، أم حزباً سياسياً؟

أنا أقوم بدور وطني. عندي قضية، وهي العودة إلى الدولة ومواجهة الدويلة، والحفاظ على العيش المشترك، وبناء دولة عندها حصرية السلاح، أي المفهوم الطبيعي لأي دولة، وحماية السيادة والحرية والاستقلال، وعلى المستوى الاقتصادي، تبنّي خيار الاقتصاد الليبرالي. هذه ثوابتنا.

 ــ من يتبنى هذه الثوابت؟

شباب المجتمع المدني.

ــ ومن الطبقة السياسيّة؟

آخر هَمٍ على قلبي الطبقة السياسية. المهم أن يتبنى الناس هذا المشروع. هناك انفكاك بين القيادات والجمهور، وصلنا إلى مرحلة من الانفكاك. لو كان الالتصاق كبير بين القيادة والجمهور، لكنّا بحاجة للقيادات السياسية. إذا كانت القيادات لا تشعر بأن جمهورها ينفكّ عنها، تكون غبية، أو لا تواكب الأرض. أنا مع الجمهور، ولست مع القيادات. لا أهتم إذا كان فلان أو علان ضدي.

ــ لكن أي مشروع سياسي بحاجة لأدوات تنفيذية؟

القاعدة تنفك عن قياداتها. أنا جزء من هذا الجمهور، وأتوجّه له كواحد منه.

ــ لكنّ أي عمل سياسي يحتاج إلى هيكليات حزبية؟

نحن في مرحلة تفكيك واقع سياسي معين، وآخر يتكوّن من جديد. حكم سيُنظم نفسه. سأدعم وأساند إنشاء طبقة سياسية جديدة تشبهنا بجيل أفتى. هذه تحتاج إلى حكم لتأطير وتنظيم.

 ــ هل هي حركة على مستوى طرابلس فقط أم كل لبنان؟ وهل صحيح أنك تلتقي بوفود من المناطق؟

على مستوى الوطن. نعم التقيت بالكثير من الوفود. أغلب رؤساء بلديات عكار زاروني، عدد كبير من بلديات البقاع، ومن بيروت والإقليم والجنوب. الحركة ليست طرابلسية أو شمالية فقط.

ــ ألا يُغيظ هذا الأمر الفريق السياسي الذي خرجت منه؟

قد يُغيظ البعض، لكنه يريح ضميري ويُشجّع المجتمع المدني أن يُكمل المشوار، هذا همي، تشجيع المجتمع المدني.

ــ متى يُمكن أن تلتقي رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري؟

عندما يعود إلى الثوابت التي بدأناها معاً، لا شيء شخصياً نهائياً.

ــ لهذه الدرجة تراه بعيداً عن الثوابت؟

حكماً. خيار ترشيح سليمان فرنجية للرئاسة ليس من ثوابتنا، بل نقيضها.

ــ لكنه يُبرر ترشيح النائب سليمان فرنجية بأنه يريد انتخاب رئيس للجمهورية؟

ليس الأمر انتخاب أي رئيس للجمهورية. نحن مع مرشحينا، وإذا فاز مرشح الفريق الآخر، أحترم الإرادة الديمقراطية. أما أن يكون من هو في الموقع الآخر مرشحي، فهذا ليس التزاماً بالثوابت.

ــ لماذا لم يوافق حزب الله وإيران على انتخاب فرنجية؟

لم يرفضوا، هم لا يُريدون انتخاب رئيس. حتى سيرفضون انتخاب ميشال عون. لا يُريدون انتخاب رئيس نهائياً. قرار إيران ألا يُنتخب أحد نهائياً.

ــ لهذا جزمت بأن فرنجية لن يكون رئيساً للجمهورية؟

ولا ميشال عون حتى.

ــ ما هي الأسباب؟

 أؤكّد من قراءتي ومن المعلومات أن لا فرنجية ولا عون سينتخبان.

ــ ماذا تقول هذه المعلومات؟

هناك دول معنية بالساحة اللبنانيّة ترى أن الاثنين لا يصلحان (للرئاسة). هناك عقبات وفيتوات على الاثنين. من يصلح هو شخص ثالث.

ــ ما هي طبيعة هذه الفيتوات، داخليّة أم خارجيّة؟

لا إجماع داخلياً على عون أو فرنجية. وهناك رفض خارجي، وليس فقط من قِبل دول بالخليج.

ــ من إذاً؟

الشخص غير محسوم حتى الآن.

ــ من هو مرشح أشرف ريفي؟

سأعطي نموذجين توفيا، لأقدّم مثالاً: إما أنه شخص كالرئيس فؤاد شهاب، أو كنسيب لحود. أعتقد أن المجتمع المدني يقبل صورة فؤاد شهاب وصورة نسيب لحود، حتى لا أدخل بأسماء الأحياء.

ــ بعض من في تيار المستقبل يتهم ريفي بطعن التيار وسعد الحريري بالظهر؟

أشرف ريفي لا يزال على ثوابته. لم يبتعد حتى إنشاً واحداً. ما قبل الوزارة وخلالها وما بعدها. هناك من يخون الثوابت.

ــ ما أسباب تراجع تيار المستقبل؟

ضعف في الإدارة وخروج عن الثوابت.

ــ ماذا عن الأزمة المالية؟

هذا أضعف عامل. أنا لا أملك مالاً مثلاً. أنا أفقر واحد بين سياسيي طرابلس. والناس تعرف ذلك.

ــ لكن هناك من يقول إن بهاء الحريري يموّل حركتك؟

 تربطني علاقة ببهاء الحريري، وهي على الوتيرة عينها منذ أيام والده، وفي مرحلة ما بعد استشهاد والده. لكن لم يكن هناك أي تعامل مالي بيني وبين بهاء الحريري، ونقطة على السطر.

ــ هناك من يربطك بمتموّل لبناني في أفريقيا؟

أنا لم أتعامل مع أحد مالياً. كلّفتني المعركة 600 ألف دولار أميركي. تبرّع عدد من المتمولين بمبالغ من 2000 دولار أميركي، وآخرون بمبالغ أكبر. جمعنا تقريباً نصف المبلغ، والنصف الثاني دين عليّ، أحتاج لعام تقريباً لأعيده. آخر من يُمكنه أن يسألني عن المال هو نجيب ميقاتي أو سعد الحريري أو محمد الصفدي. هم يعرفون كم صرفوا، وكم صرفت. لا تُقاس قدرتي الماليّة بقدراتهم. يُمكن إضافة عدد من الأصفار إلى المبلغ الذي صرفته، لتحصل على الرقم الذي صرفوه. هم يعرفون أن الأصوات لا تُشترَى. طرابلس أغلى من مالهم، ومن مالي أيضاً. ولم تُشتر الأصوات بالمال. دفعنا الحدّ الأدنى الضروري. جزء صُرف على الماكينة الانتخابية التي لم تنجح تماماً لضعف خبرتنا للأسف، والجزء الثاني مصاريف للمعركة، مثل كلفة طعام وأمور لوجيستية كهذه. هناك من خسر بالانتخابات ويُريد أن يعرف لماذا فاز أشرف ريفي، على الرغم من أن كلّ القوى وديناصورات المال اجتمعت ضدي، وأنا لا أتعامل بالمال مع أي أحد. أنا المدير العام الوحيد لقوى الأمن الداخلي والوزير الوحيد، الذي رفع السرية المصرفية عن حساباته. أنا لا أحب المال.

ــ يفترضون هذا الأمر، ليقولوا إن أشرف ريفي هو الخطة السعودية البديلة، في حال لم يلتزم سعد الحريري بخوض المعركة مع حزب الله؟

لا فكرة لي عن الخيار السعودي. أنا أُمثّل نفسي، وأنا منسجم مع نفسي، وأنا مبدئي ولست تسووياً. وبالنسبة لمن كان يتهمني بأنني أسعى للوصول إلى منصب ما، من يُريد الوصول يجب أن يكون تسووياً، لأن الفريق الآخر له جزء من القرار فيه.

ــ تقصد رئاسة الحكومة؟

نعم، وحتى الوزارة. لماذا وضع حزب الله فيتو عليّ في وزارة الداخليّة، لأنني غير تسووي ولأنني خبير بالأمن. لو كنت أطمح لمنصب ما، لكنت دوّرت الزوايا. من يطمح لرئاسة الحكومة يجب أن تكون علاقته جيدة مع الفريق الآخر. هذه شخصيتي، وسأبقى كذلك، سواء وصلت أو لم أصل إلى المواقع.

ــ تُتهم سنّياً بأنك خربت المصالحة السنّية؟

إذا كانت المصالحة للصورة، رأينا كيف أن صورة نجيب ميقاتي مع سعد الحريري دفع الطرفان ثمنها وساهمت بخسارتهما بطرابلس. كانت مرفوضة من الناس التي لم تعد تقبل شكليات الأمور. نعرف تماماً أن هذه المصالحة شكلية. مصالحة الصورة ليست مبتغاي. قلت لسعاة الخير، الذين أشكرهم على جهودهم، إن القضية كانت تجمعنا وهي ما يُمكن أن يجمعنا مستقبلاً. لا تفرحوا كثيراً بمصالحة الصورة. ما يجمعنا هو القضية.

ــ هل صحيح أن هناك محاولة لكشفك أمنياً؟

بلغني أن البعض فكّر بالأمر. الله يسامحهم. أنا رجل أمني وأعرف كيف أغطّي نفسي في النهاية.

ــ هل هذا تهديد سياسي مبطّن لك؟

أرسلت لهم وذكّرتهم كيف كُشف الشهيد رفيق الحريري أمنياً. عندما مهّد النظام السوري لاغتيال رفيق الحريري، أبعدَ كل من كان على علاقة به من منصبه الأمني، و”نُفينا” من مواقعنا الأمنية الهامة إلى مواقع ثانوية، هذا ما جرى في عهد سليمان فرنجية (الوزاري). ثم سحبوا ما سموه فائض العسكر، في حين لم يسحبوا هذا الفائض من عند (رئيس الوزراء السابق) سليم الحص. ورد في نصّ دستوري أن أي رئيس حكومة سابق يحصل على 8 أو 10 عسكريين لحمايته. لو سُحب فائض العسكر من كل رؤساء الحكومة السابقين، لكان الأمر مفهوماً، رغم أن الحريري كان الأكثر تهديداً، وبذلك كاد المريب أن يقول خذوني. قلت لهم من هو مستعد لحمل دمي، فليسحب العسكر. لو لم أكن مهدداً لما كنت أرغب في العسكر، أنا لا أحب الحماية، فهي تحدّ من التواصل مع الناس ومن الحرية الشخصية. لكنني خارج من موقع أمني وواجهت الإسرائيليين، وواجهت حزب الله وواجهت بشار الأسد عبر ميشال سماحة و”فتح الإسلام”، وكان هناك نوع من التوصية غير الرسمية من المحكمة الدوليّة للاهتمام بأمننا. قدّمنا طلباً وسام الحسن وأنا. هو اغتيل، وأنا وُضعت عبوة تحت منزلي (في إشارة إلى السيارة المفخخة التي استهدفت مسجد السلام في طرابلس). بلغني أن أحدهم فكر بإزالة الحراسة الأمنية، فليتحمّل مسؤولية دمي.

ــ كل القوى تذهب إلى التكتلات المذهبية، هل تُريد أن تأخذ حركتك طابعاً سنّياً؟

لا أبداً، هو طابع وطني وليس سنّياً. أعمل على المستوى الوطني. لماذا عليّ أن أبتعد عن الجمهور الشيعي السيادي؟ أو الجمهور المسيحي السيادي أو الدرزي أو العلوي؟ أفتخر بسنّيتي، لكنني لست متعصباً كما يُشيّعون. أنا أعمل على المستوى الوطني.

ــ يتهمونك بأنك حرّكت الاشتباكات في طرابلس؟

هم يعرفون مَن المسؤول عن الاشتباكات. أنا كنت في موقع الحفاظ على الأمن وليس تسعير الأزمة.

ــ كيف قرأت انتخابات طرابلس خصوصاً أن خصومك يعتبرون أنك لم تفز بأصواتك، بل بأصوات المعترضين على أدائهم، وأنهم إذا حسّنوا الأداء يستعيدون الجمهور؟

إن شاء الله يحسنّون الأداء ويستعيدون جمهورهم. الانتخابات كانت حالة اعتراض على الطبقة السياسية، وعلى أداء الطبقة السياسية. طرابلس قالت في استطلاع للرأي إن 83 في المائة يرفضون المحاصصة، وبكل عنجهية وفوقية أعادوا المحاصصة. مدينة تقول لك إنها ليست مع المحاصصة، خصوصاً أننا خارجون من تجربة محاصصة لمجلس بلدي ضم نخباً للأمانة، لكنهم وُضعوا في صيغ فاشلة إنمائياً. وبتعالٍ كُررت المحاصصة. ثانياً، جمعت المتناقضات، كيف تجمع الأحباش (جمعية المشاريع الخيرية) مع الجماعة الإسلامية (الإخوان المسلمين)؟ كيف تجمع جزءاً من 14 آذار مع جميع 8 آذار؟ لا يمكن أن تتعامل مع الناس كأنهم غنم، وتقول أنا قررت عنكم الحقوني. المدينة تقول إن لديها قرارها الحر. لذلك سمّينا لائحتَنا لائحة قرار طرابلس. في المقابل، أقمنا شراكة ما بين المجتمع المدني، وهو رحم الطبقة السياسية المقبلة، والمناطق الشعبية، التي هي الخزان البشري الكبير ولديها حاجة كبيرة للإنماء، أشركناها للمرة الأولى في القرار الإنمائي لطرابلس. هذه الصيغة التي كانت يريدها الناس. والناس صوتوا لهذه الصيغة بمعزل عن أشرف ريفي. إذا اعتبرت القوى السياسية أنني نجحت فقط بسبب أخطائها، وأنها قادرة على تصحيح هذه الأخطاء، فأهلاً وسهلاً بها، وإذا سارت على الطريق السليم، فهذا لصالح المدينة، ولا نريد أكثر من ذلك.

ــ هل ستترشح للانتخابات النيابيّة؟

كل شيء بوقته. هل يضمن أحد أن يبقى على قيد الحياة بعد عشرة أشهر. إذا بقيت بصحة جيدة، وفي هذا السياق السياسي، فسأترشّح.

ــ هل سيجري تعديل قانون الانتخاب؟

يجب أن يحصل ذلك. لا يُمكن أن نستمر بقانون الستين. الناس تنظر إلى الأمام وليس للخلف. نريد قانوناً يضمن تمثيل الناس، وما أعتقد أنه مناسب هو القانون المختلط بين النسبية والأكثرية. يجب رفض قانون الستين، فهو يُعيدنا ستين عاماً إلى الوراء.

ــ هل ستخوض الانتخابات منفرداً؟

لماذا منفرداً؟ سأتعاون مع المجتمعات المدنية، ومع من يشبهنا.